بالتعاون مع صندوق الاممالمتحدة الانمائي للمرأة نظمت جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية ندوة فكرية يومي 27 و28 جانفي حضرها جمع كبير من النساء والطلبة وممثلات عن الجمعيات المدنية كالديوان الوطني للاسرة والعمران البشري جمعية النساء الديمقراطيات، ممثلة «اليونيفام» في المغرب «ليلى الرحيوي»، ممثل المفوضية الاوروبية.. وبعد كلمات الافتتاح والترحيب بالضيوف التي قدمتها رئيسة جمعية الباحثات حول التنمية الاستاذة راضية بلحاج زكري تولت الاستاذة الباحثة في علم الاجتماع فتحية السعيدي تقديم ورقة العمل حول هذا اللقاء، ثم ألقيت خلال الحصة الاولى التي ترأستها الاستاذة حفيظة شقير مداخلتين لكل من المحامية «شافية العليبي» حول التحرّش الجنسي في المواثيق الدولية التي بينت فيها سيرورة تناول فقه القضاء لهذه الظاهرة في النصوص القانونية بقسميها المدني والجزائي وذلك في البلدان الغربية اولا ثم في باقي البلدان التي التحقت بسنّ التشريعات التي تجرّم التحرش الجنسي ومن هذه البلدان المغرب التي وضعت قانونها في 15 / 01 / 2004 والجزائر في (10 / 11 / 2004) وتونس في (03 / 08 / 2004) .. ثم عُرفت الاستاذة العليبي التحرّش الجنسي بانه يتمثل في كل تصرّف جنسي غير مرغوب فيه من شأنه ان يخدش كرامة المرأة ويعكّر صفو راحتها في الاماكن التي تتواجد فيها مثل مكان داستها أو مقرّ عملها او حتى في فضاءات الترفيه ومن مثل هذه التصرفات: احتكاكا جسديا مقصودا، اشارات جنسية، نكت وتعاليق ذات صبغة جنسية، عرض صور او مشاهد إباحيّة... وتكون هذه التصرفات خطيرة عندما تصدر عن الموظف أو المؤجر الذي يكون صاحب سلطة ومؤثر على ظروف العمل وعلى المسيرة المهنية بصفة عامة بما في ذلك الانتدابات، تجديد عقود العمل، تقييم العمل، اسناد الترقيات المهنية. اما المداخلة الثانية فقد قدمتها ايضا المحامية ليلى الحمروني وكانت عن التحرش الجنسي في القانون التونسي وقد اثارت المداخلتان نقاشا ثريا بين الحضور،قبل ان تنطلق الورشة الاولى للندوة «تشريعات وتجارب» التي ادارتها الاستاذة نبيلة حمزة». وفي يوم الندوة الثاني تمت مناقشة التحرش الجنسي على المستوى الاجتماعي والنفسي وادارت الجلسة الاستاذة عليا بالقاضي وقدّمت خلالها الدكتورة والخبيرة لدى المحاكم التونسية «زهرة عيسى» مداخلة عن آثار التحرّش الجنسي في مواقع العمل وانعكاساته على المستوى النفسي» ثم قدمت الاستاذة فتحية السعيدي مداخلة عرضت فيها الكتابات والبحوث التي تناولت التحرّش الجنسي من خلال استعراض الاطروحات ورسائل البحث في كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس، وكانت نتيجة الجرد الذي قامت به ان هذه البحوث لا تتعدى نسبتها 2 وهي بحوث حديثة العهد كتب معظمها في تسعينات القرن الماضي. ثم استعرضت الباحثة الاعمال العلمية التي تناولت العنف كالدراسة التي انجزها الاتحاد الوطني للمرأة التونسية سنة 1991 ودراسة وزارة شؤون المرأة والاسرة حول العنف داخل الاسرة سنة 2004 ودراسة وزارة التربية عن العنف في الوسط المدرسي 2005. وكان ان خلصت السيدة السعيدي ان هذه الدراسات مهمّة لانها تمنح اطلالة على واقع المجتمع التونسي وهي دراسات تعتبر رائدة في المجال نظرا لاسبقيتها وتطرقها لمواضيع حساسة. وفي الاخير استعرضت الباحثة بعض الدراسات حول العنف في المغرب من خلال اعمال انجزتها كل من الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب والجمعية المغربية لحقوق النساء.. ثم استعرضت عيّنة من البحوث في فرنسا كدراسة الطبيب النفسي le patissier الذي اعتبر ان التحرش الجنسي يشبه الاغتصاب ومضاجعة المحارم لكونه يفترض علاقة سلطة عمودية بين الجلاّد وضحيته. وبعد نقاش كلا المداخلتين انعقدت ورشة عمل أخرى لتنمية آفاق البحث في الظاهرة ثم تمت تلاوة تقارير الجلسات واختتمت هذه الندوة المهمة التي لم يحرضها جمهور نسائي بالكثافة المأمولة لمواكبة مثل هذه المواضيع الحيوية بالنسبة للشأن النسوي. كما ان اللغة الفرنسية المعتمدة كلغة رسمية لأغلب المداخلات ولكل النقاش جعلت من هذه الندوة والقائمات عليها كمن يستوردن الظاهرة المدروسة من خارج محيطها ويعزلهن عن جمهور المتلقين بما أنه لا يطرح مشاكلهم بلغتهم بل بلغة اخرى لا تقربهم من المعرفة والمشاركة.