في ذكرى استشهاد الزعيم الخالد فرحات حشاد هذه السنة، لامني البكر من أبنائي «وائل» لماذا لم اكتب عن حشاد وقد تعودت ان أسجل حضوري على صفحات «الشعب» في مثل هذه المناسبة العالية الدلالة... جوابي يا بني ان العمر له احكام يصيب بالترهل والتعقل ويجعل الانسان يقيس كل شيء... ويا حسرة عن ايام الاندفاع واستسهال الامور والتطاول على الاشياء الصعبة في استخفاف وتحدي... أعجب يا بني اني لم اكن استحي من نفسي وافقد الحس الصالح فأخرج عن حدود الأدب وقواعد اللياقة اذ كيف اكتب عن حشاد والصمت في ذكراه يكفي وزيادة وذهب السكوت لا تعادله فضة الكلام؟... هل اكتب عن حشاد فأعمد الى أن أقيس الحبر بالدم وأعادل بين فعل الكلام والكتابة بممارسة الشهادة والموت... أليس هذا تطاول على مقام نحن جميعا اصغر منه... ألا يستحي المرء من نفسه؟... أعذرني يا بني وارحم عجزي عن استحضار الماضي الذي لا يمكن ان يمضي فهو بيننا على الدوام، وما اشبه اليوم بالبارحة. بالأمس سألتني عن حصار الفلسطينيين فقلت لك: راجع التاريخ لان فيه عبرة وتذكرة.. تذكرة حين عمد حشاد هذا الفرد الواحد الى تشكيل «لجنة المتطوع» لنصرة فلسطين واشرف بنفسه على سفرهم وحرص على رعاية اسرهم، واستقبلهم عند عودتهم استقبال الابطال ومنهم كون نواة «الفلاة»... هذه واحدة يا بني والأمثلة كثيرة والرجل جمع في صيغة الفرد ناهيك انه اوجد لكل تونسي مكان في الاتحاد رغم ضيق ذات اليد والمكان... انه على قمة الرواد والأقطاب عالي الدور والوزن والتأثير... فهل لمثلي ان يكتب عنه؟ لكل هذا «وائل» لم اكتب عن حشاد لأني اصبحت بفعل السن والنضج والخبرة أستحي من حشاد.