أبو القاسم الشابي هو بلا شك شاعر تونس الاول وهو ملهمها وصانع ملاحمها الشعرية... الشابي الذي وافته المنية وهو في عز الشباب وعطائه... الذي مر على رحيله اكثر من سبعة عقود لم يغب لحظة واحدة عن مخيلة التونسيين وكذا الاشقاء في كامل ارجاء الوطن العربي أليس من كتب: اذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر والاذاعة كثيرا ما تكون أصدق من التلفزيون فتقدم لمستمعيها أشهى وألذ الاطباق.. برامج كانت أو منوعات خاصة فيما يتعلق بالندوات.. والحوارات.. والملفات.. الى جانب ما يعرف بالانموذج الثقافي.. بمفهومه الكامل والشامل. ففي الاذاعة يستمتع الملتقي ويثري زاده المعرفي والفكري وتتضح لديه حقائق كانت الى وقت ما مجهولة. الموعد اواخر الاسبوع الماضي... والمكان احدى الجامعات السودانية بالخرطوم... اما المناسبة فهي ملتقى للشعر الحديث والمعاصر احتفاء بمرور 68 عاما على رحيل شاعر السودان الاول احمد يوسف البشير الذي اختطفه الموت وهو في عز شبابه وعطائه... عاش في نفس فترة أبي القاسم الشابي... وتوفي في سن مبكرة.. 25 عاما، هو عمر احمد البشير لم يخلف وراءه سوى ديوان وحيد ويتيم اسمه «اشراقة» يضم قرابة الستين قصيدة من الشعر العمودي.. هذا الشاعر كانت له علاقة حميمة مع ابن الجريد الشابي وتراسلا لفترة ما.. اذاعة الجماهيرية لم تترك الفرصة وواكبت هذه التظاهرة بطريقتها الخاصة.. فالمذيع طرح اكثر من سؤال حول دور الشعر في خدمة القضايا الاجتماعية والانسانية ومن جملة ما طرح اي الشعراء سيبقى بريق شعره يتوهج في الذاكرة الجماعية؟ وكان أول من تدخل الفلسطيني يوسف محمود اسماعيل الذي له اهتمامات شعرية خاصة وقد نال رسالة الدكتوراه عام 1983 من خلال اطروحة قدمها تهتم بالشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي الملقب بأبي سُلمى.. الاستاذ يوسف اسماعيل اعتبر ابو القاسم الشابي هو افضل شعراء عصره باستثناء الامير احمد شوقي، فلا نزار قباني ولا سميح القاسم ولا حتى محمود درويش يمثلون الشعر امام صرح ابي القاسم الشابي لعدة اسباب. من ذلك حسب ذات المتدخل ان نزار قباني وأيده في ذلك الحضور شاعر جسد وشهرة فقط لا غير.. وان خاض في الملتزم فتدوينه لتلك الخواطر جاء بعد وقوع الحادثة.. سياسية كانت واستعمارية، اما درويش فهو جزء من السلطة وهو شاعرها وشاعر حزب وأشخاص قبل ان يكون متكلما باسم الوطن... وبالتالي فشعره سرعان ما يغيب عن الذاكرة.. اما الشابي واعتمادا على أراء ودراسات أنجزت في شأنه وتحدثت عنه عديد الوجوه المعروفة في عالم الثقافة العربية على غرار سميح العيسى، وحسام الخطيب والدكتورة الكويتية مكارم الغمري فأن شعره صالح لكل زمان ومكانه وهو شعر لم يمجد فيه حزبا او سلطة او ما شابه ذلك.. اي بصريح العبارة لم يتناول الشابي قضايا الفسق والفجور والنساء العاريات كبعض شعراء هذه الامة اللاهثين وراء المادة، شعر ابن تونس شحذ للهمم ودعوة الى الكفاح والنضال ومحاربة الظلم البشري، شعر الشابي بلسم شاف للكادحين و «الخدامة» وهم يستقبلو،ن صباحا جديدا.. وحياة جديدة ووجوها جديدة.. اقرؤوا.. يا ابن أمي، الى طغاة العالم.. فقط وستتأكدون أن الشابي افضل من نزار ودرويش ومن تابعهم بإحسان.. الشابي هو الشابي... وتونس بلا شك هي وطن المبدعين في شتى المجالات ويكفي ان تعيش كل ربوعنا الكريمة الافراح والاجواء المنعشة فذاك نوع من الابداع...