أياما قليلة بعد عيد الأضحى الذي شهد ظهور شعارات وأعلام داعش في شوارع غزة، أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن تفجير المركز الثقافي الفرنسي، مدشنة أولى عملياتها الإرهابية وناقلة حالة القطاع لمرحلة جديدة، بعد سنوات حكم حركة حماس ادت الى ظهور وانتشار التنظيم في بيئة محاصرة ومقموعة وفاقدة للأمل تشكل مساحة أكثر من مثالية لانتشاره. الحديث عن وجود وانتشار الجماعات الإرهابية والمسماة ( الجهادية ) في غزة ليس جديداً رغم نفي حماس، لكن ما شهده القطاع في السنوات الماضية وحادثة مسجد أبن تيمية وقتل المتضامن الإيطالي فيتوريو أدلة على وجودها، مع تحول سيناء المجاورة لملجأ لكل الجماعات الإرهابية وارتباط هذه القوى مع امتدادتهم قي غزة يجعل من وجودها حقيقة. إعلان داعش عن تفجير المركز الثقافي الفرنسي لم يأت من فراغ بل نتاج لسنوات إعادة أسلمة غزة، وانفلات مفاهيم التطرف الإسلامي من عقالها بعد قسمة المساجد بين الشيوخ وولاءاتهم الفكرية المترواحة بين التشدد الحمساوي والتطرف الجهادي الذي انتشر فكره ومنظروه بعمق في شوارع غزة المعزولة والمحاصرة. سبع سنوات وغزة تعيش حالة صراع فكري بين الجماعات الإسلامية، زاد من معاناتها ضياع الأمل بحياة بسيطة يتمكن فيها الإنسان من الحلم بالسفر والعودة، بالعمل والامل، مما دفع بكثير من الشباب اليائس المنغلق بين شاشات القنوات التكفيرية والحصار الإجتماعي للجوء لهذه الجماعات التي نجحت بتقوية وضعها في واقع مهيإ فعلاً لظهورها، وانعدام حلول إنهاء الانقسام، وتكدس الهموم والمشاكل، ومحدودية خيارات سكان غزة بين الهجرة أو التطرف أو انتظار حلول لأوضاعهم المأساوية . فشل القوى السياسية التقليدية في غزة بمواجهة حماس وسياساتها العنيفة دفع بكثير من الشباب للبحث عن قوة جديدة قادرة على مواجهتها، وللحد من لعبها ورقة التكفير ومعاداة الإسلام، كانت الحركات الإسلامية المتطرفة المثال الأفضل لمواجهتها والحد من نفوذها وسيطرتها. الجماعات التكفيرية استفادت من أزمات حماس المالية والسياسية وتراخي قبضتها ونجحت عبر خطابها المتشدد في استقطاب وكسب تعاطف كثيرين وجزء منهم عناصر حماس، كل ذلك خلق أرضا خصبة لوجود "داعش وأنصار بيت المقدس والتوحيد والجهاد ومجلس شورى المجاهدين وجيش الجلجلة وجيش الإسلام وجماعات التكفير الأخرى في قطاع غزة، وفتح الباب للجماعات الإرهابية لكسب عدة أشواط في سباق التطرف. إسرائيل المستفيد الأكبر من مرحلة ما بعد حماس، وظهور شعارات دولة الخلافة في غزة والتصاقها بسيناء وتحولها لميدان تدريب الجماعات الإرهابية، وعملية التفجير الأخيرة تشكل منعرجا خطيرا في واقع غزة سيقودها لتكون تحت سياط الحملة الدولية لمحاربة داعش ويؤكد كل الحقائق والإتهامات المصرية لإطراف فلسطينية بالتورط في إرهاب سيناء والجرائم المرتكبة في مصر. • بعد بيان صدر في غزة واعلنت فيه داعش انها وراء عملية تفجير المركز الثقافي الفرنسي، صدر بيان اخر في غزة باسم داعش ينفي وينكر مسؤولية الجماعة عن التفجير ... صدور البيانات من غزة يثبت حقيقة أن داعش وجدت في غزة مقراً ومستقراً، وهذا بداية الكارثة.