قبل ان يلقى الدكتور محمد اركون المفكر الجزائري محاضرته تلبية لدعوة الاتحاد حول العلاقة بين اوروبا والعالمين العربي والاسلامي، قدم الاخ عبد السلام جراد الامين العام للاتحاد الاستاذ أركون بكلمات لطيفة تليق بمقام رجل في حجم هذا الفيلسوف والعلامة الجزائري الجنسية جاء فيها بالخصوص: إنّه لمن دواعي السعادة أن أتولّى بإسم المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل وبإسم كافة النقابيين، ونيابة عن المثقفين والجامعيين بتونس، الترحيب بابن مغربنا العربي، المفكر الجزائري والمغاربي والعربي والعالمي، الفيلسوف والمؤرخ الكبير الاستاذ محمد أركون. إنّه لشرف كبير أن نستقبل اليوم بين أحضاننا أحد أبرز روّاد الفكر النير بالمنطقة المغاربية والعربية، وأحد عمالقة الفكر العقلاني والانساني بالعالم، وكم نحن فخورون بأن يكون الاستاذ محمد أركون في ضيافة الاتحاد العام التونسي للشغل وقد ذاع صيته في جامعات العالم كمنارة للفكر النقدي ورمزا للحرية الفكرية والتواصل بين الثقافات والحضارات. سوف لن استعرض خصال المفكر محمد اركون ومسيرته الفلسفية فقد شاعت مؤلفاته بين شباب المغرب العربي ونخبه المثقفة وغدا مرجعا للبحوث الحضارية والدراسات الاسلامية الحديثة، ولكني اكتفي بالتعبير عن اعتزازنا باستضافة هذا الصرح الفكري الشامخ الذي اعاد للفكر العربي والاسلامي بريقه وارتقى به الى مرتبة العالمية محررا تراثنا الحضاري من النظرة الاستشراقية الغربية ومن قيود الجمود والانغلاق الثقافي. ويطيب لي تذكيركم بان دعوتنا للاستاذ محمد اركون ليحاضر حول العلاقة بين اوروبا والعالم العربي والاسلامي انما تندرج في صميم التمشي الحضاري الذي ينتهجه الاتحاد العام التونسي للشغل منذ تأسيسه وهي تنصهر في سياق المشروع التحديثي الذي وضع أسسه حشاد ورفاقه ورواد الحرركة النقابية والوطنية والمصلحون التونسيون ابان حرب التحرير الوطني، ومنهم المفكر الشجاع والمناضل التحرري الطاهر الحداد الذي دعا الى تحرير العمال والمرأة والمجتمع العربي عموما. ولعل هذا الترابط التاريخي بين اتحادنا ورموز الفكر الاصلاحي هو الذي جعلنا نحرص دوما على تمتين جسور الحوار والتواصل مع المثقفين والمفكرين والمبدعين سواء بتونس او بمغربنا العربي او بالوطن العربي عموما من اجل ربط الصلة بين النخبة الفكرية والجماهير العريضة ونشر قيم الحداثة والحرية والعقلانية في ارجاء العالم العربي ايمانا منا بأن الفكر المستنير هو عماد النهضة الحضارية والسبيل لتحرير العقل العربي من رواسب الانحطاط والاستعمار وفتح ابواب الامل امام شبابنا وعمالنا وشعوبنا لتحقيق صحوة شاملة تؤمّن لهم كافة مقوّمات الحريّة والكرامة والعزّة.