في صحراء تتوالى الأيام وتتشابه على أعوان وعمّال الشركات النفطية والمؤسسات الخدمية الناشطة هناك، لا الثورة ولا الانتخابات ولا المؤسسات الشرعية المنتخبة التي أفرزتها غيّرت من مُعادلة الصحراء شيئا، ولا هي غيرت في النهج والأسلوب المعتمَدين مِن قِبَل معظم الشركات في إدارة الملف الاجتماعي والتفاعل مع مطالبه المزمنة والحارقة. لذلك لا تكاد الاحتجاجات تهدأ والإضرابات تُعلَّق أو تُلْغَى إلاّ لتأخذ احتجاجات جديدة مكانها ويجد الأعوان والعمّال أنفسهم مضطرّين للدخول في إضراب جديد. في ستاغ البرمة: إضراب جوع جماعي ... بعد أشهر من المماطلة والتسويف وتجاهل مطالب أعوان الشركة التونسية للكهرباء والغاز بمحطّة البرمة، وبعد مساعٍ لا تُحصى من الاتحاد الجهوي لعقد جلسة تنظر في مطالب هؤلاء الأعوان، وإزاء رفض الإدارة العامة للشركة متعللة بأن هذه المطالب من اختصاص المفاوضات العامة وهذا على خلاف ما قطعته على نفسها من وعود بعد الثورة مباشرة، اضطر الأعوان إلى الدخول في إضراب جوع مفتوح دام أربعة أيام لم يتمّ إيقافُه إلاّ بعد جهود مُضنية وتعهّد من الإدارة العامة بالجلوس إلى طاولة التفاوض. وذلك ما حصَل في الأسبوع الماضي حيث انعقدت سلسلة من جلسات العمل بين الطرفيْن، تُوِجّت باتفاق يخصّ الترفيع في منحة الصحراء وتحيين المنشور التوجيهي عدد 8319 المؤرّخ في 20 ماي 1983 والمتعلق بنظام العمل في البرمة. في SODEPS عناد الرئيس المدير العام يقود إلى الطريق المسدود ... إزاء تجاهل إدارة شركة تنمية واستغلال حقول النفط لرخصة الجنوب المعروفة اختصارا “سودابس" لمطالب أعوانها وآخر مظاهره، كان إجهاض جلسة يوم 7 ديسمبر الجاري بعد تغيّب الرئيس المدير العام وإيفاد إطارات إدارية غير مفوَضة لإمضاء أي شيء، ومن أجل فرض الحق النقابي واحترام ممثلي العمّال، دخل أعوان “سودابس" في إضراب عن العمل مع إيقاف الإنتاج كان مقررا لمدّة ثلاثة أيام لكن تمّ تعليقه في نهاية اليوم الأول بعد تدخل عديد الأطراف منهم المؤسسة الوطنية للأنشطة البترولية والشريك الإيطالي اللذان تعهّدا بالتفاوض حول مجمل مطالب الأعوان وهي تتوزع إلى ما هو ترتيبي متعلق بمراجعة اتفاقية المؤسسة وإدماج كل الزيادات العامة في شبكة الأجور بداية من سنة 2008 ومراجعة تراتيب نظام العمل 15/15، وما هو مالي متعلق بالترفيع في منح مجَمّدة منذ سنوات مثل منحة التنقل ومنحة الخطر ومنحة الصحراء ومنحة الأقدميّة ومنحة نهاية الخدمة والتأمين على الحياة. إضراب بشركة ENI إزاء المماطلة في معالجة ملف المناولة بشركة ENI والذي يتجسم في تطبيق الاتفاقيات الممضاة وعدم ظهور أي مؤشرات جدّية دالة على النية في إنهاء المناولة بالشركة المذكورة وفقا لما تمّ الاتفاق عليه. ورغم كل المراسلات والمساعي وبعد استنفاد كل آجل الانتظار وفي حال تواصل هذه الوضعية والتعاطي مع مطالب عمالنا المشروعة دون امبالاة، وعدم التواصل إلى تسوية نهائية للملف، فإن الاتحاد الجهوي للشغل ب يعلن عن دخول كل عمال المناولة بشركة ENI في إضراب عن العمل طيلة خمسية أيام بداية من يوم الثلاثاء 08 خانفي 2013 مع قطع الإنتاج. الشركة النمساوية للنفط OMV على حافة تصعيد خطير .. بعد إقدام الشركة البتروليةOMV فرع تونس على إخطار العمّال المشتغلين في حظيرتها بصيغة المناولة بانتهاء العقد الذي يسمح لهم بالعمل، امتنع هؤلاء العمّال عن مغادرة الحظيرة قبل أن يلتحق بهم زملاؤهم المناوبون لهم وفقا لنظام العمل المعتمد في حقول النفط بالصحراء. ويُعَدّ قرار الشركة التفافا على كل ما نصّت عليه الاتفاقيات الممضاة بخصوص ديمومة شغل هؤلاء العمّال وقطعا للطريق الذي كانت تسيرُ فيه كل الأطراف باتجاه إدماج هؤلاء العمّال سيّما بعد أن رفَعَ رئيس التفقدية الجهوية للشغل والمصالحة ب تقريره بخصوص الخطط المشمولة بالإدماج باعتبارها اختصاصات ومراكز عمل قارة، هذا وقد أُلْغِيَ اجتماع في الغرض بمقر التفقدية العامة للشغل والمصالحة بتونس بسبب تغيّب سلطة الإشراف عنه في آخر لحظة. وبينما كان الجميع في انتظار معاودة الاجتماع لحسم مسألة الإدماج، فاجأت الشركة المذكورة الجميع بإقدامها على قرار إنهاء العمل لعدد كبير من شباب الجهة مُدّعية بأنها قد شغّلتهم مساهمة منها في نزع الاحتقان ليس إلاّ ! وبأن الوقت قد حان لتخليص الشركة من العبء الذي يمثلونه. وفي ضوء هذه التطورات وما يحفّ بها من تجاذبات مُغذّية لشعور شباب الجهة بالظلم والتمييز وتمادي الشركات النفطية في التعامل معه بطريقة الجدار العازل، لا أحدَ يُمكنه معرفة المآل الذي ستنتهي إليه الأمور بعد تصميم العمّال على الدفاع عن استمرارهم في العمل مهما كانت التكاليف.