وزير الدفاع يشرف على تخرج دفعة جديدة لضباط الصف من مدرسة الاختصاصات الجوية ومدرسة ضباط الصف لجيش الطيران    صفاقس : "موسم زيت الزيتون 2025-2026 سوف يكون واعدا في ولاية صفاقس "    سليانة: الأمطار تُسعف أعوان الإطفاء في جبل دحر والسيطرة على النيران    من نجم عالمي إلى أسير مرض صامت: الوجه الآخر لمعاناة بروس ويليس    حملة مراقبة في عدة أنهج وشوارع بوسط العاصمة تفضي إلى إزالة نقاط انتصاب فوضوي    العنف الزوجي يستأثر بأكثر من 78 بالمائة من العنف المسلط على النساء في ولاية الكاف (تقرير)    اتحاد بن قردان: تمديد عقدي باسم زمزم وعطا العكروت    مباراة ودية: تعادل النادي الصفاقسي وشبيبة القيروان 1 - 1    البرلمان يُصادق على اتفاقية ضمان لتمويل الستاغ لاستيراد الغاز الطبيعي: التفاصيل    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق    عاجل/ زلزال يضرب جزيرة يونانية    ثماني مشاركات تونسية في جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية بالكويت    صعوبات مالية ترافق الدورة ال43 من المهرجان الصيفي بسيدي بوزيد    الدورة الرئيسية للتوجيه الجامعي تنطلق اليوم والاعلان عن نتائجها في هذا الموعد    5 وفيات في إيطاليا بسبب موجة الحر الشديدة التي تضرب جنوب أوروبا    مفاجأة مدوية بشأن مستقبل ميسي    جنينها خرج من بطنها من شدة القصف: استشهاد صحفية فلسطينية رفقة زوجها وأطفالها.. #خبر_عاجل    بيضة واحدة في الأسبوع قد تحميك من هذا المرض الخطير    الكاف: إنقلاب سيارة قرب مفترق الطرقات " البياض"    النادي الإفريقي: الإدارة تسعى لتقليص قيمة فسخ عقد الساحلي    قفصة: ارتفاع صابة الفستق إلى 4289 طنا خلال الموسم الفلاحي الحالي    كوكب الأرض يدور بوتيرة أسرع هذا الصيف.. وهذه تأثيراته    أصحاب الشركات يشتكون من الانقطاع المتكرر للكهرباء: خسائر وتعطّل مصالح    عاجل: موعد الإعلان عن نتائج دورة التوجيه الجامعي    عاجل/ الترفيع في أسعار هذه الأدوية..    برلمان... الحكومة تعزز شراءات الغاز الطبيعي في ظل خطط طموحة لتنويع المزيج الطاقي لانتاج الكهرباء    حزن في إيطاليا بعد وفاة سيليست بين نجم فيورنتينا السابق    هذا ما قاله مستشار ترامب عن لقاءه مع رئيس الجمهورية.. #خبر_عاجل    عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق هذا النائب السابق..    نحو التقليص من كمية الملح في الخبز بنسبة 30%..    تونس: موظف بنك يتحصّل على 2300 دينار...ويخسر نصفها في الأداءات!    بطولة العالم للرياضات المائية: أحمد الجوادي يستعد للمشاركة في المسابقة    تدهور الحالة الصحية لبروس ويليس: الممثل أصبح عاجزًا عن الكلام والقراءة    الحماية المدنية: 147 تدخلا لإطفاء الحرائق في الأربع والعشرين ساعة الماضية    شوية راحة: نهاية موجة الحر من عشية الجمعة بسبب ''التيار النفاث''...شنيا حكايته    فظيع/ وفاة ثلاثيني بعد سقوطه من سطح المنزل..وهذه التفاصيل..    شنوّة أغلى بلاد عربيّة في''الاصونص'' ؟    في تونس: 40% من استهلاك الملح يأتي من الخبز!    منظمة الصحة العالمية تحذّر من خطر تفشي فيروس شيكونغونيا من جديد...هذه أعراضه    أول تعليق من راغب علامة بعد منعه من الغناء في مصر    في سهرة استثنائية: إقبال كبير على تذاكر حفل زياد غرسة في بنزرت    بنزرت: القبض على 12 شخصا من دول إفريقيا جنوب الصحراء كانوا يستعدون"للحرقة"    عمادة المحاسبين التونسيين : المحاسب لا يمثّل المواطن أمام الإدارة الجبائية أو القضاء    في نهار: 590 تدخل للحماية المدنية.. شنوا صاير؟    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم للسيدات: تأهل المغرب ونيجيريا الى الدور النهائي    الصوناد تدعو التونسيين إلى التبليغ عن الإشكاليات عبر هذا الرقم الأخضر    وزارة الفلاحة:جلسة عمل حول التقرير السنوي القطاعي للمياه 2024    وفاة أسطورة الروك «أمير الظلام» أوزي أوزبورن    التونسي عزيز دوقاز يواصل تألقه ويتأهل إلى الدور الثاني في دورة سيغوفي الإسبانية    ترامب يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع اليابان    أوروبا تطالب إسرائيل بالتوقف عن قتل الغزيين عند نقاط توزيع المساعدات    عرض "سينوج-أوديسي" في مهرجان الحمامات الدولي: مزيج متقن بين التراث والتجريب    ترامب يتهم أوباما ب"الخيانة".. ومكتب الأخير يرد    تاريخ الخيانات السياسية (23)...فتنة الأمين و المأمون    شمس تختفي لمدة طويلة.. الكسوف الكبير يجي على قريب    بسبب ''قُبلة'' من فتاة: منع راغب علامة من الغناء في مصر    تاريخ الخيانات السياسية (22) .. حكاية الرشيد وجعفر البرمكي    الأرض على موعد يومين من أقصر الأيام في تاريخ البشرية!    









أوبرا بال فيينا في الجم .. حينما تجعل الموسيقى السمفونية كل شيء حيا
نشر في حقائق أون لاين يوم 04 - 00 - 2019

"إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر "، والتونسيون يحبون الحياة ما استطاعوا إليها سبيلا، ويرنون إليها وإن كانوا على تخوم الموت، وحتّى القدر يسايرهم كيف لا ورئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي ترك فيهم وصية "فبحيث تحيا تونس" ويحيا التونسيون.

رحل رئيس الجمهورية ليظلّ حاضرا في الذاكرة التونسية وليبقى الوطن حيّا لا يموت وإن وشحت تجليات الموت بعض ثناياه، وبعد سبعة أيام من الحداد تعانق الموسيقى السمفونية حجارة قصر الجم من جديد بعد أن استأنست إلى الصمت عقب بيان الموت.

وفي سهرة الثالث من شهر أوت الجاري، نفض المكان غبار الصمت عنه، وأعلن موت الحداد في حضرة الفن والتاريخ، وكان الجمهور على موعد مع الموسيقى والحياة، موعد حضره الباجي قائد السبسي حينما تحدّت الموسيقى الغياب وكانت معزوفة " موسيقى الليل" لموزارت هدية أركسترا أوبرا بول فيينا لروحه.

صورة الباجي قائد السبسي تزيّن ركح المسرح، ونوتات المقطوعة الموسيقية تترجم ألم الفقد ووجع الفراق، وهي التي تعبّر عن خلجات نفس موزارت إثر نهاية والده المأساوية، يتسلل الحزن من بين النوتات فتقطع الشعلة المتقّدة أمام أمام الركح طريقه فينجلي الليل ويتوهّج ضوء الشموع التي تزين قصر الجم وتظل الموسيقى صوتا للحياة.

في الشاشة، يرفع الباجي قائد السبسي يده في أداء للتحيّة العسكرية، تحيّة ردّ عليها جمهور المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية بالجم بموجة من التصفيق اهتزّت لها المدارج، قبل أن يتماهى العازفون مع آلاتهم مرّة أخرى، يعلن قائد الاوركسترا "أوي ثايمر" ميلاد معزوفة " الحياة الباريسية" لجاك أوفنباخ".

وعلى الركح كان حضور الباريتون "تيل فون أورلوسكي" صارخا، كان يشبه أميرا من العصور الماضية، صوته القوي يكاد يخترق السماء، وتعابير وجهه الآسرة تغلب عليها معالم البهجة، وورقصاته العفوية تزيّن تفاعله مع الجمهور ، وقد لا تفهم الكلمات ولكنّك تتمايل على إيقاع الموسيقى النابضة حياة.

والسوبرانو المجريّة "بريجيتا سيمون"، أضفت مسحة خيالية على المسرح وما أشبه إطلالتها بأميرات أزمنة مارة، فستانها الزهري جميل ووجهها وتسريحة شعرها ولكنّ صوتها أجمل، صوت يرشح أنوثة وسحرا وهي تغنّي "إل باسيو" ل لويجي أرديتي، متباهية بجمالها ومعتزة بقوة صوتها الأنثوي الساحر.

وفي رحاب موسيقى فيان الساحرة، التقطت آذان الحضور موسيقى فيلم "My Austria " ل "لفرانك فون " ف"Enfants de village " ل" إميريش كالمان"، قبل أن يعتلي الباريتون "تيل فون أورلوسكي" والسوبرانو "بريجيتا سيمون" الركح، في ديو عنوانه التناغم، وجسّدت أصواتهما وتعابير وجهيهما أغنية "عندما يحب اثنان بعضهما البعض"، من أوبريت "العبث" ل"فرانز لير".

وفي أرجاء مسرح الجم، عبثت رائحة " أزهار فيينا" معزوفة الفالس الشهيرة للملحّن " "فولفغانغ جيلينيك" وأغوت الجمهور بالتمايل، ونوتاتها تعبن نهاية الجزء الأول من الأمسية الموسيقية الأوبرالية، انطلاقة الجزء الثاني بمعزوفة "سوق السيرك" ل"روبرت ستولز".

ومثل دأبها، كانت اركسترا أوبرا بال فييينا وفية ل" شتراوس"، إذ انسابت نوتات معزوفتي "ورود الجنوب" ثم "بولكا بيزيكاتو" و"تشيوان أذهب إلى السيرك"، في أرجاء مسرح الجم، قبل أن يتردّد في الأرجاء صدى "أغنية فيلجا"، قبل أن يتشابك صوتي الباريتون والسوبرانو بديو "هيا بنا نذهب إلى فاراسدين" وديو أوبرا "الكونتيسة ماريتزا" ل"إميريش كالمان".

وعلاقة الاركستر بجمهور المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية تمتد على عقدين من الزمن، يجتمعان على مرّهما كل سنة في مسرح الجم، ولذلك لم يخل برنامج العرض من المفاجآت إذ اختالت "بنت الشلبية" في رحاب المكان الذي ما انفك يقاوم الموت ويستنطق الحياة على تخومها.

وكان لمعزوفة "بنت الشلبية" في حلّتها الاركسترالية الفخمة، وقع الفرح في نفوس الجمهور الذي غنى كلماتها في انسجام تام مع الموسيقى، قبل أن تراود ألحان "الدانوب الأزرق الجميل" أجساد الجمهور وتدعوهم إلى رقصة فالس رسم الباريتون والسوبرانو خطواتها على المسرح، وكانت حركاتهما عنوانا للحب والحريّة.

وذلك الرباط المتين بين الاركسترا وجمهورها، جعلهما يتقاسمان العزف في المقطوعة الختامية "La marche de radetsky"، العازفون يداعبون الآلات الموسيقية فيخلقون الألحان والجمهور في الكراسي والمدارج يخلق لحنه بكفيه، يحاكي امتدادات عصا قائد الاركسترا، الذي انشطرت قبلته بين العازفين والجمهور، وكان نسق التصفيق يخف ويحتد تماما كالعزف، حتّى تخال أنّه صارت نوتة تماعت مع البقية.

وبغض النظر عن الروائع الغنائية والموسيقية التي أطربت الجمهور طيلة الساعتين، فإنّ الصداقة العريقة بين اوركسترا بال فيينا وجمهور المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية تظلّ إحدى النقاط اللافتتة في هذا العرض الموسيقي الكلاسيكي الذي أقحم الجمهور في عالم النوتات فكانت النتيجة معزوفة بنكهة الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.