بعد محاولة اجتياز الحدود خلسة: إيداع رجل أعمال السجن في قضايا فساد مالي    أمام دائرة الفساد المالي: قرار قضائي في حق وزير سابق ورجل أعمال أجنبي    رئيس لجنة الفلاحة: المستهلك لن يتضرّر عند شراء زيت الزيتون ب 15 دينارا    الستاغ: هاو كيفاش تتمتّع بإجراءات تسهيل الخلاص بداية من 22 ديسمبر    الكونغرس الأمريكي يقرّ الرفع النهائي للعقوبات عن سوريا    في المرتبة التاسعة: تونس تسجّل أضعف معدّلات الولادات عربياً    بطولة الكويت: طه ياسين الخنيسي ينقذ الكويت من الخسارة امام السالمية    مانشستر سيتي ونيوكاسل يتأهلان لقبل نهائي كأس رابطة الاندية الانقليزية    عاجل: منخفض جوي قادم من الصحراء الجزائرية يؤثر على تونس ...شوفوا التفاصيل    عاجل/ رصدت في 30 دولة: الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    الهيئة العامة للإذاع والتلفزيون الفلسطينية تضيء برجها بعلم تونس احتفاء بعيد الثورة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    ولاية ثالثة لترامب.. "حديث" يثير عاصفة دستورية    الاتحاد الأوروبي يوافق على قواعد أكثر صرامة بشأن ترحيل طالبي اللجوء    هدية أسطورية لميسي من ملياردير خلال زيارته الأخيرة إلى الهند    المغرب ضد الأردن: من يحسم لقب كأس العرب 2025؟    ترامب في خطابه إلى الأمة: الجيش الأمريكي هو الأقوى في العالم    ترامب مخاطبا الأمة: "الرسوم الجمركية" هي كلمتي المفضلة    عامر بحبة... منخفضًا جويًا قادمًا من الصحراء الجزائرية سيبدأ تأثيره على البلاد تدريجيًا    النواب الأمريكي يصوت ضد حملة ترامب على فنزويلا وكارتيلات المخدرات    الحلول العاجلة للنهوض بالاقتصاد الوطني    خلال الايام المقبلة.. تقلبات في الطقس مع أمطار وانخفاض في درجات الحرارة    ضمن المسابقة الرسمية ... «صوت هند رجب»... الصوت الذي هزّ الإنسانية    أرقام فلكية: الفيفا يعلن عن الجوائز المالية لكأس العالم 2026    أمطار متفرقة الليلة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    تبادل الخبرات    الأمين السعيدي مفاجأة الأدب العربي    قابس: مسيرة تطالب بتفكيك الوحدات الصناعية الملوثة للمجمع الكيميائي    ديوان الزيت يدعو المتدخلين في القطاع لطلب تخزين زيت الزيتون لدى الخواص    عاجل/ عامين سجن في حق هذا الفنان..    عاجل: دولة عربية تعلن عن احتمالية اضطرابات في الرحلات الجوية...والسبب الطقس    هام: منظمة الصحة العالمية تحذّر من الانتشار السريع لل Grippe    علامة تحذيرية للزهايمر قد تلاحظها أثناء الاستحمام!    يهم وضعية أعوان البلديات...وزارة الداخلية تصدّر هذا البلاغ    ماتشوات اليوم: شوف شكون يلعب ضدّ شكون ووقتاش    مستشفى شارل نيكول: نجاح أول جراحة الكلى الروبوتية في تونس    عاجل/ "الستاغ" توجه بلاغ هام للمواطنين..    الدورة الاولى لتظاهرة "أيام براتس الثقافية" برادس الغابة يومي 20 و21 ديسمبر الجاري    الألعاب الإفريقية للشباب: ذهبيتان لاسيل بنور ورنيم بن سليمان في الجيدو وثالثة ليوسف دومة في السباحة    عاجل: تحذيرات من أمطار وسيول قوية تجتاح هذه البلدان العربية    صندوق النقد العربي: بورصة تونس تتصدّر البورصات العربيّة في ارتفاع القيمة السوقية    المركز الوطني لفن العرائس يشارك في فعاليات مهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل    طعام يومي يحمي العظام ويقويها أكثر من الحليب..تعرف عليه..    سيدي بوزيد: احياء الذكرى 15 لاندلاع الشرارة الأولى للثورة    أيام قرطاج السينمائية 2025: "سماء بلا أرض" فيلم تونسي يسلط الضوء على الهجرة الإفريقية داخل القارة    شيرين تردّ على ''الكلام الكاذب'' عن صحتها وحياتها    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    نهائي كأس القارات للأندية: باريس سان جيرمان و فلامنغو...شوف الوقت والقنوات الناقلة    ترامب يصنف فنزويلا منظمة إرهابية ويعلن حصارها بالكامل    اليوم: ضباب محلي مع طقس مغيم والحرارة في انخفاض    رئيس الجمهورية يظهر فجرا بشارع الحبيب بورقيبة ويتفاعل مع مواطنين قبيل وقفة إحياء ذكرى اندلاع الشرارة الأولى للثورة    طقس اليوم: أمطار متفرقة ومؤقتا رعدية بهذه المناطق    رئيس الجمهورية يوصي بضرورة تذليل كافة الصعوبات امام صغار الفلاحين    الدكتور محسن حمزة/طبيب ... شباب القرن الحادي والعشرين يريد خطابًا يُحاوره لا يُلقّنه    ندوة «الشروق الفكرية» .. الشّباب والدّين    د. الصحبي بن منصور أستاذ الحضارة الإسلامية/جامعة الزيتونة.. السّؤال خارج الخطاب التقليدي خطوة لفهم الدّين لا ابتعادا عنه    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ علي بادحدح :لا يجب ان نجعل الناس تقنط من رحمة الله
نشر في الحوار نت يوم 03 - 04 - 2011


الشيخ الدكتور علي بن عمر بادحدح
لا يجب ان نجعل الناس تقنط من رحمة الله ..

فرحمته واسعة ومغفرته حاضرة لمن تاب وأصلح وعمل صالحا.
عودة قلبي !

السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. اعترف أمام الله في الدنيا أنني منافق وعاصٍ وآثم .. اعتديت على حدوده ، وحاربته ليلاً ونهاراً ، كلما أتوب إليه أعود إلى المعاصي متعمداً مع أنني مؤمن به وبملائكته ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره . بالله عليكم .. عرّفوني بربي وإلهي وحببوني فيه .. أتعلق به في كل لحظة وحين ! وكرّهوا إليّ حب شهوات النساء فإنني لا أستطيع الزواج إلا إذا شاء الله جل جلاله ورزق وفتح على فقد ابتليت بحب النساء حيث ضاع مني ثلاث سنوات في الجامعة وأحلم كثيراً ولم أحقق أي نجاح .. أرشدوني بأسلوب إيماني رقيق يرقق القلب ويدمع العين ..
الإجابة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أخي السائل الكريم أنت بحمد الله - كما قلت - تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره، وأنت تعلم أن الله خلق الخلق لعبادته { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] وأمرهم بإتباع أوامره: { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ التغابن : 16 ] .
وجعل للإيمان علامات حددها سبحانه فقال: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } [ الأنفال : 2-4 ] .
وقال سبحانه: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } [ الحجرات : 15 ] .
كما جعل الله لعباده المتقين علامات حددها بنفسه فقال سبحانه: { ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ البقرة :2- 5 ] .
والآيات في ذلك كثيرة فالإيمان ليس كلمة تقال باللسان، بل هو إقرار باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح فإن نقص شيء من ذلك كان نقصاً في الإيمان.
واعلم يا أخي أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية فكيف ترضى لنفسك أن ينقص إيمانك بالوقوع في المعاصي والاستغراق فيها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه مما ترجو الخلاص منه .
أخي الكريم :
إن الإيمان الصحيح يقتضي منك العمل، فلو أشغلت نفسك بالطاعة لانشغلت عن المعاصي، ولكن لما تركتها تمادت والله يقول: { وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ يوسف : 53 ] .
لذا ينبغي عليك أن تعلم أن أعدى عدو لك نفسك التي بين جنبيك، وهي أمارة بالسوء، ميالة إلى الشر إن لم تهذبها وتقومها، وأنت مأمور بتقويمها وتزكيتها وأن تحملها على طاعة الله تعالى حتى تسلم من عقابه، وحتى تنقاد نفسك لك لا بد لك من تزكيتها وتعاهدها بالتزكية الدائمة المستمرة، قال تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } [ الشمس8-9 ] .
أخي الكريم أنت مازلت شاباً ، للشباب ميزة لا توجد في غيره من فترات العمر، فاجعل شبابك في طاعة الله فأنت مسؤول عنه ، فعن الصحابي الشاب معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لن تزال قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه) وقد وعد الله الشاب الناشئ في طاعة الله تعالى بأن يظله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.
فكر يا أخي كم هي الفرص التي تضيع عليك بسبب ما أنت فيه.
أيعقل أن تضيع ظل عرش الرحمن من أجل نزوة أو شهوة لا تستمر إلا لحظات أو إن طالت فسويعات، ثم ماذا؟
ليس بعدها إلا الحسرات في الدنيا، ثم في الآخرة الحساب العظيم والندم الجسيم. قال تعالى: { وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } [ الكهف : 49 ] .
ويخبرنا عن حسرة المقصرين المفرطين فيقول سبحانه داعيا المؤمنين إلى التوبة قبل وقوع الحسرة فيقول سبحانه، وتأمل معي ما يقول جل في علاه: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ * وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [ الزمر53-60 ] .
فإذا دعت نفسك الأمارة بالسوء إلى المعصية فقل لها بيقين وثبات: { مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [ يوسف : 23 ] واعتزل أماكن المعصية واحبس نفسك عنها وقل { رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إليه } .
أخي الكريم : لما صاح بالمؤمنين واعظ { اقترب للناس حسابهم } جزعت للخوف قلوبهم فجرت من الحذر العيون { فسالت أودية بقدرها }‏ ووجلت القلوب .
أخي الكريم‏ : يقول ابن القيم: " لُعن إبليس وأُهبط من منزل العز بترك سجدة واحدة أمر بها‏.‏ وأخرج آدم من الجنة بلقمة تناولها‏.‏ وحجب القاتل عنها بعد أن رآها عيانا بملء كف من دم‏.‏ وأمر بقتل الزاني أشنع القتلات بإيلاج قدر الأنملة فيما لا يحل‏.‏ وأمر بإيساع الظهر سياطا‏ بكلمة قذف أو بقطرة من مسكر‏.‏وأبان عضوا من أعضائك بثلاثة دراهم‏ فلا تأمنه أن يحبسك في النار بمعصية واحدة من معاصيك {‏ ولا يخاف عقباها } "‏.
أخي الكريم : احذر عاقبة المعصية وسوء الخاتمة، فالعمر بآخره والعمل بخاتمته‏.‏
من أحدث قبل السلام بطل ما مضى من صلاته .
ومن أفطر قبل غروب الشمس ذهب صيامه ضائعا .
ومن أساء في آخر عمره لقي ربه بذلك الوجه‏ .
كم جاء الثواب إليك فوقف بالباب، فرده بواب‏:‏ سوف، ولعل، وعسى‏.‏
كيف الفلاح بين إيمان ناقص، وأمل زائد، ومرض لا طبيب له ولا عائد، وهوى مستيقظ، وعقل راقد، ساهيا في غمرته، عَمِهاً‏ً في سكرته، سابحاً في لجة جهله، مستوحشاً من ربه، مستأنساً بخلقه، ذكر الناس فاكهته وقوته، وذكر الله حبسه وموته، لله منه جزء يسير من ظاهره، وقلبه ويقينه لغيره .‏
يامن يرحل في كل يوم مرحلة، وكتابه قد حوى حتى الخردلة، أما تنتفع بالنذير والنذر متصلة، ونور الهدى قد بدى ولكن ما رآه ولا تأمله.
إياك و الاغترار بحلم الله وكرمه، فكم قد أستدرج من عاصي ، و قصم من جبار و ظالم، إذا همت النفس بالمعصية فذكرها بنظر الله، لا يكن الله أهون الناظرين إليك .
عليك بطاعة الله والتقرب إليه، فالإنسان يوم القيامة - وكلنا إليها سائرون - مرهون بعمله.
كان يزيد الرقاشي يقول لنفسه: " ويحك يا يزيد! من ذا يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا يترضى ربك عنك بعد الموت؟ ثم يقول: أيها الناس! ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم؟ مَن الموت طالبه.. والقبر بيته.. والتراب فراشه.. والدود أنيسه.. وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر.. كي يكون حاله؟ " ثم يبكي رحمه الله .
أخي الكريم :
تشتكي من تعلق القلب بالنساء.
إن القلب إذا خبت جذوة الإيمان في قلبه، وخلا من محبة ربه امتلأ بحب غيره، لكن إذا عمر بالإيمان امتلأ بمحبة الرحمن، فالله سبحانه يقول: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ } [ البقرة : 165 ] .
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لِلّه، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار ) [ رواه البخاري ومسلم ] .
أخي الحبيب :
إلى متى الغفلة؟ هل نسيت الموت وهو أقرب إليك من نعلك وثوبك؟
عليك بالإكثار من ذكر الموت، زر القبور، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: : ( زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة ) [أحمد وأبو داود وصححه الألباني].
شيع الجنائز قبل أن تشيع فيها.
أكثر من تلاوة القرآن وذكر الله تعالى.
ابحث عن صحبة صالحة تعينك على الخير وتدلك عليه.
ادخل مدرسة قيام الليل ولو بركعتين قبل النوم.
أكثر من قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والصالحين من عباد الله.
واختر لنفسك يا أخي إحدى النهايتين، يقول الله تعالى:
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ * وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ * يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ } [ هود103-108 ] .
وأخيراً إليك أمرين:
1- استحضر عظمة الله، فهو القوي القهار، المنتقم الجبار يمهل للظالم ولا يهمله، أخذه قوي شديد، وعذابه أليم عظيم { لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء } .

2- استحي من الله { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ } ، { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا } وهو جل وعلا يعلم { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } وهو سبحانه { يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى } .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.