تحلّق الاساتذة في اجتماع طارئ لوضع خطّة تمكّنهم من التأهب لقدوم المتفقّد »كشكش«، فقد سرت أخبار مفادها أن هذا الرجل الخطير يحوم في الجوار، وقد أطبق بالأمس، على حين غرّة، على زميل لهم بمعهد »الوردة السعيدة« والذي أغمي عليه من هول المفاجأة، أي نعم! فالسيد »كشكش« يعتمد في تكتيكاته على عنصر المباغتة، فوجب إذن وضع استراتيجية مضادة تجرّده من سلاح المباغتة في لعبة القطّ والفأر هذه. ارتأى بعض المجتمعين وضع نظام متطور للإنذار المبكّر بمدخل الإدارة في حين اقترح بعضهم الآخر بث العيون والجواسيس لرصد تحركات ذلك المتفقد المراوغ واستقر رأيهم في الأخير على وضع جرس صغير وجميل على عنق السيد »كشكش« وهو نائم، وبذلك ينبههم رنين الجرس الى قدومه، لكن من سيتطوع للقيام بهذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر؟ اتفق الأساتذة على اختيار أحد التلاميذ الاشقياء للقيام بهذه المهمة بيد أن مخططهم الشرير باء بالفشل: إذ وشى بهم أحد الذين حضروا النّجْوى لدى المدير فبادر هذا الاخير بمكالمة السيد »كشكش« عبر الهاتف وكشف له عن خيوط المؤامرة الشريرة التي حيكت ضد جنابه فصمم السيد »كشكش« على الثأر لهيبته. في اليوم التالي، وبينما كان المدرّس صاحب نظريّة الجرس في قاعة الدرس، إذ بالسيد »كشكش« ينزل عليه كالصاعقة، وأمام هول الصدمة، حاول الاستاذ البائس الفرار عبر النافذة لكن التلاميذ ألقوا القبض عليه وقد ذهب في ظنّهم أن أستاذهم يريد الانتحار كي يستريح من تشويشهم، ولما دخل السيد »كشكش« وجد الاستاذ المذعور معلّقا بالشّباك والتلاميذ يمسكون به ويتصايحون، رمقه السيد »كشكش« بنظرة تنمّ عن الوعيد والشعور بالانتصار ثم طلب منه كراس النصوص وتوجّه الى آخر القاعة، جلس عظمتُهُ على مقعد متهالك بكلّ سلطته ولحمه وشحمه وأحشائه وكان هذا الرجل العجيب الذي يرتدي لباس رعاة البقر، قصيرا، محتقن الوجه، ذا شاربين معقوفين يزيدان منظره المرعب رعبا على رعب، وقد حبتْهُ السّماء ببطن ضخمة بمقدورها شرب كل ما يوجد في العالم من براميل ماء وعصير ونفط وامتصاص ما نزل وما سينزل على وجه البسيطة من أمطار منذ بدء الخليقة الى أن يرث الله الارض ومن عليها، ولما جلس السيد »كشكش« وأجلس بطنه المصُون أمامه، اتسعت هذه البطن حتى سدّت جميع المنافذ على تلميذ حُشر في الزاوية بين الحائط وبين السيد »كشكش«، فقال التلميذ سيء الطالع وهو يتنفس بصعوبة: »سامحك اللّه يا أمي على هذه الورطة! ألم أقل لك أني لا أريد الذهاب للمدرسة في هذا اليوم؟!« وأعدكم يا سادتي القرّاء، في الحلقات القادمة، بالكثير من الطّرائف في هذه الزيارة العجيبة التي أدّاها السيد كشكش. المكي بنعمار