تصعب المقارنة بين لقائي قمة الكرة المغربية التي تجمع الرجاء البيضاوي بجاره الوداد ونظيرتها الإسبانية التي تجمع ريال مدريد ببرشلونة نظراً للفوارق الكبيرة بين الطرفين، لكن ذلك لا يمنع من وجود عدة قواسم مشتركة يمكن أن تفتح المجال للمقارنة بشكل مجازي. فال "كلاسيكو" الإسباني يعتبر الأقوى عالمياً من جميع النواحي بحكم أن الفريقين يجران خلفهما تاريخاً تجاوز 100 عاماً من العداوة بين مدريد وكاتالونيا، كما يملك الفريقان تاريخاً حافلاً من الألقاب المحلية والقارية والعالمية، بالإضافة إلى ترسانة النجوم الذين لعبوا في صفوفهما وفاز بعضهم بجائزة أفضل لاعبٍ عالمي. لكن ال "ديربي" المغربي يملك بعض الخصوصيات التي تتشابه مع ال "كلاسيكو" الإسباني بحكم تأثر الأول بالثاني في عدة نواحي، من بينها المنافسة الجماهيرية والإعلامية ومجموعة من الطقوس التي تميز لقاءات تجمع بين الأخوة الأعداء. ويحتل ال "ديربي" المغربي المركز التاسع عالمياً حسب الموقع العالمي للديربيات والذي لا يصنف ال "كلاسيكو" الإسباني ضمنه بحكم أنه يجمع بين فريقين من مدن مختلفة. وبحكم قرب المغرب من إسبانيا، شكلت قمة الكرة الإسبانية فرصة لعشاق الفريقين المغربيين لتقمص مجموعة من الطقوس التي تميز اللقاء الأقوى عالمياً. ففي السابق وقبل أن تختلط الأمور، ظل محبو الوداد البيضاوي عشاقاً لريال مدريد، فيما تغنى محبو الرجاء البيضاوي بعشق برشلونة، وقد يكون العهد الأخير شهد المزيد من العشق للنادي الكتالوني على حساب غريمه التقليدي الذي ظل يبسط سيطرته على عشاق الكرة في الشمال المغربي. ونبع عشق مناصري الوداد البيضاوي لريال مدريد بحكم الطابع الملكي للفريقين، فالوداد اعتبر دائماً مقربة من القصر الذي كان في الغالب يدعمه ويسانده، فلقب ب "وداد الأمة" كونه أسس من وطنيين مغاربة ناضلوا من أجل عودة الملك واستقلال المغرب. أما الرجاء البيضاوي أو "رجاء الشعب" كما يحلوا لأنصاره تسميته، فظل بعيداً عن الألقاب بل سحب منها لقبٌ للدوري فاز به ميدانياً وفرض عليه إجراء لقاءات سد أمام الجيش الملكي والنادي القنيطري، ما رفضه "النسر الأخضر" وقاطع اللقاءات. ودفع الشعور بالاضطهاد محبي الرجاء البيضاوي لعشق برشلونة الذي كان يحس بالشيء نفسه في إسبانيا في فترة من الفترات، فأصبحت المعادلة بالتالي واضحة: ريال مدريد = الوداد البيضاوي.. وبرشلونة = الرجاء البيضاوي. وكما في إسبانيا، ظل عاشق الأحمر كارهاً لكل ما هو أخضر على وجه البسيطة والعكس صحيح، كما دفع اللاعبون الذين تنقلوا بين الفريقين الثمن غالياً بعدما تلقوا الشتم والسب. ولعل ذلك كان وراء رفض لاعبٍ كبير كعبد المجيد الضلمي اللعب للوداد البيضاوي رغم الاحترام والإعجاب الكبير الذي كان يحظى به لدى الطرفين ومنحه جائزة اليونيسكو للروح الرياضية. وكما في إسبانيا تماماً، فالديربي البيضاوي يحبس أنفاس المغاربة وتتحول مقاهي البلد لملاعب مصغرة تشهد على الصراع بين الفريقين وقد تنتهي بأحداث شغب كما جرى عدة مرات خصوصاً في الدارالبيضاء. وعلى عكس "كلاسيكو" إسبانيا الذي يشهد تفوقاً تاريخياً لريال مدريد على صعيد النتائج والألقاب المحلية والقارية، يشهد ديربي البيضاء تاريخياً تفوق الرجاء البيضاوي على صعيد النتائج في المقابلات المباشرة وتفوق الوداد البيضاوي على صعيد الألقاب المحلية، بينما على الصعيد القاري يبقى الرجاء الأنجح بعد فوزه بخمس ألقاب ومشاركته في كأس العالم للأندية مقابل لقبين لغريمه الوداد. ويطمح الديربي البيضاوي في المزيد من الشهرة والتألق للوصول لعالمية "كلاسيكو" إسبانيا ويحتاج لسنوات طويلة لتحقيق ذلك، لكنه يكتفي حالياً بالطقوس التي تميز ال "كلاسيكو" والتي يقلدها الأنصار عن ظهر قلب بل يتفوقون فيها عن نظرائهم الإسبان. تجدر الإشارة إلى أن ال "كلاسيكو" في المغرب يطلق على المواجهة التي تجمع بين الوداد البيضاوي والجيش الملكي لأن الفريقين يعتبران الأكثر تتويجاً بالألقاب على الصعيد المحلي 26 لقب للوداد (17 لقب دوري و9 كؤوس) و23 لقب للجيش الملكي (12 لقب دوري و11 كأساً)، مقابل 15 لقب فقط للرجاء (9 ألقاب دوري و6 كؤوس).