الجزائر تدعو لاجتماع مجلس الأمن بشأن الهجوم على قطر    كمون: رياض الأطفال في أزمة    عودة جولان خط المترو رقم 3    رئيس الجمهورية في لقائه مع وزير الخارجية السعودي .. وضع أمّتنا... بمثابة «سايكس بيكو» جديد    عاجل/ قطر تتوعد بالرد على الهجوم الإسرائيلي..    تعدّدت الروايات في حادثة سفينة الصمود ..لماذا يشكّ التونسي ويتعلّق بالإشاعة؟    ماكرون يعين وزير الدفاع لرئاسة الوزراء    تصفيات المونديال.. نتائج عدد من مباريات اليوم مجموعات افريقيا    أخبار الملعب التونسي: تربص مغلق ونسق «ماراطوني»    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي: «روضة العشاق» تتوج بجائزة أفضل إخراج    أولا وأخيرا...برك الجمل بما حمل    مستقبل المرسى: انتداب المهاجم الايفواري تيري كاسي    اليوم العالمي لمحو الأمية: ملتقى دولي لتبادل الخبرات في مجال تعليم الكبار والتعلم مدى الحياة    زغوان: اتخاذ جملة من الإجراءات لإحكام التصرف في مادة المرجين لموسم جني وتحويل الزيتون لموسم 2025 2026    بطولة الرابطة المحترفة الاولى: نعيينات حكام مباريات الجولة الخامسة    عاجل: الخطوط التونسية: اضطرابات جزئية منتظرة في الرحلات من وإلى فرنسا غدًا الأربعاء    طقس الليلة: سحب رعدية مع أمطار أحيانا غزيرة بالشمال    قبل يوم من مغادرته: محرز الغنّوشي يتوجّه لأسطول الصمود بهذا النداء.. #خبر_عاجل    عاجل/ سعيّد لوزير الخارجية السعودي: هناك "سايكس بيكو" جديد ومساع للقضاء على دول المنطقة    وزير الخارجية السعودي: حجم المبادلات التجارية بين تونس والسعودية تطوّر الى417 مليون دولار    عاجل: وزارة الفلاحة تدعو لحماية المواشي والآلات من الطقس السيئ في مناطق معينة من البلاد    الزهروني: الإطاحة بمجرم محل 10 مناشير تفتيش    عاجل/ قضية هنشير الشعّال: هذا ما تقرّر ضد وزير أسبق و8 متهمين آخرين    الجامعة العامة للتعليم الثانوي تندد بمنع أساتذة بقابس من الاحتجاج وتؤكد تمسكها بالحق النقابي    تونس تتجه لإحداث مراكز رعاية صحية مخصصة لكبار السن    عاجل/ قتيل في حادث اصطدام شاحنتين بهذه الطريق الوطنية    علاش المشروبات هذه تنجم تسببلك الصلع؟    المرصد التونسي للمياه يحذّر: البلاد مازالت تحت وطأة الشح المائي    مونديال 2026: مشاركة اللاعب ميسي في المونديال هو قرار شخصي    عاجل/ لجنة تحقيق أمنية في حادثة سفينة أسطول الصمود بسيدي بوسعيد: خالد هنشيري يكشف..    حالة عدم استقرار: أمطار، رياح وبرق... مناطق محددة فقط... وين؟    استعدادا لبطولة العالم للكرة الطائرة 2025 : المنتخب التونسي يفوز وديا على نظيره الكوري 3-1    رعاة سمّامة في مسرح الحمراء    "طعامك هويتك" شعار الدورة الثانية من تظاهرة الايام الثقافية الدولية "فن الطبخ"    تقلّبات جويّة منتظرة.. والرصد الجوي يدعو إلى اليقظة    بداية من الغد: عودة جولان خط المترو رقم 3    بالفيديو: شاهد كيف سيبدو كسوف الشمس الكلي في تونس سنة 2027    صدق أو لا تصدق...جهاز منزلي في دارك يعادل استهلاك فاتورة ضوء 65 ثلاجة؟    تونس في الواجهة: محمود عباس يكرّم كوثر بن هنية عن فيلم "صوت هند رجب"    ال '' Climatiseur'' تحت الاختبار! نصائح لضبطه مع سخانة ورطوبة طقس تونس اليوم    7 ساعات نوم يوميًا خير من 30 دقيقة رياضة... تعرف علاش!    تظاهرة علمية مفتوحة للجميع يوم 20 سبتمبر بمدينة العلوم بمناسبة اليوم العالمي لمرض الزهايمر    رئيس الدّولة :على الإدارة العمل على تبسيط الإجراءات لا افتعال العقبات    تصفيات مونديال-2026: الجزائر تتعادل بلا اهداف مع غينيا    بيكين تستضيف المنتدى الدولي حول دعم التعاون في مجال الانتقال الطاقي    فيديو اليوم.. حجز خاطئ يغيّر وجهة شابتين أمريكيتين... الى تونس بدل نيس    وزارة التشغيل: التمديد في آجال قبول ملفات منظوري مؤسسة فداء للانتفاع ببرنامج تمويل الأنشطة الاقتصادية المحدثة لفائدتهم    محرز الغنوشي: ''حرارة مرتفعة ورطوبة عالية مع أمطار رعدية منتظرة''    الحرس الوطني: لا وجود لأي عمل عدائي أو استهداف خارجي لإحدى البواخر الراسية بميناء سيدي بوسعيد    مدرستنا بين آفة الدروس الخصوصية وضياع البوصلة الأخلاقية والمجتمعية...مقارنات دولية من أجل إصلاح جذري    سيدي بوزيد: بداية من سنة 2027 ستدخل الطريق السيارة تونس جلمة حيز الاستغلال    "الفنون والاعاقة ... من العلاج الى الابداع" عنوان الملتقى العلمي الدولي ال22 الذي ينظمه الاتحاد التونسي لاعانة الاشخاص القاصرين ذهنيا    هام/ لا تفوتوا مباراة تونس وغينيا الاستوائية..البث التلفزي..    غار الملح تستعيد بريقها الثقافي بعودة اللقاءات الدولية للصورة    شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا: اختتام فعاليات تظاهرة 'سينما الحنايا' بباردو    الخسوف الكلي يبدأ عند 18:35... إليك التفاصيل    ''الخسوف الدموي'' للقمر يعود بعد سنوات...شوف شنيا أصلو في مخيلة التونسي    خسوف كلي للقمر في معظم الدول العربية بداية من ليلة الأحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسيرة حافلة.. من مونمارتر إلى الجزائر!!
.. وردة الجزائرية:
نشر في الشعب يوم 22 - 09 - 2007

وردة الجزائرية قيمة فنية غنائية وعربية كبيرة استطاعت أن تفرض حضورها في وجدان المستمع العربي من المحيط الى الخليج بأغنيات عاشت ومازال الناس يردّدونها في كل مكان.. وردة الفنانة التي رغم شيخوختها لم يذهب شباب صوتها فهي مبدعة ومتألقة.. وهي تعرف كل الدروب والمسارب لستحوذ على اعجاب الجمهورية بها وبفنّها.. أبدا وردة لم تتغيّر.. بل هي أكثر الفنانات وفاء لتربتها التي يعود إليها سنها إلى الجزائر الى الثورة.. الى جميلة بوحيرد... وردة في حياتها محطّات مهمّة من أول باريس حيث ولدت في حي «مونمارتر» الشهير.. من أب جزائري وأم لبنانية مرورا ببيروت والجزائر.. والقاهرة.. حيث طابت لها الحياة.. فحطّت واستقرّت.. لكنّها ظلّت بوفائها المعهود الى أرض الأحرار الجزائر الشهيدة.. في هذه المصافحة القصيرة سنحاول تقديم ما خفي عن وردة وما تجهله الأجيال عنها.. لأنّها في النهاية صوت مهم وقيمة فنية ثابتة...
بداية وردة كانت في باريس حيث ولدت في حي «مونمارتر» الشهير جدّا من أب جزائري وأم لبنانية.. كان والدها محمد فتوكي يمتلك فندقا شعبيا ومطعما في الحي اللاتيني المذكور.. ولما بلغت سن الحادية عشرة سجلت أول اسطوانة لاختبار الصوت وكانت أغنية «يا ظالمني» لكوكب الشرق أم كلثوم وبعدها بخمس سنوات تنقلت عائلة محمد فتوكي بين باريس وبيروت.. ثمّ الجزائر حيث استقرّت. فوالد وردة كان متيّما بحب بلاده بل لا يكاد يغيب عنها فظروفه المادية مستورة نسبيا وقد ساعدته زوجته في ذلك وهي التي رأت بأنّ باريس هي محطّة عابرة للعائلة وما عليهم الاّ العودة الى الأرض التي أنجبتهم ووهبتهم من الحب والحنان ما لا حدّ له وهي التي قالت في تصاريح اذاعية لها عام 1969 إنّ الجزائر وبيروت هما وطنان بقلب واحد وكبدة واحدة... الجزائر عربية ولبنان أيضا.. فما الفرق الآن؟ الاقامة هنا أو هناك.. لا تمثّل مشكلا بقدر ما تزيد في وحدة الصف العربي...
وردة وشقيقها مسعود:
تنتمي وردة فتوكي أو الجزائرية لأسرة متوسطة عاشت في قلب العاصمة الجزائرية متكونة من والدها محمد فتوكي وأمّها زليخة بوطالب وأربعة أبناء حسب الترتيب حيدر الابن الأكبر ثم نظيرة، فمسعود ووردة وهي رابعة اخوتها.. أو آخر العنقود مثلما يقولون... وكانت الهواية التي تجمع هذه العائلة هي حب الفن والموسيقى والغناء.. فمعظم أفراد عائلة فتوكي توارثت هذه الهواية وذاك الغرام من سلالتها الكريمة التي تنتمي إليها وهي ترجع الى أصول أندلسية والبعض تركي.. فإخوة وردة منهم من يمتلك صوتا جميلا ومنهم من يجيد العزف على آلة موسيقية... ورغم أنّ جميع أفراد عائلة محمد فتوكي متحابة ومترابطة الاّ أنه كان هناك تقارب شديد بين الفنانة وردة وشقيقها مسعود بحكم تقارب السن بينهما قفي سن الحادية عشرة من عمره اشترى آلة نفخ موسيقية وبدأ في التدرب عليها... وبعد عامين كوّن فرقة موسيقية من بعض تلاميذ المدرسة.. وبدأ يعزف في حفلات المدرسة.. وعندما أصبح عمره 16 عاما قام بتكوين فرقة موسيقية غنائية تعمل في الفنادق والملاهي الليلية... ونظرا للتقارب الفكري والفني بين الأخ الأكبر مسعود والأخت الصغرى وردة أسند لها مهمّة الغناء بمجموعته الصغيرة وفي ذلك الوقت قدّما بعض الأغاني بالعربية والفرنسية أيضا...
جميلة.. الجزائر وردة:
ميلاد وردة الفني والحقيقي كان عقب ثورة الجزائر حيث اتجهت أنظار الشعراء والملحنين لموهبتها الغنائية فبدأت بتقديم أغان خاصة بها.. وكانت هذه الأغاني في تلك الفترة التاريخية من عمر الجزائر الفتية تعبر عن ثورة الجزائر.. فقدّمت «أنا من الجزائر... وأنا عربية... ثمّ قدمت بعدها أغنية عن المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد «جميلة» ونجحت الأغنيتان نجاحا كبيرا وتمّ اعتماد السيدة وردة مطربة وهي مازالت طفلة رقيقة.. وبدأت توجّه لها الدعوات للغناء في أكثر من بلد عربي وأصبحت أغنيتا جميلة وأنا من الجزائر تذاعان باستمرار في جميع المحطات الأثيرية العربية من ضمنها تونس حين كان مقر الاذاعة الوطنية بنهج العملة.. ثم ذهبت الى مصر وكانت البداية من خلال حفل أضواء المدينة حيث تعرف الجميع على مطربة جديدة اسمها وردة الجزائرية.. وبمجرد وصولها الى القاهرة وعقب غنائها في حفل أضواء المدينة السالف الذكر اتصل بها الموسيقار الكبير رياض السنباطي الذي قرّر تبنّي موهبتها الغنائية فقدّم لها أوّل لحن عاطفي تقول كلماته «حاقو للاحاجة» مشيرا عليها بسماعه واالتفكير فيه ثمّ نسيانه.. ونجحت الأغنية.. ثمّ قدّم لها لعبة الأيام.. التي قام التلفزيون المصري بتصويرها سينمائيا وقام باخراجها كبير المخرجين السينمائيين محمد سالم.. وكانت هي المرّة الأولى التي يتولّى فيها التلفزيون المصري تصوير احدى أغاني رياض السنباطي سينمائيا خارج استوديوهات التلفزيون...
وردة والصورة السينمائية:
وكان من الطبيعي بعد هذا النجاح السّريع والكبير أن تلتفت إلى المطربة الكبيرة وردة الجزائرية أنظار منتجي السينما والتلفزيون في آن.. فكان المسلسل التلفزي «الوادي الكبير» مع الفنان القدير صباح فخري حيث تمّ بت هذا المسلسل عبر شاشة التلفزة التونسية في أواسط السبعينيات «أيام كان للتلفزة» كارومقدار.. يقفل ما تنتجه من برامج ومنوعات وبثها لأحسن الأفلام والمسلسلات.. أمّا اليوم «يسلّم عليك العقل»... اذن فوجئت السيدة وردة الجزائرية بالمنتج والمخرج حلمي فلة يقدّم لها عرضا ببطولة فيلمين الأوّل بعنوان الحظ وعبدو الحامولي.. والفيلم الثاني بعنوان أميرة العرب.. قبل أن يلتقطها مخرج آخر...
وكان الفيلم الأول فرصة كبيرة لوردة لكي يعانق صوتها ألحان كبار الملحنين.. فقدّم لها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في ذلك الفيلم لحن أغنية اسأل دموع عينيه... وقدّم لها ملك العود فريد الأطراش لحن روحي وروحك حبايب.. فيما قدّم لها العميد بليغ حمدي لحن يا نخلتين في العلالي.. ورغم أنّ كمال الطويل لم يلحن لها في فيلم الحظ وعبدو الحامولي واكتفى بالتلحين لعادل مأمون أغنية يا اللّي سامعني.. الذي تقاسم معها دور البطولة في الفيلم المذكور...
للإشارة وهي أمانة تاريخية فإنّ الدكتور محمد عبد الوهاب أحدث تغييرا كبيرا في صوت المطربة وردة فتوكي.. ذات الأصول المغاربية الشرقية.. لأنّه قبل أن يكون ملحّنا رائعا فهو مؤد لامثيل له ولا يستطيع أحد نكران ذلك وقد تعلّمت منه وردة الكثير والكثير أثناء أداء مختلف البروفات...
في تلك الأيّام كان الغناء جميلا وحلوا وكان صوت وردة مازال شابا فيه نغمة وترنيمة عجيبتان.. فريدتان ومميزتان.. أمّا اليوم فقد راح شباب وردة بعض الشيء ومعه معالم صوتها الرقيق الناعم ولم يبق للمطربة الكبيرة سوى خبرة الاحساس.. والغريب أنّ الراحل عبد الوهاب تغيّرا كثيرا بين أول لحن لها وآخر لحن بعمري كلّه..فقد زادت الوسوسة.. ففي اللحن الأول حفظت وردة الأغنية في ثلاثة أيّام تقريبا ولكن في «بعمري كلّه» استغرق التدريب والبروفات سبعة أشهر كامله وهو ما لم يحصل مع أي فنان أو فنانة وربّما مع نفسه أيضا...
نجح فيلم «الحظ وعبدو الحامولي» عند عرضه نجاحا جماهيريا كبيرا ونجحت أيضا جميع أغنياته.. ثمّ جاء الفيلم الثاني «أميرة العرب» ولكن حظّه في النجاح كان أقل بكثير من نجاح الفيلم الأول.. فتوقفت عن السينما فترة طويلة نسبيا لاعادة ترتيب أوراقها السينمائية واختيار الأدوار التي تناسبها.. وطالت فترة التأمل وترتيب الذات عدّة سنوات بسبب سفرها الى وطنها الأم الجزائر عام 1963 وزواجها من أحد رجال الأعمال الجزائريين وهو جمال القصري مدير مكتب سياحي بالجزائر والذي أنجبت منه ابنيها رياض ووداد.. لكن...
بليغ حمدي في الذاكرة:
في عام 1971 انفصلت وردة عن زوجها وعاودها الحنين الى العمل الفنّي فأرسل مسعود الأخ الأكبر إلى بليغ حمدي الموسيقار المعروف برقية يعملها فيها أنّ وردة ستعود الى الغناء مرّة أخرى.. ورد بليغ بالترحاب وأنّه في انتظار وصولها الى القاهرة حيث أعدّ لحنين جديدين لها... وفي شهر مارس من عام 1972 عادت السيدة وردة الجزائرية الى القاهرة بعد غياب طال أكثر من اللزوم 9 سنوات كاملة.. وبدأ بليغ بتحفيظها الأغاني الجديدة التي ستؤديها وردة.. في الحفل القادم ومنها «العيون السود» و»الله يا مصر زمان» وقدّمت الأغنيتين في الحفل الذي نجح ومعه الأغنيتان حيث استقبلها الجمهور بحب وترحاب كبيرين وكأنّها لم تغب عنه لحظة... ثمّ حدثت المفاجأة حيث أوقعت أغينة «العيون السود» بعد ذلك النجاح الكبير لها بسبب وجود مشكلة حول أحقية مطربة كبيرة أخرى لهذه الأغنية.. ولكن أنقذ بليغ حمدي الموقف من خلال تلحين أغنية أخرى لوردة شبيهة بلحن العيون السود.
هذه اذن لمحة بسيطة وموجزة عن المطربة الجزائرية وردة رغم ما فيها من تناقضات سيما فيما يتعلّق بحياتها الشخصية.. فهذا الأمر لا يعنينا وتمنعنا الأعراف الصحفية والأخلاقية بالاتيان عليه.. فيكفي أنّ وردة مطربة بهذا الحجم والتي يكنّ لها الجمهور العربي محبّة عظيمة وهي بمثابة العنقود المضيء في ساحة الفن العربي المهترئ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.