لا يزال الوضع بنزل القاري بالقيروان يراوح مكانه، ولا يزال العمال معتصمين دفاعا على حقوقهم المشروعة ومطالبين بالرجوع عن القرار الجائر المتعلق بالطرد المجاني لعضوي النقابة الاساسية للمؤسسة من بينهما الكاتب العام. وقد استنزف صاحب المؤسسة جهود كل الاطراف وابدى استخفاف بكل المحاولات الصلحية. فقد تعددت الجلسات الماراطونية على المستوى الجهوي ومع التفقدية العامة للشغل، وفي كل هذه الجلسات كان صاحب المؤسسة غائبا دائما، ينوبه احيانا ابناءه او احدهما واحيانا اخرى مدير النزل وفي كل مرة يشرف الحوار على ايجاد مخرج للازمة يتفق عليه الجميع وتتبلور حلول يمضي عليها يفاجأ الجميع بقصور المنوبين عن اخذ القرار، فيها تفوق صاحب النزل الذي بأمر برفض كل المقترحات.
امام هذا الوضع سعى السيد كمال عمران المتفقد العام للشغل الى تنظيم لقاء بين السيد وزير الشؤون الاجتماعية وصاحب النزل الا ان هذا الاخير تراجع عن تعهداته وتغيب كالعادة عن جلسة يوم الخميس 23 نوفمبر 2006 التي كانت مقررة لامضاء محضر اتفاق جاهز أعده السيد المتفقد العام بناء على ما تم في اللقاء مع السيد الوزير، ومثل السباق امتنع ابن صاحب النزل الذي ناب والده عن الامضاء بعد مهاتفة صاحب الشأن. وهكذا عاد الوضع الى نقطة البداية. وبناء عليه تقرر عقد هيئة ادارية جهوية استثنائية يوم 29 نوفمبر 2006 للنظر في المأزق الراهن واتخاذ القرارات والاجراءات اللازمة للدفاع عن حقوق العمال، ومن المحتمل ان ندخل في دوامة جديدة تغذي الازمة، ذلك ان الهيئة الادارية المذكورة قد تكون مجبرة على اتخاذ قرارات تنقل الازمة في مستوى المؤسسة المذكورة الى مستوى جهوي. منطقة خضراء!! منذ مطلع السنة الدراسية الحالية تشهد الادارة الجهوية للتعليم بالقيروان تغيرات متسارعة ومتلاحقة يفسرها النقابيون على انها محاولات يائسة لسد باب الحوار مع الهياكل الممثلة لرجال التربية والتعليم والانفراد بالقرار. أولى التغييرات طالت مبنى الادارة الجهوية، فهي الوحيدة من الادارات الجهوية التي عددت الحواجز المادية وحجبت المسؤولين عن العاملين في القطاع وعن الاولياء، فقد أقامت بالباب الخارجي برّاكة اختارت للاشراف عليها احد أسوأ العاملين، متعدد المواهب بارع في الرفض والسب والضرب يهين الزائرين بسبب او دون سبب حتى انه ألحق كسرا بأحد المواطنين جاء لقضاء شأن يتعلق بإبنه، الحاجز الاول يتلوه جاجز ثان يقوم بنفس المهام، اي تعسير الوصول الى قضاء الشؤون. هذا المفهوم الجديد لحسن الاستقبال يعكس في الواقع تصور المسؤولين الجهويين بكيفية ادارة شأن القطاع بالجهة، فمنذ بداية السنة انفردت الادارة الجهوية بانجاز حركة النقل مقصية الطرف النقابي والجان الادارية المتناصفة، وصمت آذانها عن المشاكل المتراكمة بالمؤسسات التعليمية وخاصة تلك المتعلقة بالتجهيزات واستهدفت النقابيين والمدرسين بإحالتهم على مجلس التأديب وغضت الطرف عن تجاوزات المديرين، كل هذه المسائل كانت محور برقية احتجاج وجهت الى السيد المدير الجهوي للتعليم صادرة عن الندوة الجهوية لاطارات التعليم الثانوي بتاريخ 18 اكتوبر 2006 كما كانت محور عريضة امضاها المدرسون بقطاع التعليم الثانوي. الحاصل ان سلوك الادارة الجهوية لم يفض الى حل المشاكل العالقة بل زاد من تعفن الاوضاع، ففي معهد بوحجلة اضرب الاساتذة يوم 21 نوفمبر 2006 عن العمل لمدة ساعة احتجاجا على التسيب داخل المعهد واستهداف احدى المدرسات بواسطة «قنبلة» غازية وضعت في فصلها وبدل التحري في الموضوع عمد مدير المعهد الى التغطية على فشله باتهام الاساتذة برفض تحية العلم وتحول رئيس مصلحة التعليم الثانوي يومي 24 و 25 نوفمبر لاستجواب الاساتذة لفرز الوطنيين. كما اضرب الاساتذة انفسهم يوم 23 نوفمبر لمدة ساعتين احتجاجا على ملاحقة عون امن بزيه الرسمي احد الاساتذة حتى مدخل قاعة الاساتذة لانه قطع عنه الطريق بسيارته ولا ندري ان أثارت هذه القضية نفس الحماس الذي اثارته قضية تحية العلم لدى الادارة الجهوية. اخر التطورات تشير الى حصول لقاء بين المدير الجهوي والطرف النقابي افضى الى امضاء محضر جلسة تعهد فيه الاول باستبدال العون المكلف بمراقبة الباب الخارجي للادارة والكف عن مطالبة رجال التربية والتعليم بالاستظهار بهوياتهم قبل السماح لهم بالدخول وفتح تحقيق في التجاوزات التي تجري بمعهد بوحجلة ووضع لحد للاستجوابات المتعلقة بقضية تحية العلم المزعومة.