صفاقس: تفاصيل اعتداء تلميذة على أستاذها ب''شفرة حلاقة''    مصر تكشف حقيقة إغلاق معبر رفح..    أنس جابر تتقدم في التصنيف الجديد لللاعبات المحترفات    العاصمة: القبض على قاصرتين استدرجتا سائق "تاكسي" وسلبتاه أمواله    6 جرحى في حادث اصطدام بين سيارتين..    البرلمان: النظر في تنقيح قانون يتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الاطفال    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة الثانية إيابا لمرحلة التتويج    حركة الشعب معنية بالإنتخابات الرئاسية    عاجل/ حزب الله يشن هجمات بصواريخ الكاتيوشا على مستوطنات ومواقع صهيونية    اليوم: الأساتذة يحتجّون رفضا للتدخل في الشأن التربوي    مطالب «غريبة» للأهلي قبل مواجهة الترجي    اليوم: طقس بمواصفات صيفية    القصرين .. بحضور وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ..يوم دراسي حول مشروع مضاعفة الطريق الوطنية عدد 13    ثورة الحركة الطلابية الأممية في مواجهة الحكومة العالمية ..من معاناة شعب ينفجر الغضب (1/ 2)    إسرائيل وموعظة «بيلار»    «فكر أرحب من السماء» بقلم كتّاب ((شينخوا)) ني سي يي، شي شياو منغ، شانغ جيون «شي» والثقافة الفرنسية    زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب هذه المنطقة..    الموت يغيب الفنّان بلقاسم بوقنّة..وزارة الشؤون الثقافية تنعى..    القيروان ...تقدم إنجاز جسرين على الطريق الجهوية رقم 99    مصادقة على تمويل 100 مشروع فلاحي ببنزرت    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة السابعة    طولة ايطاليا : جوفنتوس يتعادل مع روما ويهدر فرصة تقليص الفارق مع المركز الثاني    جندوبة .. لتفادي النقص في مياه الري ..اتحاد الفلاحين يطالب بمنح تراخيص لحفر آبار عميقة دون تعطيلات    أنباء عن الترفيع في الفاتورة: الستاغ تًوضّح    «الشروق» في حي السيدة المنوبية كابوس... الفقر والعنف والزطلة!    طقس اليوم: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    تقلبات جوية منتظرة وأمطار رعدية غدا..#خبر_عاجل    عمر كمال يكشف أسرارا عن إنهاء علاقته بطليقة الفيشاوي    تونسي المولد و النشأة... ترك تراثا عالميا مشتركا .. مقدمة ابن خلدون على لائحة اليونسكو؟    أهدى أول كأس عالم لبلاده.. وفاة مدرب الأرجنتين السابق مينوتي    اليوم: لجنة الحقوق والحرّيات تستمع لممثلي وزارة المالية    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة    اجتماع أمني تونسي ليبي بمعبر راس جدير    بصورة نادرة من طفولته.. رونالدو يهنئ والدته بعيد الأم    صفاقس: إحباط 22 عملية حَرْقة والقبض على 10 منظّمين ووسطاء    سوسة: منفّذ عملية براكاج باستعمال آلة حادة في قبضة الأمن    تونس تتحفظ على قرارات قمة منظمة التعاون الإسلامي حول القضية الفلسطينية    وزير الشّؤون الدّينية يختتم الملتقى التّكويني لمؤطّري الحجيج    جمعية مرض الهيموفيليا: قرابة ال 640 تونسيا مصابا بمرض 'النزيف الدم الوراثي'    فص ثوم واحد كل ليلة يكسبك 5 فوائد صحية    الاثنين : انطلاق الإكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني    حقيقة الترفيع في تعريفات الكهرباء و الغاز    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن    للمرة ال36 : ريال مدريد بطلا للدوري الإسباني    ظهرت بالحجاب ....شيرين عبد الوهاب تثير الجدل في الكويت    لتحقيق الاكتفاء الذاتي: متابعة تجربة نموذجية لإكثار صنف معيّن من الحبوب    هند صبري مع ابنتها على ''تيك توك''    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام والأزمات الاجتماعية: دراسة حالة: الإعلام التونسي المكتوب و"انتفاضة الخبز"
نشر في حقائق أون لاين يوم 29 - 12 - 2017

بقلم: عبد اللطيف الحناشي تقديم: تعني الأزمة حالة أو مشكلة طارئة تهز أركان النظام القائم مما يستدعي اتخاذ قرارات لمواجهة الأحداث وتداعياتها المختلفة. و تحتل دراسة الأزمات بأنواعها المختلفة(الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية والبيئية..)موقعا متميزا في حقول المعرفة الإنسانية([2]) كما تبدو شديدة الحضور والتواتر في وسائل الإعلام فهي مادة ثرية للتناول لذلك تسعى، تلك الأجهزة، إلى تغطيتها ومواكبة تطورها عبر نقل أحداثها وتحليل مضمونها..و قد تحول قطاع الإعلام، بمختلف فروعه، منذ أواسط التسعينيات من القرن الماضي كأحد الأطراف الفاعلة في إدارة الأزمات. ويختلف الباحثون حول مفهوم إدارة الأزمات فبينما يعتبرها البعض ك"أحد العلوم الإنسانية الحديثة..بما لها من منهج له أصوله وقواعده..»وباعتبارها «فن بما يعني أن ممارستها أصبحت تعتمد على مجموعة من المهارات والقدرات.."([3]) يرى البعض الآخر أن حقل إدارة الأزمات إعلاميا هو اتجاه حديث نسبيا لم يشكل تراكما معرفيا يسمح له بان يتحول كعلم قائم بذاته([4]). ويتفق جميع المختصين تقريبا على أن هذا الحقل المعرفي ظل محدود التناول من قبل الباحثين والأكاديميين العرب سواء على مستوى التنظير أو التطبيق(الحالات والنماذج)أو الاثنين معا ([5])كما تجاهلته اغلب كليات الإعلام العربية التي لم تُدرجه في مناهجها([6]). و مهما كان الأمر فقد وضع الباحثون الأجانب(وبعض العرب)من ذوي الاختصاص مجموعة من الضوابط لكيفية إدارة الأزمة إعلاميا([7]) كما حدد بعضهم أهم المراحل التي يقوم فيها الإعلام بدور محدد ومميز في كل مرحلة من مراحل الأزمة([8]). على أن ما يلاحظ هو أن اغلب تلك المبادئ قد طُبقت على الأزمات السياسية و العسكرية الدولية أو الإقليمية أساسا وأحيانا الأزمات الاقتصادية الفاجعة في حين ظل تناول تلك المبادئ والمحددات أو تطبيقها على الأزمات الاجتماعية(عربيا أو عالميا )محدودا، بالرغم من كثرة تواترها، ويرجع ذلك، حسب رأينا، إما لعدم تناسبها وطبيعة تلك الأزمات أو عدم الاهتمام بالأزمات الاجتماعية أصلا.. اما تتفاوت الأزمات الاجتماعية فتتميز بالتفاوت من حيث طبيعتها واتساعها المجالي والاجتماعي و في تداعياتها الاقتصادية والسياسية....كما يمكن التمييز بين الأزمات الاجتماعية في حد ذاتها كالحركات الاجتماعية الوازنة و المنظمة، سواء أكانت عنيفة أو غير عنيفة، وهي التي تهدف تغيير سلوك أو قرارات رسمية معاكسة لطموحات ومصالح عدد كبير من الفئات والشرائح الاجتماعية، وبين "الهبات"أو"الانتفاضات"العفوية غير المنظمة العنيفة عادة، ،التي تهدف إلى إسقاط إجراءات أو قرارات محددة... وأفضل مثال على تلك الحركات هي التي تنعت ب"انتفاضات الخبز" أو "ثورات الخبز" التي عرفتها العديد من بلدان الجنوب ومنها بعض الدول العربية([9]). وتوجد قناعة تكاد تكون عامة حول الدور الذي يقوم به الإعلام، بمختلف أنواعه، في إدارة الأزمة بمختلف أشكالها وخاصة بالنسبة إلى الأزمات الاجتماعية ذات الأبعاد السياسية. إذ قد يمارس الإعلام دورا ايجابيا في مسار الأزمة وذلك من خلال التنبيه والنقد وحتى التوجيه وهو ما يساهم في تجاوز الأزمة و تداعياتها المختلفة والخروج منها بأقل الخسائر غير أن ذلك يرتبط بتوفر مناخ عام من الحرية لا يخضع فيه الصحفي إلى أي نوع من الضغوطات سواء من قبل السلطة العامة أو من داخل الجهاز الإعلامي ذاته ودون ذلك قد يلعب الإعلام دورا سلبيا خاصة إذا سلك أسلوب التعتيم والتعميم والتزييف والمغالطة الأمر الذي يساهم في استمرار الأزمة وتأجيجها و بالتالي اتساع دائرة ضحاياها وتنوعهم.. وفي هذا السياق يأتي بحثنا، المتواضع هذا، الذي سنحاول من خلاله تحليل حالة الإعلام التونسي المكتوب إزاء ما يعرف ب"انتفاضة الخبز"وذلك بالتركيز على دراسة مضمون أربع صحف تونسية و تحليل كيفية معالجتها للقرار الذي أدى إلى اندلاع للاضطرابات العنيفة التي جاءت نتيجة للرفع من أسعار الحبوب ومشتقاتها وتحديد طرق وأساليب التغطية الإعلامية التي تم اعتمادها والتساؤل عن إمكانية تلك المعالجة في محاصرة الأزمة الاجتماعية وتقليص تداعياتها؟ وأخيرا محاولة تحليل السلوكيات المهنية للإعلاميين أثناء تلك الأحداث.وقد اعتمدنا في بحثنا هذا على عينة من الصحف تتمثل في صحيفتين حزبيتين،الأولى هي جريدة العمل اليومية التي تصدر عن الحزب الحاكم([10])و الثانية جريدة المستقبل التي تصدر عن حزب معارض وهو حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ([11])و صحيفة الرأي الأسبوعية المستقلة([12]) وصحيفة الصباح اليومية التي توصف عادة بأنها قريبة من الحكومة التونسية([13]).
1. الإعلام المكتوب في تونس: بين الانغلاق الكامل و الانفتاح الجزئي
تميّز نشاط النخبة التونسية، قبل الاستقلال، بمختلف مكوناتها بحيوية كبيرة شملت جميع القطاعات ومنها قطاع الإعلام المكتوب الذي كان يتمتع بهامش كبير من الحرية اقلها وجود صحافة الحركة الوطنية والصحافة الحزبية الفرنسية"المعارضة" بالإضافة إلى الصحافة المستقلة الفرنسية أو التونسية المكتوب و ذلك على عكس ما ذهب إليه احد الباحثين ([14])إذ تمتع الإعلام المكتوب في تونس زمن الاستعمار بحرية أوسع مما تمتع بها بعد الاستقلال كما تميز بالتنوع وكان عدد الصحف أثناء الحماية أكثر بكثير مما هو عليه الأمر بعد الاستقلال وهو ما يشير إليه عدد الدوريات الصادرة التي بلغ عددها بين 1881 و1956(سنة الاستقلال) نحو 338 دورية ناطقة بالعربية والعبرية إلى جانب 975 جريدة ناطقة بالفرنسية ([15])أما بعد الاستقلال فلم يتواصل من الصحف العربية إلا صحيفتان يوميتان أما الدوريات الأسبوعية التي تجاوز عددها العشرين فلم يبق منها سنة 1965 إلا خمسة عناوين وبذلك تم القضاء على الصحافة التونسية شيئا فشيئا وبطريقة الموت البطيء ولم تبق إلا الصحافة الموالية للحزب الحاكم([16])بل أن البعض من عناصر الحزب الحاكم المشتغل في الصحافة قد دفع ضريبة استقلاليته والتعامل مع النظام الجديد برؤية نقدية ([17]). وإجمالا يمكن القول إن وضع الصحافة المكتوبة بتونس قد مرّ بثلاث مراحل بين 1956 إلى 1984: المرحلة الأولى من 1956-1963 و تميزت بتعددية إعلامية نسبية إذ تواصل صدور بعض الصحف المستقلة مثل "الزهرة"([18]) وجريدة «Afrique Action"(أفريقيا-العمل)([19]) وصحف الحزب الشيوعي التونسي ([20]). المرحلة الثانية من 1963-1977 و تميزت بالانغلاق التام على المستوى السياسي والإعلامي وذلك بعد تحجير نشاط الحزب الشيوعي التونسي،وهو الحزب الوحيد الذي كان ينشط قانونيا إلى جانب الحزب الحاكم ثم ملاحقة الحركة اليوسفية المعارضة لبورقيبة ومنع الصحف الحزبية والمستقلة وذلك بعد اكتشاف الحركة الانقلابية ضد نظام الحبيب بورقيبة ثم الإقرار لاحقا برئاسة بورقيبة للبلاد لمدى الحياة(1974) و صدور قانون(مجلة) الصحافة المتعلق بتنظيم القطاع.وقد تميزت تلك المجلة بطبيعتها الزجرية المكبلة للحريات والتعددية الصحفية([21]).وإجمالا تأسست السياسة الإعلامية التي على"التمثلات البورقيبية" القائمة على تطويع الإعلام ومختلف أدوات الاتصال لخدمة أغراض الزعيم وتحقيق أهدافه في السيطرة والنفوذ وتوجيه الجماهير "([22]). المرحلة الثالثة 1977-1986 وهي المرحلة التي يصفها البعض ب"ربيع الإعلام"نظرا لتعدد العناوين الصحفية الحزبية والمستقلة إذ صدرت جريدة الرأي يوم 29 ديسمبر 1977 ثم صحيفة المستقبل في 1 ديسمبر 1980 باللغة العربية ثم صدرت بالفرنسية(L'avenir) في أكتوبر1980 بعد ذلك صدرت مجلات وصحف أخرى بعضها مستقل وبعضها الآخر حزبي([23]).لقد ناضلت الكثير من القوى والشخصيات السياسية والثقافية الليبرالية والديمقراطية والتقدمية طويلا من اجل فك الحصار الإعلامي المفروض على الصحافيين والمؤسسات الصحفية و عملت،تلك القوى، بكل الوسائل المشروعة لضرب احتكار الحزب الحاكم والدولة لهذا القطاع. كانت الصحف المستقلة وصحف المعارضة تصدر مرة في الأسبوع([24]) وهي ذات طبيعة نخبوية إجمالا لا تتوجه عادة إلى الجماهير العريضة بل الى النخبة باعتبار انها أي صحافة رأي وتحليل وتعليق بالأساس تعتمد على المقالات التحليلية والتأويلية وبعض الأخبار التي لا توردها الصحافة الرسمية عادة. و كانت تلك الصحافة تتوخي الحذر الشديد في تناولها للأحداث و تمارس رقابة ذاتية حتى لا تقع في شرك قانون الصحافة الذي يتضمن بنودا عديدة تسمح للسلطة بتجريم الصحيفة وتسليط مختلف العقوبات عليها وعلى الصحفيين. لكن ورغم ما عرفته تونس من انفتاح سياسي وإعلامي منذ بداية الثمانينات ومن إقرار رسمي للتعددية الحزبية والإعلامية،من قبل الجميع، فان السلطة واصلت استغلالها لقانون الصحافة كوسيلة لخنق حرية التعبير و بالنتيجة تعرضت كل الصحف الحزبية والمستقلة،بدون استثناء خلال هذه الفترة،ولمرات عديدة إلى التعطيل والإيقاف والحجز([25])وكان تدخل وزارة الإعلام أو وزارة الداخلية أو الاثنين معا ممارسة متواترة جدا وذلك بهدف تحديد ملامح الافتتاحيات أو خطوطها العريضة ([26]) كما كانت وزارة الداخلية،في كثير من المناسبات،تراجع الصحف المستقلة والمعارضة قبل صدروها من اجل تغيير فقرة أو فقرات من المقال أو حتى حذفه([27]). ويشير الواقع،والوقائع، بأنّ مطالب حرية الإعلام لم تكن تعني الكثير بالنسبة للنظام الحاكم وعلى رأسه للرئيس الحبيب بورقيبة "المهووس بالانفراد بالسلطة" الذي عمل بكل الطرق حتى لا تتحول الصحافة فضاءََ حيويا للجدل الثقافي والاجتماعي والسياسي غير أن منطق التاريخ كان يسير عكس ما أراده الزعيم ونعمت البلاد في آخر عهده بحرية صحفية نادرة في تاريخ البلاد رغم كل الصعوبات. أما الإعلام الرسمي المكتوب فتعددت وسائله من ذلك الصحف الحزبية اليومية العربية والفرنسية إلى جانب صحف بعض المنظمات"الشعبية" أو "القطاعية"التي يهيمن عليها الحزب الحاكم وكان من مهامها "تكريس أبوة بورقيبة" والدفاع عن برامج الحكومة والدعاية لها،ثم بعض الصحف الخاصة وشبه الرسمية الناطقة بالفرنسية أو العربية ومنها بخاصة جريدة الصباح اليومية.
1. السياق العام للازمة وتطورها
1. السياق العام للازمة
لم تكن هذه الأزمة الاجتماعية التي حدثت من أواخر سنة 1983 وخلال الأيام الأولى لسنة 1984 الأولى من نوعها التي عرفتها تونس خلال عقدي السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي فعلى المستوى السياسي عرف الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم العديد من الخلافات داخله أدت إلى استقالة سبعة وزراء([28])كما أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل الإضراب العام في كامل البلاد ([29])عن مما أدى إلى مواجهات عنيفة بين المنتمين للنقابة العمالية من جهة وقوى الأمن والجيش وميليشيا الحزب الحاكم من جهة أخرى مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى وسجن المئات من القيادات المركزية والوسطى للاتحاد العام التونسي للشغل([30]).كما عرفت البلاد سنة 1980 قيام مجموعة من التونسيين المسلحين القادمين من ليبيا والجزائر بعملية مسلحة في مدينة قفصة(الجنوب الغربي) كان هدفها السيطرة على المدينة وتحويلها إلى قاعدة لانطلاق حركتهم الهادفة إلى السيطرة على الحكم ([31])ثم جاءت خيبة نتائج الانتخابات التشريعية الديمقراطية الأولى( السابقة لأوانها) سنة 1981 التي أُتهم النظام بتزويرها([32]) والى جانب كل تلك الخيبات السياسية عرفت تونس خلال هذه الفترة أزمات اقتصادية واجتماعية متتالية التي من أسبابها أيضا الأزمة الاقتصادية العالمية و من مظاهرها في تونس ركود اقتصادي وتراجع حاد في نسب النمو وعجز متواصل لميزان المدفوعات وارتفاع مديونية البلاد إلى الخارج([33])وانعكس كل ذلك على الأوضاع الاجتماعية فازدادت نسبة البطالة وتدهورت أوضاع الفئات الفقيرة والمتوسطة بالتوازي مع بروز طبقة اجتماعية جديدة من رجال الأعمال استفادت من قوانين الانفتاح الاقتصادي الذي باشرته الدولة منذ بداية السبعينيات و من تداعيات هذه الأوضاع تضاعف عدد الإضرابات العمالية المطالبة برفع الأجور وتحسين ظروف العمل..([34])و بلغت الأزمة الاجتماعية ذروتها عندما قررت الحكومة مضاعفة أسعار المواد الغذائية دفعة واحدة في أواخر ديسمبر 1983 للتخلص من عبء صندوق التعويض([35]) بعد أن سبق للوزير الأول محمد مزالي([36]) أن نفى عن طريق التلفزيون أية نية لحكومته في إلغاء صندوق التعويض واعدا بالمحافظة على أسعار المواد الغذائية الأساسية([37]). لقد كان قرار الزيادة في الأسعار الحبوب ومشتقاتها عاملا مباشرا لخروج السكان المحرومين والمهمشين بالأحياء الشعبية الفقيرة بالعاصمة و بالمدن الكبرى و الجهات الداخلية غرب البلاد وجنوبها ووسطها([38])فحطموا وخربوا و حرقوا ونهبوا كل ما وجدوا أمامهم من أملاك عامة وخاصة وكانت المواجهات عنيفة بينهم وبين قوات الأمن والجيش مما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى بالإضافة إلى الخسائر المادية الكبيرة([39]).
1. تطور الأحداث:
تطورت الأحداث باتجاهات ثلاثة: أ- المرحلة الأولى:بدأت بعد قرار مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 20 أكتوبر 1983، بحضور رئيس الدولة الحبيب بورقيبة، الخاصة بإلغاء صندوق التعويض و بالرفع من أسعار الحبوب ومشتقاتها لكن دون الإعلان رسميا عن مقدار الزيادة في الأسعار بالتوازي مع ذلك أعلن رئيس الوزراء عن خطة لحماية ضعفاء الحال من الفئات الاجتماعية مما قد يتولد عن الزيادة في أسعار المواد الأساسية.وصولا إلى مناقشة الميزانية الجديدة للدولة من قبل البرلمان الذي أقر حذف الدعم عن صندوق التعويض و إلغاءه وضمنيا الإقرار بالرفع من أسعار الحبوب ومشتقاتها. ب -المرحلة الثانية:انطلقت من الإعلان عن الرفع من أسعار الحبوب ومشتقاتها واندلاع الاضطرابات وذلك يوم 29 ديسمبر 1983 داخل البلاد أولا ثم تونس العاصمة إلى يوم 6 جانفي. ج: المرحلة الثالثة:وتأتي عقب خطاب رئيس الجمهورية صباح يوم 6 جانفي الذي أمر بالرجوع عن قرار رفع أسعار الحبوب ومشتقاتها واعتماد الأسعار القديمة وخروج الناس للشوارع للترحيب بهذا القرار. فكيف عالجت الصحف التونسية هذا الحدث عبر المراحل الثلاث التي مرّ بها و ما هي أهم ميزات خطابها الإعلامي ما هي الأساليب التي اعتمدتها؟ ؟وهل كان بوسع وسائل الإعلام المكتوبة تلك المساهمة في محاصرة الأزمة الاجتماعية وتقليص تداعياتها؟
* معالجة الإعلام المكتوب للازمة وتداعياتها:
1. المعالجة قبل اندلاع الأحداث
أ- جريدة العمل: أطلقت، الصحفية حملة مركزة بعد قرار مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 20 أكتوبر 1983 بإلغاء صندوق التعويض و بالرفع من أسعار الحبوب ومشتقاتها. كان هدف الحملة إقناع الرأي العام بأهمية الخطوات التي اتخذتها الحكومة وصوابها وانعكاساتها الايجابية،الحتمية على الاقتصاد والمجتمع. تميزت ،هذه الحملة،من حيث الكم بتنوع الكتابات حول الموضوع إذ نجد خلال الفترة الممتدة بين 21-10-1983 إلى 29-10-1983 صدور تعليقين وتحقيقين ميدانين ومقال تأليفي واحد في حين غابت الكتابة عن الموضوع خلال شهر نوفمبر باستثناء تعليق واحد حول الموضوع .ثم تعود الجريدة للاهتمام بالموضوع وذلك بمناسبة مناقشة الميزانية العامة للدولة،أي خلال شهر ديسمبر، فإضافة للتغطية الواسعة لمناقشة الموضوع من قبل نواب البرلمان وخطب الوزير الأول وتدخلاتها خصصت الصحيفة افتتاحيتان وتعليق واحد وعدة مقالات وهو ما يعكس اهتمام الصحيفة بالحدث من ناحية و على قدرتها أيضا على المتابعة والتغطية بهدف التأثير على الرأي العام وتوجيهه نحو الوجهة التي ترغب. أما من حيث الخطاب فقد اعتبرت الجريدة أن إلغاء دعم الحبوب ومشتقاتها خطوة أخرى في ممارسة العدالة الاجتماعية باعتبار أن الصندوق أثقل كاهل ميزانية الدولة وأصبح عبئا عليها بل أن تدخلاته قد تجاوزت ضعاف الحال وأصبحت على حسابهم([40]).وأوردت الجريدة مقالا بدون توقيع عن الأسباب التي دعت الحكومة لاتخاذ الإجراءات الجديدة بيّن صاحبه بالأرقام تقديرات ارتفاع نسبة عجز الصندوق لسنة 1984،وفي نفس السياق أوردت الجريدة تعليقا لأهم محرريها بعنوان" الخبز الغذائي والخبز البسيكولوجي"، بين من خلال التحليل أن الأسباب التي جعلت ثمن الخبز لا يواكب الأثمان العامة ولا ينسجم معها اذ كانت أن السلطة العمومية ترجح الجانب السيكولوجي للخبز على جانبه الغذائي وذلك لترسيخ الشعور برخص العيش... كما أوردت مقالا ابرز من خلاله صاحبه وحلل التأثير الايجابي لقرار إلغاء دعم الحبوب على الدورة الاقتصادية وبيّن الايجابيات الاقتصادية والاجتماعية التي ستتولد عن تطبيق القرار. كما أنجزت الجريدة تحقيقين صحفيين مع أفراد من شرائح اجتماعية مختلفة استطلعت حول رأيهم في الزيادة المنتظرة التي ستمسّ سعر الخبز ومشتقات الحبوب فاقر المواطنون،عبر هذا التحقيق،حقيقة إلقاء الخبز على الطريق وفي القمامة نظرا لعدم توفر الجودة،حسب البعض، في حين أكد صاحب مخبزة أن ارتفاع سعر الخبز لن يحدّ من استهلاك المواطن لهذه المادة ولا في زوال ظاهرة إلقائها في القمامة. أما في التحقيق الثاني فأكدت من خلاله الجريدة "تزكية كاملة وتأييد واع من المواطنين" لقرار التعويض.. وبشكل عام حاولت هذه الجريدة أن تكون وفية لخطّ الحكومة والحزب الحاكم فأبرزت مبررات اتخاذ قرار إلغاء دعم الحبوب ومشتقاتها والخطوط العامة للتدابير المرافقة لإلغاء الدعم كما أبرزت ما ستوفره ميزانية 1984 من نمو وذلك بالضغط على ميزانية التصرف بعد إلغاء دعم الحبوب ومشتقاته.وقد حاولت الجريدة من خلال انجاز التحقيقين مع عينة من المواطنين إبراز مواقف شعبية مساندة لقرارات الحكومة. وبالنتيجة حاولت الجريدة إثارة "زوبعة إعلامية" حول مسؤولية استمرار العمل بصندوق التعويض في انخرام الاقتصاد والتشجيع على التبذير حتى أصبح الخبز يملأ القمامات بل ويقدم علفا للحيوانات في حين رأت أن وقف العمل بالدعم عن طريق إزالة صندوق التعويض يمثل المفتاح الوحيد لحلّ المشكل الاقتصادي المزمن الذي تعيش على وقعه البلاد منذ زمن طويل.كما سعت الصحيفة إلى الترويج لمشروع الحكومة اعتماد على خطاب أخلاقي زائف في الوقت الذي اعتمدت فيه أسلوب التعتيم على بعض حقائق الوضع المالي و حقيقة بنية الهياكل الاقتصادية للبلاد وذلك دون أن تترك هامشا نقديا ولو محدودا لما يمكن أن يتولد عن إلغاء الصندوق من نتائج غير ايجابية على أغلبية أفراد المجتمع ضحايا هذا الإجراء... فكيف عالجت جريدة الصباح شبه الرسمية المسالة؟ ب- جريدة الصباح كان اهتمام هذه الصحيفة بمسالة إلغاء صندوق التعويض اهتماما واضحا من عدة جوانب فخصصت له افتتاحية تحت عنوان:"إلغاء الدعم... نعم"،باركت فيه إجراء الحكومة وتبنت نفس التبريرات التي قدمها رئيس الوزراء في اجتماع مجلس الوزراء، وتابعت نشاطات الوزير الأول وأوردت تصريحاته وخطاباته حول الموضوع دون تعليق واستمر الأمر طيلة شهر نوفمبر حيث أوردت خبرا فقط ،في الصفحة الأولى،عن إلغاء الدعم وتمثل في نقل مقتطفات من خطاب وزير الداخلية السيد إدريس قيقة الذي أكد أن لا رجوع في الزيادة في أسعار الخبز .أما خلال شهر ديسمبر فصدر عن جريدة 28 افتتاحية منها 11 افتتاحية خاصة بالقضايا الوطنية و17 ذات علاقة بالسياسة العربية والدولية و بالصراع الفلسطيني الفلسطيني في طرابلس. ومن بين الافتتاحيات الإحدى عشر ذات العلاقة بالشأن الوطني خصصت الجريدة خمس منها لصندوق التعويض والرفع من أسعار الحبوب ومشتقاتها إذ قامت بتغطية مناقشة البرلمانيين لميزانية وزارة المالية والاقتصاد مرتين متتاليتين وركزت على مواقف النواب المساندة لإلغاء الدعم والرفع من أسعار الحبوب ومشتقاتها ومن ضمنها خطاب الوزير الأول في اختتام جلسات البرلمان حول الميزانية،وأوردت ثلاث افتتاحيات ذات علاقة بالموضوع بشكل مباشر أو غير مباشر. اما على مستوى الخطاب المعتمد من قبل الصحيفة فتميز بحماس شديد لاختيارات الحكومة.اهتمت الافتتاحية الأولى التي كتبها السيد عبد اللطيف الفراتي(نائب رئيس التحرير) التي كانت تحت عنوان:"الأسعار والتوجه الحضاري"،عبّر الكاتب من خلالها على تفهم حيرة الناس وقلقهم إزاء قرار ارتفاع أسعار بعض السلع غير انه اكد على ضرورة التحلي بروح المسؤولية التي تدفع باتجاه اتخاذ مثل هذه القرارات الجريئة التي يمكن على المدى المتوسط أن تضمن إنتاجا أوفر وأسعارا أحسن..ف"الزيادة في أسعار بعض المواد الغذائية يعبر عن توجه حضاري جديد يسعى لان يقيم توازنا بين المدينة والريف ويعطي لسكان كل منهما حقه من ثمار التنمية.."؟ !وبعد يومين من تلك الافتتاحية كتب نفس الكاتب افتتاحية أخرى تحت عنوان:"عام الانطلاقة"،أكد فيها بالأرقام( !)النمو الاقتصادي المنتظر لسنة 1984. كما نشرت الصحيفة افتتاحية يوم 29-12(يوم انطلاق الأحداث العنيفة غير المُعلن عنها)بقلم عبد الجليل دمق(رئيس التحرير) بعنوان "الحل الصحيح" بارك من خلاله إجراءات إلغاء صندوق التعويض ورفع أسعار الخبز والحبوب واعتبر تلك القرارات كفيلة بإنقاذ البلاد من أزماتها؟وفي اليوم التالي أوردت الجريدة تعليقا تحت عنوان:"خير وتضامن أن شاء الله" باركت فيه الإجراءات ودعت إلى تضامن التونسيين جميعا لإنجاح هذه الخطة الجديدة.. والملاحظ اهتمام الجريدة كان مكثفا خلال هذا الشهر بالصراع الفلسطيني في لبنان وبحلول القيادات الفلسطينية بتونس من ناحية والنقاش حول المسالة الديمقراطية بالبلاد وذلك بعد إعطاء حزبين تونسيين معارضين تأشيرة النشاط القانوني([41]). وخلاصة القول أن جريدة الصباح تبنت مواقف الحكومة،حول الموضوع، وبررت قراراتها ودافعت عنها بكثافة أكثر ربما من جريدة الحزب الحاكم لكن دون أن تسقط في الابتذال و المفردات والمبررات الأخلاقية الذي ميز أحيانا صحافة الحزب الحاكم. كما لم تهتم،هذه الجريدة، بدورها بما قد يتولد عن تلك الإجراءات عند تطبيقها من تداعيات سلبية على الفئات الاجتماعية محدودة الدخل وعلى المهمشين بل أكدت على أهمية القرار الذي يمثل في نظرها الحل الأمثل لمعالجة التدهور الاقتصادي الذي تعرفه البلاد والعجز المستمر الذي تعاني منه الميزانية العامة للدولة واعتبرت السنة الجديدة التي سيتم فيها إلغاء صندوق التعويض سنة واعدة يتم القضاء فيها على تلك المشاكل المزمنة. ج- جريدة المستقبل: تميز موقف جريدة حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بالتذبذب. ففي البداية دعمت توجه الحكومة في الزيادة في الأسعار والتخلي على صندوق التعويض واعتبرت ذلك إجراءا شجاعا لتشجيع الفلاحين والتقليل من التوريد خاصة وان الخبز أصبح يبذّر وهو ارخص منتوج في الأسواق و مقابل ذلك رأت ضرورة أن تطبق الإجراءات ضمن اختيارات تحظى بمصادقة الأغلبية كما دعت الحكومة إلى إعداد البدائل المناسبة التي تتجاوب والمطامح الشعبية.. غير أنها وبعد أسبوع واحد تداركت الجريدة الأمر وشككت في مسالة إلقاء الخبز في القمامة بل أن احد ابرز المحللين في الجريدة([42])قد شكّك في وجود قمامات أصلا عند أصحاب الأجر الأدنى والعاطلين عن العمل وشبه العاطلين والمتقاعدين مؤكدا أن المسالة لا علاقة لها بعجز الصندوق أو إلقاء الخبز في القمامة بل هي تعود إلى طريقة التدبير و طريقة تحديد أولويات توزيع الميزانية وتوظيفها وأشار إلى أن ميزانية الدفاع الوطني قد تضاعفت بنحو 158.4 في المائة من سنة 1980(أحداث قفصة1980)إلى 1983 وهو ما يفوق عجز صندوق التعويض. ثم حذرت الجريدة مما قد ينجر عن إلغاء الدعم على العلاقات بين الأطراف الاجتماعية مثلما وقع في المغرب أثناء شهر جوان 1981 واعتبرت أن الرأي العام أصبح محصنا من حملات التضليل وتشويه الواقع التي تقوم بها صحافة الحزب الحاكم.من جهة أخرى أكدت الجريدة أن الرفع في أسعار الخبز سوف لن يخفض من استهلاكه بل ربما سيؤدي إلى العكس من ذلك إذا ما ارتفعت أسعار المواد الأخرى ولو بنسبة اقل، ورأت انه من الخطر تعويض صندوق التعويض بميزانية تعويض تُصرف اجتماعيا فأفضل السبل للرجوع إلى وضع سليم هو العودة إلي الصندوق تدريجيا مع مراعاة مكافأة عادلة لعناصر الإنتاج أي حقيقة الأسعار مقابل حقيقة الأجور. وطالبت الجريدة الحكومة بالإعلان عن جملة التدابير والإجراءات المرافقة للزيادة في أسعار الخبز وذلك بالتشاور مع الاتحاد العام التونسي للشغل. رغم مساندتها للحكومة في أول الأمر تراجعت الصحيفة بسرعة والتزمت بخطاب نقديّ في معالجة الموضوع تميز بالعمق والتناول العلمي الدقيق للمشكل و لاغرابة في ذلك باعتبار أن اغلب المقالات والتعاليق كانت لمختصين في علم الاجتماع والاقتصاد وقد تكون الجريدة الوحيدة التي نبهت وحذرت من التداعيات الوخيمة لإلغاء الدعم ورفع سعر الخبز غير أن موقفها لم يكن حازما واضحا باتجاه المطالبة بمواصلة العمل بالصندوق ..أما على المستوى التقني فنلاحظ عدم تخصيص الجريدة ولو افتتاحية واحدة للموضوع في حين أوردت مقالات تأليفية(4) وتعاليق(2) وكانت بأقلام سياسيين ومختصين. د- جريدة الرأي بدورها لم ترفض هذه الجريدة المستقلة قرار الحكومة الخاص بإلغاء صندوق التعويض ورأت أن الثمن الحالي للخبز غير معقول وطالبت بإعادة النظر في ثمنه لكن على أساس أن تكون الزيادة على "مراحل معقولة طبقا للمرحلية البورقيبية" وان يبدأ العمل بالأسعار الجديدة "ابتداء من غرة جانفي المقبل وليس خلال ما تبقى من هذه السنة خاصة بعد الزيادة الأخيرة في أسعار النقل"ودون ذلك فان "الزيادة قد تدفع البلاد من جديد في دوامة ارتفاع الأجور والمطالبة بالزيادة في هذه الأخيرة"([43])وواصلت الجريدة انتقادها لسياسة الحكومة بل الدولة لكن دون مطالبتها صراحة بترك أسعار الخبز كما هي،وفي مقال تحليلي/تأليفي كتبه احد المختصين في الشؤون الاقتصادية بعنوان" الدولة تتنصل من مسؤولياتها:من سياسة التعويض إلى مساعدات التضامن الاجتماعي" اعتبر الكاتب أن مساعدات التضامن الاجتماعي لا تكون كافية للتخفيف من انعكاسات هذا الإجراء على معيشة الفئات الدنيا والوسطى وتساءل عن أسباب عدم اتخاذ الحكومة قرارا بالتخفيض الجزئي في التعويض لفائدة الحبوب ومشتقاتها في إطار الحد الأدنى.وطالب بفرض التقشف على كبار إطارات الدولة والمؤسسات أو الترفيع في الاداءات على السلع الترفيهية المستوردة أو التخلي عن بعض المشاريع الباهظة التي لا تحتاجها البلاد ولا تستفيد منها. أما البديل الجذري حسب الكاتب فيتمثل في "إعادة هيكلة الاقتصاد التونسي ضمن عملية تكامل للاقتصاديات المغربية والعربية عامة بكل ما يتطلبه ذلك من التأني والتدرج.([44]).و كتب رئيس تحرير الجريدة، حسيب بن عمار افتتاحية واحدة كانت بعنوان "إما التقشف أو مزيد من التبعية" فأكد أن " لا خيار لنا فإما أن نقبل أن تكون سنة 1984 سنة تقشف وعمل و إلا فان البلاد ستنحدر نحو المزيد من التبعية.." أما
الوسيلة التي اقترحها للقضاء على تلك الظواهر فتتمثل في" شنّ حرب على التبذير والتسيب وسوء التصرف، والتزام الإدارة والمؤسسات الاقتصادية و كل المواطنين سياسة تقشف حقيقية.."([45]).ومن هنا نلاحظ بروز توجهين في معالجة الجريدة للقرار يمثل التوجه الأول الخبراء الذين اعتبروا أن الحل لا يتمثل في إلغاء الصندوق واتخاذ إجراءات اجتماعية بديلة وإنما في إعادة هيكلة الاقتصاد أما التوجه الثاني فمثله السياسيون ونادى بضرورة اعتماد سياسة تقشف والقضاء على التبذير ؟ وبالنهاية يمكن القول أن الصحف التونسية بمختلف اتجاهاتها قد سايرت قرار الحكومة وان بتفاوت ففي الوقت الذي بررت فيه صحيفة "العمل" و"الصباح" القرار و بينت انعكاساته الايجابية على الاقتصاد والمجتمع وتحمست لتطبيقه باركت صحيفتا المعارضة بدورها القرار في البداية ثم انتقدت بعض جوانبه وطالبت باحتشام بضرورة اعتماد بدائل أخرى اقتصادية واجتماعية..ومن المهم الإشارة هنا إلى أن صحافة المعارضة قد "تنبأت" بالأزمة و بالتداعيات الخطيرة التي ستتولد عن إلغاء صندوق التعويض والرفع من أسعار الخبز وطالبت الحكومة باتخاذ إجراءات عملية أكثر لمعالجة المشكل.أما على المستوى التقني فنلاحظ طغيان صحافة المكتب مقابل الصحافة الميدانية(الريبورتاج) وحتى ما أنجزته جريدة العمل من تحقيق كان في جوهره الدعاية لقرار الحكومة ولم يكن موضوعيا،كما نلاحظ تركيز كل الصحف المدروسة على نشر اغلب المواضيع ذات العلاقة بالقرار بالصفحة الأولى وكانت جريدة المستقبل الوحيدة التي وزعت مقالاتها و تعاليقها بين الصفحة الأولى والصفحة الأخيرة. ويعكس تواتر المقالات حول الحدث درجة اهتمام الصحيفة به كما ينم على قدرتها على المتابعة والتغطية وهو ما يؤثر بقدر أو آخر في توجيه الرأي العام نحو ما تريد غير أن اهتمام العينة المدروسة بالموضوع كان في الجملة محدودا خلال حوالي شهرين،باعتبار العطلة الأسبوعية والصدور الأسبوعي للصحف المعارضة. أما أسباب ذلك فتعود إلى اهتمام الصحف بقضايا بدت على ما يظهر أكثر أهمية من مسالة إلغاء الدعم وتتمثل خاصة في تحول القيادة الفلسطينية إلى تونس ثم الصراع المسلح الفلسطيني - الفلسطيني ثم التغطية المكثفة التي رافقت الاعتراف القانوني لحزبين معارضين إذ استغلت كل الصحف وخاصة جريدة الصباح الحدث لتمجيده و للحديث عن الديمقراطية ومستقبلها في تونس.
1. بعد الاضطرابات العنيفة
* جريدة العمل([46])
حاولت الجريدة أن تقدم صورة وردية للسنة المنصرمة(1983)التي وصفتها ب"سنة السلم الاجتماعي" التي "عاش الشعب في ظلها بفضل حكومة مزالي في امن واستقرار". كما وصفت الجريدة تلك السنة بأنها سنة "المعجزة الاقتصادية".ثم باشرت عملية إقناع القراء بصواب الزيادة في أسعار الحبوب ومشتقاتها و نجاعة القرارات المتخذة من قبل الحكومة تلك القرارات التي وصفتها الجريدة ب"الأخلاقية" تارة و"الوطنية" تارة أخرى.وبالتوازي مع ذلك حاولت الجريدة أن تبرز الإجراءات الحمائية التي اتخذتها الحكومة لصالح الفقراء والموعزين وضعاف الحال وأحيانا اعتبرت أن الزيادة في الأسعار كانت لصالحهم بل لفائدتهم.كتب الجريدة هذا في الوقت التي كانت أجزاء كبيرة جدا من البلاد تحترق منذ يوم 29-12-1983 غير أن الصحيفة لم تتحدث عن تلك الاضطرابات وبعد انكشاف الأمر تحدثت عن انتشار بعض مظاهر "الاضطراب والفوضى والتخريب في بعض أنحاء البلاد واعتبرت أن رفع الدعم لم يكن إلا حجة اعتمدها المخربون والمجرمون لسلب الأموال وإحراق الممتلكات وبث الرعب بين المواطنين". لكن بعد إعلان الرئيس عن التراجع عن اعتماد الزيادات والرجوع إلى الوضع الذي كان وخروج الناس إلى الشوارع يوم 6 جانفي مرحبين بالقرار تغير توجه الجريدة تغيرا جذريا فمن ناحية تم التركيز على علاقة بورقيبة بالشعب ودوره في وضع حدّ للفوضى و إعادة الأمن والاستقرار في البلاد وأوردت الجريدة بكثافة برقيات الولاء للسلطة ومباركة إجراءاتها الاجتماعية المختلفة ومن ناحية أخرى بدأت في الكشف عن الخسائر المادية التي نتجت عن الاضطرابات غير أن مواقفها حول أسباب اندلاع الأحداث تميزت بالارتباك والاضطراب فتارة تتهم أطرافا من داخل السلطة بافتعال الأحداث وتحملها مسؤولية ما انجر عنها وتارة تتهم أطرافا خارجية:" هناك بعض قطاع طرق الشعوب ينتظروننا في المنعرجات المظلمة لسرقة مكاسبنا.."لتنتهي إلى نزع الطبيعة السياسية عن الاضطرابات واعتبار ظاهرة التمرد على السلطة ظاهرة عالمية نتيجة التوترات التي يعيشها الإنسان المعاصر..في الوقت الذي دعت فيه الصحيفة إلى ضرورة إعادة تقييم الكثير من التصورات والعلاقات مع الخارج على أساس الاعتبار بالأحداث واستخلاص الدروس أما الخارج الذي تقصده فهو ليبيا.وبالنتيجة غيبت الصحيفة وبشكل كلّي الأسباب الحقيقية للأحداث التي تمثلت في الرفع من أسعار الحبوب ومشتقاتها وخاصة مضاعفة أسعار الخبز الذي يمثل المادة الرئيسية لغذاء العائلة التونسية. ومقابل ذلك اعتبرت الجريدة القرار الذي اتخذه بورقيبة حاسما سحب البساط من تحت أقدام المتربصين شرا بالشعب وبفضله أمكن وضع حدّ للفوضى ورفع الكابوس وذلك نتيجة للحزم الذي أبدته الدولة و بذلك كانت الكلمة الأخيرة "للشرعية والرشد ولسيادة القانون" كما أكدت أن النظام البورقيبي قادر دائما على تحقيق معادلة تعايش الديمقراطية والأمن اعتمادا على دور المواطن و مواصلة تأييد بورقيبة لحكومة محمد مزالي المناضلة التي تمكنت من ضمان المزيد من أسباب العيش الكريم للشعب. قدمت الجريدة في مقالاتها صورة فريدة للرئيس بورقيبة الذي اتخذ قرار الرجوع عن القرارات السابقة ومن بين أهم الصفات التي يتحلى بها بورقيبة حسب الجريدة انه: القائد الأوحد،البطل،المنقذ،المجسّم لسيادة الدولة وهيبتها، بان أول دولة شعبية ديمقراطية حديثة،صانع تونس الحديثة... أما حكومته فهي:شعبية ،مناضلة،في خدمة الشعب حكومة المجاهد الأكبر،حكومة تحمل الأمانة،وظيفتها الدفاع عن امن المواطن وحمايته والمحافظة على مكاسب الشعب.ومقابل كل ذلك انصب غضب الجريدة على المشاركين في الأحداث ووصفتهم بأوصاف ونعوت دونية تحقيرية تكررت في متن الأعداد المختلفة للصحيفة فهم : قطاع طرق،صعاليك،خفافيش،مجرمون،،عصابات مجرمون ، مخربون ،سراق، سفلة، أنذال،كما اتهمتهم بالسلب وبالوحشية و بالاعتداء على الأطفال والشيوخ والنساء الحوامل..الذين قاموا "بهجمات الجراد" وهم الوندال الجدد؟([47]). لكن بعد إعلان الرئيس عن التراجع عن الزيادات وخروج الناس للشوارع يوم 6 جانفي مرحبين بتلك القرارات تغيرت أوصاف هؤلاء الذين أصبحوا: المخلصين للرئيس، الملتفين حول النظام البورقيبي وحكومته الشعبية، أما سلوكهم فيجسّد الوحدة الوطنية الصماء في وطن تتميز"فئاته بالتضامن وتراص الصفوف في جبهة متحدة واحدة؟([48]). وبالرغم من التحول الدراماتيكي لمواقف تجاه المنتفضين والسياسة المعتمدة من قبل نفس الحكومة التي دافعت عنها استمرت الجريدة في مكابرتها واستمرت في تغيب العامل الرئيسي المفجر للازمة وهو الرفع من أسعار الحبوب ومشتقاتها إذ واصلت اتهام بعض الجهات الأجنبية وبعض القوى داخل السلطة التي استغلت تطبيق قرار الرفع من أسعار الحبوب لافتعالالاضطرابات. فكيف تعاملت جريدة الصباح مع الأحداث؟
* جريدة الصباح:
أوردت الصحيفة يوم 1 جانفي 1984،وهو يوم العطلة الأسبوعية وحيث الإقبال كبير على الصحف، التفاصيل الدقيقة للأسعار الجديدة للحبوب ومنها أسعار الخبز وذلك في الصفحة الأولى و كانت التتمة في الصفحة الرابعة، في حين لم تورد أي خبر عن الأحداث العنيفة التي انطلقت في بعض مدن الجنوب والوسط منذ يوم 29 ديسمبر 1983،أما الافتتاحية التي كتبها عبد اللطيف الفراتي فكانت بعنوان" استقراء المستقبل" بين الكاتب،من خلالها، أهمية فن توقع المستقبل الذي يعتمد على المعطيات وتحليلها لينتهي إلى القول بان"المستقبل في بلادنا أفضل من الماضي وأننا باعتمادنا سياسة الإصغاء إلى كل الحساسيات إنما نصنع الأرضية اللازمة للسيطرة على مشاكلنا التي نعتقد أنها تتحول نوعيا يوما بعد يوم من مشاكل تخلف إلى مشاكل نمو.."أما يوم الثلاثاء(الاثنين العطلة الأسبوعية للجريدة)3 جانفي فكانت افتتاحية العدد حول خمسينية تأسيس الحزب الحر الدستوري التونسي ودوره في استقلال تونس وبنائها بقيادة الرئيس الحبيب بورقيبة([49])كما أوردت الجريدة بيان وزارة الداخلية حول الأحداث العنيفة التي اندلعت في بعض مدن البلاد وأردفت ذلك بتعليق تحت عنوان" أحداث مؤلمة في مدن الجنوب..." وقدمت الجريدة تفاصيل الأحداث كما ورد في بلاغ وزارة الداخلية أما صياغة الخبر والتحليل فجاء بصيغة غير يقينية، فمن ناحية شكّكت الجريدة في السبب الذي ذكر انه كمحرك للمتظاهرين يوم الخميس وخاصة يوم الأحد والاثنين و المتمثل في ارتفاع أسعار الخبز..وتساءلت عن الأسباب التي أدت إلى اندلاع الأحداث في هذا التوقيت في الوقت الذي كانت مسالة الرفع من أسعار الخبز معروفة ومعلنة منذ 3 شهور؟ وانتهت إلى القول بأن "..بعض الأوساط لا تستبعد أن يكون هناك عناصر محركة ركبت قضية ارتفاع أسعار هذه المواد خصوصا وان المناطق التي شهدت الأحداث تبقى تقليديا متأثرة ببعض ما يأتي من خارج الحدود.." و الخارج الذي تعنيه الصحيفة هو ليبيا جارة تونس أما المناطق التي اندلعت منها الأحداث فبعضها مجاور لليبيا وقطاعات واسعة من سكانها معروفون بحسهم السياسي القومي وانجذاب بعضهم للتجربة الليبية([50])ويأتي هذا الاتهام في الوقت الذين كانت العلاقات بين تونس وطرابلس متوترة نسبيا كما أن حوادث قفصة التي اندلعت سنة 1980 ما زالت حية في ذاكرة الدولة التونسية. التزمت الجريدة الصمت في عددها الصادر يوم 4 جانفي إلا من بعض الأخبار العامة تتعلق بالأحداث وفي عددها الصادر يوم 5 جانفي أفردت للاضطرابات افتتاحية بعنوان طويل "حقا إن وراء الخبز ما وراءه" أكدت أن الشارع التونسي اظهر أمس الأول في أحلى صورة وبأفصح لسان إن حكاية الخبز ما هي إلا واجهة لعملية التخريب والتقويض عن طريق إثارة الغضب وإلهاب المشاعر وتفجيرها في فتنة عمياء لا تبقي و لا تذر.."،أي أنها تحولت من اتهام الأطراف الخارجية إلى أطراف داخلية كانت تسعى إلى أحداث الفتنة في البلاد وان لم تفصح الجريدة عن تلك الأطراف وعن الأسباب التي قادتها إلى الدفع نحو الفتنة فقد كان من المعروف أن عدة أجنحة في السلطة كانت تتصارع من اجل إزاحة محمد مزالي الوزير الأول وخليفة بورقيبة دستوريا بعد موته([51])،وهو نفس موقف جريدة العمل كما نلاحظ استخدام الجريدة لنفس الألفاظ( وان بتواتر اقل) التي استعملتها جريدة العمل لتوصيف الأفراد المشاركين في تلك الأحداث:شراذم من الصعاليك،الأشرار من ذوي الأغراض،الحاقدين... وبعد يوم من خطاب الرئيس الذي أمر بالتخلي عن الزيادة في أسعار الحبوب ومشتقاتها أوردت الجريدة افتتاحية تحت عنوان" وحدة قومية صمّاء.تونس تهتف بصوت واحد:يحيا بورقيبة"كتبها .عبد الرؤوف الإمام، والى جانبها صورة كبيرة للجماهير التي هتفت بحياة الرئيس بعد خطابه وصورة أخرى من الحجم الكبيرة للرئيس بورقيبة.أما الافتتاحية فأكدت انه "..بفضل هذا العقل(عقل بورقيبة) لا يمكن أن يصيب البلاد مكروه أو تزل بها قدم أو يندس بين صفوف أبنائها صيادون في الماء العكر.." دون تحديد هوية"الصيادون في الماء العكر" وان كان السياق يستبعد التونسيون ويتهم الأجانب غير أن المقال لم يوضح من هم هؤلاء هل هم من الجوار الجغرافي أم أطراف أخرى بعيدة؟ خاصة وان عدد يوم 8 جانفي قد تضمن مقالا تحليليا في الصفحة الأولى تحت عنوان" على هامش الأحداث: فشلت المغالطات والحملات المغرضة"كان ردّا على وكالة الأنباء الفرنسية التي هاجمت الوزير الأول محمد المزالي وأدان المقال مواقف أجهزة الإعلام الفرنسية التي شنت تلك الحملة وأكدت المقالة إن مزالي كان أول من عارض الزيادة في أسعار الخبز وانه الأول الذي من نصح بورقيبة بالإذن في العودة عن الزيادات.؟لكن المفارقة أن السيد محمد مزالي قد صرح لجريدة لوموند الفرنسية :انه كان لا بد من التعرض إلى الخبز وقد فعلت وانه كان لا بد من التحلي بالجرأة على قول الحقيقة وقد كانت لنا هذه الجرأة"([52]) أما الافتتاحية فكانت تحت عنوان :تعبئة شاملة بقلم عبد اللطيف الفراتي أكد فيها أن الرئيس بورقيبة والوزير الأول منصتون دائما إلى رغبات الشعب وان القرارات المتخذة لم تأت نتيجة لضغط الشارع أو الأحداث والدليل على ذلك هو أنها جاءت بعد أن عاد الهدوء،فهي تلبية لمطلب شعبي أكثر مما تبرز كرضوخ لواقع العنف الذي مارسه الشارع.."وهو أمر غير دقيق إذ تواصلت الاحتجاجات العنيفة في الكثير من مدن البلاد ولم تتوقف إلا بعد خطاب الرئيس الذي أمر بالرجوع عن قرار الزيادة في أسعار الحبوب ومشتقاتها. وتضمن عدد يوم 10 جانفي افتتاحية بعنوان "لجنة تحقيق" تركزت حول مطالبة الدولة بتأليف لجنة تحقيق حول الأحداث تعرض نتائجها على الشعب.أما افتتاحية يوم 11 جانفي فكانت بعنوان "ملامح المتظاهر والحل" كتبها عبد اللطيف الفراتي وتمثل تراجعا عن المواقف الأولى التي اتخذتها الجريدة والصحفي نفسه إذ كتب أن قذف التهم في وجه الذين خرجوا للتظاهر لن يكون الحل ودعا إلى ضرورة العمل بمنطلقات جديدة لحل المشاكل القائمة التي خلقت أوضاعا كان يمكن أن تؤدي إلى سيادة وفي افتتاحية أخرى حمل نفس الكاتب ضمنيا مسؤولية التنظيمات السياسية والاجتماعية عن التأثير في ما يجري في الشارع... بدون خجل أو احترام للمهنة وأخلاقياتها وقيمها استمرت الجريدتان في مغالطة الرأي العام واعتمدت سياسة الهروب إلى الأمام باتهامها أطرافا أجنبية بتحريك الشارع بالرغم من الأسباب كانت بينت للجميع واحتمت بشخصية الرئيس فعظّمت من صورته بعد اتخاذ قرار الرجوع عن القرار في حين انه يتحمل شخصيا مسؤولية ما جرى باعتبار انه حضوره اجتماع مجلس الوزراء،برغم شيخوخته ومرضه، الذي اتخذ فيه قرار إلغاء صندوق التعويض والرفع من أسعار الحبوب ومشتقاتها وعند تطبيق القرارات احترقت البلاد أو كادت.فأين كانت عبقرية الزعيم ورئيس الوزراء؟ ج- جريدة المستقبل في أول عدد صدر بعد الأحداث (12-1-1984)أدانت الجريدة تعاطي وسائل الإعلام الرسمية مع الأزمة([53]) واتهمت تلك الأجهزة باعتماد سياسة التعميم والتعتيم ثم الصمت ثم الترحيب.وفي مقالات أخرى اتهمت الصحيفة عقم مجلس النواب ودعته للاستقالة خاصة وان الانتخابات التي أوصلت أعضاءه إلى تلك المؤسسة كانت مزيفة([54]).كما حملت صندوق النقد الدولي مسؤولية الماسي التي حدثت في العالم الثالث ودعت السلطة إلى اتخاذ كل التدابير لإرجاع الأمل للمواطنين بإحياء الثقة في المستقبل. وفي العدد الموالي نشرت الصحيفة تحقيقا( ريبورتاجا) حول حزام الفقر الذي يحيط بمدينة تونس ودعت السلطة إلى إنقاذ سكانه وخاصة الطفولة المشردة واستمرت الجريدة في إدانة وسائل الإعلام الرسمية ونواب البرلمان والسلطة السياسية هؤلاء الذين هللوا للقرار بصموا مسبقا على هذه الانتفاضة المخجلة والمؤسفة. وفي إحدى الافتتاحيات النادرة للجريدة حول الموضوع التي كانت بعنوان"هدأت العاصفة لكن الأزمة لم تنته"،كتب احد ابرز أعضاء المكتب السياسي لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين أن الأزمة لم تنتهي، وذلك عكس ما تروج إليه الصحافة الرسمية. ف"الأزمة عميقة والعاصفة متمكنة مما يجعل نارها منطوية تحت الرماد تنتظر ريحا قادمة أخرى للصعود والالتهاب"وقد تساءل احد أهم من تابع موضوع الصندوق وتداعياته وهو احمد عياض الودرني، "هل من المنطقي أن يتعرض نظام إلى هزة قوضت علاقاته بالشعب وتسرب التدمير حتى إلى هياكله ولا يتوقف ليتأمل ويتراجع في توجهاته.."محذرا من أن "اخطر ما نخشاه على مستقبل البلاد هو تواصل معالجة النتوءات السطحية في وضعنا الاقتصادي والاجتماعي و السياسي دون الوصول إلى العمق ومواصلة استبلاه الرأي الشعبي إن تواصل مثل هذا السلوك السياسي ما يعني البقاء على علاقة واحدة:القطيعة.وسبيل واحد هو العنف بكل أشكاله.." المهم الإشارة هنا إلى الصحيفة الناطقة باسم حركة الاشتراكيين الديمقراطيين قد وظفت هذه الأزمة لأبعد الحدود وذلك لتصفية حسابات قديمة مع الحزب الحاكم والحكومة بالذات.
* جريدة الرأي:
اكتفت الجريدة قبل خطاب رئيس الجمهورية بإدانة العنف و الفوضى ومقابل ذلك دعت للتعقل والحوار واعتبرت أن قرار مضاعفة ثمن الخبز وتطبيقه دفعة واحدة كان قرارا خطير ومخطئا وحمّلت الحكومة مسؤولية سوء تقديرها للوضع العام وانعكاساته المحتملة وطالبت كل الهيئات الاجتماعية والسياسية بمختلف توجهاتها بذل كل الجهود للتعاون حتى يستتب الأمن ويعود الهدوء. كما طالبت الحكومة بالإسراع في تجسيم التدابير العادلة والناجعة الكفيلة بطمأنة العمال وضعاف الحال والفئات المعدمة غير الجريدة وبالرغم من كل ما حدث لم تطالب بإلغاء القرارات التي كانت سببا في اندلاع الأزمة. غير أن خطاب الجريدة ذاك قد تغير بعد خطاب رئيس الجمهورية و أصبح يكتسي نزعة ثورية إذ طالبت الجريدة بالتغيير الجذري للأوضاع السائدة واعتبرت أن قرار الرجوع عن الزيادات لم يكن إلا إطفاء اللهيب أما النار فبقيت كامنة إذ استمرت العوامل التي ولدت هذا الوضع لذلك رأت أن التغيير يجب أن يلحق كل شيء بما في ذلك أساليب الحكم و الاختيارات الاقتصادية ونموذج التنمية و التعليم والإعلام الرسمي الذي فقد كل مصداقية..([55]) ولكن ورغم التذبذب الذي ميّز خطاب صحف المعارضة منذ بداية اتخاذ قرار إلغاء صندوق التعويض إلى اندلاع الأزمة و انتشار العنف وسقوط الضحايا فنلاحظ أنها اعتمدت خطابا مزدوجا،واحد ذو طبيعة نقدية إصلاحية- مطلبية تحكمت فيه عوامل كثيرة منها الخوف من سطوة قانون الصحافة الذي كانت تلك الجرائد احد أهم ضحاياه وخطاب آخر ثوري طالب بالتغيير الجذري للأوضاع بما فيها الإعلام الرسمي الذي أدانته الصحيفتان لكن ورغم تلك الجراة التي تناولت بها القضايا الوطنية بعد خطاب بورقيبة خاصة لم تتجرأ كل الصحف القيام بنقد ذاتي لأدائها أدائها طيلة الأزمة إذ أن الموضوعية وأخلاق المهنة تفرضان على صحافة تدعي الحرية والاستقلالية القيام بذلك بكل نزاهة لتجسيد مصداقيتها أما الرأي العام الوطني. الخاتمة: ساهمت انتفاضت 1984 في تعرية الصحافة التونسية وفضحها فكان أدائها مرتبكا ومتذبذبا،ولم تتمكن من مواكبة الأحداث والمساهمة في ادارة الازمة الاجتماعية التي عصفت بالبلاد شتاء 1984 كما لم تكن وفية لما تفرضه المهنة من مصداقية وشجاعة مما حدا بالبعض باتهامها ب"بخيانة" رسالتها.اما جمعية الصحافيين فقد اعتبرت في بيان لها بعد أسبوع من انتهاء الاضطرابات ان "الإعلام لم يضطلع بدوره الكامل قبل الأحداث وخلالها ودعا إلى مراجعة السياسية الإعلامية حتى تؤدي الأجهزة الإعلامية رسالتها بعيدا عن المغالطات والتقصير والتعتيم.." ([56]) وتساءل بعض أعضاء الجمعية في الاجتماع الطارئ الذي عقدته الجمعية ([57])"ماذا فعلنا للتنبؤ بالأزمة وتحذير السلطات من أن أي رفع من أسعار الخبز سيقود إلى الغضب و الاضطرابات"([58])وقالت إحدى الصحفيات "..نعم نحن مسؤولون.فبعد قبولنا للعمل نتوقف على كوننا صحفيين ونتحول إلى أعوان تنفيذ.نعمل كلنا ضد الرأي العام ونعيش عار تناقضاتنا.."([59]).و نتيجة لهذا التقصير حصلت شبه قطيعة بين الإعلام و المجتمع الذي اخذ ينظر للصحافة نظرة ازدراء واحيانا نظرة فيها الكثير من العداوة ففي خضم الأحداث تعرض بعض الصحفيين إلى التعزير و الدفع بالأيدي بل و حتى الاعتداء على بعضهم بالضرب مثلما حدث في عدة مدن كالقيروان وتونس العاصمة([60]) أما في مدن أخرى فكان المحتجون يصرخون"يا صحافة يا كذابة"([61]). ولكن هل سيعتبر الصحافيون من سلوكهم وأدائهم ذاك ويلتزمون بأخلاقيات مهنتهم وشرفها أمام الأزمات التي ستعرفها البلاد بعد سنة 1984؟ [1] - وصفت سنة 1983 بأنها سنة العنف نظرا لاندلاع أعمال عنف في أنحاء عديدة من العالم في أفريقيا(السنغال والكامرون والكنغو والداهومي..) و أمريكا اللاتينية(البرازيل...)وكانت تلك الاضطرابات نتيجة للضغوطات التي مارسها صندوق النقد الدولي على الدول النامية أما الأحداث في حد ذاتها فأطلقت عليها عدة صفات منها: أحداث الخبز و انتفاضة الخبز و ثورة الخبز أو ثورة الشارع: - Jeune Afrique du 28-12-1983 au 4-4 1984 pp44-65 [2] - حول المفاهيم العامة للازمة وخصائصها انظر:
* د.قدري(علي عبد المجيد):اتصالات الأزمة وإدارة الأزمات،بيروت 2008، صص389 ، ص62 إلى 96
* عليوة(السيد):إدارة الأزمات والكوارث،مركز القرار والاستشارات،ط2،القاهرة1996،صص362
* د.خضور(أديب):الإعلام والأزمات،سورية دمشق1999،صص112،ص8-9
[3] - د.خضور(أديب):الإعلام والأزمات..المرجع نفسه،ص 9 [4] - د. مصطفى(هويدا):الإعلام والأزمات المعاصرة،دار مصر المحروسة،القاهرة 2008،صص398،ص8 [5] - ما يلاحظ أن اغلب الدراسات الأكاديمية بمختلف درجاتها التي أنجزت لم تنشر وظلت حبيسة المكتبات الجامعية ولم يستفد منها الجمهور العربي الواسع سواء من أهل الاختصاص أو غيرهم من الباحثين.. [6] - الخليج عدد يوم 2-3-2010"إدارة الأزمات "علم يبحث عن مقعد دراسي"تحقيق ميرفت الخطيب. [7] - Patrick Lagadec, La gestion des crises, Mc-Grawhill, 1991 Régis Reveret, Jean Nicolas Moreau, Les médias et la communication de crise, Economica, 1997 Dominique Vastel, « La communication de crise ». Média pouvoirs, n° 11 juillet août septembre 1988, p. 26 à 45 Patrick Lagadec, « Stratégies de communication en situation de crise ». Futuribles, juillet août 1986, p. 78 [8] - وهي مرحلة نشر المعلومة ومرحلة تفسير المعلومة والمرحلة الوقائية.انظر تفاصيل ذلك في: د. مصطفى(هويدا):الإعلام والأزمات المعاصرة.مرجع سبق ذكره،ص31. [9] - مصر و المغرب الأقصى..الجزائر [10] - جريدة العمل:أسسها الحبيب بورقيبة وصدرت يوم 1-6-1934 وهي لسان الحزب الحر الدستوري التونسي،الجديد، كانت أسبوعية ثم تحولت إلى جريدة يومية منذ سنة 1955 توقفت عن الصدور بهذا الاسم وعوضتها جريدة الحرية يوم 20-3-1988. [11] - جريدة المستقبل:صدر العدد الأول منها في 1-9-1980 وذلك قبل نيل الحزب التأشيرة القانونية لنشاطه(1983). [12] - جريدة الرأي: أسبوعية صدر العدد الأول منها في 27-12-1977، وكان صاحب الامتياز حسيب بن عمار احد الذين انفصلوا عن الحزب الحاكم واحد مؤسسيي مجموعة"التحرريين"التي برزت سنة 1976 [13] - جريدة الصباح: يومية تصدر باللغة العربية عن دار الصباح أسسها وأدارها الحبيب شيخ روحه صدر العدد الأول منها في 1-2-1951. توقفت عن الصدور مرتين كانت الأولى سنة 1956 على خلفية مساند صاحبها للزعيم صالح بن يوسف ضد الزعيم الحبيب بورقيبة خلال فترة الصراع بين الرجلين، والثانية سنة 2000 نتيجة الصعوبات المالية.تحولت ملكيتها إلى احد رجال الأعمال التونسيين سنة 2009. [14] - بسيوني(إبراهيم حمادة):"العلاقة بين الإعلاميين والسياسيين في الوطن العربي،عالم الفكر، الكويت المجلد 23،العددان 1-2،سبتمبر-أكتوبر،ديسمبر1994،179. [15] - حمدان(محمد):دليل الدوريات الصادرة بالبلاد التونسية من سنة 1838 إلى مارس 1956، بيت الحكمة، قرطاج تونس1989، ص330. [16] -Souriau(Christiane) : « L'opinion dans la presse Maghrébine arabe en 1966 »,in annuaire de l'Afrique du Nord.Aix-en -Provence1967,p177 [17] - يتعلق الأمر بالمقال الذي صدر في جريدة "Afrique Action"(أفريقيا-العمل) بتوقيع كل من محمد المصمودي(عضو هيئة التحرير) والبشير بن يحي(صاحب الجريدة) في أكتوبر 1961 بعد، معركة بنزرت وهما من قيادات الحزب ووزيران في أول حكومة أسسها بورقيبة. أما عنوان المقال فكان «السلطة الفردية"وكان إلى جانب المقال صورة للملك فاروق.ونتيجة لذلك تم منع الجريدة من الصدور وإقالة محمد المصمودي من منصبه الوزاري ومن الديوان السياسي(المكتب السياسي) للحزب.. [18] - الزهرة: مؤسسها عبد الرحمن الصنادلي وهي جريدة وطنية مستقلة صدر العدد الأول منها في 9-4-1890 وتوقفت عن الصدور في 9-4-1959،وهي أقدم الصحف التونسية التي حافظت على الصدور خلال هذه المدة الطويلة،تعطلت الكثير من المرات خلال الفترة الاستعمارية تم التضييق عليها بعد الاستقلال فتوقفت عن الصدور. [19] - أسسها البشير بن يحمد ،ناطقة بالفرنسية صدر أول عدد منها في 17-10-1960،تم إغلاقها بعد صدور مقال تحت عنوان"الحكم الفردي" في العدد المؤرخ 12-9-1961،فهاجر صاحبها إلى ايطاليا ثم إلى باريس وأسس مجلة جون أفريك وكان بن يحمد أول وزير إعلام تونسي واصغر وزير في الحكومة الوطنية التونسية الأولى. [20] - تأسس الحزب الشيوعي التونسي سنة 1920 عن طريق عناصر أوروبية وساهم في الحركة الوطنية التونسية اصدر عددا كبيرا من الدوريات خلال الفترة الاستعمارية وبعد الاستقلال اصدر صحيفتان الأولى بالفرنسيةLa Turbine de progrès "منبر التقدم" والثانية بالعربية "الطليعة" [21] - الرائد الرسمي عدد 29 مؤرخ في 29 افريل 1975 [22] - الحداد(خالد):بورقيبة والإعلام،جدلية السلطة والدعاية،مطبعة تونس قرطاج تونس2008،صص344،ص119 [23] - نذكر مجلتي المغرب العربي وريالتي ومجلة الموقف(التجمع الاشتراكي التقدمي)وجريدة الوحدة(لسان حال حزب الوحدة الشعبية).. [24] - نذكر منها جريدة الرأي ومجلة المغرب العربي(مزدوجة اللغة)و مجلة رياليتي(مزدوجة اللغة)..والوحدة والموقف. [25] - حمدان(محمد):مدخل إلى تاريخ الصحافة في تونس 1938-1988،معهد الصحافة وعلوم الأخبار،تونس 1993،ص336 [26] - الحداد(خالد):بورقيبة والإعلام،جدلية السلطة والدعاية،مطبعة تونس قرطاج تونس2008،صص344، من شهادة عبد اللطيف الفراتي ، ص168 [27] - الحداد(خالد):بورقيبة والإعلام،جدلية السلطة والدعاية من شهادة الجورشي،ص 184 [28] - من أسباب هذه الخلافات الصراع على الخلافة فبعد أن أصبح الوزير الأول خليفة لرئيس الجمهورية بصورة آلية عند حالة حدوث شغور في هذه الخطة، لسبب أو آخر، ولبقية المدة النيابية وذلك حسب الفصل 57 من الدستور الذي تم تعديله في 8 افريل 1976 [29] - يوم 26 جانفي سنة 1978 [30] - تأسس الاتحاد العام التونسي للشغل في 20-1-1946 وساهم في الحركة الوطنية وتحرير البلاد من الاستعمار بعد الاستقلال تحالف مع الحزب الحاكم ضد صالح بن يوسف وتشاركا في الحكم وكان إلى حدود أواخر 1976 جزءا من السلطة والحزب الحاكم وبعد 1977 استقال الحبيب عاشور ،الأمين العام للاتحاد، من عضوية الديوان السياسي للحزب كما استقال النقابيون من المسؤوليات الحزبية وتم انفصال الاتحاد عن الحزب الحاكم.. [31] - قدم هؤلاء عبر الحدود من ليبيا والجزائر وينتمون عقائديا للحركة القومية العربية الناصرية.واتهمت الحكومة التونسية النظام الليبي بتشجيعهم وإيوائهم.. [32] - الزيدي(عليّ):"بورقيبة بين نظام الحزب الواحد والتعددية(1979-1986)" في، نهاية حكم بورقيبة والقيادات السياسية العربية بين الصعود والانحدار،منشورات مؤسسة التميمي للبحث العلمي ومؤسسة كونراد ادناور،154-175،وممن اعترف بتزييف هذه الانتخابات الوزير الأول السابق المرحوم محمد مزالي في كتابه [33]- Ben Romdane (Mahmoud) : « Fondement et contenu des restructurations face à la crise économique en Tunisie », in Annuaire de L'Afrique du Nord.CNRS.Paris1987, p150… - Moncef(Guen) :Les défis de la Tunisie :une analyse économique,éd Harmattan.Paris199 [34] - ارتفع عدد الإضرابات من 178 إضرابا سنة 1978 إلى 346 إضرابا سنة 1980،انظر حول ذلك - الهرماسي(محمد عبد الباقي):المجتمع والدولة في المغرب العربي،مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت لبنان 1992،ص 63 [35] - صندوق التعويض:اُحدث هذا الصندوق لدعم المقدرة الشرائية للمواطن ودعم القطاع الفلاحي إلى جانب حماية الأسواق المحلية من اضطراب الأسعار على الصعيد العالمي.وكانت عملية التعويض تتم في البداية عن طريق معاليم مباشرة وغير مباشرة تفرض خاصة على بعض المواد المُورّدة والكمالية على أساس أن المداخيل من تلك الموارد تغطي تكاليف التعويض.. [36] - محمد المزالي (1925-2010)رجل ثقافة وفكر وسياسة تقلد الوزارة عدة مرات إلى أن تحمل مسؤولية رئاسة الوزراء سنة1980، تمت إقالته أواسط شهر 1986 وغادر البلاد سرا وعاش في المهجر ثم عاد إلى البلاد حوالي سنة 2008 [37] - ارتفعت أسعار الخبز من 80 مليم إلى 170 مليم بالنسبة للخبزة الواحدة ذات وزن 700 غ ومن 50 مليم إلى 90 مليم بالنسبة إلى الخبز من الحجم الصغير أي بنسبة 110 في المائة [38] - الهرماسي(محمد عبد الباقي):المجتمع والدولة المرجع نفسه، ص 117 [39] - تباينت التقديرات حسب الوزير الأول كان عدد القتلى 70 شخصا و400 جريح منهم بين 100-150من رجال الأمن أما تقرير الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان التي تتمتع بمصداقية واسعة في داخل البلاد وخارجها..فأحصت 92 قتيلا بينما لم تتمكن من إعطاء رقم دقيق عن عدد الجرحى.. [40] - انظر للجدول المرافق عدد الأول بعنوان "خطوة أخرى في ممارسة العدالة الاجتماعية:،عبد القادر قزقز عدد يوم 21-10-1983،الثاني بعنوان "صندوق التعويض هذا الضيف الثقيل"، عمر يحي عدد يوم 22-10-1983 [41] - يتعلق الأمر بحركة الديمقراطيين الاشتراكيين وحزب الوحدة الشعبية اللذين تسلّما التأشيرة يوم 19-11-1983 [42] - احمد عياض الودرني:وهو في الأصل أكاديمي مختص في علم الاجتماع و عضو في قيادة حركة الديمقراطيين الاشتراكين.يحتل الآن منصف وزير مدير ديوان رئاسة الجمهورية [43] - الرأي عدد يوم 21-10-1983، تعليق بعنوان"الخبز" [44] - الرأي عدد مؤرخ في 11-11-1983 [45] - الراي عدد يوم 18-11 [46] - درس احد الطلبة في مستوى شهادة التخرج(الليسانس) مواقف هذه الجريدة من أحداث الخبز محللا خطابها من الأحداث، انظر: المحمدي(خليفة): الأزمات الاجتماعية الكبرى في تونس،صورة الأزمة في الخطاب الإعلامي الرسمي،تحليل مضمون جريدة العمل جانفي 1978 جانفي 1984،معهد الصحافة وعلوم الأخبار،تونس ،مرقونة.1994 [47] - العمل عدد يوم 4و 5 -1-1984 [48] - العمل 12 و 13 جانفي 1984 [49] - تأسس هذا الحزب بعد انشقاق الحبيب بورقيبة وبعض رفاقه سنة 1934 عن الحزب الحر الدستوري التونسي الذي أسسه الشيخ عبد العزيز الثعالبي سنة 1920 [50] - ويقصد هنا الجنوب الشرقي للبلاد التونسية والمتاخمة للحدود الليبية. [51] - المزالي(محمد):نصيبي من الحقيقة،وزير أول في رئاسة بورقيبة،دار الشروق،ط1 القاهرة 2007،صص،662،465،في فصل خاص وتحت عنوان"مؤامرة الخبز" يتهم المرحوم مزالي وسيلة زوجة الرئيس بورقيبة ووزير الداخلية إدريس قيقة بحبك مؤامرة الخبز وذلك ب"بثّ الاضطرابات،وإشعال نار الفتن وذلك لإقناع بورقيبة بان البلاد غير ممسوكة وان الوزير الأول لا يتمتع بثقة الجماهير. [52] - الرأي عدد يوم 13 جانفي 1984 [53] - الإعلام في قفص الاتهام.إسماعيل بولحية [54] - انتخابات 1981 التي تم تزييفها لعدم تمكين قوى المعارضة من الوصول إلى البرلمان [55] - افتتاحية"لا بدّ من التغيير" ومقال"ظهر البعير والقلاع الفارغة"بقلم د. منصف المرزوقي. [56] - المستقبل عدد يوم 12-1-1984 [57] - انعقد الاجتماع يوم 17-1-1984 [58] - المغرب العربي عدد 85 مؤرخ في 14-1-1984 [59] - المغرب العربي عدد 85 مؤرخ في 14-1-1984 [60] - Jeune Afrique n°1204 du 1-2-1984Mdes journalistes dans la tempête [61] - المغرب العربي عدد 85 مؤرخ في 14-1-1984


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.