لو كنتُ مسؤولا في وطني .. لأمرتُ بإحداث وزارة للحب .. ففي هذا الوطن يوجد كل شيء إلاّ الحب .. لو كنتُ مسؤولا لأغلقت عشرات الوزارات والإدارات .. وأقَلتُ مئات الموظفين .. وفتحت وزارة للحب وزارة للحب .. تعلّم الناس معنى أن يحبّوا الله .. أن يعبدوه بحب .. ويسجدون إليه بحب .. ويطيعونه بحب .. ألم تروا أنّ المرء منّا إذا أحبَّ أحدا .. أحبّ ما يحبّه وترك ما يكرهه .. فكيف بالواحد منا إذن إذا تعلّم حبَّ من خلقه .. وعرف حكمته ولامس رحمته .. وغشيه حبّ عبادته .. لن نحتاج بعدها لمن يصيح في وجوهنا مجلجلا مزمجرا مذكرا إيانا بالجحيم ومآله .. وغضب الله وعذابه .. وأنّ الحياة قبر والويل لمن سار في الدنيا حاملا راحة باله ... دون أن يحدثنا ولو بربع كلمة عن رحمة الله وعفوه وصبره على عباده .. لن نسمع بعدها لمن يحدثنا وكأنّه يحمل توكيلا من الله وأنّه المعصوم ونحن الخطّاؤون .. وأنّ الجنة مثواه ونحن الكافرون .. لو كنتُ مسؤولا .. لأمرت بوزارة للحب .. تعلّم الناس معنى حب الوطن .. معنى أن يعشقوا ترابه .. وأن يكونوا جزءً من بنائه .. لا سببا في بلائه .. أن يعملوا فيه وله .. ردّا للجميل .. وليس كأنّهم يُحسنون لعابر سبيل .. وأن يُحاسبوا أعداءه حبا فيه وفي الحقيقة وتحقيقا للعدالة .. وليس إنتقاما وتشفيا حسب أهواء السّاسة ورياح السياسة .. لو كنتُ مسؤولا .. لأمرتُ بوزارة للحب .. تعلّم الناس معنى أن يحبّ الواحد منّا عائلته .. توأم روحه وأقرب الناس إليه .. وأبناءه وأبويه .. أن يحبّ الواحد منّا من يختلف عنه .. وحتى من يسيء إليه .. أن يحبّ الصغير والكبير والمسكين والفقير .. أن يحبّ من سطع نجمه .. ومن جلده القدر بسوطه .. وأن يتعلّم كيف يستطيع أن يكون أرقى من كل المشاكل العابرة .. وأنقى من كل الادران العالقة .. وأن نقتنع جميعا في النهاية بأنّ ما يجمعنا هو أكثر ممّا يفرّقنا .. وأنّ الحياة لا تستحق منا حتما كل هذا الصراع والتكالب ... وأنّ الواحد منّا مصيره مهما علا أن يرقد في جوف الارض .. ولن يبقى من ذكراه إلاّ ما إستطاع أن يحققه ويعيشه من حب صادق .. لله .. ولوطنه .. ولمن كانوا حوله .... أفليس من حقي بعد كل هذا أن أطالب بوزارة للحب في وطني .. إنه حلمي .. وحلم كل مواطن أعيته السياسة بكذبها ونفاقها وخداعها ..... وللحديث بقية .. لا أدري .. فربما .. يوما ما .. تكون لنا في هذا الوطن وزارة للحب ... ربما,