يمثل الرباعي الكبير الذي تتشكل أضلاعه من النادي الإفريقي والترجي الرياضي والنادي الرياضي الصفاقسي والنجم الرياضي الساحلي أهم مفاخر كرة القدم التونسية فإذا استثنينا تتويج النادي الرياضي البنزرتي بكأس كؤوس إفريقيا في نهاية عقد الثمانينات فإن المكانة التي بلغتها كرتنا يعود فيها الفضل لهذا الرباعي.. "كبار" اللعبة في تونس هم قاطرة كرة القدم التونسية على مستوى التتويجات وأيضا الإشعاع القاري والدولي لذلك فإن الحديث عنهم يجب أن يراعي هذه الزاوية المفصلية لكن ما جد في اليومين الماضيين يبدو أهم من أية إشادة خصوصا مع التدني "الأخلاقي" الذي ميز معاملاتهم فيما بينهم وهو أمر خطير ليس على العلاقات بينهم فقط وإنما حتى على السلم الاجتماعية.. البداية كانت من دربي العاصمة حيث تعسف النادي الإفريقي على جاره الترجي الرياضي واكتفى بمنح هيئته المديرة تذاكر لحضور الدربي من "الفيراج" ما يفسر الشغور الذي ميز المقصورات خلف منصة الصحفيين بالملعب الأولمبي برادس.. هيئة نادي باب الجديد حرصت وسعت وخططت ونفذت لترد على إساءات هيئة نادي باب سويقة فقد ذاق مسؤولو الفريق الأمرّين لمتابعة الدربي في الذهاب فيما اضطر رئيس النادي الإفريقي إلى الوصول إلى ملعب رادس قبل مغادرته بمجرد علمه أنه لن يتمكن من حضور المقابلة.. العلاقة توترت بين الجارين دون سابق إنذار وقد يكون ذلك أمرا عاديا خصوصا مع تاريخ المواجهات بينهما والذي شهد عدة تجاوزات في السابق لكن ما حدث بين الذهاب والإياب لا يمكن تصنيفه إلا في خانة الصبيانيات التي نأمل أن يتم تجاوزها قريبا خصوصا ان للفريقين موعدين جديدين على الأقل في الشهرين المقبلين.. ومن دربي العاصمة إلى الكلاسيكو فقد تابع الجميع معاناة هيئة النادي الرياضي الصفاقسي لدى وصولها إلى الملعب الأولمبي بسوسة وليس أدل على ذلك من توصيف رئيس فرع كرة القدم بالسي أس أس سلمان بن رمضان الذي أدلى بتصريحات مثيرة قال فيها إن فريقه تعرض للإرهاب الرياضي في سوسة.. سوء المعاملة والتجاوزات التي عانت منها هيئة المنصف خماخم مع بلوغ الملعب الأولمبي بسوسة دفعت بالمسؤولين إلى الرحيل ومتابعة المقابلة بأحد النزل وذلك في طريق العودة إلى صفاقس وهو أمر مخز دون شك.. ولم تأت أحداث الأمس في سياق معزول بما أن مسؤولي فريق جوهرة الساحل تعرضوا إلى عديد المضايقات في كلاسيكو الذهاب بملعب الطيب المهيري حتى أن الكاتب العام عادل غيث تم اقتياده إلى سيارة الأمن فيما كان الايقاف الوقتي الرد الأمثل في سوسة بعد أن تم اقتياد المكلف بالإعلام محمد بن طاهر إلى مركز الأمن ببوحسينة قبل إخلاء سبيله.. مسؤولو النجم الساحلي تعرضوا للمضايقات في صفاقس وكانت مباراة الأمس فرصة لرد الإساءة بأفضل منها وربما ايضا رد الصاع صاعين وكل ذلك في إطار المعاملة بالمثل فكان المشهد مزريا ركيكا ومهينا لكرة القدم التونسية ولعراقة هذين الفريقين قبل كل شيء.. ولئن مرت مهازل دربي العاصمة في صمت حيث تقبلت هيئة الترجي الرياضي الإساءة أو ربما انتظرتها طالما أنها سبق أن ارتكبتها في مباراة الذهاب إلا أن فضائح مباراة أولمبي سوسة تم نقلها إلى وسائل الإعلام فكانت المواقف أشبه بصراعات جهوية أكثر منها رياضية.. الطريف في ما حدث بأولمبي سوسة هو مواقف وتصريحات مسؤولي النجم الرياضي الساحلي التي نقلها برنامج الأحد الرياضي ليلة أمس حيث اتهم رئيس ليتوال رضا شرف الدين رئيس لجنة الأحباء قيس عاشور (لم يذكره بالاسم) بإتيان تجاوزات فردية سيتم اتخاذ قرارات تأديبية بشأنها في حين أكد المدير التنفيذي حسين جنيح أنه لم يعلم بحقيقة ما حصل إلا مع وصوله إلى الملعب وأنه سعى إلى إنقاذ الموقف لكن مسؤولو السي أس أس كانوا قد اتخذوا قرارهم بالرحيل.. وبين كلام شرف الدين وتصريحات "جنيح جونيور" بدا واضحا أن مسؤولي ليتوال قد بوغتوا بما حدث رغم أن الأمر لم يكن خافيا عن أحد فتصريحات قيس قزارة قبل أيام كانت تشي بما سيحدث في أولمبي سوسة كما أن الأخبار التي تم تداولها قبل انطلاق المقابلة أوحت بما كان وبالتالي فقد كان على هيئة رضا شرف الدين التأكيد على أنها سياسة المعاملة بالمثل فذلك أفضل بدل مسح المهزلة في شخص أحد المسؤولين من الدرجة الثانية في وقت أن ما جد تم اتخاذه بالتوافق وبعلم الجميع.. ما حصل بين رادسوسوسة لا يمكن أن يكون إلا فضيحة في حق الرباعي الكبير فما أتاه المسؤولون في هذه الأندية يحمل إساءة كبيرة لماضيها وعراقتها وأمجادها كما أنه قد يكون انطلاقة لتجاوزات جديدة أكثر عنفا وخطرا ناهيك أن المرحلة الأولى كانت خالية من الرهان أما مواجهات الدربي والكلاسيكو القادمة ستكون حاسمة للتتويج وأيضا للمقاعد المؤهلة للمشاركة القارية.. يحدث كل هذا فيما يسمع "شخير" الجامعة التونسية لكرة القدم من على بعد أميال من الحي الوطني الرياضي أين اتخذت لنفسها "منتبذا" خارج فضاء دار الجامعات وربما تكون أحداث اليومين الماضيين قد نزلت عليها بردا وسلاما فالجميع قد انصرف إلى هوامش القمتين ليخفف عنها وعن رئيسها وديع الجريء بعض سهام المنتقدين بعد "الكان" الأخيرة وما حف بها من تجاوزات أدت إلى فشل المنتخب في تجاوز عقدة الدور ربع النهائي لأكبر مسابقات القارة السمراء.. ولأن انتظار تدخل توفيقي أو تصحيحي من الجامعة -التي لم تعقد اجتماعا واحدا بعد خيبة الكان- يعيد الأمور إلى نصابها فإن الأمل هو أن يثوب مسؤولو الرباعي الكبير إلى رشدهم فالبلاد بها ما يكفيها من المشاكل حتى نضيف إليها خلافات "مسؤولين صغار" ابتلي بهم الكبار..