دعت الجبهة الشعبية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2014، في سياق موقفها من الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، إلى قطع الطريق أمام عودة من اعتبرته المرشح الفعلي لحركة النهضة وحلفائها محمد المنصف المرزوقي إلى رئاسة الجمهورية، محذرة في الوقت نفسه من إمكانية عودة منظومة الاستبداد والفساد القديمة بآليّات وطرق وتحالفات جديدة معادية لمطالب الثورة في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وفي هذا الإطار، اعتبر عضو مجلس أمناء الجبهة الشعبية والنائب في البرلمان عن دائرة نابل 2، فتحي الشامخي، في حديث لحقائق أون لاين، ان موقف الجبهة من الدور الثاني للرئاسية جيّد ووفي لهويتها وتطلعاتها. وأوضح الشامخي ان موقف الجبهة ليس محايداً إذ انها قدمت وجهة نظر وقراءة سياسية لما يمثله كلا المترشحين، محمد المنصف المرزوقي والباجي قائد السبسي، مضيفاً اننا خلال الدورة الثانية من السباق الرئيسي أمام مخاطر حقيقية من الطرفين. وأكد ان الجبهة الشعبية لا ترى لا في المرزوقي ولا في السبسي من يجسّد انتظارات التونسيين وتطلعاتهم وآمالهم قائلاً "منّا تكوي ومنّا تكوي" ومبرزاً ان الجبهة أخذت وقتها لقراءة كلا المترشحين بهدوء ولكن دون أي مجاملة. وأضاف محدثنا ان الجبهة لم "تكتّف ايديها" وفق تعبيره، بل أكدت في بيانها ضرورة مواصلة اليقظة ودعت القوى التي تريد القطع مع السياسات الاقتصادية والاجتماعية القديمة وكلّ الأمراض الناتجة عنها، إلى تكوين جبهة وطنية ديمقراطية. وبيّن ان هذه الجبهة تهمّ بشكل خاص المواطنين والشباب والشابات الذين بقوا خارج الأحزاب ولم يجدوا لأنفسهم مكاناً مناسباً داخلها مؤكداً ان الدعوة التي أطلقتها الجبهة الشعبية لهذه القوى هي صادقة وتهدف إلى التصدي للمخاطر الحقيقية التي تنتظر التونسيين باعتبار ان الجبهة الشعبية تدرك النقائص التي تعاني منها وتعرف انها غير قادرة للتصدي لهذه المخاطر بمفردها بل تحتاج إلى من يغار على بلاده ويتمتع بالوعي السياسي اللازم. وتابع النائب عن الجبهة الشعبية قائلاً انه بعد الثورة أصبح هناك خطان كبيران يسيطران أخدهما بصدد بناء أرضية تسمح بعودة أشياء بشعة كالظلم والاستبداد وهذا الخط هو أكثر أريحية حيث يتمتع بدعم قوى المال وشبكات تدعمه وانضافت إليه القوى الرجعية التي يمثلها المرزوقي، وخطّ يريد السير بالبلاد إلى الأمام ومازال يمتلك النفس الثوري والتقدمي الذي يريد تغيير السياسات الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف انه في حال تبيّن ان قراءة الجبهة الشعبية صحيحة فلا بدّ من قوة مقاومة وقوة بناء موضحاً ان الدعوة التي أطلقتها الجبهة هي عبارة عن صافرة إنذار لرصّ الصفوف وبناء قوة مقاومة أوسع من الجبهة الشعبية وقوة دفع إلى الأمام والمعني الأول بها هم جماهير الشباب والمواطنون والمواطنات الواعون سياسياً، على حدّ قوله. وتعليقاً على ما صرّح به منجي الرحوي من ان الجبهة قد تدعم السبسي إذا أوضح هذا الأخير موقفه من التحالف مع حركة النهضة، أفاد فتحي الشامخي ان تخوفات الجبهة الشعبية تجاه السبسي تتجاوز إمكانية تحالف النداء مع النهضة وتتعلق بإمكانية عودة منظومة الاستبداد والفساد القديمة بآليّات وطرق وتحالفات جديدة معادية لمطالب الثورة في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، كما ان النداء يضم في صفوفه وضمن أغلبيته النيابية ومسانديه العديد من رموز النظام القديم مما ستكون له انعكاسات سلبية على ملفات لا تقبل المساومة عند الجبهة الشعبية. وأشار إلى ان هناك مؤشرات زادت من مخاوف الجبهة في هذا الإطار منها المصادقة على ميزانية الدولة لسنة 2015 والتي تمّت بسرعة كبيرة ودون نقاش وبتوافق كبير في البرلمان ضمّ نداء تونس، النهضة، بالإضافة إلى حزبي الاتحاد الوطني الحرّ وآفاق تونس معتبراً ان هذا النوع من التوافق سابقة في حياة البرلمانات وحتى تلك القائمة في الديكتاتوريات. وشدد الشامخي على ان ما أفرزته نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة والذي تجسّد بالتصويت على قانون ميزانية في تناغم واتفاق كامل لا يبعث على الاطمئنان وان لا شيء يجري حالياً من شأنه تبديد مخاوف الجبهة من هذا الطرف أو ذاك.