المتأمل في القائمات الاسمية للهيئات المديرة لفرقنا الرياضية يلاحظ منذ الوهلة الاولى غيابا شبه كلي لأبرز ما أنجبت بلادنا في ميادين كرة القدم وفي مختلف الرياضات الاخرى سواء كانت جماعية أو فردية والذين هم في الاصل من ابناء الفرق الذين بلوا مريولها. قلت شبه كلي لانه من بين هذه الرموز «هناك «من يلقط في خبزة» وهي مجردة من شخصيتها اذ لا يهمها ان تنعت بأبشع النعوت. هنا أسأل اين بن يحيى؟ اين معلول؟ اين زياد التلمساني؟ اين شكري الواعر؟ اين كل هؤلاء؟ ألا يوجد من بينهم من هو قادر على تقديم الاضافة للترجي سواء كإطار فني او كمسؤول؟ فهل ان كل من وقع ذكرهم «حِشِي»! فان كانت هذه الاسماء لا تصلح للترجي مَنْ مِنَ الاسماء الاخرى له القدرة على افادة فريق باب سويقة؟! فهل ان الصدفة وحدها هي التي أجبرت هؤلاء على الخروج من الشباك بعد ان جعلوا منهم «مجرمي حرب»؟ لا أعتقد ذلك لأن ما حصل لهؤلاء، يندرج في اطار تخطيطات مدعمة بسابقية اضمار وترصد، مع اختلاف الفترات، وهنا افتح قوسا لأقول ان هذا الاجراء ليس حكرا على الترجي فقط بل يشمل عديد الفرق الاخرى، اين عتوة وتوفيق بلغيث في النادي الافريقي؟ اين الناصر البدوي وحمادي العقربي في النادي الصفاقسي؟ اين منير بوقديدة وعبد السلام عظومة في النجم الساحلي؟ والقائمة تطول. هنا لابد ان أذكر طارق ذياب بعد ان اجبروه على مغادرة الترجي ولو ان تصرفات حمدي المؤدب حادت عن المتفق فيه مع طارق بما انه كان يجتمع باللاعبين ويناقش عقودهم دون تشريك المسؤول الاول عن فرع كرة القدم وهو ما كان سيجبر طارق على الانسحاب (قبل حادثة الدور النهائي) لان رئيس الترجي أخلّ بالتزاماته معه في ما يتعلق بتسيير أكابر الفريق. مع الاشارة الى ان نفس هذه المشاكل هي التي عجلت بانسحاب شكري الواعر، وفي كلتا الحالتين فان هناك من امكن له ان يقول للمؤدب ان ذلك غير معقول ولا يتماشى مع ما كان متفقا عليه سابقا، وكانت اجاباته غير مقنعة بالمرة، بعد ان ارتكزت على قلة الثقة في كل المحيطين به (الناس الكل سمسارة حسب رأيه الخاص) ومثل هذا التصرف لا يعدو ان يكون سوى قلة خبرة اكثر منه اي شيء اخر. وتأكيدا لذلك، أذكر حادثة حصلت في الترجي الكبير اذ قال سي حمدي انه أدلى بحوار لجريدة أسبوعية صرح من خلاله بأن احد مسؤولي الترجي السابقين كان وراء اعمال الشغب والتشويش التي جرت خلال مباراة الترجي والنادي البنزرتي والتي فاز فيها هذا الاخير بهدفين سجلهما بيان فوني وبحضور طارق تم اقناعه بضرورة الغاء الحوار رغم ان الجريدة كانت تحت الطباعة ولا فائدة ترجى من الدخول في التفاصيل. ومن خلال هذه العيّنة يتبين بما لا يدع مجالا للشك بأن كل من لديه شخصية وقدرة على الاقناع والتأثير على مجرى الاحداث خاصة من اللاعبين القدامى الذين تتوفر لديهم الخصال السالفة يصبح لا مكان له في الترجي ليكون المكان لبادين التلمساني (؟). هذا هو الداء الذي ينخر الكرة التونسية والتي يشرف على تسييرها اشخاص يلهثون وراء الشهرة، هذه الشهرة التي اكتسبها اللاعبون طوال مسيرتهم الرياضية والتي لا تزال تنير اجواءهم وحياتهم اليومية. أفهمتم الان سبب الخلاف القائم بين رؤساء فرقنا وبعض رموزها؟ انها مسألة عقلية، فهل رأيتم يوما رئيس «الميلان» «برلسكوني» أو «ابراهيموفيتش» رئيس «شلسي» او «لابورتا» رئيس «برشلونة» جالسا على مقعد البدلاء؟ هنا تكمن الفوارق بيننا وبينهم ولن يكون بالامكان التخلص منها الا متى اقتنع مسؤولونا بأن أدوارهم تنحصر فقط في التأطير الجيد وتوفير المال، لتبقى تدخلاتهم في غير محلها بعد ان اصبحوا يقيّمون مردود لاعبيهم ويحللون طرق اللعب وكأنهم بنتمون لقطاع التدريب والحال انهم لا يفقهون شيئا في رياضة كرة القدم، ولعل تواجدهم الظرفي في المسؤولية جعلهم يتدخلون في الاختيارات الفنية وهنا يمكن القول ان حمدي المؤدب يعطي رأيه في اختيار التشكيلة الاساسية، اجل وهذا هو حسب رأيي الخاص وحسب خبرتي المتواضعة مكمن الداء وموضع الخلاف القائم بين لاعبي الترجي القدامى وبعض رؤسائه الذين تحملوا المسؤولية وهم الذين ذهب في اعتقادهم بأنهم اصبحوا «ملاّكة» بعد ان فعلوا المستحيل وقدموا الهدايا. ليصبحوا رؤساء بالوكالة خاصة وان بعضهم تحكمه «الميليشيات والمرتزقة» (؟). الاكيد ان الترجي الرياضي الحالي فنيا وتكتيكيا فريق عادي جدا وهو ما ستؤكده المنافسات رغم تعدد انتداباته ومصاريفه والتي يقال انه تجاوزت 3 مليارات (!).