أمضى حقبة من الزمن في عالم التعليق الرياضي كان بدأ مع كبار المعلقين «كالطاهر مبارك»، والمرحوم محمد بوغنيم» و»اسماعيل التريكي» هو رجل ثقافة ومنظمات وجمعيات، جمع بين الصحافة المكتوبة ومهنته الحالية كإطار في وزارة التربية والتكوين وكمعلق رياضي بالاذاعة الوطنية. هو طبعا المنجي النصري أبرز المعلقين الرياضيين في تونس بما انه ساهم في اثراء قاموس التعليق الرياضي وتطوير المشهد السمعي، ورغم غيابه الحالي عن التلفزة الى أنّه تمكّن من كسب مكانة هامة في نفوس احباء الرياضة سواء في تونس او خارجها. من خلال هذا اللقاء حاولنا معرفة أسباب غيابه عن التلفزة وعلى الرغم من تجربته في هذا المجال فانه رفض الذهاب للخليج خصوصا وانّ هذه الظاهرة أصبحت مكثّفة وهو ما يفسر رحيل العديد من المعلقين الى مختلف دول الخليج مع المنجي النصري كان هذا اللقاء الخاص ثمّ بدأنا بالسؤال: ماهي الظروف التي سمحت لك بالدخول الى ميدان التعليق الرياضي؟ أنا رياضي بأتم معنى الكلمة حيث مارست رياضتي كرة القدم والعدو الريفي وانا تلميذ في معهد الكاف حيث كنت مغرما بالتعليق الرياضي سواء عند مشاهدة مباريات اولمبيك الكاف او في قاعة المراجعة بالمعهد الكبير في الكاف حيث كنت اجريت اختبارا في موسم 73 و74 في الاذاعة الوطنية في عهد سي علي العيساوي المسؤول على الرياضة في الاذاعة والمرحوم عبد المجيد المسلاتي بما انهما كانا يشرفان على برنامج رياضة ونغم وكانت الانطلاقة منذ ذلك التاريخ مع مجموعة من كبار المعلقين مثل الطاهر مبارك، محمد بن خليفة، المرحوم محمد بوغنيم واسماعيل التريكي ومختار بكّور وعزّوز السوسي ورشيد البكاي ومصطفى العياري الى غيرهم وكنت انذاك اول معلق رياضي شاب. لقد تمكنت في ظرف وجيز من فرض العربية الفصحى في التعليق الرياضي اولا ثم فرض نمط جديد في التعليق من خلال الوصف الدقيق للكرة في أرجاء واجواء الملعب الى جانب تفسير بعض اللقطات والاهداف اي ما يعبر عنه اليوم «الصور البطيئة الاذاعية» او ما عبّرت عنه المشهد السمعي للهدف او اللقطة.. الى ان اصبح زملائي المعلقون يرددون ذلك ايضا وهم مشكرون على ذلك في اطار تطوير المشهد السمعي الى جانب مساهمتي في اثراء قاموس التعليق الرياضي ببعض المصطلحات باللغة العربية الفصحى دون ان ادعي في علم التعليق فلسفة وكأنني مازلت اتعلم الى اليوم رغم انني قضيت اكثر من 32 سنة في عالم التعليق السمعي والمرئي والمكتوب. ما الذي يصنع المعلق الرياضي الناجح الموهبة ام التكوين؟ هناك عدّة مقاييس ومواصفات تصنع المعلق الرياضي الناجح أوّلها الثقافة والموهبة والمعرفة والمتابعة الميدانية، نعم على المعلق ان يجمع من كل شيء لانّ الموهبة لا تكفي احيانا والثقافة قد لا تساعد أحيانا أخرى ولذلك لابدّ من الجمع بين كل هذه المقوّمات والشروط. ما الذي تغيّر بين مرحلتي عبد المجيد المسلاتي والحاج رقاز والمرحلة الحالية التي نجد فيها خليفة الجبالي رئيسا لمصلحة الرياضة بالاذاعة الوطنية؟ اعتبر نفسي محظوظا إلى أبعد الحدود لانني عاشرت اجيالا من المعلقين الرائعين وقد كانت التجربة ناجحة مع المرحوم عبد المجيد المسلاتي في مرحلة اولى ثمّ مع المرحوم الحاج رقاز وكان عبد المجيد المسلاني يلقبني «بعندليب المعلقين» واطلق عليّ المرحوم رقاز بلبل الاذاعة ولذلك كنت لا أغيب عن التعليق مع هذين الرجلين وكان الحاج رقاز على وجه الخصوص يقول: «لا يمكن لبرنامج رياضة واهداف في عهده بعد رياضة ونغم مع سي عبد المجيد المسلاتي ان لا يكون فيه المنجي النصري طرفا وفي ذلك اعتراف من هذا الرجل بكفاءتي بكل تواضع خاصة وانني كنت افاجئه احيانا ببعض الأخبار الطازجة في كلّ برامجي الرياضية حيث اقدّم آخر المستجدات من أخبار ومعلومات جديدة وكما يقول المرحوم محمد المؤدب دون استهلاك القديم.. امّا المرحلة الحالية ففيها وعليها وسأكتفي بذلك... لماذا لم نرك في التلفزة؟ أنا كنت من ابرز المعلقين حتى في التلفزة الوطنية والكثيرين لا يعلمون هذا وذلك مع زملاء كانوا يقدّرون الكفاءات ومن بين هؤلاء الزملاء المرحوم محمد المؤدّب ورضا العودي وحسين الوادي ومحمّد الكيلاني والمختار الرصاع وهذا الاخير وصل الى خطّة مدير عام للقنوات التلفزية ولكن جاء البعض وغضّ الطرف عن بعض المعلقين الاكفاء علما بانّ الصحافة الوطنية ظلت تنتخبني كأفضل معلّق رياضي في تونس على امتداد 20 سنة ومنها جريدة الشعب ورغم ذلك لا اتباهى بذلك على عكس ما يفعله البعض وليت المسؤولين في القناة 7 يعيدوا لنا الاعتبار. ما الذي يشدك للراديو والتلفزة؟ هناك عدّة برامج ممتازة خاصة التنشيطية منها والرياضية بالاساس وغيرها وانا رجل ثقافة ومنظمات وجمعيات فالى جانب المنجي النصري الرياضي الذي يعرفه الجمهور فانني تحملت مسؤوليات وطنية عديدة مثل مساعد رئيس بلدية بن عروس وكاتبا عاما وطنيا مساعدا للمنظمة الوطنية للطفولة التونسية (المصائف والجولات) ورئيسا لمهرجان بن عروس ومهرجان المدينةالجديدة ثم كاتبا عاما جهويا لمصائف بن عروس ورئيسا لجمعية وزارة التربية والتكوين وحاليا رئيسا لودادية وزارة التربية والتكوين ونائبا لرئيس المجلس الوطني لمنظمة الطفولة التونسية وعضوا بالمكتب الجهوي للتربية والاسرة ببن عروس ونائب رئيس مهرجان اوذنة الاثري «ويكفيني فخرا الوسام الذي وشّح به صدري سيادة رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي يوم 30 جوان 2001 في قصر قرطاج وكان ذلك في اليوم الوطني للرياضة والروح الاولمبية وقطع حديثه قائلا العديد من الناس لا يعرفون هذا وكانت لفتة كريمة من سيادته للمعلقين الرياضيين وهناك العديد من الزملاء يلقبونني اليوم بالعميد مثل خليفة الجبالي وعماد بن عمارة ولبيب الصغير والمكي الجريدي وحتى الذين يتواجدون في الفضائيات العربية مثل رؤوف خليف وبلال العلوني وعلي الورغي ومراسل الجزيرة نافع بن عاشور. بماذا استفاد المنجي النصري من وجوده في الاذاعة؟ حبّ النّاس واقولها بكل فخر رغم انني لا اظهر في التلفزة كثيرا فإن كل الناس يحفظون تعاليقي ويردّدون ذلك امامي سواء في الشارع او في الملاعب ويحفظون اشعاري التي قلتها في عدّة بلدان افريقية واوروبية وفي تونس وآخر تعاليقي على المنتخب في كرة اليد وسام حمام يطير كالحمام او لعصام تاج لو كنت امامي لوضعت على رأسك تاج وقلت في كل اللاعبين شعرا بكلّ الاسماء وهي من وحي اللحظة. لماذا لم تذهب الى الخليج؟ وصلتني العديد من العروض قبل ان تبعث هذه القنوات الجديدة وكان ذلك بدبي بالامارات العربية المتحدة عندما رافقت النادي الافريقي في كأس العرب سنة 88، لكنني اعتذرت كما جاءني عرض من ART قبل كأس العالم 98 بفرنسا ولكنّني اعتذرت عن ذلك ايضا لانني لا استطيع ان اعيش خارج تونس زائد انني قانوع في حياتي والقناعة كنز لا يفنى وأنا احبّ الحياة ولا المادة. كيف توّفق بين عملك بالوزارة والتعليق في الاذاعة والكتابة في الصباح؟ انا إنسان منظّم في حياتي واخصص الوقت اللازم للكتابة في الصبّاح ولي ميزة في هذا المجال انني اتابع تمارين الفرق التي أكتب عنها اغلب الاحيان وأخصص الوقت الضروري للعمل الاذاعي خاصة وانّه عادة ما يكون خارج اوقات العمل. مع قيامي بمهنتي الاصلية كإطار بوزارة التربية والتكوين والمهمّ بالنسبة للانسان ان ينظم اوقاته لضمان النجاح في حياته وكل هذه المهام تتطلب احيانا الكثير من التضحية لكنّ هذا لا يمنع من القول انه عمل مرهق لكنني ناجح والحمد لله. رفيقة الماجري