هذه الذاكرة هي حكايات بسيطة لكنها تكشف عن عالم كبير، فيه ألم بحجم المأساة وفيه ابتسامة بحجم سخريات القدر وفيه حكمة بحجم العالم الفلسطيني العبثي. انها ذاكرة الكاتب الخاصة، وفي الوقت نفسه ذاكرة شعبه، ذاتية وجماعية، له وحده ولنا جميعا، عنه كمن لا يحتفل بيوم ميلاده وعنا كمن نحتفل بمناسبات موتنا واستشهادنا. شيخ فقد ذاكرته فأكلته الضباع، وأبو صلاح اللواح جعل من الحطة علما وأغنية الشمالية نشيدا وطنيا، خلف نكاته وسخريته وحماسه اللامحدود للدبكة شخصية مأساوية تجسد حياة الفلسطيني بمرحه وحزنه. هذا العمل مبني كالذاكرة، حالات وحكايات وتداعيات متفرقة، ولا بطل فيها الا الذاكرة نفسها التي تحول كاتبا غاضبا الى حكواتي يسرد القصص ثم تفرض عليه أن يتقمص الشخصية التي أحبها، ليؤديها على المسرح في أشد حالات انفعالها. لا تلوموا الضحية، هي حكاية عبد الحسن، وجنين الأمس كما جنين اليوم، وطفولة الكاتب الذي أمره مدير المدرسة أن لا يكتب شعر الحب ولكنه أمره أن يكتب قصائد لعيد الاستقلال، متى ولدت حفيدته سلمى؟ “أنا والحرب توأمان، فهل تريدونني أن أحتفل بالحرب؟” صرخة أخرى ضد القتل والدمار، تجربة مختلفة في التعامل مع النص الأدبي، وحضور يشذ عن المعايير المتعارف عليها، كاتب تمسرحه الحكاية.