و يأتي الملتقى السنوي الثالث لتيار أنصار الشريعة ذو التوجه السلفي الجهادي وسط حالة من القلق و الترقب من طرف عدد من التيارات السياسية و منظمات المجتمع المدني خاصة بعد الأحداث الأخيرة بجبل الشعانبي التي وجهت خلالها كل من وزارة الداخلية و الدفاع أصابع الاتهام لمسلحين تونسيين وجزائريين من التيار الجهادي. و في نفس السياق وضّح سيف الدين الرايس خلال الندوة أن أنصار الشريعة تعتبر هذه الأحداث مزيّفة واصفا إياها بالفزّاعة المفتعلة من اجل ترويع التونسيين و تأليب الرأي العام ضدّهم و جدّد التذكير بموقفهم أن تونس ارض دعوة و ليست بأرض جهاد، ناكرا تورط تيارهم في أي أحداث عنف و منددا بحملة الشيطنة التي يتعرضون لها باستمرار من قبل بعض السياسيين و وسائل الإعلام و خاصة ما جاء على لسان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في ندوة صحفية عشية البارحة 15 ماي من ربط بين حديثه عن التيار السلفي و حادثة اغتيال رجل الأمن بجبل جلود مستغربين وصفه لهم بال" خوارج ".
و نتيجة لأحداث الشعانبي الأخيرة التي أصيب فيها عدد من رجال الحرس و الجيش الوطنيّين أدت إلى بتر أرجل بعضهم، فرض على الساحة السياسية الوطنية و حتى الاقليمية جدل واسع شغل الرأي العام طيلة الأسابيع القليلة الفارطة بين مختلف الأطياف السياسية و المدنية، و التي حمّل جزء كبير منها المسؤولية للحكومة و القوى السياسية المشاركة فيها نتيجة عدم جديتها في مواجهة تنامي أنشطة ما اعتبروه تيارات دينية "متشددة" تشكّل "خطرا" على النموذج المجتمعي التونسي و "تهديدا" للأمن العام خصواصا تلك التي يتم خلالها تكفير جزء من المجتمع.
في المقابل و ردا على هذا الجدل القائم عبّر المتحدث باسم أنصار الشريعة خلال الندوة عن استغرابه من ردود الأفعال " المتشنجة و المتحاملة عليهم " اثر كل حدث عنيف مشبوه ينسب إليهم تلقائيا و بدون أدلة واضحة ،و هو ما يثبت حسب تعبيره أن القلق الكبير و غير المبرر من قبل العديد من الأحزاب السياسة يخفي " عداء إيديولوجيا واضحا " و أن تنامي ظاهرة التدين لدى فئة الشباب المتزايدة ساهمت فيه خيماتهم الدعوية بشكل كبير و التي فاق عددها الخمس مائة و التي شملت مختلف الجهات و القطاعات و الفئات العمرية.
كما أكّد أنها سلمية و لا تفرض أي فكر أو قناعات بالقوة متّهما السلطات باتّباع سياسة المكيالين فهي حسب نظره متساهلة مع قاطعي الطرق في الإعتصامات و معطّلي عمل المؤسسات بالقوة في الإضرابات و في نفس الوقت مفرطة في استعمال القوة مع التيار السلفي معتبرا أن حملات التشويه المتتالية التي طالتهم شكلت ضغطا على الأجهزة الأمنية مما جعلها تنساق معها و تستعمل القوة لمنع خيماتهم الدعوية في سابقة خطيرة حسب تعبيره مفيدا أن تيارهم لن يسكت عن هذا الأمر و سيواصل أنشطته مهما كلفهم. و في سياق آخر ذكر سيف الدين الرايس أن عددا من صفحات الانترنت الرسمية لجمعيات رياضية كبرى مثل الترجي و الإفريقي و النجم الساحلي دعمت ملتقاهم مما يثبت تعاطف جزء كبير من التونسيين معهم و أضاف أنهم لا يعترفون بإجراءات الترخيص التي تريد وزارة الداخلية فرضها عليهم بدون موجب.
و للتذكير فان هذه الندوة الصحفية لتيار أنصار الشريعة بتونس و التي جلبت انتباه عدد كبير من وسائل الإعلام جاءت في نفس اليوم الذي ينطلق فيه الشوط الثاني من الحوار الوطني تحت إشراف الإتحاد العام التونسي للشغل و الباحث في برنامجه ملف ظاهرة العنف و سبل مقاومته , فهل تنجح القوى السياسيّة و المدنيّة المشاركة التميّز بالحكمة اللازمة من اجل الخروج بحلول عمليّة لإنقاذ البلاد من حالة الاحتقان المتزايدة و الانفتاح على كل التيارات دون استثناء تجنبا لأي صدام عنيف مرحلتنا الانتقالية الحساسة في غنا عنه ؟
و نوافيكم بالتسجيل الصوتي لمداخلة الناطق الرسمي في الندوة