مدينة طبربة المحتفية بشيء من إيقاع الموريسكيين، عاشت في الايام الاخيرة على ألوان مهرجان المدينة في دورته الرابعة التي شهدتها الايام المفتوحة بين 5 و17 سبتمبر الجاري. المدينة معروفة بعدد من المعالم والمواقع المعمارية الانيقة منها مقرّ زاوية «سيدي بن عيسى» الذي كانت درّة المدينة وتاج المهرجان بما تحلّت به من جمال وعطور نادرة وبهجة، في هذه المدينة الهادئة والمريحة للزائرين عدد من المعالم التي تنتظر من يكشف عنها الغطاء ومنها بالخصوص المسرح الاثري الذي يُعدّ من أهم المعالم على النطاق الوطني... هذه بعض أحلام أهالي الجهة ولا سيما نخبة من أبنائها الذين يديرون المهرجانين الصيفي والرّمضاني بحبّ ووفاء بعيدا عن الصخب والضجيج المعروفين في المدن الكبرى والعواصم، نخبة أعطت هواجسها لتفعيل الثقافة والابداع في طبربة ونذكر من هؤلاء النخبة الفنية مدير المهرجان صابر الموحلي وأمين المال ياسين المزّي ابن الشيخ المحبّ لطبربة والذي أرّخ للحظات بهائها المرحوم محمد المزّي. لقد كانت ليالي رمضان تتويجا ومواصلة للنجاح الذي شهده المهرجان الصيفي من خلال عدد من العروض وبإمكانيات متواضعة... ورغم دعم الولاية والمندوبية الجهوية للثقافة والمحافظة على التراث بمنوبة للمهرجان فإنّه يتطلب اكثر من ذلك بإعتبار انتظارات أهالي طبربة المتذوقين للفنّ وعروض الإبداع وقد راودتني فكرة معقولة وأنا أتابع بعض عروض هذا المهرجان خلال شهر رمضان ومفادها: لماذا لا تنظم طبربة مهرجانا عربيا كبيرا يهتم بالموسيقى الصوفية والانشاد وذلك بالنظر لتراث المكان الثقافي وجمال فضاء «سيدي بن عيسى» واهتمام الطبربيين، بل حفظهم للتراث الإنشادي؟... اختتمت إذن مدينة طبربة الانيقة مهرجان المدينة الذي شهد عددا من العروض التي واكبها جمهور نخبوي ومتذوّق للفنون وعروض الفرجة نذكر منها عرض الفنان حسن الدهماني وعرض المنشد أحمد جلمام وعرض فرقة تستور الذي كان في سهرة الاربعاء 9 سبتمبر. ولمدينة طبربة وأهاليها مع المالوف حكاية عشق وودّ حدّثنا عنها كثيرا الاستاذ ياسين المزّي.. كما قدمت فرقة «مصْراته» الليبية عرضا فنيا في سهرة الخميس 10 سبتمبر وذلك ضمن عروض التعاون الثقافي وكان للفنان زياد غرسة إطلالة قدّم خلالها عرضا مميّزا كعادته في مثل هذه الفعاليات الرّمضانية بطبربة وقد عبّر خلال الحفل عن إعجابه بالمدينة كحاضنة للإبداع والفنون وبنخبتها المناضلة في ميدان الثقافة غايتها من ذلك تفعيل المشهد الثقافي هناك وإشعاع المدينة وإبراز تاريخها المشرق... الفنان مروان سامر قدّم وصلة من المعزوفات صحبة الشاعر محمد الهادي الجزيري في سهرة الاحد 13 سبتمبر ضمن عرض ثقافي بعنوان: «فيها حبّ وهنا» وكما نلاحظ فإنّ رهانات المهرجان الثقافية دعم العروض الشعرية الموسيقية. يوم الاثنين كان المجال أمام عرض هندي لفرقة دولية وذلك ضمن العروض المدعومة من قبل المندوبية الثقافية، ويوم الاربعاء شهد سهرة تابع فيها الجمهور عرضا متمثلا في «خرجة أوجق دار شعبان»... تلك إذن سهرات ليالي رمضان او مهرجان المدينةبطبربة الذي بلغ دورته الرابعة ولكنّه عبّر عن حسن نية وتدبير تجاه اختيار العروض بعيدا عن الرّداءة واستجابة لمختلف الأذواق والميولات الفنية بميزانية متواضعة وعرضين مدعومين لكنّ بإيمان من قبل الجمهور بهذا الفعل الثقافي تناغم مع إيمان هيئة المهرجان وهذا كلّه يتطلبّ دعما آخر وعناية أكثر من قبل مسؤولي الجهة حيث عبّر المهرجان الصيفي ومهرجان المدينة عن حسن اختياراتهما وتحمّس نخبة طبربة التي لا تحتمل العراقيل وتقييد البعض لهذه الجهود التي جعلت هيئة المهرجان تشكر دعم الولاية والمندوبية وتسعى أكثر لمزيد تطوير مساندة هذه الفعاليات الثقافية في مدينة جميلة تستبطن شيئا من المحبّة الدّفينة والألق الثقافي ومجد التراث والتاريخ. ولا يفوتنا أنّ نذكّر بافتتاح المهرجان الصيفي لهذه السّنة بندوة علمية ناجحة حضرها الدكتور محمد حسين فنطر الذي اطّلع على حيّز من كنوز المكان التاريخية المتمثلة في المعالم التي تنتظر اهتماما من وزارة الثقافة.. طبربة... عين على الإبداع وأخرى على المستقبل في تونس الجميلة.. الآن وهنا...