وزير الشؤون الدّينية يشارك في الملتقى الدولي للمذهب المالكي بالجزائر    خبير في قانون االشغل: التوجه العام لقانون الشغل الجديد حمائي واجتماعي لمجابهة التشغيل الهش    عاجل: مطار خليج سرت يفتح بعد 12 عام    ترامب يعلن إنهاء "الحرب الثامنة"    تايلاند وكمبوديا توقعان إعلانا لتسوية النزاع بحضور ترامب    شوف شكون ضد شكون ووين: الدفعة الثانية من الجولة 11    بطولة فرنسا: ثنائية لحكيمي تعيد باريس سان جيرمان إلى الصدارة    البطولة الالمانية: بايرن ميونيخ يعزز صدارته بفوزه على بوروسيا مونشنغلادباخ    عاجل: غيابات في الترجي قبل مواجهة رحيمو    اليوم الأحد على 16:15... الريال والبرسا في كلاسيكو ناري    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    نهار الأحد: سخانة خفيفة والنهار يتقلّب آخر العشية    محمد رمضان يكشف عن تعاون فني غير مسبوق مع لارا ترامب ويعلن مشاركة حفيدة الرئيس الأمريكي في الكليب الجديد    قيس سعيّد يستقبل بيسان وبيلسان بعد ما شرّفوا تونس في تحدّي القراءة العربي    رئيس الدولة يستقبل التوأم الفائزتين في تحدي القراءة العربي بيسان وبيلسان..    قبل الكلاسيكو.. مبابي يتوج بجائزة لاعب الشهر في الدوري الإسباني للمرة الثانية تواليا    سوتو غرادو حكما لمباراة الكلاسيكو بين ريال مدريد وبرشلونة    قمة الآسيان في كوالالمبور: تحولات عالمية حاسمة وملفات استراتيجية على الطاولة    بعد وصوله ماليزيا.. ترامب يرقص على السجادة الحمراء أثناء استقباله    المُق.اومة اللبنانية.. لن نُسلّم السلاح ولن تؤثر علينا الضغوط    مجلس وزاري مضيّق لمتابعة خطة إنجاح موسم زيت الزيتون 2025-2026    شارك فيها مئات الاشخاص.. مسيرة بالعاصمة تضامنا مع أهالي قابس    عاجل: بداية من الإثنين...الصيدية ماعادش تعطيك الدواء بهذه الصيغة    في ملف حجز 370 ألف قرص مخدر و12 كغ كوكايين ...6 متورّطين من بينهم رجل أعمال أجنبي    طقس الليلة    مركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر .. أكثر من 20 مسرحية ...وندوة فكرية حول هوية المسرح التونسي    طلب فاق المعدلات العادية على أدوية الغدة الدرقية    بطولة القسم الوطني أ للكرة الطائرة: انطلاقة قوية للترجي والنجم الساحلي في الجولة الافتتاحية    تأجيل محاكمة مهدي بن غربية وأحمد العماري في قضية ذات صبغة إرهابية إلى ديسمبر المقبل    منوبة: افتتاح مهرجان الشاشية بالبطان إطلالة على التاريخ واحياء للذاكرة الشعبية    منوبة: أنشطة توعوية وترفيهية متنوعة تؤثث فعاليات الدورة الأولى للمهرجان الإقليمي لنوادي الأطفال المتنقلة    وزارة المالية: الاقتصاد التونسي أظهر مرونة امام الصعوبات وحقق عدة مؤشرات ايجابية    تفكيك وفاق إجرامي مختص في ترويج المخدرات وحجز حوالي 350 غرام من الكوكايين    مطار قرطاج : استقبال بيسان وبيلسان أبطال تحدي القراءة في دبي    الاقتصاد التونسي أظهر مرونة امام الصعوبات وحقق عدة مؤشرات ايجابية    مدنين: افتتاح فعاليات ملتقى المناطيد والطائرات الشراعية بجزيرة جربة بلوحة استعراضية زينت سماء الجزيرة    عاجل/السجن لهاذين المسؤولين السابقين..    وزارة النقل تفتح مناظرة خارجية في 17 خطة معروضة بداية من 26ماي 2026    رئاسة الحكومة تقرّر تعليق نشاط الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات لمدة شهر    ترامب يلتقي أمير قطر على متن طائرته الرئاسية بطريقه لماليزيا    وزارة الصحة: تقنية جديدة لتسريع تشخيص الأمراض الجرثوميّة    عاجل: وزارة التربية تعيد فتح المناظرة الخارجية لسنة 2024 لتوظيف أعوان..الرابط والآجال    سليانة: افتتاح موسم جني الزيتون    وفاة ملكة تايلاند الأم سيريكيت عن 93 عاما    رضا الكشتبان يحاضر حول "تاريخية العلاقات التّونسيّة الإسبانيّة"    الفحص الدوري للسيارة: كيفاش تحمي روحك وكرهبتك قبل ما تصير مصيبة!    عاجل: موسم فلاحي قياسي في تونس...خبير يكشف    دراسة تكشف: اللي فرحان يعيش بصحة أحسن    تناول ماء الحلبة يوميًّا لمدة أسبوعين.. فوائد ماكش باش تتوقعها    اطلاق المبادرة الوطنية التشاركية للوقاية من السلوكيّات المحفوفة بالمخاطر    بشرى سارة..العالم على مشارف "دواء سحري".. يعالج الصلع في 3 أسابيع    رزنامة جديدة للامتحانات؟....رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ يوّضح    رسميا/ أودي "A6 سبورت باك إي ترون" في تونس: أيقونة السيدان الكهربائية.. فخامة واداء..مميزاتها وسعرها..    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصلحة الاتحاد من مصلحة البلاد ودون ذلك خطأ
وجهة نظر:
نشر في الشعب يوم 09 - 02 - 2008

كنا كتبنا مقالا في جريدة الشعب بتاريخ غرة ماي 2004 (العدد 759) عنوانه العمل النقابي والانتماء الوطني أكدنا فيه ان اشد المواطنين إخلاصا وحبا للوطن هم قطعا المناضلون النقابيون، وان كل تهمة توجه الى النقابيين لتخوينهم او لتقزيم دورهم في حفظ التوازن الاجتماعي وكرامة جميع المواطنين، وبالتالي كرامة كل الوطن، هي تهم مردودة على اصحابها، وان الذي ما زال لم يقبل دور النقابات في المجتمع، او بالأحرى لم يتسع تفكيره القصير والضيق ليفهم دور النقابات في الحفاظ على توازن المجتمع وحماية الشغالين بالفكر والساعد وحماية قدرتهم الشرائية من أنانية وطغيان رأس المال، من لم يفهموا كل هذا، هم بكل بساطة أناس متخلفون و «ديناصورات بشرية» تعيش معنا وبالرغم منا تسعى لكبت أنفاس المتأوّهين والمشتكين والمحتجين بالقلم واللسان.
دعنا نذكّر هؤلاء «الديناصورات المتخلفة» ان زعماء نقابيين من امثال محمد علي الحامي وفرحات حشاد واحمد بن صالح والحبيب عاشور وأحمد التليلي كانوا في قلب المعركة الوطنية، وكان معظمهم في حزب الدستور ايضا، وهو الحزب الذي قاد معركة الاستقلال الوطني ونحن نذكرهم كذلك ان وجود النقابات في العالم سابق لوجود ما سُمّي بالمعسكر الاشتراكي السوفياتي ومستقل عنه، حتى لايقرنوا في أذهانهم المسطحة بين انهيار هذا المعسكر، وضرورة ذوبان النقابات وانهيارها بظهور ما يسمى العولمة الاقتصادية.
دعنا ايضا نذكر جميع المواطنين التونسيين نقابيين وغير نقابيين ان برنامج أول وزارة للتربية القومية (اسمها انذاك) بعد الاستقلال هو بالنقطة والفاصل برنامج الاتحاد العام التونسي للشغل!
وهذا دليل اخر على ان الاتحاد منظمة عتيدة وشريك كامل في بناء دولة الاستقلال دون «مزية» أو منّة من احد، ومن يجهل هذه الحقيقة او يتجاهلها هو انسان يجهل بكل بساطة تاريخ الحركة الوطنية لبلاده، وعلى النقابيين بجميع اتجاهاتهم ان يكونوا فخورين بهذه الحقيقة ويتصرفوا على هذا الاساس!
عليهم ان يردّوا في كل مرة بأن الخائن هو من يخونهم، وان القزم هو من يقزمهم!
وإذا بعث أحد المسؤولين رسالة شكر الى غير المضربين فعلى قيادة الاتحاد ان تبعث برسائل شكر الى المضربين المدافعين عن حقوقهم والمتضامنين مع زملائهم!
وفي هذه النقطة بالذات نؤكد ان النقابات لا يجب ان تتحول الى «ماكينة» لانتاج الاضرابات حتى لا يفقد الاضراب مصداقيته كوسيلة احتجاج لا غير!
الاضراب هو لحظة استثنائية في حياة الشغّال او الموظف، والقاعدة هي مواصلة العمل لبناء الاقتصاد الوطني وليس لتخريبه.
يجب تنويع اشكال الاحتجاج المدني على وضعية فيها ظلم للشغالين، وليس الاضراب الا احد هذه الوسائل.
ما هي المطالب الاساسية لكل النقابيين في العالم؟ هي أربعة بالاساس:
1 الحفاظ على القدرة الشرائية
2 الحفاظ على استقرار العمل
3 ترقيات معقولة حسب الأقدمية
4 تأمين صحي وتقاعد مريح
إن هذه المطالب ليس فيها اي شيء يمس من مناعة الوطن أو سيادته، بل بالعكس كلها مطالب في صالح الوطن وكرامة الوطن واقتصاد الوطن! فالشغّال القادر على الشراء ينشّط «الماكينة» الانتاجية للاقتصاد الوطني، والعامل ينتج جيدا عندما يكون في صحة جيدة، ويبذل جهدا مضاعفا عندما يكون مطمئنا على مستقبله المهني والتقاعدي!
أما الذين لا يعجبهم هذا الكلام من «الديناصورات» فهم لا ينتجون عند شعبهم الا الخوف والرعب واليأس...! وبالتالي فانهم يوفرون الشروط الموضوعية لتنامي ردود الفعل اليائسة والعنيفة، ثم في مرحلة ثانية ظهور الحركات المتطرفة والارهابية من امثال تنظيم القاعدة! فهذه الحركات لا تؤمن بجدوى الاحتجاج المدني بالقلم واللسان والتظاهر السلمي والاعتصام النقابي... الخ. بل تؤمن بلغة السلاح والعنف والتفجير! فاذا كنتم ايها الديناصورات تريدون دفع المجتمع المدني وخصوصا الشباب شيئا فشيئا وعشرية بعد عشرية، وجيلا بعد جيل نحو العنف والتطرف، فواصلوا في سياستكم العمياء غير المسؤولة في تكبيل الاقلام وتكميم الأفواه، وزرع الرعب في نفوس المواطنين والشباب من أي مشاركة في خوض ومناقشة الشأن العام!
اذهبوا الى اي مقهى، والى أي ناد في تونس اليوم، وجرّبوا ان تخوضوا في اي شأن عام (يعني «بالفقهي» «سياسة» !) واستعملوا اكثر العبارات لطفا ولباقة ولياقة، فسترون الوجوه تصفر من حولكم وكأن صاعقة نزلت من السماء، وسيفرّ القوم من حولك وكأنهم أرانب مذعورة!
ليس من الفخر، لأي تونسي بعد اكثر من خمسين سنة من الاستقلال، ان يتحول المواطنون وخاصة المثقفون منهم الى أرانب مذعورة تخشى الخوض في الشؤون العامة التي تخص وطنهم، ومستقبل وطنهم!
علينا ان نأخذ العبرة من الدرس العراقي! واذا كنا نقول اليوم ان الاستعمار المباشر قد يعود الى تونس، يضحك البعض، فقد كان نفس الكلام يضحك العرب والعراقيين قبل ثلاثين سنة. اي في السبعينات من القرن الماضي، عندما كان يقال في بعض المناسبات ان الاستعمار المباشر راجع لا محالة، وان أمريكا قادمة لاحتلال مواقع آبار النفط!
وفي تونس ليس عندنا نفط ولكن عندنا موقع جغرافي استراتيجي يثير حسد الكثيرين!
إني أهيب بالجميع وخاصة المسؤولين منهم ان يحافظوا على الاتحاد كمكسب وطني، وان يحافظوا على عزة وكرامة النقابيين لأنهم عيون وآذان المجتمع المدني، واللسان المدافع عنه، لأن تكسير الاتحاد، وتكسير النقابات وتقزيم دورها يصب في مصلحة الحركات الارهابية ثم في مصلحة الاستعمار، لان كرامة الوطن من كرامة المواطن، فلا كرامة لوطن بمواطنين مكسورين ومهانين في كل لحظة.
إن الاستعمار في الحقيقة لا يريد لنا الديمقراطية فهو يستعملها فقط للضغط الاعلامي على هذه الأنظمة ولكي يبتزها ليحصل على تنازلات وامتيازات جديدة منها، كلها على حساب سيادتنا الوطنية، وعلى حساب مصلحة اقتصادنا الوطني.
وأؤكد مرة اخرى ان الاستعمار لا زال يخطط للسيطرة والرجوع مرة اخرى وذلك في 3 خطوات مبرمجة ومحسوبة:
(1) مساندة الاتجاهات الاستبدادية في اي نظام
(2) دفع المجتمع لينزلق شيئا فشيئا نحو العنف والارهاب
(3) التدخل عسكريا لحماية هذه الأنظمة في الظاهر من الارهاب ولاحتلال أوطاننا في الحقيقة!
حماية مصداقية الاتحاد
في النهاية فإني أهيب بكل النقابيين وخاصة من هم في مو قع المسؤولية ان يحافظوا على مصداقية الاتحاد، فالاتحاد بلا مصداقية مثل قشّة في مهبّ الريح.
وليتذكر الجميع فترة معاناة النقابيين في السنوات 1978 و 1985 عندما نصّبوا على الاتحاد قيادة «التيجاني عبيد» ومجموعته ممن سمّوا أنفسهم «الشرفاء»، كيف فقد الاتحاد مصداقيته، وصارت قاعاته فارغة لا يأتيها أحد من المواطنين، حتى جاءت حركة 7 نوفمبر «الانقاذية والثورية فأنقذت الاتحاد وأنقذت البلاد من نظام الرئاسة مدى الحياة».
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، فإن قضية الاساتذة الثلاثة الذين أضربوا عن الطعام للدفاع عن مواطن شغلهم قد اكتسبت بُعدا رمزيا كبيرا في كل أرجاء البلاد، وكل الجماهير الشعبية متعاطفة معهم، لأن كل العائلات التونسية اصبحت تعاني من «مصيبة» «الكاباس» وما أدراك ما «الكاباس» وكم من حكايات واشاعات سمعناها عن طرائف «الكاباس» والعائلات التي تدفع الغالي والنفيس من اجل ان يحصل ابناؤها على «الكاباس».
وإذا لم يقع ارجاع هؤلاء الاساتذة فسيقع ضرر خطير بمصداقية 3 مؤسسات مهمة في البلاد.
أولا: الاتحاد العام التونسي للشغل لأنه أخذ هذه القضية على عاتقه!
ثانيا: وزارة التربية والتكوين: إذ سيتساءل كل المواطنين: ما هي جدوى التربية والتكوين اذا كان المتفوقون فيها والذين يثبتون جدارتهم تقطع أرزاقهم ويُلقى بهم في قارعة الطريق؟!
ثالثا: الحكومة التونسية: لأن دور الحكومة هو التشجيع على التشغيل وليس طرد الموظفين لأسباب تافهة، وحماية الادارات التي تقوم بالطرد التعسفي للمواطنين.
خلاصة
لا كرامة للوطن دون مواطن محفوظ الكرامة، ولا كرامة للمواطن دون شغل قار يحفظ كرامته، ولا شغل قارّ بمسؤولين يهينون النقابيين ويقزّمونهم ويطردونهم لأتفه الأسباب او لمجرد أنهم نقابيون.
إن من يزرع الفقر والبؤس واليأس والرعب في نفوس المواطنين، ثم بعد ذلك يريد ان يسُدّ الطريق امام من يريد الاحتجاج على الظلم من انصار الاحتجاج المدني بالقلم واللسان والاعتصام النقابي والتظاهر السلمي، هو بكل بساطة يمهّد الطريق لأنصار الاحتجاج العنيف والمسلح من أمثال تنظيم القاعدة والعياذ بالله!
إن أعداء الحريات المدنية والنقابية هم حلفاء موضوعيون للإرهاب ولتنظيم القاعدة ثم هم بوعي او بدونه يحفرون قبر سيادة بلادهم ويمهدون لعودة الاستعمار المباشر كما بيّنا أعلاه!
والسلام على من اتبع الهدى!
ملاحظة:
في المؤتمر الأخير الذي انعقد في تونس في شهر اكتوبر الماضي، كان الموقف الرسمي التونسي ينصّ على انه لا يمكن الاقتصار على المقاربة الأمنية فقط لمحاربة الارهاب، وأنا مع هذا الموقف مائة بالمائة، اذ يجب معاضدة الجهد الامني، بجهد ثقافي سياسي، وجهد اجتماعي اقتصادي، وحسب رأيي المتواضع يجب ان تكون الفلسفة الاساسية لهذه الجهود متمحورة حول مبادئ أساسية مترابطة هي كالاتي:
(1) حفظ كرامة المواطن وحماية أمنه
(2) ضمان عيش كريم وبيئة سليمة
(3) ضمان مشاركة في الانتاج المادي (اقتصاد) والانتاج الفكري (ثقافي سياسي).
مع شرط مهمّ جدا وهو عدم تزييف التعبيرات الاجتماعية والسياسية للمجتمع المدني.
محمد معتوق
مرشد في الاعلام والتوجيه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.