أكدت الأستاذة الباحثة في العلوم البيولوجية بجامعة صفاقس والخبيرة في علوم البحار أمال حمزة الشافعي أن "ظاهرة تغير لون المياه بسواحل منطقة سيدي منصور بمدينة صفاقس في الفترة الأخيرة وما صاحبها من نفوق للأسماك والكائنات البحرية المختلفة وانبعاث روائح كريهة ليست حكرا على تونس وهي ناتجة عن ظاهرة طبيعية قد تكون الأنشطة البشرية فاقمت من حدتها". وأوضحت الباحثة أمال الشافعي في تصريح لوات، أن الظاهرة الطبيعية المشار إليها تتمثل في تكاثر كائن احادي الخلية "Organisme unicellulaire"، يسمى "أكلسندريوم مينوتوم" (Alexandrium minutum) وهو نوع من الطحالب المجهرية السامة التي تكثفت خلاياها ليبلغ عددها الملايين في اللتر الواحد جراء تفاعل مجموعة من العوامل الطبيعية مثل الحرارة والإضاءة والعوامل غير الطبيعية مثل الملوثات. يشار إلى أن نتائج التحاليل الأولية للمعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار أكدت نفس الاستنتاج الذي توصلت إليه هذه الباحثة والمتمثل في التكاثر الكبير لطحالب مجهرية نتج عنه نقص كبير في الأكسيجين أدى إلى نفوق الكائنات البحرية. ولفتت الباحثة من جهة أخرى إلى أن هذه الظاهرة الطبيعية في تزايد بمناطق جغرافية مختلفة من العالم مرشحة أن تكون بعض العناصر زادت من حدتها في السنوات الأخيرة من ضمنها الحرارة المرتفعة والتغذيات المضافة الخارجية "l'eutrophisation du milieu" التي صار يعرفها الوسط البحري نتيجة الأنشطة الإنسانية مثل الصناعة والتسريبات الدخيلة ولا سيما المواد الملوثة. ويتأثر نمو "أكلسندريوم مينوتوم" بحسب الأبحاث والدراسات العلمية بتدني الملوحة ومدخلات المياه العذبة الغنية بالمغذيات بحيث يبدو وجود تدفقات المياه العذبة الغنية بالمغذيات عاملاً مهماً في المحيط حيث تزهر هذه الأنواع من الطحالب. وتشير المعطيات المتوفرة بشأن توزيع الظاهرة في العالم وفق تقرير المجلة العلمية "هارمفول ألغ" بتاريخ 2017 إلى أن طحالب "ألكسندريوم مينوتوم" التي تنجر عنها ظواهر مماثلة لما حصل في سواحل سيدي منصور موجودة بشكل خاص في السواحل الجنوبية والغربية للقارة الأوروبية وسواحل أمريكا وجنوب شرق آسيا. وبينت أمال الشافعي أنه توجد عشرة أصناف من طحالب "ألكسندريوم" المعروفة على الصعيد العالمي والتي تنتج مواد سامة ومشلة للكائنات البحرية (Paralytic Shellfish Poisoning).. ونبهت من أن هذه السموم الأكثر انتشارا في البحر الأبيض المتوسط يمكن أن تؤثر بشكل سلبي على صحة الكائنات البحرية كما على صحة الإنسان. في الأثناء يواصل المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار القيام بالتحاليل العلمية اللازمة لتقديم التفسيرات والأسباب النهائية والقطعية لظاهرة تغير لون المياه ونفوق الكائنات البحرية. ولمجابهة مثل هذه الوضعيات والحيلولة دون تكررها، أكدت أمال حمزة الشافعي على ضرورة القيام بمراقبة جدية للوسط البحري والتسريبات التي يمكن أن تحصل في هذا الوسط من مختلف الجهات الملوثة حفاظا على توازناته البيئية.