يفتخر المعلمون بوجود حركة نقل نظامية و دورية يتمكنون عبرها من العمل بالجهة أو المنطقة أو المدرسة التي يرغبون فيها دون حاجة إلى الوساطة أو ما شابهها كما يعود سبب فخرهم بها إلى شفافيتها الكبيرة فتجد من تحصل على مبتغاه فرحا و تجد من لم ينل مبتغاه راض بسبب عدم شعوره بالظلم. و نقصد بالشفافية هنا حضور النقابة في كل المراحل تقريبا زيادة على المقاييس و الشروط الواضحة - و هو ما يجعل المعلم يشعر بالأمان. و ينطبق نفس هذا الكلام على حركة المديرين. مكسب تاريخي يتمتع المعلمون بهذا المكسب منذ ما يزيد عن نصف قرن إذ لحركات النقل أهمية كبرى لدى المعلمين وصل إشعاعها إلى عديد القطاعات و الأسلاك الأخرى التي يتمنى موظفوها النسج على منوالها. و حين يطالب القضاة منذ سنوات بإجراء حركة نقل في صفوفهم كالتي يتمتع بها المعلمون فلاقتناعهم بأن أي طريقة أخرى لا تضمن المساواة كما لا تجعل الواحد في مأمن من المحاسبة على قاعدة الموالاة و الأهواء و الأغراض الشخصية. و لأن لوزارة التربية مفاهيم خاصة لا تستطيع أن تقنع بها أحدا فقد ارتأت أن تدخل تحويرات جوهرية تتنزل دائما في باب الاجتهاد الخاطئ. فبالرغم أن لا أحد من المعلمين اشتكى من الموجود فإن الوزارة قررت الانقلاب على مفهوم الحركة بدعوى الرغبة في تطويرها! و تستند الوزارة في ذلك إلى محضر جلسة سبتمبر 2006 و إلى ما ورد باتفاقية نوفمبر 2006 من اإمكانية تطوير حركات المدرسينب و هي فقرة أوردت برغبة من الوزارة و هو ما يفترض وجود مشروع لديها لا ينبغي عليها إخفاءه إلا إذا كانت مقتنعة بخطورة ما يحتويه! ضرب حضور النقابة إن أي متتبع للشأن التربوي يلاحظ تفرد الوزارة بكل ما يهم قضايا التربية و التعليم وتكريسها لخطة منهجية تقضي بإقصاء النقابة من كل مجالات تدخلها رغبة في تقليص إشعاعها لدى المعلمين مما يسهل على الوزارة تمرير كل مشاريعها. لقد استهلت الوزارة هذا المخطط في السنة الفارطة حين تنكرت لمحاضر جلسات جهوية تمت بين الإدارات و النقابات وفق المذكرة الوزارية لسنة 1993 الخاصة بإسناد الإدارات بصفة وقتية فحرمت العديد من أصحاب الأولوية من حق منحته إلى غيرهم بمنطق االعقاب و المكافأةب أي معاقبة الصنف الأول على ارتباطهم بالنقابات و مكافأة الصنف الثاني على ولائهم الحزبي! و رغم التزام الوزارة الرسمي بإصلاح هذه الوضعيات بعد جوان 2006 و إرجاع الحق لأصحابه فإنها تنكرت لذلك هذه السنة بل توسع هذا السلوك و تم إلغاء حضور النقابات لترتيب المترشحين! كما عمدت الوزارة إلى إلغاء الجلسة السنوية مع النقابة العامة حول المدارس الريفية للبت في الخلافات الجهوية بين الطرفين النقابي و الإداري و تصرفت بمفردها و قررت حذف 15 مدرسة من هذه القائمة. و يعتبر انتداب النواب الملف الأكثر غموضا و إثارة للشكوك نظرا للتعتيم و الإقصاء المتعمد الذي يمارس على الطرف النقابي. كما أن المحاولة الجدية لإقصاء النقابة وطنيا و جهويا عند إنجاز الحركة الاستثنائية في مفتتح هذه السنة يؤكد توجه الوزارة. ثلاثة مبادئ للإجهاز على الحركة و لأن الوزارة تعي أنه لا يمكنها ضرب حركات النقل بسهولة فإنها أعدت خطة تحاول الإيهام من خلالها بوجود أزمة تتسبب فيها حركات نقل المعلمين فبنت تصورها على ثلاثة محاور تحاول تسويقها رغم هشاشتها و خطورتها. 1 النقلة ليست حقا : تطلب الوزارة من النقابة أن تسلم معها بأن النقلة ليست حقا بل امتيازا ! و تصر الوزارة على أنها هي من يشغل و بالتالي يحق لها أن تسمي المعلمين كيفما شاءت! 2 لا صفة نهائية بعد اليوم : تستغرب الوزارة من مفهوم الصفة النهائية و تتعجب من الحصانة التي يتمتع بها المعلم و من بقائه بنفس المدرسة طوال سنوات متتالية بحجة حصوله على مركزه في حركة نظامية! 3 مفهوم المركز الشاغر : ترفض الوزارة اعتبار المركز الذي يشغله المعلم بصفة وقتية مركزا شاغرا فهي لا تعترف إلا بشغور المركز الذي يتوفى صاحبه أو يتقاعد! ( ... ) حذار من السم في العسل من الأكيد أن وزارة التربية تعد كعادتها لحملة إعلامية لمغالطة الرأي العام و المعلمين. و ستركز الوزارة على إقناع المعلمين الذين يشغلون مراكز بصفة وقتية بعدم المشاركة في إضراب يوم 29 ماي 2007 نظرا لتضاربه مع مصالحهم. و ستحاول الوزارة إظهار حس إنساني مخادع تجاه المعلمين الذين لن ينطلي عليهم ذلك لأنهم خبروا نزاهة و صدق الوزارة من خلال الانتداب و التهجم عليهم عبر الصحف و تخوينهم بالأمس القريب و حركة النقل الوقتية بداية هذه السنة و عدم استشارتهم في قضايا التربية و محاولة تشويه صورتهم لدى الرأي العام ... إن الوزارة ستحاول إيهام أصحاب الصفة الوقتية بأن الحركة النظامية تهددهم بالتشريد و هي تعرف عدم صحة ذلك. الأرقام خير دليل و لتوضيح الصورة سنكتفي بقراءة موضوعية لنتائج الحركة النظامية لسنة 2005 لدحض ادعاءات الوزارة. فقد اتفقت النقابة مع الوزارة على نشر 30% من المراكز الشاغرة أي أن 70% من أصحاب المراكز الوقتية ثابتون في أماكنهم من البداية فما هو مصير البقية؟ لقد أفرزت النتائج الأولية لتلك الحركة ازائدين عن النصابب و هي زيادة وهمية لأنها ناتجة عن خداع و تحايل إداري يعرفه النقابيون جيدا. و أكدت نتائج تلك الحركة أن أغلب من يحصلون على مراكز بصفة نهائية هم من بين ال 30% وأثناء الحركة التكميلية التي تتم مباشرة بعد الحركة النظامية تمكنت النقابة من نقلة مئات آخرين بين مختلف الجهات بما في ذلك تلك التي تشكو نظريا من االزيادة عن النصابب و هو ما يقيم الدليل على أن لا دخل للحركة النظامية في ظاهرة االزيادة عن النصابب إن وجدت. و حتى إن حصل ذلك فالمعلمات و المعلمون يعرفون أن النقابات تخوض عديد الأشكال الاحتجاجية مثل الاعتصامات لرفض نقلة أي معلم أو معلمة من مدرسته أو دائرته و يتم فك الاكتظاظ بالأقسام لاستيعاب كل المعلمين. خلفية بغيضة و لتبرير توجهها الجديد تقدم الوزارة عدة أسباب تعتبرها موضوعية و تطالب الطرف النقابي بتبنيها. فهي تعتبر أن معلمات و معلمي الشمال الغربي و الوسط و الجنوب هم المتسببون في ظاهرة الزيادة عن النصاب بهجرتهم إلى الشريط الساحلي و لذلك فلا بد من غلق المنافذ أمامهم و لا يتم ذلك بنجاح إلا بتطبيق االمبادئ الثلاثةب المذكورة سابقا. و بالرغم من أن كل جهات بلادنا و كل مدارسها هي حق لكل المعلمين فإن الوزارة تريد أن تحمي الجهات المحظوظة نسبيا من خطر االحرقانب إليها عبر الحركة النظامية. و لا تستهدف الوزارة بهذه الإجراءات معلمات و معلمي هذه الجهات الراغبين في النقلة بل تستهدف أبناءهم أيضا. فبالنسبة للوزارة محكوم على هؤلاء الأبناء بالبقاء في هذه الجهات التي تنعدم فيها كل مرافق الحياة و لا يحق لهم مشاركة أطفال و شباب الشريط الساحلي بعض ما توفر لهم من المرافق العصرية كما ليس من حق من ابتلي بمرض أن يتابع علاجه بالمستشفيات الجامعية الموجودة بهذا الشريط. و لا يحق للطلبة الجامعيين أصيلي هذه الجهات التمتع بالظروف الملائمة لتحقيق النجاح فهم محرومون من السكن الجامعي و لا يحق لأوليائهم التنقل معهم لتوفير العناية و التأطير و تجنب كثرة المصاريف. (...) يسهل الآن الاستنتاج أن هدف الوزارة هو استعمال النقلة سيفا تهدد به من يشارك في الإضراب و من يرفض أن يترشح رغم أنفه المجلس المؤسسةب و من يحتج على الإهانة التي يمكن أن تلحقه من طرف الغرباء عن المؤسسة التربوية ومن يختلف مع الإدارة أو إطار الإشراف البيداغوجي في أي جزئية كما ستستعمل الوزارة و أطراف أخرى اامتيازا النقلة لتحفبز اهممب كل من سيضع ضميره في المزاد العلني لإفشال الإضراب أو للتجسس على النقابيين و الوشاية بهم أو لاستقطاب المعلمين للانتماء لبعض الجمعيات المعادية لمصالح المعلمين ... لقد نصبت الوزارة فخا لتوقع فيه المعلمين إلا أن عيبه البارز لا يجعل حتى الأحمق يسقط فيه. لكل ما تقدم ذكره و لمعرفة المدرسين بمفهوم التطوير عند الوزارة فإن المعلمات و المعلمين و خاصة أولئك الذين يشغلون مراكز بصفة وقتية لا يثقون إلا بنقاباتهم و هم يعرفون أن إقصاء الطرف النقابي و ضرب أسس الحركة المعروفة سيعيدهم إلى سنوات الابتزاز و المساومة الذي مورس سابقا ضد الراغبين في النقلة في فترات الأزمات أو التراجع النقابي. إن كل المعلمين يرفضون بوعي عميق استفراد الوزارة بالحركة تصورا و إنجازا. المدرسة الابتدائية ضحية الجهل يمكن القول أن ما شهدته المدرسة الابتدائية طوال السنتين الدراسيتين الأخيرتين من اختيارات فاشلة و توجهات مشبوهة يعود بدرجة كبيرة إلى جهل إطارات الوزارة بواقع و حقيقة المدرسة الابتدائية و المربين العاملين فيها. فهذه الإطارات غريبة عن المدرسة الابتدائية و لا علاقة لها بها لا إداريا و لا بيداغوجيا و لا تاريخيا لذلك يكثر سوء التقدير و تحل المغامرة مكان الاجتهاد الحقيقي و تنعدم الغيرة على هذه المدرسة و مدرسيها. إن تواصل الوضع على ما هو عليه لا يهدد حركات النقل فقط بل يمكن أن يضع المدرسة الابتدائية في مستقبل قريب في مهب الريح. لذلك يتطلب هذا الوضع وعيا و فطنة كبيرتين و استعدادات نضالية عالية ليس فقط من المعلمين و هياكلهم القطاعية بل من المنظمة ككل و هو ما عبرت عنه الهيئة الإدارية الوطنية المنعقدة يومي 14 و 15 ماي 2007