تنظيف الشواطئ التونسية: رفع 8000 م3 من الفضلات وتحقيق 80% من الفضلات ب133 شاطئا إلى غاية بداية أوت    غرفة التجارة والصناعة لصفاقس تنظم بعثة أعمال متعددة القطاعات إلى المملكة العربية السعودية من 2 الى 6 نوفمبر 2025    إطلاق الدورة الأولى لمسابقة "Cactus INNOV " لاختيار أفضل الابتكارات في تثمين التين الشوكي    621 حالة اختناق بسبب تسرب غاز الكلور في طريق كربلاء...شنوا صار؟    ولاية كاليفورنيا ترفض طلب ترامب من جامعتها دفع مليار دولار وتعتبره ابتزازا سياسيا    النصر السعودي يعلن ضم المدافع الاسباني إينيغو مارتينيز    المهاجم التونسي محمد علي بن حمود ينتقل الى شباب بلوزداد الجزائري لمدة ثلاثة مواسم    بطولة أمم إفريقيا للمحليين: تنزانيا تهزم مدغشقر وتتأهل إلى ربع النهائي بالعلامة الكاملة    عاجل: التسجيل الإلكتروني لأداء فريضة الحج يبدأ قريبًا    دواء معروف يستعمله الملايين يرفع خطر فشل القلب.. شنوة السر الخطير؟    تقارير: نصف ثروة ترامب من العملات الرقمية    اليوم.. 4 لقاءات تتصدرها قمة الاتحاد المنستيري والملعب التونسي    المرصد الوطني يكشف: 3 من كل 10 سواق يسوقوا وهم فوق النسبة القانونية للكحول!    الأحد.. طقس صاف مع بعض الأمطار المحلية    تقصّ شعرك مبلول ولا شايح: شنوّة الأفضل ليك؟    اليوم: غلق وقتي للطريق نحو باجة بسبب تقدم أشغال توسعة المدخل الجنوبي للعاصمة    شنوّة أعراض فيروس ''تشيكونغونيا'' الخطيرة؟    بلدية مدينة تونس: حجز 37 حاجزا حديديا و3 ثلاجات و27 كرسيا و8 طاولات    نجوى كرم تُشعل قرطاج بعد غياب تسع سنوات: ليلة حنين وأغانٍ خالدة أمام جمهور غصّت به المدارج    مهرجان "أفلام تونسية قصيرة" أيام 3 و4 و5 أكتوبر القادم بدار الثقافة ابن رشيق    عرض المحفل التونسي ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرحان صفاقس الدولي ... حفر في مخزون التراث الغنائي الشعبي التونسي    المنستير: وزير السياحة يعاين مشاريعا سياحية تقوم بتنفيذها بلدية المنستير    مجلس الأمن يعقد جلسة عاجلة حول خطة إسرائيل احتلال غزة    قتلت 10% من سكان غزة".. تقرير عالمي عن تفوق إسرائيل على النازيين في قتل المدنيين    إطلاق نار بالقرب من سجن تحتجز فيه مساعدة جيفري إبستين    غدا.. غلق الطريق في اتجاه باجة أمام القادمين من باب عليوة ولاكانيا    تاريخ الخيانات السياسية (41) .. تسميم الخليفة المعتمد    بين «الشفافية» و«التأثيرات الخفية» من يتحكم في منظومة التوجيه الجامعي...؟    اكتشاف جديد    كيفاش مناشف الحمام تولي بؤرة ميكروبات؟ وشنوة الحل؟    تحذير من سمكة الأرنب السامة بشاطئ المريقب في منزل تميم    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (الجولة الافتتاحية-الدفعة1): النتائج والترتيب    انخراط 425 مؤسسة في موسم التخفيضات الصيفي    طقس الليلة: ضباب على الساحل وريح شرقية وهكا باش تكون السخانة    كرة اليد: منتخب الاصاغر يفشل في بلوغ الدور الرئيسي للمونديال    عاجل: موسم الحصاد 2025 يتصدر أفضل خمس سنوات في تونس    تونس تدين قرار الكيان الصهيوني إعادة احتلال قطاع غزة    عاجل/ سمير الشفّي: لسنا مع تأجيج الأوضاع لكننا لن نصمت..    جامعة النقل تعلن تأجيل إضراب المطارات    إيقاعات الراي تلهب مسرح الحمامات مع النجم الشاب مامي    عاجل/ مقتل كهل داخل شقته في العوينة: هذا ما تقرّر ضد المشتبه بهم    عاجل: قرعة الكنفيدرالية تكشف عن منافسي ممثلي كرة القدم التونسية    الشابة: القبض على مروج مخدرات    أربع مواجهات قوية في افتتاح الموسم الكروي التونسي...التوقيت والقنوات    عاجل - للتوانسة : إحذروا من فخ الجوائز الوهمية على الفايسبوك والإنستغرام!    3 وفيات و4 إصابات في انقلاب شاحنة محمّلة بالفحم الحجري بأوتيك    تنفيذ برنامج تنظيف الشواطئ بنسبة 80%.. #خبر_عاجل    خزندار: الإطاحة بمتحيّل خطير محل 26 منشور تفتيش وأحكام تفوق 100 سنة سجناً    زيلينسكي: لن نترك أراضينا للمحتل.. #خبر_عاجل    استراحة صيفية    مصيف الكتاب بالقلعة الصغرى.. احتفاء بالإصدار الأدبي «هدير الأمواج» للكاتبة نسرين قلص    إلى شتات أهل وسلات    صيف المبدعين: الكاتبة سعاد الخرّاط: عشت في الحقول الشاسعة والأبراج المُسوّرة وبيتنا كان مزارا    تاريخ الخيانات السياسية (40): قتل الخليفة المهتدي    مهنة وصيف: بشير برهومي: »مشوي» على ضفاف شط الجريد    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    في سهرة فنية رائقة ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي .. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواطنونا بالخارج عُذرا بقلم : عبد اللّطيف الهذيلي
نشر في صحفيو صفاقس يوم 08 - 04 - 2020

نستسْمحكم عُذرا إن تبرّم أو احترز أو عارض بعضُنا قدومكم لوطنكم مع بدايات انتشار العدوى ، إن تصريحا أو تلويحا أو تلميحا ، خوفا منكم أو خوفا عليكم ، كان ذلك حين تاهت الأذهان و تعكّرت الأمزجة ، و البعض ممّا أصابنا من الوباء القاتل وافد و إن خانني التعبير لا يخونُكم الفهم .نعلم جيّدا أنّ جسدكم هناك و قلوبُكم هنا ، و أنّ بيتزا الغربة لا تُنْسيكم خبْز الوطن ، و أنّ في البُعد فراق و الفراق شجن ، وأخبار الأهل و الأحباب جدّ مهمّة لحظة الكوارث و المحن ، لا نشكّ لحظة في أنّكم تُتابعون مثلنا عدّاد فيروس الوباء ، تفرحون لمن شُفي و تعافى و تتحسّرون على من فارق و قضى ، تزدادون شوقا لأرض على أديمها نشأتم و من خيراتها أكلتم و في مدارسها تعلّمتم ، و الشوق وجّاع قتّال ، و الكرام تحنّ لأوطانها حنين الطيور لأوكارها ،كلّ هذا لا يفوتُنا و نحن في حجر صحّيّ شامل تحكُمُنا إرادة البقاء ، و تدبّر شأن اليومي بحيطة وعناء ، نُتابع أحوال الأهل و الأحبّاء ، و بالطبع شريط الأنباء ، و لا نغفل عن التضرّع إلى الله ليرفع عنّا الجائحة و الوباء ، نُقاوم الرتابة و الملل ، و نُكابد الوحشة و القلق الممزوج بالأمل ، و بعض قلقنا يرِقى إلى السؤال عن معنى الوجود و منزلة الإنسان منه و عن مستطاع الإنسان في مواجهة جبروت الطبيعة و هو يحلم بتملّكها و بالسيادة عليها .
نفخر و نعتزّ حين نرى خيرة أبنائنا منكم في أرقى المقامات ، يتحمّلون أثقل المسؤوليات ، فاعلين في الطبّ و الهندسة و البرمجيات … منكم من هاجر اضطرارا ، و الغربة ملاذ الهروب لكلّ من على أمره مغلوب ، و منكم من هاجر عن شبع مفضّلا الدولار عن الدينار ، في نزيف غير مسبوق لهجرة أدمغة كم ترانا في حاجة إليها اليوم ، كان ذلك في لحظة ضعف الدولة و استشراء النهش في جسدها العليل .
تعتصرُ قلوبُنا ألما و يفيضُ إحساسُنا كدرا و يهْتزّ كيانُنا حزْنا و شجنا عمّن فارق الحياة منكم موبوء في ديار الغُرْبة ، و لا قُدْرة لنا غير الترحّم عليهم و في القلب حسْرة و في الذاكرة تجربة حياة .
أُقدّرُ غُربتكم ، أتفهّم معاناتكم و لكنّني أشعر أحيانا بالغربة مثلكم ، و لكنّ الغربة في الغربة مستساغة مفهومة ، و الغربة في الوطن قاتلة و مذمومة ، أشعرُ بالغربة و في القلب لوعة و حُرْقة ممّن انتخب نائبا ليستثمر في فقره أو ليتحصّن من أحكام تقضي بسجنه ، وجعي يزداد كمدا و مرارة حين أتابع مشهد مريض يلفظ أنفاسه في الشارع و هاتف رجالات الخدمة والرحمة خارج الخدمة و الرحمة… مسلم مصدوم يعترض على دفن مسلم موبوء في قبور المسلمين ،و بعض المحتجّين لطابع التقوى حاملين ، يا وجعي كلّ الوجع …أشعر بالغربة حين أستحضر وضع مستهترين و بقرار الحجر غير ملتزمين ، بما يعْنيه ذلك من مخاطر على ذواتهم و على الآخرين ، هذا فضلا عن حيل المتسوّلين وفخاخالمضاربين و مكائد المحتكرين و جشع المستكرشين و حماقة بعض الإعلاميّين .
مع كلّ ذلك ، فعلى هذه الأرض ما يستحقّ الحياة ، و لنا في وطننا رجال و نساء لم تلد الأرحام مثلهم ، من مسؤولين و أطباء و جنود و أمنيين و غيرهم ممّن حقّ فيهم صفة المواطنين ، المثلج للصدر حقّا ما نلاحظه في أيّامنا هذه من تغيّر في السلوكيات ، و الانتقال من اللاّمبالاة و التعليقات ، إلى الانخراط في خلايا أو جمعيّات ، في القرى و الأزقّة و الحارات ، لجمع التبرّعات و تقديم المساعدات ، و توزيعها على المحتاجين و المحتاجات ، في حركة تضامنيّة انسانيّة ، منظّمة حينا و أحيانا عفويّة ، دون رفع شعارات حزبيّة أو تقوية ضارب التربية المدنيّة … مصانع تتسابق في صنع كمّامات وقائيّة ، طلبة أساتذة يتنافسون في ابتكار و اختراع معدّات طبيّة ، مطاعم تُعدّ مجانا ما تيسّر من الأكلات اليوميّة للأطبّاء و الجنود و الوحدات الأمنيّة ،فضلا عن الهبات والتبرّعات النقديّة ، هنا لا يبيتُ جائع و جارُه في رفاهيّة ، ارفعوا رؤوسكم إنّها تونس الأبيّة … أملي أن تعودوا إلى وطنكم و قد رُفع البلاء و زال الوباء ، وعرفنا قيمة العلم و العلماء و حصّنّا الدولة من العملاء و السفهاء ، فتونس خضراء أرضُها معطاء برْشاء ، و هذه البداية و ليست المنتهى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.