لن تسمع "ميري لطوف"، اليوم الثلاثاء، أجراس الكنيسة القريبة من منزلها بمناسبة عيد رأس السنة الميلادية الجديدة، بعد أن ألزم تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية "داعش"، الذي يسيطر على المنطقة التي تقيم فيها بمحافظة حلب، مسيحيي المنطقة بممارسة شعائرهم الدينية بصمت. لطوف، التي قالت انها تستخدم اسما مستعارا خوفا من عقاب "داعش"، قالت في تعليق كتبته على صفحة "أكبر تجمع مسيحي سوري"، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "أنا من مؤيدي الثورة على نظام بشار الأسد، ولكن لم أتوقع أن يؤدي نتاج الحراك الثوري الذي قام به الشعب السوري قبل نحو 3 أعوام، إلى هذا الوضع الصعب الذي يعيشه المسيحيون في المنطقة الشمالية بسوريا". ويحتفل مسيحيو سوريا عادة ليلة 31 ديسمبر/ كانون الأول بمناسبة عيد رأس السنة الميلادية، حسب التقويم الشرقي، في حين أن بعضهم يحتفل ليلة الخامس والعشرين من الشهر نفسه بعيد ميلاد السيد المسيح الذي يحتفل به المسيحيون الذين يتبعون التقويم الغربي. ويعيش المسيحيون بمحافظات شمال سوريا "حلب، الحسكة، إدلب" ظروفاً صعبة في ممارسة شعائرهم، في ظل سيطرة تنظيم "داعش"، المعروف بتشده دينياً، على أجزاء كبيرة من هذه المحافظات، حيث يفرضون على المسيحيين ممارسة طقوسهم في صمت، ويحرّمون قرع أجراس الكنائس، حسب لطوف. وشكل آخر من أشكال المعاناة يرويه جورج حسني، مسيحي يقيم في ريف "إدلب"، وهو عدم قدرته على الإفصاح عن هويته المسيحية بسبب تشدد أعضاء "داعش". وقال حسني الذي يستخدم هو الآخر اسما مستعارا على نفس الصفحة على (فيسبوك)، "أجبروني على أن أخلع الصليب الذي كنت أرتديه، فكيف سيسمحون لنا بممارسة الطقوس في أعيادنا ؟". وتابع: "تمر أعياد الميلاد في مناطق شمال سوريا مثل باقي الأيام العادية". وبينما ستمر هذه المناسبة "صامتة " في شمال سوريا، فإنها لن تمر كذلك في المناطق التي لا يزال الجيش السوري الحر محكما سيطرته عليها. وقال يامن الجوهري ممثل منطقتي درعا والسويداء (جنوبسوريا)، بهيئة قيادة الأركان المشتركة للجيش الحر "المسيحيون في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر يمارسون طقوسهم بحرية كاملة، ولا توجد لديهم أي قيود تمنعهم من إحياء مناسبة عيد الميلاد كما تعودوا". وتابع في تصريحات خاصة لمراسل الأناضول: "هم أخوة لنا لهم ما لنا من حقوق وعليهم ما علينا من واجبات، ويوجد منهم أعضاء في الجيش الحر". وأبدى الجوهري حزنه على أوضاع المسيحيين في شمال سوريا، مضيفا "نعلم أن عيد رأس السنة سيمر عليهم يوما عاديا مثل أي يوم، وهذا يؤلمنا كما يؤلمهم". ويشكل المسيحيون وفق تقارير صحفية نشرتها صحف أجنبية 10% من مجموع السكان في سوريا (البالغين 22 مليون نسمة وفق إحصاءات رسمية حديثة)، في حين تؤكد المصادر الرسمية أن نسبتهم لا تتجاوز 8%. وتختلف كثافة انتشار المسيحيّين حسب المناطق السوريّة فبينما تصل إلى 20% في منطقة الجزيرة (الحسكة وريفها) تنخفض النسبة إلى 15% في المنطقة الساحلية (طرطوس واللاذقية)، 10% في حلب، في حين تنخفض إلى 5% في كل من دمشق وباقي المناطق السورية.