في تونس شاركنّ فهرب حاكمهنّ، وفي مصر التحقنّ فتنحى رئيسهنّ، وفي ليبيا انطلقنّ فقُتل قائدهنّ، وفي اليمن زحفنّ فأخرجنّ صالحهنّ، وفي سوريا ما زلنّ ينتفضنّ، ليسجلنّ الأعلى صوتاً وتصويتاً في عملية تحول ديموقراطي شهدتها تلك البلدان الثلاثة الأولى. ففي”تونس ومصر وليبيا” شاركت المرأة بقوة كناخبة ومشاركة في عملية التصويت، خاصةً إذا ما قورنت بمشاركتها في عهد الأنظمة السابقة. فطوابير الناخبات في مصر، وارتفاع نسبة التصويت في كل من تونس وليبيا، ظاهرة ديموقراطية دفعت الخبراء للقول بأن “مشاركة الناخبات في دول الربيع العربي الثلاث تدعو للتفاؤل بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة شرط توفير الشروط لمزيد من المشاركة لهنّ في المستقبل”. ويرى خبراء أن “هناك عددًا من الجوانب السياسية والثقافية التي تجمع كلاً من تونس ومصر وليبيا؛ ففي الدول الثلاث كما يقولون أطاحت المظاهرات الضخمة والمستمرة بالحكام السابقين، وبعدها بدأت تلك الدول تخطو خطواتها الأولى في المرحلة الانتقالية نحو بناء الديمقراطية، واختارت الدول الثلاث إجراء انتخابات برلمانية مبكرة كخطوة رئيسية أولى في طريقها نحو الديمقراطية، فضلاً عن البدء في صياغة دستور جديد”. هدى بدران، رئيسة رابطة المرأة العربية، تقول “كانت مشاركة النساء ضعيفة في العملية الانتخابية في كل من مصر وتونس في ظل الأنظمة السابقة”. وتضيف في حديث مع مراسلة الأناضول: “لكن عقب قيام الثورات في الدول الثلاث،(مصر، تونس، ليبيا) أدت توقعات الناخبين حول إمكانية وجود عملية انتخابية حقيقية وذات مصداقية إلى زيادة الاهتمام بالتصويت”. وبحسب الموقع الإلكتروني للجنة القضائية العليا للانتخابات في مصر فقد وصل إجمالي عدد الناخبين المدرجين في سجل الناخبين الجديد لعام 2011، والذي تم تصنيفهم بحسب النوع والمحافظة، إلى أن عدد الناخبات المؤهلات للتصويت كان 23 مليونًا و8111 ألفًا و912 ناخبة، أي ما يعادل 47% من إجمالي عدد الناخبين المؤهلين للتصويت والبالغ عددهم 50 مليون و384 ألفًا و457 ناخبًا. أما في تونس فقد أظهرت دراسة للأمم المتحدة للمرأة صدرت في ديسمبر 2012 “أن السلطات التونسية قامت ببحث نفس البديل الذي تم اعتماده في مصر”. لكن المسؤولين رأوا أن قاعدة بيانات بطاقات الهوية القومية لا تكفي في حد ذاتها لإعداد سجل متكامل لكافة الناخبين، حيث إن عناوين الناخبين الموجودة في قاعدة البيانات لا يمكن الاعتماد عليها كثيرًا. كما تم اعتماد إجراء يسمح للناخبين بتحديث عناوينهم واختيار مركز الاقتراع الأقرب لهم، وشارك في هذه العملية ما يقرب من 55% من إجمالي عدد الناخبين المؤهلين للتصويت كان من بينهم 46% من النساء”. وفي ليبيا وبشهادة من منظمة الأممالمتحدة قامت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ومنظمات المجتمع المدني للقيام بحملات توعية تستهدف النساء لتشجيعهن على التسجيل لكي يتمكنَّ من المشاركة في عملية الاقتراع. وقام نحو 2,8 مليون شخص من بين إجمالي عدد الناخبين المؤهلين للتصويت والبالغ 3,5 مليون بالتسجيل للتصويت في انتخابات المؤتمر الوطني(البرلمان)، وبلغت نسبة النساء 45% (1.3 مليون) من بين الناخبين المسجلين. ويرصد علي الصاوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ارتفاع نسبة مشاركة النساء في التصويت في الدول الثلاث بأعداد أكبر من أي وقت مضى. وقال: “شوهدت صفوف طويلة خارج مراكز الاقتراع المخصصة للنساء، وظهرت الحاجة للاستعانة بالمزيد من العاملات في شؤون الانتخابات من أجل التأكد من هويات النساء “المنقبات” وكل هذا عكس حالة الحماس الشديد التي شجعت النساء على المشاركة في التصويت في البلدان الثلاثة”. ويفسر الصاوي ذلك بقوله: “الثقة في العملية الانتخابية كانت عاملاً أساسيًّا في زيادة إقبال الناخبين، وخاصة في صفوف النساء، إلى جانب جهود التوعية التي بذلتها أطراف حكومية وأهلية كانت عاملاً مهماً في ارتفاع نسبة المشاركة”. من جانبها، تقول آمال سليمان العبيدي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بنغازي في ليبيا، لمراسلة الأناضول: “إن الانتخابات السابقة في البلدان الثلاثة تبعث برسالة قوية مفادها بأن المرأة تريد المشاركة على قدم المساواة مع الرجل في الانتخابات”. وتستطرد: “لكن هذا لا يمنع من الاعتراف بأن هناك عوامل هيكيلية تحول دون مشاركة أكبر للناخبات؛ مثل عدم وجود بطاقات الهوية القومية في مصر، وقلة الوعي فيما يتعلق بالعمليات الانتخابية كما هو الحال في ليبيا”. وترى العبيدي أنه “يجب تطوير أدوات جديدة لتحسين تسجيل الناخبات في مصر، والقيام بحملات توعية وتثقيف تستهدف الناخبات في ليبيا لضمان ممارسة حقهن في التصويت بشكل فعال. كما تؤكد على أن تطوير قدرات منظمات المجتمع المدني للقيام ببرامج تثقيف الناخبين أمر بالغ الأهمية لتطوير المعرفة الانتخابية بشكل مستمر وذلك من خلال الهيئات المختلفة المشاركة في العمليات الانتخابية، إضافة إلى ضرورة بناء معرفة وتوعية طويلة المدى حول أهمية مشاركة المرأة الفعالة في العملية الديمقراطية. (كوثر الخولي – القاهرة الأناضول)