توافقت غالبية المشاركين في المناظرات العربية الجديدة على أن الربيع العربي ما يزال مزهرا في تونس، مهد الثورات التي تهز المنطقة منذ مطلع 2011. ففي حلقة حوارية متلفزة نظمت هنا مساء الأحد تحت عنوان "الربيع العربي انتهى"، صوّت 72 % من الجمهور ضد هذا الطرح، في الذكرى الثالثة لشرارة الانتفاضات العربية. غالبية الحضور كان من طلبة الجامعات ونشطاء سياسيين. وأظهرت نتائج التصويت الالكتروني في ختام المناظرة ارتفاعا في نسبة الرافضين لعنوانها مقارنة بنتائج التصويت الأولي في مستهلها، على ما لاحظ المنظمون. إذ غيّر 7 % من المصوتين موقفهم المؤيد لعنوان المناظرة إلى التصويت ضده. متحدثة تأييدا لعنوان المناظرة قالت أستاذة اللغات (اللسانيات) في جامعة تونس روضة بن عثمان أن نشوة التغييرات التي أعقبت الثورات وصلت إلى نهايتها. "كسبنا العديد من الأشياء، لكن علينا الإقرار بأن الطريق صوب الديمقراطية طويل ومشوش"، على ما أوضحت بن عثمان، التي تنافست على عضوية الجمعية التأسيسية دون جدوى. وفيما أوضحت أن "الربيع العربي انتهى"، استدركت الأكاديمية التونسية قائلة: "لكن الثورات (الحقيقية) تتفاعل الآن". وعارض عنوان المناظرة المدون وناشط في مجال حقوق الانسان طارق الشنيتي. إذ رأى الشنيتي أن الحرب متواصلة بحثا عن الكرامة والحرية، رغم تفاوت النتائج. وأكد في المقابل أن "بذور الديمقراطية تنثر في كل أرجاء المنطقة". وقال: "لدينا في تونس دستور جديد يحترم حرية الضمير. ولدينا مجلس جديد سيمنع التعذيب، وأيضا قانون عدالة انتقالي من شأنه ضبط إيقاع التحول نحو الديمقراطية. كما أن الصحافيين يدفعون بقوة نحو حرية الإعلام. وفي في المغرب مثلا، عدل الدستور لمنح رئيس الوزراء صلاحيات أوسع"، حسبما أوضح. وختم مداخلته قائلا:"علينا أن نحتفل بتلك الانجازات ونبني عليها". عضو الجمعية التأسيسية الليبرالي نعمان الفهري أظهر مزاجا مماثلا، وقال إن الغالبية أظهرت رغبتها في الوصول إلى أراضية مشتركة قائمة على التوافق والتزامها بنهج الخريطة السياسية. هذه المعادلة سمحت لتونس بتفادي المصير الذي آلت إليه مصر وسورية، حسبما أضاف الفهري الذي جلس بين الحضور.وقال: "الإجماع الذي تشكل حول خريطة الطريق تمثل بوضع دستور جديد – ثم نشكل حكومة غير حزبية ونجري الانتخابات. وهذا ما يحصل الآن". لدى فتح باب المداخلات، ناقض أحد الطلبة المشاركين آراء بن عثمان، حول انتهاء الربيع العربي. وقال الطالب: "من المبكر قول ذلك.. لقد عشنا تحت دكتاتورية ونحتاج وقتا للتأقلم مع الوضع الذي وصلنا إليه.. نحتاج للتأقلم مع حقيقة أننا الآن مسؤولون أمام أنفسنا". سيدة من بين الحضور جادلت من جانبها: "لو أن الربيع العربي قد انتهى لما تمكنا من حضور هذه المناظرة والتحدث بحرية". يشار إلى أن وزارتي الخارجية النرويجية والبريطانية تمولان الموسم الثالث من المناظرات العربية- وهي منصة مفتوحة معنية بحفز المساءلة والمحاسبة في إطار الديمقراطية. وتنظم المناظرات أيضا حملات واسعة للهدف ذاته في مدارس وجامعات عربية، لتشجيع الشباب على المشاركة في تطوير الحياة السياسية من خلال ندوات ونقاشات عامة. للسنة الثالثة على التوالي، تبث حلقات المناظرات العربية الجديدة – بالعربية والانكليزية- عبر شاشة تلفزيون دويتش فيلله Deutsche Welle إلى جانب شركائها في الإقليم والعالم، بما في ذلك قنوات هنبعل التونسية، أون تي في ONTV المصرية، رؤيا الأردنية والوطن الفلسطينية في رام الله.