كغيرها من الأحزاب السياسية الوازنة في البرلمان والفاعلة في المشهد السياسي، تشهد حركة النهضة منذ سنوات حراكا داخليا مستمرا كان في بداياته خفيا بين أسوار المطبخ الداخلي للحركة، ويتعلق أساسا بتحالفاتها منذ 2014 مع أحزاب تختلف معها فكريا وسياسيا أبرزها حركة نداء تونس، إلا أنه ومع اقتراب موعد المؤتمر الحادي عشر للحركة، طفى الخلاف على السطح وبات معلنا وبرز صراع أجنحة تبحث عن تموقعات في الحكومات المتعاقبة وفي الصفوف القيادية الاولى للحركة في فترة ما بعد المؤتمر. ويدور لب الصراع المحتدم داخل النهضة أساسا حول شخصية راشد الغنوشي رئيس الحركة وزعيمها، بين شق يرى فيه شخصية اعتبارية ضرورية لتوازن الحركة ولعلاقاتها الخارجية تلعب دورا توافقيا تاريخيا في المسار الديمقراطي للبلاد، وشق آخر يرغب في استبعاد الغنوشي من القيادة معتبرا انه لا يحق له الجمع بين رئاستي الحركة والبرلمان ولا بد من إفساح المجال لأسماء جديدة.
وتفاقم صراع الشقين بعريضة تقدم بها 100 قيادي من الحزب دعوا فيها راشد الغنوشي إلى الإعلان الصريح عن عدم الترشح لرئاسة الحركة في المؤتمر القادم، ليصبح الصراع مكشوفا ومعلوما في المنابر الاعلامية ولتصل التجاذبات والخلافات داخل الحركة الئ مستوى غير مسبوق وهو ما كان متوقعا داخل حزب يزخر بالعشرات من قيادات الصف الأول.
وقد يكون هذا الحراك الداخلي ظاهرة صحية للقيام بالمراجعات الذاتية داخل اكثر حزب حكم البلاد منذ الثورة ، وقد يكون كذلك ارتفاع وتيرة الصراعات أولى مؤشرات التفكك الوشيك الذي قد ينهي سنوات من الغليان بين أجنحة الحركة، خاصة بعد استقالة قيادات من الصف الأول أبرزها عبد الحميد الجلاصي وحمادي الجبالي واستقالة الأمين العام السابق للحركة زياد لعذاري من منصبه وانسحاب عبد الفتاح مورو من الحياة السياسية.
عشر سنوات من تورطها في الحكم قد تجر الحركة الى دفع ثمن أداء الحكومات المتعاقبة ، على غرار ما جرى لمعظم حركات الإسلام السياسي التي مارست الحكم عربيا وإقليميا.