انطلقت صباح اليوم الأربعاء بصفاقس أشغال المؤتمر 25 للاتحاد العام التونسي للشغل، وسط إجراءات أمنية مشدّدة وبحضور لافت للنقابيين وضيوف المنظمة الشغيلة من تونس وعديد الدول الشقيقة والصديقة. ويشارك في هذه المؤتمر الذي يتواصل على مدى ثلاثة أيام، تحت شعار « متمسكون باستقلالية قرارنا، منتصرون لتونس الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية »، قرابة 620 نائبا، من أعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل والكتاب العامين للجامعات والكتاب العامين للاتحادات الجهوية والكتاب العامين للنقابات الأساسية الأكثر تمثيلا. كما يحضر هذا المؤتمر نحو عشرات الشخصيات ضيوف الاتحاد من منظمات شقيقة وصديقة من عديد الدول المغاربية والعربية والإفريقية والأوروبية ومنها منظمة العمل الدولية فضلا عن ممثلي المنظمات الوطنية ومنها منظمة الأعراف وعمادة المحامين والاتحاد الوطني للمرأة التونسية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وغيرها. وقال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبّوبي لدى افتتاحه هذا المؤتمر، إن « الكل أنظاره تشرئبّ نحو بوصلة الاتحاد ومؤتمره وما سيفرزه من مخرجات »، مضيفا « لا خوف على تونس وسننجح اجتماعيا واقتصاديا وستبقى تونس لنا ولا لغيرنا ». وحيّا الطبوبي في مستهل كلمته الافتتاحية « جهة صفاقس قلعة النضال النقابي » مثمنا « حسن التنظيم والاستقبال كما حيّا باسم النقابيين والمناضلين في كل هياكل اللاتحاد ومستوياته محليا وجهويا ووطنيا وقطاعيا ضيوف الاتحاد في مقدمتهم اتحاد عمال نقابات فلسطين والاتحاد العام لعمال الجزائر الذين وقف النقابيون المؤتمرون والضيوف إجلالا واحتراما لهم وحيّوهم بحرارة. وترحم الأمين العام للاتحاد على شهداء الوطن من أمنيين والشهيدين محمد البراهمي وشكري بلعيد وتكريم روح فقيدي الساحة النقابية بوعلي المباركي وعبد السلام جراد وتمت تلاوة فاتحة الكتاب على أرواحهم الزكية. وعرفت الحصة الافتتاحية للمؤتمر إلقاء كلمات عديد المنظمات من أبرزها منظمة العمل الدولية والاتحاد الدولي للنقابات والاتحاد الأوروبي للنقابات والكنفدرالية الدولية للنقابات « سيزل » والوحدة النقابية الإفريقية والذين عبر القائمون عليها على دعمهم للاتحاد في مسيرته النضالية ودفاعه عن الشغالين ومصلحة الوطن. كما انتقد عدد منهم وضع الحريات في تونس وحل المجلس الأعلى للقضاء وما وصفوه باستئثار رئيس الجمهورية بعديد السلطات مع ما يمثّله ذلك من تهديد جدي على المسار الديمقراطي في تونس، وفق تقديرهم. من جهته، وجه الأمين العام لاتحاد عمال فلسطين شاهر سعد أصدق الاماني للاتحاد باعتباره صار « أيقونة للعمل النقابي في العالم العربي بفضل ما حققه من مكاسب يفتخر كل عربي بها » (من بينها حيازة جائزة نوبل للسلام) و »بفضل صلابة النقابيين وقيادتهم داخل المنظمة التي أضحت شجرة يتظلل فيها التونسيون والشغالون بالفكر والساعد »، على حد تعبيره. واعتبر أن الاتحاد « عنوان الدفاع عن القضية الفلسطينية » قدم الكثير لهذه القضية واحتضن الثورة الفلسطينية كما احتضنت تونسفلسطين والدم الفلسطيني. وقال ان « الإدارة الامريكية هي عدوة الشعوب » معتبرا أنها حجرة عثرة أمام تحقيق السلام لأنها تريد أن تبقى متفردة بالحوار بين السلطة الفلسطينية والكيان الاسرائيلي منبها من ان يمتد ويطال الخطر الدول العربية ككل. وردّد المؤتمرون شعار « الشعب يريد تجريم التطبيع » وشعارات أخرى « فلسطين عربية، لا حلول استسلامية » و »بالروح بالدم نفديك فلسطين ». من جهتها، قالت نائبة الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل إن « المؤتمر يلتئم وتونس تنادي كل أبنائها ومنظماتها الوطنية لبناء صرحها الديمقراطي والاقتصادي الذي تهدده جائحة « كورونا » التي بينت هشاشة المنظومة الاجتماعية في العالم العربي وزادت في اتساع رقعة الفقر والتهميش والفئات الاجتماعية الضعيفة »، وجددت التعبير عن حلم تحقيق الاتحاد العمالي المغاربي. بدوره ثمن الأمين العام للاتحاد العام لعمال الجزائر سليم لباطشة مكانة ودور الاتحاد ومؤتمره الذي يتيح فرصة متجددة للقاء النقابيين التونسيينوالجزائريين بالنظر إلى حجم التاريخ النضالي المشترك والتي كانت أحداث معركة سيدي يوسف أكبر شواهدها. واستحضر المساعي الثنائية بين الاتحادين في نصرة القضايا العملية ودعم الفئات الضعيفة وتوحيد المبادرات وتبادل الخبرات في المجال الاجتماعي والاقتصادي، مشددا على تعاظم المسؤوليات النقابية بسبب الأزمات الاقتصادية المتفاقمة والرأسمالية الجديدة التي تتطلب تكتل الاتحادات حول رؤى ومبادرات مشتركة، بحسب تقديره. واعتبر رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول أن منظمتي الأعراف والشغالين، كما كانتا دائما منذ عهد ما قبل الاستقلال وإلى اليوم، شركاء في الحفاظ على مصلحة البلاد وعلى المؤسسات والرأسمال البشري وهما مطالبتان اليوم بالجلوس على نفس الطاولة لإيجاد الحلول اللازمة للخروج من الأزمة الراهنة التي تعيشها البلاد على جميع الأصعدة. ويتنافس خلال هذا المؤتمر الانتخابي العادي 36 مترشحا على عضوية المكتب التنفيذي (15 مقعدا) و11 مترشحا على عضوية الهيئة الوطنية للنظام الداخلي (5 مقاعد) و14 مترشحا على عضوية الهيئة الوطنية للمراقبة المالية (5 مقاعد). وينعقد المؤتمر على خلفية احتجاجات مجموعة من النقابيين الذين رفعوا قضية استعجالية لإيقاف أشغال المؤتمر 25 للاتحاد بسبب رفضهم لتنقيح الفصل 20 من النظام الأساسي للمنظمة في المؤتمر الاستثنائي بسوسة في جويلية الفارط وهو تنقيح يخول لأعضاء المكتب التنفيذي للمنظمة الترشّح لأكثر من دورتين متتاليتين. وقد رفضت المحكمة الابتدائية بتونس في الثامن من فيفري الجاري طلب إيقاف أشغال المؤتمر، وراسل الاتحاد منظمة العمل الدولية كتابيا لاستشارتها في الموضوع فردت بأن المسائل الداخلية التي تهم الاتحاد يقع حلها داخل هياكله النقابية وفق ما بيّنه ياسين الطريقي ل(وات) في وقت سابق. يذكر أن أغلب المؤتمرات الوطنية للاتحاد انعقدت بتونس العاصمة، أما المدن الداخلية التي احتضنت مؤتمرات الاتحاد فهي المنستير (1969-2006) وقفصة (1981) وسوسة (1989) وجربة (2002) وطبرقة (2011). واحتضنت مدن أخرى المجلس الوطني للاتحاد وهو ثاني سلطات القرار، ومنها توزر والمهدية وطبرقة.