تمر الذكرى الأربعين لحرب تشرين -أكتوبر 1973 المجيدة في العاشر من رمضان الكريم الذي أبلى فيها كل من الجيش العربي السوري والجيش العربي العراقي والجيش العربي المصري مجتمعين البلاء الحسن وخاضوها بكل تخطيط وعزم وتصميم تحت قيادات وطنية شابة أمثال سعد الدين الشادلي الذي أصبح يلقب منذ ذلك الوقت ببطل العبور والأمة العربية تعيش واقعا خطيرا ومؤامرة كبرى لم تسبق أن عاشتها من قبل حتى في أحلك مراحلها في مرحلتي الاستعمار المباشر والاستعمار الجديد. هذه المرحلة التي تتسم بحرب التدمير الذاتية في الداخل تحت اسم «حرب دمر نفسك بنفسك» التي تقودها وتوجهها الامبريالية والصهيونية وتنفذها الرجعية العربية بزعامة مشيخات ومملكات الخليج والبترودولار وعلى رأسها دويلة قطرالقزمية امبراطورية الاخوان المسلمين والمملكة العربية السعودية الامبراطورية السلفية الوهابية التكفيرية بتحالف مع العثمانيين الجدد الحالمين بعودة الامبراطورية العثمانية تحت عنوان كبير مخادع ومضلل للشعب ألا وهو «ربيع الديمقراطية» و«الثورات العربية» باسم الاصلاح السياسي والتغيير الديمقراطي مستغلين في ذلك غضب الجماهير المشروع والشرعي ضد حكامها الفاسدين والمستبدين في كل من تونس ومصر. و لحبك المؤامرة على الأمة العربية بالأساليب المعقّدة جدا التي عادة ما تستعملها الامبريالية العالمية ولمواصلة استنزاف وإنهاك وتدمير الجيش العربي السوري والجيش العربي المصري بعد انهاء دور الجيش العربي العراقي في اطار خطة استراتيجية لإعادة تقسيم المقسم وتجزئة المجزء وفق ما يسمى بسايكس بيكو جديدة على خلفية مشروع الشرق الأوسط الجديد ركبت واستغلّت أجهزة المخابرات الأمريكية موجة «الثورات العربية» في تلك التحركات الشعبية العفوية والانتفاضات الجماهيرية الثورية التلقائية التي نادت بمطالب مشروعة وعادلة لتحول دون تجذيرها في واقعها الثوري ودون أن تفرز قواها وقياداتها الثورية لتنحرف بها عن مسارها الطبيعي المتمثل في القطع مع الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية ومشاريعهم الاستعمارية المشبوهة في الوطن العربي في اطار صفقة سياسية مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين يتم بموجبها التحضير لانقلابات ناعم بعنوان الشرعية الانتخابية و«العرس الديمقراطي» و«المهرجانات الانتخابية» الفولكلورية والاحتكام لصندوق الاقتراع الذي حسب زعمهم أفرز انتخاباتا ديمقراطية نزيهة وشفافة لعب فيها المال السياسي والإعلام المضلل الدور الرئيسي في كل من تونس ومصر وليبيا. و هذا ما تم فعلا في الواقع. وليس صدفة أن ينجح الاخوان المسلمون في تلك الانتخابات وبشكل متتالٍ في تونس ثم مصر ثم ليبيا ثوار الناتو في عهد الاحتلال الفرنسي البريطاني الأمريكي. ومنذ ذلك الانقلاب الناعم الذي تم على الانتفاضة الثورية في كل من تونس ومصر والأمة العربية تعيش الفوضى الخلاقة وحالة الفوضى والتسيب والانفلات الأمني والإرهاب الظلامي الأسود للجماعات التكفيرية السلفية الوهابية. وبعد احكام الطوق على ليبيا بعد اسقاط النظام الوطني واستشهاد الزعيم معمر القذافي كان لابد من تعبيد الطريق نحو ما يُسمّى «بالثورة السورية» في اطار مؤامرة كونية وحرب ارهاب دولية ضد سوريا الدور للتخلص من الجيش العربي السوري ومن ثم انهاء دور الدولة السورية الركن الأساسي في محور المقاومة . ولكن تقف سوريا جيشا وشعبا وقيادة وطنيبة صامدة في وجه مشروعهم الصهيوني الأمريكي الرجعي وتسفه أحلامهم طيلة أكثر من عامين وهي تتصدى لأشرس حرب عدوانية غير مسبوقة في تاريخها القديم والحديث . وبهذا الصمود الرائع للجيش والشعب والقيادة انكشف زيف «الربيع العربي» وانكشف معه مشروع الأخونة المتصهينة والمتأمركة و الصهينة المتأخونة والمتأمركة . فارتد ربيعهم الصهيوني الاخواني الأمريكاني الوهابي تحت أقدام الجيش العربي السوري وصخرة المقاومة الصلبة التي احتضنها الشعب السوري العظيم بقيادته الشجاعة والحكيمة والمتبصرة . وانتفض الشعب العربي المصري في ثورة مليونية عارمة في الثلاثين من يونيو 2013 وأسقط حكم المرشد وبالتالي حكم الاخوان المسلمين دون رجعة بعد ما انحاز الجيش العربي المصري للشعب . لكن الاخوان المسلمون الذين عملوا خلال حكم الدكتور محمد مرسي الرئيس المعزول على اظهار العداوة للقوات المسلحة وفي محاولة يائسة منهم لإلحاق الأذى بالمؤسسة العسكرية وتماهيا مع المخطط الذي أوكل اليهم هاهم يستمرون في دورهم القذر في ضرب الجيش الوطني المصري رافعين شعار «يسقط يسقط حكم العسكر» بدعم العصابات الارهابية المسلحة في شمال سيناء أولا وثانيا بالتسبب في حالة الانفلات الأمني والفوضى الأمنية وحالة الاحتقان الشديد التي تسود الشارع المصري الذي يعيش على وقع الاستقطاب الثنائي ما خلّف سقوط بعض الضحايا والجرحى. لكن ورغم تماهي مشروع الأخونة مع مشروع الأمركة في سبيل تمسكهم بالسلطة على حساب المصلحة الوطنية والقومية لمصر كان الشعب العربي في مصر في الموعد مع التاريخ بعد أن اكتشف زيف وخداع الاخوان المسلمين الذين أعطيت لهم الفرصة في السلطة كحكام جدد فأثبتوا في كل المناسبات وكل المحطات خلال سنة كاملة انحيازهم المطلق للجماعة على حساب مصر وولائهم للمرشد على حساب ولائهم للشعب والتي كان آخرها ذلك الخطاب المدوي الذي أعلن فيه الرئيس المعزول عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وإعلان الحرب على حزب الله ومحور الممانعة. وبانحياز الجيش الوطني المصري الى الارادة الشعبية في ثورة تصحيح المسار الثوري سقط وللأبد مشروع امبراطورية الاخوان وبالتالي مشروع الأمريكان وبني موشي دايان وجاسم بني حمد الصهيونيان . وهاهو بعد صمود حماة الديار في سوريا العروبة الذي عرّى ورقة التوت للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين وللوهابيين وهزم المشروع الأمريكي الصهيوني يأتي دور الجيش المصري في ذكرى العبور ليلقن درسا لن ينسى للوكلاء من الاسلامويين والدخلاء من الأمريكيين ستتعلّمه الأجيال اللاحقة جيلا بعد جيل في الحفاظ على وحدة مصر وعروبتها وأمنها. ان جيشا عربيا تربى على عقيدة الايمان بالله والوطن وانتصر على العدو الصهيوني في حرب رمضان لن يكون إلا حاميا للوطن ومدافعا عن الشعب منحازا الى القيم الوطنية والقومية ضد كل من تسول له نفسه المساس من هيبة الدولة الوطنية ومؤسسة الجيش حامي الحمى والدين.