قابس...عودة الهدوء.. ودعوة إلى المحافظة على الطابع السلمي للاحتجاج    سبعينية تجرفها وشياهها السيول بأرياف بوسالم    أحزاب ومنظمات تطالب بإيقاف التلوث القاتل بقابس    تمييز الوجهة التونسية للصينيين    معاينة التدخلات بشأن الحشرة القرمزية    20 دولة ستشارك في قمة شرم الشيخ حول القطاع    داخلية غزة تؤكد السيطرة الكاملة على مليشيا بغزة واعتقال العشرات    فرنسا: الإعلان عن حكومة جديدة لسيباستيان لوكورنو تضم 34 وزيرا    الرابطة الثانية    تونس - ناميبيا: الدخول مجاني للنساء والأطفال    القيروان : إيقاف شخصين على متن سيارة أجرة بحوزتهما 5 صفائح زطلة'    رسائل القرّاء ...أصهاري منعوني من زوجتي وابنتي منذ شهر جويلية بالقوّة .. فمن ينصفني؟    فتح تحقيق ضدّ 7 أشخاص بشُبهة تهريب القهوة والمضاربة بها في السوق    أولا وأخيرا .. صالح لحرش وثورة الصك والحك    في قلب العاصمة تونس: مئات البنايات متداعية والآلاف في خطر!    عاجل: غانا تتأهل لكأس العالم 2026    الفنانة زينة في مواجهة جديدة ضد الفنان أحمد عز في قاعات المحاكم: التفاصيل    شواء اللحوم يزيد خطر الإصابة بالسرطان... فكيف تشوي بطريقة أكثر أماناً؟    تصفيات كأس العالم 2026: هولندا تفوز على فنلندا 4-صفر وتقترب من المونديال    "في الدورة العاشرة من "دريم سيتي": كل شيء رائع" ...عرض لأحمد العطار وناندا محمد يضيء العتمة ويزرع الأمل    مجلة "أصوات ثقافية" تحتفي بأصوات سردية وشعرية وفنية إبداعية متنوعة وتخصص ملف العدد الأخير للراحل حسونة المصباحي    قابس: تحرك احتجاجي سلمي بشاطئ السلام    إجراءات جديدة لدخول منطقة 'شنغن' و4 دول أوروبية أخرى    مقتل 4 وإصابة 20 على الأقل في إطلاق نار بولاية ساوث كارولاينا الأمريكية    اليم في سيدي حسين... يحرق جاره ويحيله على الانعاش    أمهات الدجاج باش تولّي تونسيّة...شنيا الحكاية؟    يزيد منصوري: "الزاد البشري الحالي للترجي كاف للمراهنة على رابطة ابطال افريقيا"    سامي الطرابلسي: المنتخب الوطني يتعامل مع كافة المباريات بكل جدية مهما كان رهانها    كيفاش باش يكون طقس الليلة؟    سيدي حسين: حملة أمنية تطيح بعدة مروّجي مخدرات ومفتش عنهم للقضاء    عاجل: ثلوج كثيفة وبرد قارص يضرب هذه الدول العربية    جامعة النفط والمواد الكيميائية تدعو إلى رؤية وطنية متكاملة لمعالجة أزمة التلوث في قابس    إطلاق "مبادرة المليون توقيع لتجريم التطبيع"    الدورة السادسة للصالون الدولي للأجهزة والخدمات والتكنولوجيات الحديثة للسلامة من 15 إلى 19 أكتوبر 2025    المنتخب الجزائري يواجه أوغندا بدون البلايلي وبونجاح وهذا هو السبب    دراسة صادمة: استعمال مواقع التواصل الاجتماعي في الوقت هذا تزيد من الاكتئاب    ال CNAMوطرق الانخراط: كل شي لازم تعرفو على التأمين الصحي    القصرين: قافلة صحية عسكرية متعددة الاختصاصات لفائدة متساكني عمادة عين جنان الحدودية    المنستير: توقعات بانتاج 90 ألف طن من الزيتون و18 ألف طن من االزيت خلال موسم الزيتون الحالي    دورة سافاري للرقبي السباعي سيدات - المنتخب التونسي ينهزم في الدور ربع النهائي امام نادي شوغون 12-17    المهدية: "مشاريع تحلية المياه نوعت من الغراسات وزادت في مردودية الفلاح"    فتح تحقيق ضدّ 7 أشخاص بشُبهة تهريب القهوة والمضاربة بها في السوق    علامات بسيطة.. أما خطيرة! هكّا تعرف إلي عندك سكري والا لا    أخيرا/ شاحنات المساعدات تتحرك استعدادًا لدخول غزة..#خبر_عاجل    عاجل/الناشط في أسطول الصمود علي كنيس يعود الى تونس..    تونس تتصدر: السياح الصينيين اختاروها الأفضل والأكثر أمان    عاجل/ فاجعة تسمم تلاميذ في قابس: رئيس الدولة يسدي هذه التعليمات..    سيدي بوسعيد ضمن أروع 10 قرى بيضاء في العالم    ابنة إيناس الدغيدي: "أمي حققت حلمها واتجوزت وهي فوق السبعين"    ديان كيتون ترحل... النجمة اللي عرفناها في العرّاب وآني هول    العاصمة: يوم مفتوح بشارع الحبيب بورقيبة للتوعية بالسكتة القلبية تحت شعار "كل ثانية تنقذ حياة"    جندوبة.. قافلة صحية تؤمن 740 عيادة طبية مجانية    أولا وأخيرا .. البحث عن مزرعة للحياة    الطقس اليوم: سحب وأمطار خفيفة بالشمال والوسط ورياح قوية في الجنوب    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    وقت سورة الكهف المثالي يوم الجمعة.. تعرف عليه وتضاعف الأجر!    يوم الجمعة وبركة الدعاء: أفضل الأوقات للاستجابة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ريم سعد.. عن فنانة توقد روحها شموعا لتنير سبيلها
نشر في حقائق أون لاين يوم 23 - 05 - 2021

ليس من السهل أن تمضي في سبيل لا يلوح النور في بدايتها، وحيدا دون سند ولا عضد وبأفكار مبعثرة وروح مضطربة، وليس من السهل أن تثبت أقدامك على سراط مهتزة تسيل من بين ثناياها أنهار من المياه تعبث بتوازنك وتحول دون تقدمك.
ليس من السهل أن تسير حافيا في طريق معقدة بالأشواك، وتستقر الشوكة وراء الشوكة في قديم وتخضب القرى من تحتك بالدم، وليس من السهل أن تستنطق الأمل على تخوم اليأس، ولكن من المستحيل ان تسكت صوت الحياة فيك وتخرس نبضات قلب نابض بالفن.
هي البدايات صعبة لكنها ملهمة ومصدر عزيمة وإصرار، ولولا العثرات لن تسبب فيك النشوة ان تهاديت في ثنايا ملونة بالأمل تماما كما فعلت الفنانة ريم سعد، فنانة لا تنفك تتحسّس صوت الخيال وسط ضجيج الواقع.
هي فنانة تشكيلية وحرفية وباعثة مشروع ارادت له ان يكون مختلفا، في البدء أسرها التعليم الجامعي ومارست المهنة التي تحب بعد التسجيل في رسالة الدكتوراه، ولكن رحلتها مع التعليم انتهت قبل أوانها لما تهاطلت عليها الصعوبات ولم تكن أمامها خيارات اخرى.
بالقطيعة مع التعليم الذي كانت تتمثل فيه عوالمها الجميلة، سكنت إلى نفسها تسألها وتسائلها وتبحث في ثنايا عن أجوبة عالقة تنشد الخلاص حتى سطع نور وسط العتمة، هي فكرة "شمعدان" أضاءت من حولها حينما اوقدت ريم سعد روحها شموعا.
شمعدان تلك اللفظة الفارسية التي تعني وعاء الشمع ، فقزت إلى خيارها وهي التي كانت تحترق كل ليلة وهي تلاحق خيط الأمل وتلملم شتات نفسها التي أعيتها المصاعب، وكما الشمعدان بدت ذاتها التي تحاكي روحا تذوب كل ليلة وهي تحاول ان تدس النور في الظلام من حولها.
مثل طائر الفينيق كانت كل ليلة تحترق لتنهض من جديد حتّى تبدّت لها فكرة المشروع، ولأنها كانت قد انقطعت عن التدريس ولا تحوز على أموال لتعلن ميلاد مشروعها فلم يكن أمامها سوى خلق فكرة الورشات المتنقلة.
الشمعدان، أيضا، وعاء غير متكلس ومتحرّك في كل الاتجاهات وقد استلهمت خاصيته لكي لا تئد مشروعها وهي تواجه صعوبات مادية، ومشروعها هو الشمعدان الذي استوعب شموعها التي تضيء من حولها لكنهالا تتلاشى.
مشروعها لا يخلو من بعد استيتيقي شاعري مداده الإصرار والمقاومة، وفي تحدّ لكل العوائق تسلحت بأدوات خلقها الفني وولت وجهها شطر الحدائق والمقاهي الشعبية تشارك أحلامها مع الآخرين.
وعند "شمعدان" يتماهى الحرفي والفني وتتحرر ريم سعد من كل تمظهرات المادة حتّى انها تختصر الكون كله في جسدها ولوحاتها وأحاسيسها وابتساماتها التي توزعها على العابرين حيث استقرت.
وفكرة الورشات المتنقلة التي خلقها العجز عن كراء مقر يكون لورشة تؤوي أفكارها وتصوراتها، كانت فسحة رتّبت فيها أفكارها المبعثرة ونثرت فيها النور على جنبات السبيل التي قررت أن تسلكها على مشقّتها.
وهي ترسم ملامح فكرتها، كانت تتصرف على سجيتها وتتمثل الكون من حولها كما يتبدّى لها في عاطفتها فأنشأت علاقة خاصة بينها وبين "الآخر" في الأماكن التي ترتادها لتشكّل لوحاتها دون ان تضطر لخلاص معلوم كراء.
رغم انها ديناميكية ونشطة وهي التي كانت تلاحق الصور والمشاهد والتفاصيل، خبرت معنى الصبر والجلد في تجربتها الجديدة التي أضفت على شخصيتها مسحة من النضج.
من الورشات المتنقلة إلى صناعة الدفاتر، تتطور فكرتها يوما بعد يوم وتحاول ريم سعد ان تضع بصمة خاصة بها في مجال الحرف، وهي التي تلقت تكوينا فنّيا لكن الظروف التي صادفتها جعلتها تتعلم الصناعات اليدوية.
بين الفني والحرفي تتهادى فكرتها، وهي حريصة على اختيار أجود المواد الأولية التي تستعملها ليكون الدفتر بما هو فضاء للتعبير، لافتا للأنظار من خلال تفاصيله التي تحرص على أن تزيّنها بشغف ومحبّة.
صناعة الدفاتر، ليست مجرّد مشروع بل هو حلم سعت لتحقيقه لتستعيد توازنه الذي اختل بفعل الصعوبات التي تعثّرت بها لكنها لم تسقط وظلت تقاوم وتصقل فكرتها لتبدو على ماهي عليه اليوم.
اليوم، هي تنكب بنفسها على صناعة الدفاتر وتهيئ بكل حب وتفان طلبيات لا تتجاوز المائة دفتر في انتظار أن تمرر تجربتها التي اكتسبتها وتقنيات الصنع إلى حرفيات تكوّنهن كما كوّنت نفسها.
وفي " شمعدان" تتعانق الأصالة والحداثة في توجّه اختارته ريم سعد التي تتشبث بجذورها لكنها تتطلع دوما إلى الانفتاح، والدفاتر اليوم "سفيرة" تونس عند مؤسسات تونسية تعمل في الخارج.
وبعيدا عن هذا المشروع الذي تسعى باعثته إلى أن يتسع أكثر ويكون مصدر رزق لحرفيات تكوّنهن بكل الحب الذي يملأ قلبها وتبثّ منه في كل ما تشكّل أناملها،نسجت ملامح معارض شخصية تضم لوحات فسيفساء مائية.
مستقلة عن كل الجهات، تبحث عن سبل لترى لوحاتها النور وتعانق محبي الفسيفساء المائية، وإن أفلحت قبل سنتين في أن تعرض بعضها فإنها اليوم تواصل رواية حكاياتها عبر هذا الفن دون أن تدق الأبواب الموصدة في وجوه الفنانين الشبان.
طريق صعبة اختارتها ومضت فيها عن قناعة، هي تعي أنها ستواجه صعوبات مادية وأنها يجب أن تتحلى بالصبر كي تتمكن من العيش بالفن ولكنّها تعي أيضا أنها تحيا بالفن وللفن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.