تصدير: أن تكون شاعرا، يعني أن تكون إنسانا حرّا، حريّة مطلقة ولا أقصد فقط أن تكون حرّا في الإدلاء برأيك أو حرّا في الذهاب بجنونك حيث شئت قولا وفعلا. بل يتطلب أن تكون حرّا في وقتك. أن تكون شاعرا يعني أن تكون بتصرّف الشعر وكأنّك نذرت نفسك له. الشعر قد يلغي لك موعدا ويأخذ لك آخر ويحجزك ساعات أمام ورقة ويخرجك من طورك لأيّام. الشعر ترف، فإذا الشاعر المتزوج هو بالضرورة نصف شاعر وإذا كان الشاعر الذي له وظيفة وأولاد هو ربع شاعر فما بالك اذا كان الامر يتعلق ب.... أحلام مستغانمي إذا كانت الأديبة المجنونة بالأسئلة ونسّاجة القول المفتون بالعريّ الصارخ تركت الشعر واتجهت الى الرواية فلأن الشعر بكل بساطة لا يقبل أن يكون له ضرّة. ان أحلام مستغانمي في قولها هذا على حقّ، إذن ما عساني أقول أنا... أنا المربوط دون إكراه في البدء، والمربوط بإكراه الآن في مكاني وزماني، المربوط الراضي سابقا دون شرط بمؤسسة الزواج القامعة للشعر، المربوط حاضرا بمؤسسة العائلة القامعة للشعر. المربوط في وتد أمزجة الأولاد، المربوط في إزميل الوظيفة، المربوط في شجرة الزمن المتجعّد جريا مرّة وكبوات مرات لتضميد جرمي الجديد «جرير» من جفاف تلافيف الجغرافيا، المربوط على شفة شمس الرفاق، المربوط بسلاسل قلقي في سلاسل قلقي. ها أنا على قيد الحياة وقيد الشعر وسائر الآلام وقلب الشعر اجتمعت فيه الفصول غير الفصول وفوكوياما أكبر من وجه مومس خلف الابواب، في الرّيح وفي قرص الشمس، تلقاه في غدوك ورواحك ونومك وسهادك ولأنّ فوكوباما معترف، يزيّن شارع النقد فجرم الشعر له ما يبرره الآن وغدا، لذلك فإنّى غير مأسوف عليّ انا الملعون كالشعر منذ البدء. أنا الصلصال الأبديّ علّقت روحي على حائط التحدّي وحفرت لذاكرتي حفرة عميقة بجزيرة قصيّة بحثا عن انسانية الانسان. ها انا الآن مازلت على قيد الحياة وقيد الشعر رغم علامات قف في شوارع الزمن منذ ظلام الصباح الى صباح الظلام. ها أنا على قيد الحياة وقيد الشعر وقيد النقد ونقد النقد وفراغ جيوبي من النقد. الشعر وجهي، وجه لا صورة له في صحف الاخر مجازا، وجهي قصيدة لوحة بكل الكلمات والألوان المشحونة رهقا، ألقا ورغابا، كأنّ شيئا بها كالعطش، تطوّح بي لاهبة رغم نومي أحيانا. الآن كتب عليك القول: لا مساس رغم نرفزات القنوات الفضائية العربية والعربية النفطية والعربية العاربة والأخرى المستعربة، الشعر سؤال قبل وأثناء وبعد كسوف الضوء. الشعر تأرجح بين ماذا وماذا ولا أدري ماذا؟ أيّها القارئ أيّها الناقد هل واحد يصدّق تأرجحي وأنا منتصف العمر؟ فيا وحلتي! دقيقة سأشعل سجارة الشعر، سأدخنني ولن أثقب الاوزون ولا معدة الشعر فهي صالحة للحارّ والحامض وكل مشتقات لا أدري ماذا؟ أيّها القارئ أيّها الناقد إذا وصلتك اسئلتي هذه فمعناها أنّني كما أنا، أنام وأطرافي باردة حتّى الصباح وإذا أزعجك طبعا، عمقها ارتفاعها، سمكها، عهرها. فدمّر زوايا الانعتاق أو الانغلاق فيها ولا تهتم. سأقول ناري لا تموت، اما اذا تاه بها السبيل ووصلت الى رفوف القلب فقد صارت كسرة فغمّسها في شراب الشعر أو علّقها بين ضلوع النقد. أنا المربوط و قد يكون على مرمى حجر كما كان يقول الزعيم الراحل ياسر عرفات، فإذا كانت فلسطين على مرمى حجر. التقطها أيّها القارئ، التقطها أيّها الناقد،