رغم أولوياتنا العديدة وانشغالاتنا الكثيرة، انصرف اهتمامنا هذه الايام بشكل مبالغ فيه إلى بطولة كرة القدم وإلى ما يشوبها من ظواهر أهمها العنف. واعتقادي أنّ اطرافا عديدة ومؤثرات مختلفة وعوامل متداخلة تشارك عن قصد وعن غير قصد، عن حسن نية وعن سوء نية في استفحال ظاهرة العنف. التحليل جار دون شك (!) لتشريح الاسباب بحثا عن الدواء الناجع لكن لأسباب يطول تفصيلها لا نرى شيئا ملموسا إلى حدّ الآن. والرأي عندي، في انتظار ماهو أفضل، إن وجد طبعا، ان نعود إلى حملات سنوات الاستقلال الاولى وشعاراتها التي مازلنا نحفظ البعض منها، ونستوحي منها ما يلزمنا من شعارات مع تكييفها مع واقع اليوم الأكيد أنها ستفعل فعلها مثلما فعلت سابقاتها، فقد كانت تعلقت بتعليم الابناء والبنات ومقاومة الرمد «والقرع» والتنظيم العائلي وتحسين الهندام والمسكن اللائق وتقليم الاظافر وقصّ الشعر ومقاومة القمل وتهذيب التخاطب وحتّى منها «ممنوع البصاق والحديث مع السائق» في حافلات «التونيزيان» و»كار بن رمضان» و»كار الحامة» و»لاسطاس» وغيرها من شركات النقل الخاصة وشركات النقل الجهوية التي حلت محلّها. ولان مسافة الالف ميل تبدأ بخطوة، فإنه يمكن الانطلاق بتهذيب الأغاني والاهازيجْ التي يرددها المتفرجون في الملاعب وتنظيفها أساسا من ذكر أيّ فريق منافس او لاعبين منه او مدينته أو ايّ علامة تحيل إليه. وقد حضرني، وأنا أكتب هذه الخاطرة، شعار يمكن اللجوء إليه: «لا تقل كلاما بذيئا، فانّ أختك موجودة في المدرج المقابل» تحيّة إلى روح المدرب ومدرس التربية البدنية الصادق المساكني الذي شيعه الرياضيون في صفاقس هذا الاسبوع الى مثواه الاخير. تتلمذت عليه في السنة الدراسية 1964 1965 بمعهد طريق قابس الشهير. كان يعلّم الاطفال وهم يلعبون. كما يقال من طرائفه أنّه لما يدعونا الى تطبيق تمرين الاستنشاق والزفير لم يكن يستعمل الارقام كغيره من مدرسي التربية البدنية والرياضية بل يبتدع عبارات خاصة به أشهرها: «شمّ الورد، انفخ على الشربة».