ان محتوى الفيسبوك اليوم لم يعد مجرد يوميات وأخبار شخصية يتداولها الأصدقاء فيما بينهم وحسب، بل أصبح أكبر من ذلك بكثير، فقد دخل في مجالات عدة لم يكن متوقعاً انه يمكن استخدامه لصالحه، وسنورد بعض الأمثلة عن الاستخدامات الحالية للفيسبوك التي غيرت أو قد تغير الحياة الاجتماعية - الثقافية لمستخدميه. * في مجال الإعلام: بعض وسائل الإعلام أصبحت تستخدم الموقع كمصدر للأخبار، وفي أحيان كثيرة يتم استخدامه من طرف الصحف والمجلات وحتى القنوات التلفزيونية لنشر الأخبار. فغالباً ما تجد الصحف مثلًا تنشئ حساب لها على الموقع وتضع فيه الأخبار التي تنشرها في نسختها الورقية * الشركات والتسويق: ليست وسائل الإعلام وحدها من استفادت من خدمات الفيسبوك، حتى الشركات أصبحت تعتمد على الموقع لتسويق منتجاتها، والترويج لخدماتها، كما تأخذ بعين الاعتبار الآراء الأولية لمستخدمي المنتج لإجراء التحسينات عليه. * الأدباء والكتاب: هذه الفئة أيضاً استفادت إلى حد ما من خدمات الموقع، حيث ان الإثارة التي تسبق طرح رواية معينة، تجعل القارئ متشوقاً لمعرفة المزيد، ومثال على ذلك نجاح رواية أحلام مستغانمي الأخيرة "نسيان دوت كوم". وعلى الرغم من أن روايات أحلام ناجحة دوماً إلا أن الترويج الذي لقيته الرواية الأخيرة على الفيسبوك ساعد في نفاذها بسرعة فائقة. * السياسة والحملات الانتخابية: أجل، فقد دخل الفيسبوك إلى السياسة حيث تم استخدامه في الانتخابات الأميركية الأخيرة، والبعض يعتقد انه من العوامل المساعدة على نجاح أوباما في هذه الانتخابات. وقد حاول بعض السياسيين إعادة تجربة أوباما لكن دولهم حجبت الموقع للسبب ذاته. وحتى تجربة الانتخابات العراقية حاولت الاستفادة من الفيسبوك. كل هذه الأمور وغيرها أدت إلى ظهور مصطلح ثورة الفيسبوك، فهل سيأتي الفيسبوك حقاً بثورة تغير اجتماعي ثقافي، أم أن الأمر لا يعدو مجرد انبهار بالخدمات التي يقدمها الموقع؟ ولن تتجاوز مستخدمي الموقع إلى أرض الواقع فعلياً؟ إن معرفة الأثر الاجتماعي الثقافي الذي يحدثه الموقع على أرض الواقع صعب القياس، لاعتبارات عدة أهمها عدم تحديد وحدة التغير الاجتماعي بدقة، إضافة إلى أن التغير الاجتماعي الثقافي مرتبط إلى حد كبير بالقيم الجماعية لأفراد المجتمع، وهو ما يتحكم في سرعة واتجاه التغير، إضافة إلى أن التغير قد يقوي أو يضعف هذه القيم، لتحل محلها قيم أخرى أنتجها هذا التغير. إن مصطلح التقدم يعني الارتقاء من مرحلة دنيا إلى مرحلة عليا على سلم التطور الاجتماعي، فهو مصطلح يحمل حكم قيمي. وإذا أردنا القول أن الفيسبوك أحدث تطوراً اجتماعياً، فهذا يعني بالضرورة تطور نحو الأحسن، وينفي أي عيوب صاحبت استخدام الموقع، وهذا لا يمكن تأكيده، بحكم أن الفيسبوك في النهاية يعتمد على طريقة تعامل المستخدم معه، هذا الأخير قد يحسن وقد يسيء استخدام الموقع، وبالتالي الفيسبوك لا يحقق التقدم بالضرورة. الفيسبوك اليوم دخل عدة مجالات وبقوة، لذا لا يمكن إنكار ما قد يحدثه من تغير في هذه المجالات على المدى القريب أو البعيد. لكن يبقى من الجيد إجراء دراسات تهتم بالأثر الاجتماعي الثقافي للفيسبوك على مستخدميه، وعلى حياتهم الاجتماعية، ودراسة اتجاهات هذا الأثر، ومدى شدته، ليكون الفصل علمياً في مجال الأثر الذي أحدثه أو قد يحدثه هذا الموقع الاجتماعي.