عاجل/ قضيّة "التّآمر": تحديد موعد جلسة استئناف النظر في الأحكام الصادرة    بنزرت تعزّز أسطولها بثلاث حافلات جديدة    سفير الصين .. مستعدون لمشاركة خبرتنا في تطوير الصناعة الكيميائية بتونس    صفاقس: تواصل فعاليات الدورة 17 لمعرض "نور إكسبو " بمشاركة 65 عارضا    زغوان: بنك التضامن يخصص 2.4 مليون دينار للقروض الموسمية في قطاعي الزراعات الكبرى والزياتين    عملية المنيهلة ضد عناصر إرهابية: صدور أحكام نهائية ضد المتهمين.. #خبر_عاجل    حالة الطقس هذه الليلة..    عاجل/ حادث تصادم بين حافلتين في هذه الطريق الوطنية    توزر: لقاء اعلامي بالفاعلين الثقافيين للتعريف ببرنامج أوروبا المبدعة وكيفية الانخراط فيه    لكلّ تونسي: كيفاش تتحكّم في شهريتك؟    فلوس الدولة في تصاعد: شوفو آخر أرقام المداخيل الجبائية    مونديال كرة اليد تحت 17 سنة: المنتخب الوطني ينهزم أمام نظيره القطري    تونس تخطّط لمشاريع كبيرة في طاقة ''الرياح''    مختصة في تقويم النطق: ''قبل ماتعلّم صغيرك الكتابة علّمه يقشّر الجلبانة ويعصر البرتقال''    ''القمل'' راجع بقوّة: خطوات العلاج وحماية طفلك من العدوى    منوبة: جمهور الأغنية الملتزمة على موعد مع فرقة الكرامة    إنتقالات: الدولي المغربي حكيم زياش ينضم إلى الوداد البيضاوي    في الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة: متى يتخلّص العالم من هيمنة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية؟    قيمته ليست لها حدود: زيت الزيتون.. بترول تونس    انطلاق الدورة الأولى من المهرجانات الإقليمية لنوادي الأطفال المتنقلة حول "التغيرات المناخية والثروة الحيوانية"    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة – برنامج معدل للجولة الافتتاحية    وحدة القسطرة الدماغية بالمعهد الوطني لطب الأعصاب تُحقّق نقلة نوعية في التدخلات العصبية الدقيقة    اكتشاف قد يحدث ثورة في علاج السرطان.. "الدماغ الثاني" في جهازنا الهضمي يحفز نمو الأورام    الرابطة الأولى: الشبيبة القيروانية تحتج على طاقم تحكيم مواجهة النادي الإفريقي    الدينار التونسي يُسجّل تحسّناً ملحوظاً مقابل الدولار واليورو    4079 مليون دينار لدعم المواد الأساسية في 2026    روزنامة الامتحانات لتلامذة الابتدائي: شوفوا التواريخ وشنوا لازم تعرفوا!    الفنان محمد رشيد راجح في حاجة للتبرع بالدم    كيفاش الديوانة التونسية منعت تهريب ''رأس أسد ثمين جدّا''؟    وزارة الداخلية تنتدب..#خبر_عاجل    منصّة رقمية باش تراقب الماكلة وتضمن الأمن الغذائي للتوانسة ...شنوا حكايتها ؟    كأس الاتحاد الافريقي : الملعب التونسي والنجم الساحلي من أجل قلب المعطيات والمرور الى دور المجموعات    ريباكينا تحجز مكانها في البطولة الختامية للتنس للعام الثالث تواليا    رسالة من زوجة مروان البرغوثي لترامب..وهذا ما جاء فيها..#خبر_عاجل    هيئة المحامين تنظم وقفة تضامنية تعبيرا عن دعم المحاماة التونسية للمحكمة الجنائية الدّولية..    مشروع ميزانية 2026 يقترح أكثر من 51 ألف انتداب جديد    زيادة واردات تونس من موّاد التجهيز والموّاد الوسيطة علامة على تحسّن النمو الاقتصادي    متبرعان بالأعضاء ينقذان حياة 5 مرضى..وهذه التفاصيل..    عاجل/ ما مقدار نسبة الزيادة في أجور القطاعين العام والخاص؟!..    عاجل: كانوا في طريقهم للعمل ... إصابة 50 عاملاً في انقلاب حافلة في بنزرت    عاجل : رسالة لابن فضل شاكر تثير تعاطف الجماهير ....كلمات مؤثرة    افتتاح مهرجان مسرح الجنوب بتوزر    إنتر ميامي يمدّد عقد ميسي حتى 2028    تونس تشارك في الدورة العاشرة "كوب 10" لمؤتمر الاطراف في الاتفاقية الدولية لمكافحة المنشطات في الرياضة بباريس من 20 الى 22    إصابات في حادث انقلاب حافلة تقلّ عمّالاً بولاية بنزرت    اكتشاف علمي يُغيّر فهمنا للأحلام    مادورو لواشنطن: لا لحرب مجنونة.. أرجوكم    بسبب زوجها السابق.. إصابة كيم كارداشيان بمرض دماغي خطير    ليبيا: جرحى في اشتباكات مسلحة بمصراتة    ملعقة من زيت الزيتون يوميا.. ما تأثيرها على صحتك؟    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    سحب أحيانا كثيفة مع أمطار متفرقة ليل الخميس    افتتاح ندوة دولية حول التعاون التونسي الفرنسي في مجال الآثار    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    العثور على جثة متحللة داخل منزل منذ عام بالقيروان    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسيرة حافلة.. من مونمارتر إلى الجزائر!!
.. وردة الجزائرية:
نشر في الشعب يوم 22 - 09 - 2007

وردة الجزائرية قيمة فنية غنائية وعربية كبيرة استطاعت أن تفرض حضورها في وجدان المستمع العربي من المحيط الى الخليج بأغنيات عاشت ومازال الناس يردّدونها في كل مكان.. وردة الفنانة التي رغم شيخوختها لم يذهب شباب صوتها فهي مبدعة ومتألقة.. وهي تعرف كل الدروب والمسارب لستحوذ على اعجاب الجمهورية بها وبفنّها.. أبدا وردة لم تتغيّر.. بل هي أكثر الفنانات وفاء لتربتها التي يعود إليها سنها إلى الجزائر الى الثورة.. الى جميلة بوحيرد... وردة في حياتها محطّات مهمّة من أول باريس حيث ولدت في حي «مونمارتر» الشهير.. من أب جزائري وأم لبنانية مرورا ببيروت والجزائر.. والقاهرة.. حيث طابت لها الحياة.. فحطّت واستقرّت.. لكنّها ظلّت بوفائها المعهود الى أرض الأحرار الجزائر الشهيدة.. في هذه المصافحة القصيرة سنحاول تقديم ما خفي عن وردة وما تجهله الأجيال عنها.. لأنّها في النهاية صوت مهم وقيمة فنية ثابتة...
بداية وردة كانت في باريس حيث ولدت في حي «مونمارتر» الشهير جدّا من أب جزائري وأم لبنانية.. كان والدها محمد فتوكي يمتلك فندقا شعبيا ومطعما في الحي اللاتيني المذكور.. ولما بلغت سن الحادية عشرة سجلت أول اسطوانة لاختبار الصوت وكانت أغنية «يا ظالمني» لكوكب الشرق أم كلثوم وبعدها بخمس سنوات تنقلت عائلة محمد فتوكي بين باريس وبيروت.. ثمّ الجزائر حيث استقرّت. فوالد وردة كان متيّما بحب بلاده بل لا يكاد يغيب عنها فظروفه المادية مستورة نسبيا وقد ساعدته زوجته في ذلك وهي التي رأت بأنّ باريس هي محطّة عابرة للعائلة وما عليهم الاّ العودة الى الأرض التي أنجبتهم ووهبتهم من الحب والحنان ما لا حدّ له وهي التي قالت في تصاريح اذاعية لها عام 1969 إنّ الجزائر وبيروت هما وطنان بقلب واحد وكبدة واحدة... الجزائر عربية ولبنان أيضا.. فما الفرق الآن؟ الاقامة هنا أو هناك.. لا تمثّل مشكلا بقدر ما تزيد في وحدة الصف العربي...
وردة وشقيقها مسعود:
تنتمي وردة فتوكي أو الجزائرية لأسرة متوسطة عاشت في قلب العاصمة الجزائرية متكونة من والدها محمد فتوكي وأمّها زليخة بوطالب وأربعة أبناء حسب الترتيب حيدر الابن الأكبر ثم نظيرة، فمسعود ووردة وهي رابعة اخوتها.. أو آخر العنقود مثلما يقولون... وكانت الهواية التي تجمع هذه العائلة هي حب الفن والموسيقى والغناء.. فمعظم أفراد عائلة فتوكي توارثت هذه الهواية وذاك الغرام من سلالتها الكريمة التي تنتمي إليها وهي ترجع الى أصول أندلسية والبعض تركي.. فإخوة وردة منهم من يمتلك صوتا جميلا ومنهم من يجيد العزف على آلة موسيقية... ورغم أنّ جميع أفراد عائلة محمد فتوكي متحابة ومترابطة الاّ أنه كان هناك تقارب شديد بين الفنانة وردة وشقيقها مسعود بحكم تقارب السن بينهما قفي سن الحادية عشرة من عمره اشترى آلة نفخ موسيقية وبدأ في التدرب عليها... وبعد عامين كوّن فرقة موسيقية من بعض تلاميذ المدرسة.. وبدأ يعزف في حفلات المدرسة.. وعندما أصبح عمره 16 عاما قام بتكوين فرقة موسيقية غنائية تعمل في الفنادق والملاهي الليلية... ونظرا للتقارب الفكري والفني بين الأخ الأكبر مسعود والأخت الصغرى وردة أسند لها مهمّة الغناء بمجموعته الصغيرة وفي ذلك الوقت قدّما بعض الأغاني بالعربية والفرنسية أيضا...
جميلة.. الجزائر وردة:
ميلاد وردة الفني والحقيقي كان عقب ثورة الجزائر حيث اتجهت أنظار الشعراء والملحنين لموهبتها الغنائية فبدأت بتقديم أغان خاصة بها.. وكانت هذه الأغاني في تلك الفترة التاريخية من عمر الجزائر الفتية تعبر عن ثورة الجزائر.. فقدّمت «أنا من الجزائر... وأنا عربية... ثمّ قدمت بعدها أغنية عن المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد «جميلة» ونجحت الأغنيتان نجاحا كبيرا وتمّ اعتماد السيدة وردة مطربة وهي مازالت طفلة رقيقة.. وبدأت توجّه لها الدعوات للغناء في أكثر من بلد عربي وأصبحت أغنيتا جميلة وأنا من الجزائر تذاعان باستمرار في جميع المحطات الأثيرية العربية من ضمنها تونس حين كان مقر الاذاعة الوطنية بنهج العملة.. ثم ذهبت الى مصر وكانت البداية من خلال حفل أضواء المدينة حيث تعرف الجميع على مطربة جديدة اسمها وردة الجزائرية.. وبمجرد وصولها الى القاهرة وعقب غنائها في حفل أضواء المدينة السالف الذكر اتصل بها الموسيقار الكبير رياض السنباطي الذي قرّر تبنّي موهبتها الغنائية فقدّم لها أوّل لحن عاطفي تقول كلماته «حاقو للاحاجة» مشيرا عليها بسماعه واالتفكير فيه ثمّ نسيانه.. ونجحت الأغنية.. ثمّ قدّم لها لعبة الأيام.. التي قام التلفزيون المصري بتصويرها سينمائيا وقام باخراجها كبير المخرجين السينمائيين محمد سالم.. وكانت هي المرّة الأولى التي يتولّى فيها التلفزيون المصري تصوير احدى أغاني رياض السنباطي سينمائيا خارج استوديوهات التلفزيون...
وردة والصورة السينمائية:
وكان من الطبيعي بعد هذا النجاح السّريع والكبير أن تلتفت إلى المطربة الكبيرة وردة الجزائرية أنظار منتجي السينما والتلفزيون في آن.. فكان المسلسل التلفزي «الوادي الكبير» مع الفنان القدير صباح فخري حيث تمّ بت هذا المسلسل عبر شاشة التلفزة التونسية في أواسط السبعينيات «أيام كان للتلفزة» كارومقدار.. يقفل ما تنتجه من برامج ومنوعات وبثها لأحسن الأفلام والمسلسلات.. أمّا اليوم «يسلّم عليك العقل»... اذن فوجئت السيدة وردة الجزائرية بالمنتج والمخرج حلمي فلة يقدّم لها عرضا ببطولة فيلمين الأوّل بعنوان الحظ وعبدو الحامولي.. والفيلم الثاني بعنوان أميرة العرب.. قبل أن يلتقطها مخرج آخر...
وكان الفيلم الأول فرصة كبيرة لوردة لكي يعانق صوتها ألحان كبار الملحنين.. فقدّم لها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في ذلك الفيلم لحن أغنية اسأل دموع عينيه... وقدّم لها ملك العود فريد الأطراش لحن روحي وروحك حبايب.. فيما قدّم لها العميد بليغ حمدي لحن يا نخلتين في العلالي.. ورغم أنّ كمال الطويل لم يلحن لها في فيلم الحظ وعبدو الحامولي واكتفى بالتلحين لعادل مأمون أغنية يا اللّي سامعني.. الذي تقاسم معها دور البطولة في الفيلم المذكور...
للإشارة وهي أمانة تاريخية فإنّ الدكتور محمد عبد الوهاب أحدث تغييرا كبيرا في صوت المطربة وردة فتوكي.. ذات الأصول المغاربية الشرقية.. لأنّه قبل أن يكون ملحّنا رائعا فهو مؤد لامثيل له ولا يستطيع أحد نكران ذلك وقد تعلّمت منه وردة الكثير والكثير أثناء أداء مختلف البروفات...
في تلك الأيّام كان الغناء جميلا وحلوا وكان صوت وردة مازال شابا فيه نغمة وترنيمة عجيبتان.. فريدتان ومميزتان.. أمّا اليوم فقد راح شباب وردة بعض الشيء ومعه معالم صوتها الرقيق الناعم ولم يبق للمطربة الكبيرة سوى خبرة الاحساس.. والغريب أنّ الراحل عبد الوهاب تغيّرا كثيرا بين أول لحن لها وآخر لحن بعمري كلّه..فقد زادت الوسوسة.. ففي اللحن الأول حفظت وردة الأغنية في ثلاثة أيّام تقريبا ولكن في «بعمري كلّه» استغرق التدريب والبروفات سبعة أشهر كامله وهو ما لم يحصل مع أي فنان أو فنانة وربّما مع نفسه أيضا...
نجح فيلم «الحظ وعبدو الحامولي» عند عرضه نجاحا جماهيريا كبيرا ونجحت أيضا جميع أغنياته.. ثمّ جاء الفيلم الثاني «أميرة العرب» ولكن حظّه في النجاح كان أقل بكثير من نجاح الفيلم الأول.. فتوقفت عن السينما فترة طويلة نسبيا لاعادة ترتيب أوراقها السينمائية واختيار الأدوار التي تناسبها.. وطالت فترة التأمل وترتيب الذات عدّة سنوات بسبب سفرها الى وطنها الأم الجزائر عام 1963 وزواجها من أحد رجال الأعمال الجزائريين وهو جمال القصري مدير مكتب سياحي بالجزائر والذي أنجبت منه ابنيها رياض ووداد.. لكن...
بليغ حمدي في الذاكرة:
في عام 1971 انفصلت وردة عن زوجها وعاودها الحنين الى العمل الفنّي فأرسل مسعود الأخ الأكبر إلى بليغ حمدي الموسيقار المعروف برقية يعملها فيها أنّ وردة ستعود الى الغناء مرّة أخرى.. ورد بليغ بالترحاب وأنّه في انتظار وصولها الى القاهرة حيث أعدّ لحنين جديدين لها... وفي شهر مارس من عام 1972 عادت السيدة وردة الجزائرية الى القاهرة بعد غياب طال أكثر من اللزوم 9 سنوات كاملة.. وبدأ بليغ بتحفيظها الأغاني الجديدة التي ستؤديها وردة.. في الحفل القادم ومنها «العيون السود» و»الله يا مصر زمان» وقدّمت الأغنيتين في الحفل الذي نجح ومعه الأغنيتان حيث استقبلها الجمهور بحب وترحاب كبيرين وكأنّها لم تغب عنه لحظة... ثمّ حدثت المفاجأة حيث أوقعت أغينة «العيون السود» بعد ذلك النجاح الكبير لها بسبب وجود مشكلة حول أحقية مطربة كبيرة أخرى لهذه الأغنية.. ولكن أنقذ بليغ حمدي الموقف من خلال تلحين أغنية أخرى لوردة شبيهة بلحن العيون السود.
هذه اذن لمحة بسيطة وموجزة عن المطربة الجزائرية وردة رغم ما فيها من تناقضات سيما فيما يتعلّق بحياتها الشخصية.. فهذا الأمر لا يعنينا وتمنعنا الأعراف الصحفية والأخلاقية بالاتيان عليه.. فيكفي أنّ وردة مطربة بهذا الحجم والتي يكنّ لها الجمهور العربي محبّة عظيمة وهي بمثابة العنقود المضيء في ساحة الفن العربي المهترئ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.