بن عروس: انتفاع 57 شخصا ببرنامج التمكين الاقتصادي للأسر محدودة الدخل    العاصمة: وقفة احتجاجية لعدد من اصحاب "تاكسي موتور"    وقفة احتجاجية ضد التطبيع الأكاديمي    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    الإعداد لتركيز مكتب المجلس العربي للاختصاصات الصحّية بتونس، محور اجتماع بوزارة الصحة    إعلام هامّ من الوكالة الفنّية للنقل البرّي    صدور قرار يتعلق بتنظيم صيد التن الأحمر    600 سائح يزورون تطاوين في ال24 ساعة الأخيرة    حوادث : 13 قتيلا و354 مصابا في الأربع والعشرين ساعة    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    الحكومة الإسبانية تسن قانونا جديدا باسم مبابي!    لاعب الترجي : صن داونز فريق قوي و مواجهته لن تكون سهلة    هلاك كهل في حادث مرور مروع بسوسة..    فاجعة المهدية: الحصيلة النهائية للضحايا..#خبر_عاجل    تسجيل 13 حالة وفاة و 354 إصابة في حوادث مختلفة خلال 24 ساعة    متابعة/ فاجعة البحارة في المهدية: تفاصيل جديدة وهذا ما كشفه أول الواصلين الى مكان الحادثة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواجه صن داونز .. من أجل تحقيق التأهل إلى المونديال    عاجل/ منخفض جديد وعودة للتقلّبات الجويّة بداية من هذا التاريخ..    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    حريق بشركة لتخزين وتعليب التمور بقبلي..وهذه التفاصيل..    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    جندوبة : اندلاع حريق بمنزل و الحماية المدنية تتدخل    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب هذه المنطقة..    الإعلان عن نتائج بحث علمي حول تيبّس ثمار الدلاع .. التفاصيل    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    "ألفابت" تتجه لتجاوز تريليوني دولار بعد أرباح فاقت التوقعات    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    البطولة الايطالية : روما يعزز آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الأوروبية    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    تواصل نقص الأدوية في الصيدليات التونسية    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي تتراجع بنسبة 3ر17 بالمائة خلال الثلاثي الأول من سنة 2024    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    قرابة مليون خبزة يقع تبذيرها يوميا في تونس!!    سعر "العلّوش" يصل الى 2000 دينار في هذه الولاية!!    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها الأول على الملاعب الترابية منذ 2022    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    طقس الخميس: سحب عابرة والحرارة بين 18 و26 درجة    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل هم «فاتحون جدد»؟ دعاة التكفير في تونس.. من هم وماذا يريدون؟


سياسيون وحقوقيون ونشطاء مدنيون يحلّلون ويجيبون
محسن مرزوق (نداء تونس):
لا بد من منع هؤلاء من أي نشاط سياسي، وإلا انقلب السحر على الساحر
علي جلّولي (حزب العمال):
منطق كهوف الظلاميين خطر على وحدة البلاد
محمد الكيلاني (الحزب الاشتراكي اليساري):
الهدف هو اخضاع الشعب لسلطة «الفاتحين الجدد»
محمد خوجة (رئيس جبهة الاصلاح):
لا يجوز لمذهب أن يكفّر مذهبا آخر
ياسين إبراهيم (الحزب الجمهوري):
رؤية مرفوضة.. وعلى الحكومة تطبيق القانون
عبد الستار بن موسى (رابطة حقوق الإنسان):
دسترة تجريم التكفير درءا لشبح حرب أهلية
قيس سعيّد (أستاذ قانون):
تجريم الاعتداء على حرية المعتقد
وليد البناني (النهضة):
الإسلام بريء من التكفير.. وعلى الحكومة التصدي للظاهرة

يبدو أن تصاعد موجة التكفير في المشهد السياسي والاجتماعي بدأ يشكّل خطرا على وحدة التونسيين والتونسيات حيث أصبح المجتمع متأرجحا بين «الأسلمة» و»التكفير» وباتت الانتهاكات تتزايد يوما بعد يوم وهو ما يعد مؤشرا خطيرا قد يرمي بالبلاد في نفق مظلم بين الطائفية والعنف في ظل صمت مريب للحكومة وتراخيها في تطبيق القانون.
السلفيون التكفيريون ظاهرة تعدّ غريبة عن المجتمع التونسي بعد أن توالت في الفترة الأخيرة اعتداءات لجماعات سلفية متشددة على التظاهرات الثقافية في تونس بل وحتى على السياسيين والحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني. ففي 16 اوت الحالي، هاجم 200 سلفي مسلح بالسيوف والهراوات والحجارة مهرجان «نصرة الأقصى» في مدينة بنزرت احتجاجا على حضور عميد الأسرى اللبنانيين السابق في إسرائيل سمير القنطار الذين اتهموه بتأييد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، مما أسفر عن إصابة أربعة أشخاص بينهم ضابط أمن.
ويوم 15 أوت منع سلفيون فرقة موسيقية إيرانية من تقديم عرض في اختتام المهرجان الدولي للموسيقى الصوفية والروحية في ولاية القيروان بدعوى أن الفرقة «شيعية». وقبلها بيوم منع سلفيون في منزل بورقيبة بولاية بنزرت عرضاً مسرحياً للممثل الكوميدي لطفي العبدلي بذريعة «استهزائه بالدين».
وكانت وزارة الثقافة قد نددت في آخر بيان لها باعتداءات السلفيين على التظاهرات الثقافية مشيرة الى ان ذلك ينذر باحتقان مذهبي غريب عن المجتمع التونسي. أما المرصد الاورومتوسطي لحقوق الإنسان فقد أدان في بيان له مؤخرا احداث العنف في مدينة بنزرت، وقال إن تزايد وتيرة العنف السياسي يعود الى غياب قوة الردع القانوني للعناصر المحسوبة على التيار السلفي. أما الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية والمدنية فقد أصدرت في أكثر من مرة بيانات تندد بالعنف مهما كان مأتاه وطالبت الحكومة بتحمّل مسؤوليتها كاملة في ردعه.
ويرى مراقبون أن موجة العنف السلفي باتت تشكل خطرا كبيرا امام فشل لغة الحوار والحلول الودية رغم دعوات المجتمع المدني الى النقاش والحوار ونبذ العنف والتطرف لكن «الفتنة» باتت تبث اليوم من داخل المساجد والمسارح التي تحولت الى مراكز لتبادل العنف والتكفير والتخوين ابطالها سلفيون ينتسبون الى الفكر الوهابي والجهادي.
وينقسم التيار السلفي حسب الباحث أحمد النظيف (باحث في الجماعات الإسلامية) إلى ثلاثة أقسام : - السلفية العلمية - السلفية الحركية - السلفية الجهادية.
وتعتبر السلفية الجهادية الفصيل الأكثر راديكالية لكنه ورغم تطرفه فانه الأوضح موقفا في جميع القضايا السياسية والشرعية سواء تجاه بقية المكونات السياسية الغير إسلامية أو تجاه الأنظمة الحاكمة وحتى تجاه الحركات الإسلامية سلفية كانت أو من مدارس أخرى. ويعود ظهور الحركات السلفية إلى الثمانيات على أيدي مجموعة من الشباب الذين قاموا بعدد من العمليات البدائية البسيطة مما أدى إلى قتل بعضهم واعتقال الآخرين وفرار بعضهم الآخر إلى خارج تونس وكان من بينهم الشيخ محمد الأزرق الذي أفتى بالجهاد وبشرعية استهداف الدولة وهياكلها وقد فر الشيخ اثر فشل تلك المحاولة إلى السعودية ولكن النظام السعودي سلمه إلى الأمن التونسي أواسط الثمانينات حيث حكم عليه بالإعدام وقد جاوز السبعين من عمره.
بعد هذه التجارب الجهادية الفاشلة توجه العديد من عناصر التيار آخر الثمانينات ومطلع التسعينات من القرن الماضي إلى ساحة الجهاد الأفغاني وحاول بعضهم تشكيل نواة لتجمعات جهادية موحدة على غرار ما فعل الليبيون والجزائريون من الأفغان العرب وقد فشلت تلك المحاولات لعدم وجود كوادر مؤهلة بين أولئك الشباب..
وعاد الجهاديون إلى تشكيل الخارطة السياسية في البلاد، بعد الثورة، كلاعب لا يحتكم لقواعد اللعبة ولا يعترف بها أصلا بل ويكفر أصحابها فهم لا يعترفون بالديمقراطية التي يرون فيها ضربا من ضروب الكفر وصنم هذا العصر وإفرازا من افرازات المجتمع الجاهلي ولا يعترفون بالدساتير ولا بالقوانين بل هي عندهم طاغوت لا يجوز الاحتكام إليه ولا يعترفون بالفرقاء السياسيين من بقية العائلات الفكرية من يسار وقوميين وجماعات الإسلام السياسي بدعوى أن هذه العائلات تعمل من داخل النظام الطاغوتي الكافر والحاكم بغير ما أنزل الله. وقد كان أول ظهور عملي لهذا التيار بعد الثورة في شهر ماي 2011 في ملتقى «أنصار الشريعة» الذي ضم أغلب الأطياف الجهادية في تونس وهو ملتقى انتظم تحت شعار «اسمعوا منا ولا تسمعوا عنا».
ويرى باحثون وعلماء دين أن السلفية الوهابية تقوم على تأويل النصوص الدينية وقلب الحقائق خدمة لمصالح من يمولها ويقف وراءها ويدعمها وأن السلفيين معروفون من قبل الجميع وموجودون في شبه الجزيرة العربية، وأن انتشار هذا الفكر في تونس يعد خطرا كبير على أمن واستقرار البلاد ومستقبلها.
ويعتقد السلفيون الوهابيون أنهم هم الموحدون فقط، وهم المسلمون وأن سائر المسلمين مشركون لا حرمة لدمائهم وأموالهم، ويعتقدون أيضا أن المسلم لا تنفعه شهادة (لا اله الااللّه محمد رسول اللّه) ما دام يعتقد بالتبرك بمسجد أو قبر الرسول أو يزور قبور الأئمة والاولياء ويطلب الشفاعه منهم، ويقولون «إن المسلم الذى يعتقد بهذه الامور مشرك وشركه اشد من شرك عبدة الاوثان، ومن اليهود والنصارى»!.
وأصبح لهذا الفكر (الوهابي السلفي) قوة ونفوذا في العالم، وبدأوا بمحاربة كل من يختلف معهم ويرفض منهجهم، ولم يكتفوا بتطبيق فكرهم ونهجهم في المملكة العربية السعودية فقط بل اصبحوا يؤمنون بعالمية الفكر الوهابي السلفي, وبدأوا بإرسال البعثات التكفيرية والارهابية الى كل بقاع العالم فأصبحت بذلك السعودية مصدرا لتفريخ الارهابيين والتكفيريين.
وكان الشيخ عبد الفتاح مورو القيادي البارز في حركة «النهضة» قد حذر من «فتنة» بسبب قيام دعاة سعوديين بتنظيم دورات لنشر الفكر الوهابي المتشدد في تونس التي تعتمد المذهب المالكي. وقال مورو «نعم (هؤلاء) يأخذون شبابا ليس لديهم معرفة دينية سابقة وحديثي العهد بالصلاة، ويعلمونهم قواعد الفكر الحنبلي، ويهيئونهم لكي يصبحوا طابورا في بلدنا يدعو إلى استبعاد المذهب المالكي والفقه المالكي وإحلال المذهب الحنبلي مكانه». وأوضح أن الدعاة السعوديين ينظمون في تونس «دورات تكوينية مغلقة» تستمر ثلاثة أشهر، ويدفعون مقابلا ماديا للشبان الذين يتابعونها لأنهم «ينقطعون عن أعمالهم» طوال الدورات.
وتابع مورو: «هذا أمر خطير لا نرضاه. سيدخل علينا ارتباكا في وطننا. نحن لا مشكلة لدينا مع المذهب الحنبلي، لكن نحن في تونس لدينا وحدة المذهب المالكي، والإمام مالك أسبق (زمنيا) من الإمام بن حنبل. هذا باب فتنة، إياكم يا توانسة منه».
ويرى خبراء سياسيون أن السلفيين التكفيريين يحاولون طمس معالم هوية تونس و«يهددون ويكفرون» أمام صمت مريب للحكومة، ويذهب البعض الآخر إلى الاعتقاد بأن الاجندا التي تحاك اليوم هي أجندا وهابية وأنّ هناك صراعا قطريا سعوديا يراد نقله إلى تونس. في المقابل، حذر سياسيون من «فتنة قادمة» يقودها السلفيون التكفيريون الذين ينادون بقتل اليهود التونسيين والاعتداء على المعالم المسيحية والفنية ويرفضون التحاور مع الآخر.
فلماذا انتشر الفكر التكفيري في تونس بعد الثورة ومن يقف وراءه وهل هو ظاهرة مؤقتة نتيجة وضع سياسي هشّ في البلاد أم انه ردة فعل طبيعية على مرحلة قمع وتضييق على الحريات الدينية فرضها النظام السابق وما هي انعكاسات وجود تيار مماثل على وحدة وأمن واستقرار البلاد؟
«التونسية» وضعت جملة هذه الأسئلة على طاولة وجوه سياسية ومدنية وحقوقية فكان التحقيق التالي:
اعتبر محسن مرزوق عضو القيادة الوطنية بحركة «نداء تونس» ظاهرة التكفير خطرا كبيرا على الحريات الفردية والعامة وعلى أمن تونس لأنها «عملية إجرامية» تدعو إلى العنف الممنهج وإلى اهدار وسفك الدماء وطالب محسن مرزوق بتجريم ظاهرة التكفير ومنع الجمامعات التكفيرية من ممارسة أي نشاط سياسي لأن السماح لهم بالخوض في غمار السياسة سيكون غطاء لإرساء العنف المادي وإرهاب الخصوم والمخالفين لآرائهم. وطالب مرزوق «الترويكا» بوقف التعامل مع التكفيريين واستغرب إطلاق سراح المتورطين في أحداث بنزرت الأخيرة متسائلا: هل نقابيو صفاقس الذين اعتقلوا في أحداث مستشفى الهادي شاكر أخطر من هؤلاء..؟؟
وقال محسن مرزوق إن «الترويكا» وبالتحديد حركة «النهضة» تستخدم التكفيريين لإرهاب الخصوم وكذلك المواطنين وأكد أن السحر سينقلب على الساحر ووصف التساهل والتنسيق معهم بالخطير لأنه يخدم أجندا انتخابية دون الوعي بأمن التونسيين العام وحرياتهم التي باتت مستهدفة ومهددة بشدة من طرف هؤلاء التكفيريين.
وأضاف عضو القيادة الوطنية لحركة «نداء تونس» أن التستر على السلفيين وتجاوزاتهم جريمة في حق الشعب والوطن تتحمل الحكومة المسؤولية الكاملة فيها سيما أنها تطلق سراح المتورطين من هذه المجموعات التكفيرية بعد كل عملية عنف يقومون بها. وفسر مرزوق ذلك بدعوة ضمينة لهم لممارسة العنف من جديد والتشجيع عليه لأن غياب الزجر القانوني والعقاب سيتيح لهؤلاء هامشا جديدا من التوسع ومجالا أكبر لمزيد من العنف.
ووصف محسن مرزوق الفترة التي تشهدها البلاد حاليا بفترة سيادة اللاقانون أو سيطرة «قانون الغاب» الذي يفرض البقاء للأقوى، مشددا على أن هناك خطرا كبيرا على تونس من عصابات إجرامية وشباب مغرر بهم يتحدثون باسم الإسلام والدين في حين أن الدين منهم براء مشيرا إلى أن لا هؤلاء ولا شيوخهم الوهابيون يعرفون حقيقة الدين الإسلامي المتسامح والخالي من الإكراه والفرض. وأضاف مرزوق أن شيوخ الوهابية استغلوا فراغ وخواء المخزون الفكري والروحي والديني لهؤلاء الشباب لبث سمومهم وزرع الفتنة والتشرذم وتمرير مخطاطاتهم الاجرامية عبر الدعم المالي والانتشار تحت رايات جمعيات دعوية تبشر بمذهب وهابي رفضه التونسيون منذ قرون.
وأكد محسن مرزوق أن ظاهرة التكفير ستتدعم وتتواصل لغياب الزجر القانوني والعقاب الحازم لأن الناس إن لم يجدوا الحماية من الدولة سيتحركون لحماية أنفسهم وهذا سيؤدي إلى الفوضى وعدم علوية القانون. وطالب عضو القيادة الوطنية لحركة «نداء تونس» بتنفيذ برامج توعية وتثقيف مع هذه الجماعات وفتح حوار معها. إلى جانب العقاب والحزم. ومن جهة أخرى طالب محسن مرزوق المجتمع المدني بالضغط على الحكومة لإيقاف نزيف ظاهرة التكفير في البلاد وطالب المتضررين من العنف التكفيري باللجوء إلى الهيئات الدولية المختصة للتظلم وتقديم شكوى بحكومة فشلت في توفير الأمن لمواطنيها الذي أقرته تونس في اتفاقياتها الدولية.
أما علي جلولي عضو القيادة الوطنية ل«حزب العمال» فقال إن ظاهرة التكفيرظاهرة قديمة تاريخيا لكن اكتساحها وسيطرتها رهين ظروف معينة، مشيرا إلى أن وجود الظاهرة في تونس بدأ أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات عندما كفر التيار الإسلامي بعض شرائح المجتمع كالفنانين والمبدعين وغيرهم وأن التكفير عاد بعد الثورة بصورة مكثفة وملفتة مع المجموعات السلفية الجهادية في حين تراجع بالنسبة لحركة «النهضة» التي أصبحت أكثر اعتدالا.
وأضاف علي جلولي أن الظاهرة الطاغية حاليا هي في الحقيقة مستوردة من دول الخليج وأفغانستان وكهوف الظلاميين التي يعشش فيها ويمولها شيوخ البترول والقطريون والسعوديون والجهات الامبريالية والصهيونية لتدمير المجتمع العربي الإسلامي وزرع الفتنة والتجزئة والالتفاف على الثورات وخاصة ثورة تونس كي لا تتحول إلى نموذج يحتذى ويحقق أهدافه وذلك تحت مسميات عدة كالجهاد المقدس ضد عدو وهمي وغير موجود أو نصرة الإسلام.
وأشار قيادي «حزب العمال» إلى أن المجموعات التكفيرية في تونس تدعمها أيضا أياد محلية كفلول النظام السابق الفاقدة لامتيازاتها ورجال الأعمال الفاسدين وجزء من أجهزة البوليس السياسي التي تمكنت سابقا من اختراق هذه المنظمات وهي الآن تشغلها لفائدتها إلى جانب عناصر إجرامية منظمة دخلت أيضا على الخط مستغلة الانفلات الأمني وغياب الردع في ظل تواطؤ ظاهر للعيان مع الحكومة الحالية وحركة «النهضة» تحديدا التي تعتبر هؤلاء التكفيريين احتياطيا انتخابيا لا يجب التصادم معه وكذلك توظيفه كفزّاعة لإرهاب الخصوم وإلهاء الشعب عن فشل الحكومة الكامل في شتى المجالات.
وحذر علي جلولي من تنامي الظاهرة وخطورتها المستفحلة يوما بعد يوم ومن السقوط في فخ تقسيم المجتمع إلى فئة كافرة وأخرى مسلمة وضرب وحدته مشيرا إلى أن ظاهرة التكفير قد تتواصل وتتنامى أكثر إذا لم ينقطع تشجيعها أو تواصل التغاضي عنها من طرف الحكومة وخاصة القطع مع أسبابها ومسببها سيما أنها ظاهرة تدخل في نسيج اخطبوط عالمي.
أما محمد الكيلاني رئيس الحزب الاشتراكي اليساري فقد لاحظ أن ظاهرة التكفير تتجه إلى سياسة فرض الدين أو فرض التصور الديني على المجتمع من طرف مجموعات تدعي وحدها امتلاك الدين وتحاول فرضه على الناس وعلى الدولة ويصبح سلطة طاغية تتدخل في الشأن العام والحياة الخاصة للأفراد. وأضاف الكيلاني أن مرد ذلك هو أن هذه المجموعات تستغل الغطاء الديني الذي تلتحف به للضغط على المخالفين والخصوم من أجل تطويعهم وتخويفهم بمعنى أن هناك تيارا سياسيا وراءها خاصة عند اتهامها للآخرين بالتكفير.
وأكد رئيس الحزب الاشتراكي اليساري أن الحركة التكفيرية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمنظومة التي جاءت بها حركة «النهضة» التي ولجت بها مرحلة الانتقال الديمقراطي المزعوم الذي هو في حقيقة الأمر انتقال ديكتاتوري واستبدادي جديد تحت غطاء ديني رغم أن حركة «النهضة» تدعي أن تصورها سلمي وديمقراطي حسب كلامه.
وأضاف محمد الكيلاني أن ظاهرة التكفير ليست ظاهرة عابرة أو طارئة بل حُظّر لها منذ 15 سنة سيما أن راشد الغنوشي صرح أن قطر هي المساهم المباشر في الثورة التونسية وهو يدرك تماما ما يقول ولا يرمي الكلمات جزافا مشيرا إلى أن ذلك يدخل في إطار مخطط كامل تقوده قطر وقناة «الجزيرة» ومن ورائها أمريكا ل«إصلاح» شمال إفريقيا الذي ينضوي تحت مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي اتفقت فيه هذه القوى مع أوروبا.
وأكد الكيلاني أن العنف التكفيري هو من أسس الأحزاب الإسلامية أوالتي تدّعي أنها إسلامية والإسلام منها براء لإرهاب الشعوب واخضاعها لسلطة الغزاة أو «الفاتحين الجدد». واستشهد محمد الكيلاني بقولة الغنوشي عندما زار جامع الزيتونة «اللهم اجعله فتحا مباركا..» وتساءل هل تونس كافرة حتى تنتظر فتح الغنوشي؟؟ وهو ما يؤكد- والكلام دائما لمحمد الكيلاني- أن هؤلاء جاؤوا لغزو تونس ولا يعتبرون أهلها مواطنين وأن هدفهم اخضاع التونسيين والالتفاف على ثورتهم.
وختم رئيس الحزب الاشتراكي اليساري بأن ظاهرة التكفير لن تمر مرور الكرام وسيعاني منها الشعب التونسي لسنوات قادمة وهي عملية استنزاف تدريجية للبلاد حسب المخططات الأمريكية القطرية ونتيجتها الفوضى العارمة.
محمد خوجة رئيس «جبهة الإصلاح» اعتبر من جانبه منظومة التكفير فتنة الهدف منها تقسيم المجتمع وأن أطرافا سياسية تحركها هدفها تقسيم المجتمع إلى مسلمين وغير مسلمين واعتبر أنه من الخطورة أن يكفر الناس بعضهم البعض ولا يجوز أن يكفر مذهب مذهبا آخر مهما كان.. وهابيا أو سنيا أو مالكيا، أو شيعيا فلا وصاية على الدين الإسلامي ولا أحد يحتكره.
وعن العنف التكفيري قال محمد خوجة إنه ليس وليد المرحلة بل له جذور ضاربة في التاريخ. أما في تونس فهو نتيجة للمخاض الذي يعيشه مجتمعنا وهو مخاض شامل من النواحي الفكرية والسياسية والاجتماعية والدينية ومن الطبيعي أن يتحمس البعض للدين دون وعي منهم بماهيته الحقيقية وهذا يبرز دور الدولة التي من المفروض عليها إيجاد قوانين تفرض احترام المعتقدات ومقدسات الشعب وتؤطر هؤلاء المتحمسين للدين نتيجة كبت وكبح وصمت عاشوه في الماضي ليتكتم الجميع وفي نفس الوقت والكل يريد فرض رأيه وإيصال صوته وهذا طبيعي بعد الثورات لذلك فالظاهرة في حد ذاتها عابرة وستنتهي بإنتهاء الظروف المحيطة بها لأن الشعب التونسي شعب متجانس ولا مجال فيه للتطرف الديني. وطالب محمد خوجة بأن يأخذ القانون مجراه ورأى أن وزارة الداخلية «متحملة لمسؤوليتها»!!؟ لكن لا بد من مزيد اليقظة.
ياسين إبراهيم عن «الحزب الجمهوري» قال إن تونس بلاد مسلمة وأنه لا توجد إشكالية دينية وعلى المتدين أن يحترم غير المتدين والعكس صحيح، وأضاف ياسين إبراهيم أن التكفيريين في تونس أقلية ذات رؤية دينية غير معقولة وإن ذلك ردة فعل طبيعية بعد مرحلة من القمع والضغط الذي مارسه نظام بن علي الذي ضيّق على الحريات الدينية وحارب الإسلاميين ووظف الدين لغايات سياسية ملاحظا أنه بعد الثورة التي وفرت هامشا أو حيزا كبيرا من الحريات وخاصة حرية ممارسة الدين ظهرت فئة معينة من مجتمعنا تحاول فرض تصورها الديني على نمط عيش الآخرين. ولاحظ إبراهيم أن مشاغل التونسيين ليست دينية بل اجتماعية واقتصادية كالفقر والبطالة وغياب التنمية وأن هناك أطرافا تسعى إلى إبعاد المجتمع عن مشاغله الحقيقية تحت مسميات دينية في إطار جدل عقيم لا يجدي نفعا لأنه ببساطة ليس للتونسيين مشكلة مع الإسلام نظرا إلى أن أغلبيتهم الساحقة مسلمة.
وأشار ياسين إبراهيم إلى أن الإسلام ليس دين عنف وإجبار على فرض عقيدة أو نمط مجتمعي معين من طرف مجموعات تعتبر نفسها وصية على الدين ملاحظا أن العنف الموجود حاليا في تونس ليس عنفا دينيا فحسب بل هو أيضا عنف ناتج عن تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ومُعاناة التونسيين من الفقر والبطالة والتهميش التي ظنّ أنها ستنتهي باندلاع الثورة وهذا ما طالب به الحزب الجمهوري الحكومة عندما دعاها إلى الحوار من أجل أن تكون مرحلة الانتقال الديمقراطي في تونس مرحلة لزرع الأمل وتحقيقه لا مرحلة للخيبة وانسداد الأفق.
ورأى عضو المكتب السياسي للحزب الجمهوري أن أداء الحكومة غير ناجح إن لم يكن فاشلا في التعاطي مع ظاهرة التكفير والعنف الممارس من منظريها وحمّل الحكومة مسؤوليتها في ضرورة فرض الأمن وحماية المجتمع وتطبيق القانون على هذه المجموعات التي تتحدث باسم الدين ولا تملك من الدين سوى «جبّة» و«لحي مصطنعة» ورجّح أن تكون الحكومة تخاف هؤلاء التكفييرين وتخشى ردّة فعلهم عندما تقوم بقمعهم ملاحظا أن البوليس التونسي يعرف جيدا هؤلاء ولكن غياب قرار سياسي واضح من الحكومة يعقد الأمور.
وتساءل ياسين ابراهيم عن أسباب تساهل الحكومة مع التكفيريين مستغربا ألاّ تقع محاكمة دعاة العنف متسائلا: «أين هؤلاء السلفيون الذين هدّدوا بالقتل وأباحوا سفك الدماء؟ أين السلفي الذي أفتى بهدر دم شكري بلعيد ونجيب الشابي؟ أين السلفي الذي دنّس العلم الوطني؟؟» وغير ذلك كثير.
وشدّد عضو المكتب السياسي ل«الحزب الجمهوري» على أن ظاهرة التكفير قد تتواصل إذا لم تتعاط الدولة بحزم وجدية مع هؤلاء وتلتزم بتطبيق القانون ملاحظا أنه ليس من المعقول أن تتهدّد حياة الناس وتمسّ صورة تونس بالخارج من أجل أقلية مشيرا الى أنه لا بدّ من تطبيق القانون وأنه على من لا يرضى بذلك أن يذهب الى العيش في بلد آخر غير تونس.
عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان قال إنّ الظاهرة خطيرة وتقف وراءها مجموعات وحركات سلفية وهابية متطرفة وتشكل خطرا على أمن البلاد لأنها تريد فرض نمط عيش معيّن سماته العنف وإهدار الدماء نظرا لرفض هذه المجموعات الاختلاف في الرأي حتى داخل نفس المنظومة التي تنتمي إليها . واعتبر عبد الستار بن موسى أن عنف هذه المجموعات هو عنف مُمنهج سيقوّض الأمن العام ويدخل البلاد في فوضى عارمة وربما حرب أهلية لأن كل من سيصبح مهدّدا في حياته سيكون من حقه الدفاع عن نفسه. وأكد بن موسى أن جهات أجنبية تموّل هذه العصابات وتضخّ لها الأموال الطائلة وطالب بتجريم الظاهرة في الدستور الجديد وضرورة التعاطي الجدّي والواضح معها من طرف الحكومة ورأى أن «الترويكا» لا تقوم بعملها في مقاومة المدّ التكفيري الخطير حتى أن الأمر وصل الى تهديد وزير الداخلية شخصيا من قبل «أبي عياض» وأنه لذلك لا بدّ من تطبيق القانون الفوري والواضح حتى لا تنزلق البلاد إلى ما لا يُحمد عقباه لأن دوام الظاهرة من عدمه يكون حسب طريقة التعاطي معها من قبل الحكومة المدعوة الى فتح حوار مع هذه المجموعات وفي نفس الوقت مدّعوة الى ردعها الردع الكامل عندما تمارس العنف.
من ناحيته قال أستاذ القانون قيس سعيد انه لا وجود لقضية تُسمّى التكفير وأن هذه المسألة طُرحت في مصر خلال فترة السبعينات من القرن الماضي حينما ظهرت جماعة التكفير والهجرة الذين كفّروا آنذاك من لا يكفّر مثلهم وطُرحت الى جانب ذلك مسألة وضع قانون يمنع التفكير ويُجرّمه لكن هذه المقترحات رُفضت بمبرّرات دينية. أما في تونس فقد طُرح موضوع التكفير هذه السنة ولكن محاولات تجريمه لم تتجاوز مجرّد المقترحات العامة والأفضل في هذا الاتجاه ليس تجريم التكفير حتى لا تجابه مثل هذه المقترحات برفض ديني أو بحجج من النص القرآني بل من الأفضل تجريم الاعتداء على حرية المعتقد.
وأضاف قيس سعيد أنه سبق له أن أشار في أكثر من مناسبة الى ضرورة النأي بهذا الموضوع عن الاطار الديني الى الاطار المتعلق بضمان حرية المعتقد وتجريم الاعتداء على حرية المعتقد لأنه لا أحد وصي على الآخر.
وأكد أستاذ القانون أنه لا بدّ من تجريم الاعتداء ولا بدّ من علوية القانون الذي يجب أن يضمن الحريات ويُجرّم الاعتداء عليها.
وليد البنّاني (عضو المجلس التأسيسي لحركة «النهضة»)، قال إن من يكفّر الناس لا يفهم حقيقة الدين الاسلامي بعمق لأنه لا ينص أبدا على تكفير الآخرين ملاحظا أن القرآن والرسول لم يدعوا الى تكفير الناس واعتبر الظاهرة غريبة عن المجتمع التونسي المالكي الذي لا يكفر حتى مرتكبي الكبائر وإن التكفير ظاهرة تحركها أطراف وتيارات سلفية لا علاقة لها بالدين الاسلامي وزادها الديني والفكري والفقهي ضعيف، بل متدّن. ورأى البناني أن التكفيريين أو الفاتحين الجدّد خطر كبير على تونس قد يقسّم المجتمع الى فئة مسلمة وأخرى كافرة رغم أن الجميع مسلمون وأرجع أصول الظاهرة الى قمع بوليس المخلوع للحريات الدينية وتجفيفه للمنابع الاسلامية، الشيء الذي جعل هؤلاء التكفيريين يردّون الفعل بطريقة غير مدروسة وغير طبيعية انتقاما ربما من مرحلة قمعهم من النظام السابق.
وأكد عضو المجلس التأسيسي عن حركة «النهضة» أنه لا مستقبل لهذه الجماعات في تونس إذا تحمل الجميع مسؤوليته من مواطنين وعلماء الزيتونة ووزارة الشؤون الدينية والحكومة التي تتساهل مع السلفيين وتغضّ النظر عنهم ممّا يشجعهم على العنف والتمادي في ممارساتهم التي وصلت حتى الى اهانة رموز الساحة السياسية كتهديد وزير الداخلية من طرف «أبي عياض»، مشيرا الى أنّ هناك طفرة من الحرية لم يفهمها الجميع كما يجب دون أن ينسى الاشارة الى دور بعض وسائل الاعلام التي حمّلها مسؤولية التشجيع على إهانة النخبة السياسية وتشجيع التطاول عليها من السلفيين وغيرهم. وختم البنّاني بمطالبة الحكومة بتحمّل مسؤولياتها في التصدّي لهذه الظاهرة وعدم التساهل مع السلفيين التكفييرين لما يمثلونه من خطر على الأمن العام في البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.