لم تجن الجماهير التونسية سوى الخيبة بعد مرور جولتين من انطلاق نهائيات أمم إفريقيا 2019 حيث تكبد المنتخب الوطني التونسي تعادلين في طعم الهزيمة ليرهن حظوظه في التأهل إلى غاية الجولة الثالثة والأخيرة. صحيح أن التأهل محسوم على الورق خصوصا أن عناصرنا الوطنية ستتبارى في الجولة القادمة مع منتخب موريتاني يبدو في المتناول قياسا بفارق الإمكانيات بين المنتخبين لكن المردود الذي ظهر به النسور ترك مخاوف مشروعة لدى المولعين بالساحرة المستديرة في تونس بأن تنتهي "الكان" سريعا.
مواجهتا أنغولا ثم مالي تركت استنتاجات بالجملة لدى الجماهير الرياضية أن الإطار الفني للنسور لم يتحول إلى أرض الكنانة قياسا بالأخطاء التي تتالت في المباراتين الأوليين.
أزمة ثقة
تحولتنتيجة التعادل أمام منتخبي أنغولا ثم مالي إلى أزمة ثقة داخل المنتخب الوطني التونسي فالأصداء القادمة من مدينة "السويس" المصريّة تشير إلى أن الأمور قد خرجت عن السيطرة وأن الإطار الفني قد تجاوزته الأحداث ولم يعد قادرا على فرض هيمنته على المجموعة.
الإشارة الأولى كانت في لقطة استشارة يوسف المساكني في مباراة أنغولا إن كان يرغب في استبداله قبل أن يتأكد الأمر في مباراة الأمس أمام مالي عندما شارك المساكني أثناء اللعب على حساب من أكثر مرغم أنه يفترض أنه غير جاهز نتيجة الإصابة التي يعاني منها على مستوى الركبة.
أما الخزري فيبدو أنه المالك الفعلي للمنتخب فلاعب سانت ايتيان لم يقدم خلال "الكان" ما يشفع له باللعب كأساسي أو حتى أثناء اللقاء والهدف الذي سجله في مرمى مالي لا يمكن أن يرفع عنه النقد.
ولا تقتصر أزمة الثقة على ضعف الإطار الفني أمام اللاعبين المذكورين فعديد الأسماء ترى أنه قد ظلمت وحرم المنتخب الوطني من إضافتها ولئن جاء التلميح من الصرارفي فإن البقية ليسوا راضين حتى وإن لم يصدر عنهم أي رد فعل.
ونظرا لغياب الثقة بين بعض اللاعبين والإطار الفني فإن الخوف كل الخوف أن تنتهي مشاركة النسور دون بلوغ حتى الدور ربع النهائي رغم أن كل العناصر الكفيلة بذلك متوفرة.
"الكثرة وقلة البركة"
قبل السفر إلى أرض الكنانة أعلنت الجامعة التونسية لكرة القدم عن تطعيم الطاقم الفني للمنتخب الوطني بمدربي المنتخب الأولمبي فريد بن بلقاسم وأنيس البوسعايدي ليرتفع عدد المدربين إلى 4 أربعة في وجود ألان جيراس وماهر الكنزاري.
رباعي ينطبق عليه المثل العامي "الكثرة وقلة البركة" فالأخطاء تتالت سواء في اختيار التشكيلة الأساسية أو العناصر البديلة أثناء اللعب وهو ما طرح عدة نقاط استفهام عن مسؤولية كل طرف.
ويتحمل جيراس المسؤولية الأولى في الفشل الفني الذي يغرق فيه المنتخب منذ انطلاق "الكان" باعتبار أنه المدرب الأول لكن ذلك لا يعفي المساعدين من تحمل المسؤولية خصوصا أنه يفترض أنهم يعرفون الرصيد البشري وحدود إمكانيات كل لاعب لكن يبدو أن فاقد الشيء لا يعطيه.
مسؤولية الجريء
منذ انتخابه رئيسا للجامعة التونسية لكرة القدم لم يتأخر وديع الجريء في لعب دور "رئيس الفرع" أو "رئيس النادي" حيث فرض أن يتدخل في تحديد قائمة اللاعبين في التربصات والمشاركات وكانت له لمساته أيضا في تحديد التشكيلة الأساسية.
وتكمن مسؤولية الجريء أساسا في فرضه لخيارات فاشلة أثبتت إفلاسها مرارا وتكرارا فالسنوات الأخيرة عرفت تمكينه لصديقه المقرب ماهر الكنزاري من فرص بالجملة في المنتخبات الوطنية وفرضه على المساعدين كمساعد أول رغم أنه لم يعرف إلا الفشل في مسيرته التدريبية.
الكنزاري ليس العنوان الوحيد للفشل ففريد بن بلقاسم عمل مساعدا لسامي الطرابلسي في كأسي إفريقيا 2012 و2013 تحت إمرة الوديع الذي يعرف جيّدا محدوديّة هذا الفني ودوره السلبي في المجموعة.
وبجوار الكنزاري وبن بلقاسم فرض الجريء تعيين سامي القصراوي الذي كان حارسا متواضعا كمدرب لحراس المنتخب رغم أنه لم يسبق له أن درب سابقا كما أنه لا يملك الشهائد الكافية..
القصراوي الذي لم يرتق مستواه كحارس مرمى إلى ما يعرفه الجميع عن الحراس الحاليين للمنتخب الوطني وجد نفسه مدربا لهم بفعل الصدفة أو ربما العلاقات وغيرها وها أن النتيجة أن حارسي المباراتين الأوليين كانا من أسباب نكبة النسور.
وإضافة إلى هذا الثلاثي هناك اسم آخر يغفل الكثيرون عن ذكره وهو المدرب المكلف بالإحصاء والتقييم مبارك الزطال الذي سقط من أذهن الكثيرين ربما لأنه اسم مغمور.
الزطال جاء إلى المنتخب في غفلة من فوزي البنزرتي وبفضل علاقته بشقيق رئيس الجامعة وهكذا تسير الأمور في المنتخب وبالتالي فالمستوى المهزوز والنتائج الكارثية لا يجب أن تكون أمرا عجبا.
بالمحصلة تلاعب الجريء بالإطار الفني وحشر نفسه في القائمة باعتبار أن إقصاء لاعب كعلي معلول لا يمكن أن يصدر عن فنيّ وبالتالي فإن ما يعانيه المنتخب اليوم لا يمكن إلا أن يكون نتيجة أما الأسباب فواضحة للجميع منذ 2012 لكن المبايعين والمناشدين ورافعي البطاقات الخضراء لا يعون ولا يستحون..