كان الطقس مشمسا ذلك اليوم عندما لاحظت غياب الأمن عند باب كلية العلوم الاقتصادية بالمهدية حيث تعوّدنا وجود أعوانه يراقبون كلّ شاردة وواردة. دخلت الكلية فإذا بالسيد الكاتب العام يستقبلني مبتسما إذ إعتاد تجاهلي فله من الشؤون ما يشغله كالوقوف مع خلانه من الطلبة. صافحني وأسرّ لي بأنّ مجلسا علميا انعقد بالأمس وان مجمل مطالب الاساتذة قد نوقشت وأنّ السيد العميد قد تعهّد بتلبيتها فقد وجّهت له الوزارة مذكرة مفادها ان لا مطالب تعلوا فوق مطالب الاساتذة. لم أكن لأصدّق الأمر ولست ممن يأخذون كلامه محمل الجدّ غير أن يدا ألفيتها تربّت على كتفي ففوجئت بالسيد العميد ينظر لي بعين الشقيق المتفهّم مبتسما ومؤكدا كل ما تفضّل بقوله السيّد الكاتب العام. دخلت الى قاعة الاساتذة فإذا بقرارات المجلس العلمي القديمة والجديدة معلّقة، وفوجئت بلوحة كبيرة للنقابة ملئت بمحاضر جلسات «ممضاة» من طرف الوزارة والجامعة العامة للتعليم العالي تحتوي كلّ ما يشغل بال الاساتذة من مطالب ماديّة ومعنوية، فإذا بالزيادات مجزية والحقوق النقابية معترف بها واذا بصورة فوتغرافية مشرقة للأخ سامي العوادي مع ممثل الوزارة جنبا إلى جنب... عندها أحسست بشيء من البرودة على جبيني إنتفضت، فإذا بزوجتي تضع شيئا من الثلج على جبيني قائلة: «إنّ الحمّى كانت هذه المرّة شديدة الوطأة». الإمضاء نقابي جامعي بكلية العلوم الاقتصادية والتصرّف بالمهدية كلية الاقتصاد والتصرّف بالمهدية: وفرّ رئيس المجلس العلمي من مجلسه... التأم المجلس العلمي يوم الاربعاء 27 ماي 2009 بدعوة من رئيسه السيد العميد، للنظر في جملة من النقاط المهمة منها: تعيين لجان الامتحانات مقاييس الإسعاف بالنجاح مشاريع الماجستير المزمع اقتراحها بعنوان سنة 2009 / 2010 في إطار المرحلة الثانية من منظومة «إمد». واستهل رئيس المجلس الاجتماع بالحديث عن مشاريع الماجستير وعندما سألت أحد أعضاء المجلس عن حيثيات تسيير الماجستير التي يخص بها السيد العميد نفسه دون إعلام ولا استشارة المجلس العلمي أو اي لجنة علمية اخرى في ما يخص: قبول الطلبة للترسيم في الماجستير وضع البرامج انتداب الاساتذة الزائرين والمتعاقدين تنظيم الامتحانات والتصريح بالنتائج مناقشة مذكّرات الماجستير انتفض السيد العميد وهاج وماج ثم زمجر وحمل أدباشه وفرّ من مجلسه، والسرعة نفسها تبعه الكاتب العام مقرّر المجلس مهرولا وتركا ورائهما مجلسا بلا رئيس ولا مقرّر ونقاط استفهام حول: لجان الامتحان مقاييس الاسعاف بالنجاح لم يدم المجلس العلمي أكثر من خمس دقائق، واكتشفنا بعد ذلك أنّ السيد العميد كان قد اقترح مشاريع الماجستير وقدّمها الى الجامعة قبل أسبوعين من انعقاد المجلس العلمي الذي انعقد للغرض.