(أم زيد : رمز المرأة البوزيدية ) كتب هذا القصيد بمناسبة الحراك النسوي في سيدي بوزيد في اوت 2012 من اجل سراح ابنئهم الموقوفين أم زيد ترنو الى الفجر من الشرفة المظلمة تهمس له ببعض المراثي البسيطة يزحف الفجر نحوها قادم من بعيد يرتفع الهمس شيئا فشيئا فترتج القلوب يشتد وقع الخطى.. تزلزل الارض تحت اقدام الجنود يتكاثف قذف الظلمة بالحصى وفجأة .. يسقط ، سهوا ، اسم المدينة من الخارطة تصرخ الحناجر : ماذا نريد ؟ يقتحم جند سادس الخلفاء كل البيوت نصيح : نريد خبزا ، نريد حرية .. نريدها كرامة وطنية يسري الفجر ببطء ولا تتبدد العتمة نتساءل : هل فر الطغاة ، لتنشق الارض عنهم من جديد ؟ انهم جراحاتنا يصعدون ينزف الجرح رويدا رويدا ويشتد الانين يتهاطل مطر الغضب الشعبي .. فيتوحد صوت ارتجاج القلوب يتسلق اسم المدينة سلمها لينتصب مرة اخرى فوق الخريطة فيسقط سهوا ، في كل مرة، من الخريطة اسم جديد ترتج الشرفة المظلمة تظهرين عارية من كل خيانة ترتدين النور الزاحف مع الفجر بلون الشبق ترفرف اطراف ثوبك لتعيد رسم الخريطة يصرخون فيك : ماذا تريدين؟ نرد : نريد ماءا ، نريد حرية .. نريدها كرامة وطنية تزلزل الارض تحت اقدام ايادي مخربة اجنبية ترتعش وساطة اللون والاسم والدين يجتمع العملاء بالعملاء في ظل ارض شقيقة يخططون للإطاحة بالشرفة النائية يشرق وجه الصبية ترتسم الابتسامة على الثغر فخرا تؤنث كل الحروف .. من تاء الانوثة في الابجدية حتى ياء النداء تنادي : "حرية" فتنطلق الصرخة في الافق عالية : ماذا نريد؟ نريد شغلا ، نريد حرية .. نريدها كرامة وطنية ترفع الصبية يسراها ترتسم راية النصر فوق السطوح تزداد سمرة الوجه ابتهاجا .. تترنم : ابو زيد الهلالي رسم على الخارطة اسمه وتاريخ السلالة فأين صورة الام التي حملته في البطن جنينا ؟ وهدهدته في المهد صغيرا ورعته حتى امتلأ القلب شجاعة وحنينا وأين اسم من علمته الحروف حتى يثور ؟ وأين الصبية التي سترث ، ثم تورّث يوما، هذا التاريخ لمن قد تريد ...... تصمت فجأة ثم تصرخ فينا : ماذا نريد ؟ نرد :" نريدك حرة يا أم زيد " فلماذا الرنوّ ، اذن ، الى الفجر بين حين وحين وقد كبلوك بأغلالهم ذات مساء ليقودوك مع الليل نحو الشرفة المظلمة فاكسري اذا هذي القيود لتعرفي جيدا ماذا نريد نريدك رغم الظلام مرايا ترسم لنا الامنيات تمد الصبية يدها من جديد يزحف الفجر نحوها قيد انملة يخلع حرس سادس الخلفاء ابواب الشقق اعقاب ليل مديد تتبختر الفتيات سبايا ويشتد صهيل القيود تصرخ صبية أهذا ما عندكم .. هل من مزيد؟ تترنح ام زيد في خطوة هادئة ترنو الينا قليلا ثم تغيب ام زيد لا تتركينا نريد نورا ، نريد حرية ، نريدها كرامة وطنية ونريد قصة حب تشفي الغليل يلتقي العوازل بالعوازل يناقشون امكانية اجهاض الحكاية فترتفع الاصوات في الافق " نحبك يا أم زيد" ترفرف شارات النصر حول العيون يتجلى الظلام ببطء فتطل سمرتها من جديد تصرخ:"بسيطة طلباتنا .. فماذا نريد؟ نريد بساطة العيش ، نريد قليلا من الماء نريد طازج الخبز ، نريد نقي الهواء نريد ساطع النور ، نريد ضياء ، نريد كرامة ، نريد حرية .. نريدها ثورة علنية فيصعد من قصر باردو صوت ارتطام المطرقة بالخشب ويأتي الصدى ترنم شيخ عجوز يتغنى بشرعية زائفة وتلوح فوق الثغور ابتسامات رطبة كرذاذ المطر ويسدل الليل على الشرفة المظلمة فيتعالى الصراخ : " اين انت يا ام زيد" تلوّح لنا من خلف النافذة باليدين "لا تخشوا "لن يغتصبوني باسم الشرعية مرة ثانية لاني الان اعرف جيدا ماذا اريد" يصرخ الجمع فينا نريد عدلا ، نريد حرية .. نريدها دولة وطنية يئن اسير قرطاج فيأتي الصوت هزيلا "امنحوني اذا هدنة ثانية " ترد ام زيد في صرخة مرعبة " هذا عيدي ولن اتراجع وهذا نشيد .. فلكم مني بعض فواجع" تفتح ام زيد جناحيها وما من قيود تعانق الافق فيعج الافق صبايا يرددن النشيد " نريد كرامة نريد حرية .. نريدها دولة وطنية " يطأطئ الراس سادس الخلفاء ويعلن : "اطلقوا سراح كل السبايا والى الثكنات يعود الجنود" يزحف الفجر سريعا تشرق انوار الشرفة عاليا فترقص أم زيد ، تعانق شبابها القادم للتو من ظلمات السجون تغني :" اعلنوها اذن ثورة ثانية اعلنوها ثورة ام زيد " .