«لقد بلغنا العشرين، بلغنا سن الكهولة» هكذا افتتحت السيدة نائلة جراد الكاتبة العامة لجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية احتفال الجمعية بالسنة العشرين لتأسيسها، كان ذلك يوم الجمعة 27 مارس بفضاء تناصف، الفضاء الحركي للجمعية، وهنأت الكاتبة العامة رفيقاتها راضية بلحاج زكري رئيسة الجمعية وخديجة العرفاوي المسؤولة عن الإعلام ومنية العابد المسؤولة عن الدراسات ويسرى فراوس أمينة المال وإيمان حمزة المسؤولة عن التكوين بالهيئة المديرة بهذه المناسبة وأيضا بعيد النساء الموافق للثامن من كل مارس، كما هنات كافة الحاضرات اللواتي توزعن على أجيال مختلفة من الحركة النسوية المستقلة بتونس والتي انطلقت بالنادي الثقافي الطاهر الحداد لتثمر تأسيس جمعيتين نسويتين توأمين تقريبا ومناضلتين من أجل المساواة والمواطنة التامة والفعلية مع اختلاف مجالي نشاطهما ألا وهما الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية المحتفى بمولدها. تقاطع الأجيال بفضاء تناصف أجيالا حيث كانت مؤسسات الحركة النسوية المستقلة في تونس واللواتي ناضلن من أجل فضاءات أكثر انفتاحا واستقلالية لطرح قضايا النساء كقضايا أولية للسير بالمجتمع التونسي نحو الحداثة والديمقراطية... من بينهن هادية جراد النسوية والنقابية الرائدة وليليا بن سالم عالمة الاجتماع وأمنة بن ميلاد الباحثة في علم النفس الاجتماعي ودرة محفوظ عالمة الاجتماع والتي ترأست الجمعية في السابق وغيرهن ممن بعثن منذ سنة 1989 الجمعية وواصلن الكفاح على نفس النهج في اتجاه تعزيز مكاسب النساء. إلى جانبهن جيل الثمانينات من اللاتي آمنَّ بأن النضال من أجل الديمقراطية يمر حتما عبر تحقيقها داخل العائلة وجئن من رحاب الجامعة نحو الفضاء النسوي لتعزيزه بتجاربهن مثل الأستاذة المحامية منية العابد والأستاذة الجامعية أمال فخفاخ وشابات وافدات على الحراك النسوي إيمانا منهن بمركزية قضية النساء من أجل المساواة والعدالة الاجتماعية. مشهد احتفالي بانورامي التشكيل خاصة بحضور أصدقاء للجمعية من مشارب مختلفة كالصحفي عادل القادري والسينمائي سعيد بن حامد والناشط الحقوقي سامي العدواني. تداعيات العنف في البداية قدمت السيدة نائلة جراد عمل الجمعية وإطارها الفكري العام ثم تطرقت إلى مشروع «تداعيات العنف على الاستقلال الاقتصادي للنساء» والذي تنجزه الجمعية بالتعاون مع الاتحاد الجهوي بأريانة وبدعم من جمعية إسبانية والذي يندرج في سياقه إنجاز الجمعية لدراسة ميدانية حول عاملات المنازل المقيمات أو كامل الوقت بإقليم تونس الكبرى تحت إشراف وإدارة الأستاذ الباحث بعلم الاجتماع عبد الستار السحباني. وبعد تقديم الأستاذ عبد الستار السحباني للنتائج والأرقام التي كشفت عنها الدراسة الميدانية لثاني عمل نسائي عدديا تنشط به النساء التونسيات بعد النسيج عرج من خلال تلك الأرقام على الوضعية الاجتماعية لهذه الفئة من العاملات وبين الصعوبات التي تتعرضن لها من عنف بمعناه المعتمد صلب الاتفاقيات الدولية وتهميش اقتصادي وصحي وتدني مستوى التعليم واستغلال في سن مبكرة إلى حرمان من أبسط الحقوق المكفولة قانونا والجهل بها أصلا إلى الاستغلال الجنسي كالتحرش والاغتصاب وغيرها، وقد استفزت الأرقام الحضور فأثرى المتدخلون والمتدخلات النقاش عبر إبداء ملاحظات منهجية وموضوعية بل وبالتدليل بشهادات حية لقت جميعها التفاعل الإيجابي لدى المجموعة التي قامت بالدراسة والتي ركزت على ضرورة إرداف البحث الميداني الكمي بملحق نوعي يعتمد تحليل النماذج والنفاذ إلى التفاصيل المعيشة لهذه الفئة الكادحة من النساء، كما قدموا جملة من المقترحات لتدخل الجمعية من تحسيس للعاملات وللأعراف ومن تدخل للحد من استغلال شركات المناولة لهذه الفئة وتعريف بالقوانين والسعي لتطويرها وتفعيلها على ارض الواقع. بصمات نسوية احتفال بصمته جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية بطابعها وخصوصيتها كجمعية بحث من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين وتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للنساء وهي سنة دأبت عليها باعتبارها ومنذ تأسيسها ومثلما بينته السيدة إلهام كعواش في الفيلم الوثائقي الذي أعدته وعرضته بالمناسبة، جمعية تجمع الباحثات والمهتمات بالبحث لتعميق الدراسات حول وضعية النساء وتفعيل نتائجها عبر تدخلات ملموسة ونشاطات مباشرة مع النساء تؤثثها الجمعية في فضاء تناصف الذي يوفر جملة من الخدمات كالتكوين والتحسيس حول حقوق النساء والمواطنة والإحاطة النفسية والإرشاد القانوني والمهني بضحايا العنف والمسرحات من العمل وغيرهن من المستفيدات من خدمات الفضاء. خلال اللقاء عرضت كذلك رئيسة الجمعية السيدة راضية بلحاج زكري والمسؤولة عن البحث الأستاذة منية العابد الدراسات الجارية ومنها دراسة حول «التحرش الجنسي التمثلات والتصورات» بالتعاون مع «اليونيفام» ودراسة حول العنف المسلط على النساء وتفاعل القضاء التونسي من خلال الأحكام الصادرة بالتعاون مع الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري ودراسة حول الهجرة السرية وهجرة النساء بدعم من الاتحاد الأوروبي، كما تطرقن إلى النشاطات المزمع إنجازها ومنها الدورة الثانية للجامعة النسوية الشبابية والتي بينت أمينة المال الأستاذة يسرى فراوس أهميتها من حيث أنها نشاط موكول التسيير والتنظيم كليا للشابات النسويات وهدفها نقل ونشر المقاربة النسوية لدى فئة الشباب الوافدين على العمل الجمعياتي بالاستفادة من خبراتهم وتجاربهم وأرائهم حول مسائل راهنة تهمهم منها مقاربة النسوية للتنمية في مواجهة الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية للنساء موضوع الدورة الجديدة من الجامعة، في نفس السياق تعرضت الأستاذة الجامعية خديجة العرفاوي والمسؤولة عن الإعلام إلى أهمية التواصل لنشر خطاب الجمعية والتعريف ببرامجها ونشاطاتها وجمع منخرطاتها وأصدقائها حولت وأعلنت بالتالي تدشين موقع الجمعية على الأنترنيت. موسيقى بحيرة البجع وبعض المشاكسات النسوية جعلت احتفال جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية بعيد النساء وبعيد ميلادها العشرين ذا طابع فكري عميق ونفس نضالي ملحمي في مواجهة الأزمة الاقتصادية والتراجعات الفكرية وثقلهما على حقوق النساء مع مسحة من البهجة والأمل والإصرار على مواصلة الدرب.ء