ويحكى أن قوم صاهباء وبعد أن فشلت كل مساعيهم لإقناع الرعية الغاضبة بالصبر وقد سبق ووعدوها بأن انتخابهم سيهبها المن والسلوى وينشر الخير والبركة والازدهار في عموم المملكة ويقضي على آفة الإرهاب، وبعد أن استفاقوا من صراعاتهم الداخلية بين نجل كبيرهم وحوارييه لاقتسام الكراسي والمغانم والنفوذ وانتبهوا إلى أن الرعيّة قاب قوسين أو أدنى من انتفاضة اجتماعية ثانية تطيح بعروشهم وما كسبت أيديهم، تفتّقت عبقريتهم عن حيلة جديدة... حيث أشار عليهم كبيرهم وحكيمهم في معبد قرطاج بأن يعيدوا صنم "الطوطم" جدّهم المؤسس إلى الشارع الرئيسي للتبرك به وإبعاد السحر الأسود الذي وضعه الحاكم المخلوع المنفي في "ساعة الزمن الضائع" التي انتصبت مكانه.. فاستحسن القوم المشورة وسارعوا يزفّون البشرى إلى الرعيّة الحائرة عبر أبواق الإعلام المأجورة المنتصبة على بوابات المملكة، ومن خلال صفحات الانترنت الزاجل، فأشرقت شمس النداء، وزال سحر الحسّاد عن تونس، وتقاطرت الاستثمارات من شتى أصقاع المعمورة، وقفز الدينار إلى عنان السماء، واعتدل الميزان التجاري، وأخرجت الأرض ملايين فرص العمل فوجبت الاستعانة بعمالة افريقية وآسيوية وأوروبية أيضا، واستفاق ضمير رجال الأعمال فأعادوا الأموال المنهوبة وسدّدوا ما عليهم من ضرائب، وانزاحت عن البلاد غمّة الإرهاب وتاب الإرهابيون واستتابوا وعادوا إلى ديارهم مسالمين بمن فيهم أبو عياض، وامتلأت خزائن بيت المال حتى فاضت ذهبا ودولارات، وهدأ غضب الرعيّة وانبرى كل واحد منهم يعدّ أثمن ما عنده قربانا ليبسطه أمام صنم الزعيم المفدّى المبارك جالب المنافع ودافع المضارّ تذرّعا له وتقرّبا الى روحه الطاهرة وطلبا للبركة ودوام السعادة. وعاشت الرعية الأفراح والليالي الملاح وغنت صوفية صادق بإلحاح من الجماهير أغنيتها الساحرة "بالأمن والأمان يحيا هنا الإنسان". أما شعب النهضة وشعب المواطنين فاختلفت الروايات في مصيرهم بين قائل أنهم "ماتوا بغيضهم" وبين متحدّث عن اختفائهم في ظروف غامضة عندما زال السحر الأسود. ولا تزال الجبهة الشعبيّة في اجتماع مستمرّ بحثا عن تحديد علمي لطبيعة المجتمع الجديد ورسم خطّة استعجاليّة للدفع بوفرة الإنتاج في البلاد لمساعدة الدول الفقيرة.