لم أشاهد كامل حلقات المسلسل: صيد الريم الذي صاغت قصته وكتبت حواره وصورت سينياره الاستاذة الدكتورة رفيقة بوجدي... وهذا هو المسلسل الثاني بعد مسلسلها الاول الليالي البيض... ومن خلال بعض الحلقات التي تتبعتها. بانتباه بعدما قرأت ما كتب حوله من تعاليق ونقد خرجت بنتيجة ان الصورة التي رسخت في ذهني منذ ان كانت «رفيقة» تلميذة في الثانوي ثم في الجامعة كطالبة او استاذة... كانت هي هي، لم يشبها دنس العولمة ولم تغيرها الشهادة الأكادمية... فهي مازالت تحمل هموم جيلها وابناء وبنات مدينتها وكفاحهم ضد التهميش والفقر ومغالبة الظروف العسيرة في الشغل والدراسة ورفع تحديات العصر... فكانت رفيقة رفيقة مجتمعها ورفيقة جيلها... فكانت حقا معه، في الاسرة بمستوياتها المتعددة والمختلفة وفي المصنع وراء الآلة المتلفة للجسد والاعصاب، وفي الشارع بما فيه من تناقضات وعبرت بكل صدق عن احساس ومشاعر «رفقائها» و «رفيقاتها» بأسلوب بسيط وواضح لكنه راق وسلس وتلقائي واعطتنا صورة ناطقة لمثال المثقف الملتزم، العضوي الذي يعيش الواقع فيعريه ويكشف عورته قصد تغييره نحو الافضل دون احداث شروخ او انفصام بين تشكيلاته. فالكدمات موجودة لا محالة... والكدمات مؤلمة احيانا لكنها غير قاتلة... فمن الاخطاء نتعلم... والذي لا يعمل هو الوحيد لا يخطئ... وكل ما ورد من احداث في مسلسل: صيد الريم، هو دروس وعبر لمن يريد ان يعتبر ويستفيد من الخطإ... وقديما قيل: «ما يتفرس الا ما يتهرس». وأقول: ومن لم تصقله صروف الدهر... يهان ويوطأ بالأرجل مسلسل صيد الريم كشف الكثير من الوضعيات... الفقر، البطالة، التضامن الاسري، الزواج المشترك، عيوب قانون 1972 وقد تعرضت الكاتبة حتى الى مشكل التصدير في ضوء العولمة والانفتاح وفتح الحدود امام التصدير واكتساح الصين للأسواق نظرا لضعف الاجور... لكن رفيقة جعلت من معمل الخياطة نقطة ارتكاز لانطلاق الاحداث التي أرادت عرضها لانها مرت في مرحلة الدراسة الجامعية بنفس وضعية ريم الشابة التي نالت الاجازة في القانون لكنها بقيت دون عمل ففكرت في اجتياز المرحلة الثالثة ونيل الدكتوراه... فاضطرت الى ان تعمل لتمول دراستها وتنفق على احتياجاتها الضرورية لان عائلتها فقيرة ووالدها مريض... نفس المشكل عاشته رفيقة... اجازة في الآداب العربية... بطالة مطولة.... فتفكير بتأثيث الفراغ القاتل... دخول ميدان الشغل في معمل كإطار ومتابعة المرحلة الثالثة الى ان اصبحت دكتورة... عزم... فإقدم.... فعمل... فنجاح... اذا حسب تسلسل الاحداث نرى ان رفيقة بوجدي كانت بحق رفيقة العمال وراء آلاتهم في المعمل واكيد انها عقدت صداقات مع زميلاتها واستمعت الى مشاكلهن فأحست بها وتألمت لآلامهن... ولما حانت الفرصة عالجتها بإبداع وكشفتها بعبقرية التي يقول عنها «صمويل بتلز»: تدل العبقرية على التغيير والتغيير هو الاشتياق الى عالم جديد، ولهذا شك فيها العالم القديم بأنها تفسد النظام، وتزعزع العادات والتقاليد». ولهذا فهي لا أخلاقية... ان الفطرة غير المألوفة عند العبقرية، والفطرة الطبيعية السليمة عند بقية الناس. «هما كالزوج والزوجة دائما في شجار». ويقول سوفيت: «عندما يظهر عبقري حقيقي في العالم فانك تستطيع ان تعرفه بهذه العلامة وهي تحالف الاغبياء جميعا ضده». وأخيرا أقول إن المبدعة رفيقة بوجدي تستحق شكرا كبيرا وهي في حاجة الى وجهات نظر معقولة ومرنة وموضوعية... لتحلق بكل حرية في سماء الفن السابع الرحب... صيادة في 12/10/2008 سالم بوبكر