توفي الكاتب والمفكر والمثقف والمناضل اليساري التونسي العفيف الأخضر، بعد حياة صاخبة مليئة بالمغامرات والنضال والكفاح والأحلام والإبداع والانتاج الفكري والسياسي الغني والخصب. عفيف الأخضر أصيل معتمدية مكثر من ولاية سليانة ولد سنة 1934 من عائلة فقيرة، وعاش طفولة صعبة ولكنه تمكن من إنهاء دراسته بجامع الزيتونة ثم الالتحاق بكلية الحقوق ليتخرج محاميا. التحق الأخضر بالجزائر إثر تقلد «أحمد بن بلا» الحكم فيها بداية الستّينات، بعد أن كان نصيرا للمقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، ثم التحق بالمقاومة الفلسطينية المتمركزة في عمّان وبيروت، وإثر اندلاع الحرب الأهلية بلبنان اختار «العفيف» الاستقرار بباريس. عفيف الأخضر الذي عرف بتأثره بالفكر التنويري وانتهاجه للماركسية، ونقده الشديد لواقع الظروف وطبيعة المجتمع بالمنطقة العربية، دافع عن الحداثة والعلمانية بشراسة ولم يتوانَ لحظة في نقد التراث الإسلامي والفكر الذي يدور حوله، والكتابة ضد الدكتاتورية والتسلط والفساد المستشري، حالما بمجتمع أفضل تسوده العدالة الاجتماعية والرفاه للإنسان والحرية والديمقراطية الحقة التي كان يؤمن بها. عرف عفيف الأخضر بشجاعته وصلابته في الدفاع عن أفكاره وقناعاته وفي نقد الممارسات القمعية وآلة الرجعية العربية والقوى الظلمية والسلفية دون تزلف ولا مهادنة. وانتقد بشدة تيارات الاسلام السياسي وله في هذا المجال مداخلات عميقة ونصوص عدة حول إصلاح الإسلام وتحديثه، وكيفية مواجهة قوى التأسلم والتعصب الديني، وبناء على ذلك، يؤكد العفيف الأخضر ضرورة قراءة الفكر الديني بمنطقية وعلمية وعقلانية ويرى «أن الفكر الديني عبر التاريخ كان معادياً للفكر العلمي والتطور البشري، ولذلك ليس بسرّ أن كان العفيف أول دعاة «تجفيف منابع» الفكر الأصولي الإرهابي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. إنتاج غزير للعفيف الأخضر مقالات كثيرة نشرها في عديد المجلات والصحف العربية والمواقع الالكترونية. وله عدد من الأعمال والمؤلفات الفكرية التي وضعها أهمها : التنظيم الحديث ، الموقف من الدين، إعادة تعريف الاسلام بعلوم الأديان، هذيان الشعور بالذنب. كما ترجم «البيان الشيوعي» واعتبرت ترجمته من أكثر الترجمات متانة ورصانة وأمانة.