وزير التربية (والأستاذ الجامعي) ناجي جلّول غضب كثيرا من اتّهام القاضي أحمد الرحموني لبعض الأمنيّين في بعض الفرق الأمنيّة بالابتعاد عن المناهج العلميّة في التحقيقات وانتهاج التعذيب الوحشي الذي يؤدّي في النهاية إلى نتائج مغلوطة في البحث.. سي ناجي جلّول وبكلّ شعبويّة عارض القاضي وهاجمه وأخذ يصيح بكونه لا يسمح له بمهاجمة الأمن الذي يستشهد رجاله في الشعانبي.. ثمّ انسحب من الاستيديو.. ما دخل هذا في هذا..؟؟؟ هل لأنّه ثمّة إرهاب وإرهابيّين.. ويسقط بعض الشهداء من الأمن والجيش في المواجهات والاعتداءات الإرهابيّة.. يجب أن يصبح رجال الأمن فوق القانون ودون الإنسانيّة.. ويعذبّون ويجلدون ويعلّقون ويغتصبون ويسلخون ويصعقون بالكهرباء؟؟؟؟ وهل يستوي رجل الأمن الذي يقاتل بشجاعة وبسالة ووطنيّة مع رجل الأمن الذي ينتهك القانون والأخلاق والإنسانيّة ؟؟؟ ناجي جلّول وزير التربية والتعليم والسياسي والأستاذ الجامعي.. يفترض أنّه أوّل من يغرس القيم النبيلة في المجتمع ولدى الشباب والتلاميذ.. وأوّل هذه القيم هي احترام حقوق الإنسان والقانون والأخلاق والمبادئ الإنسانيّة في كلّ الأوقات وفي كلّ الظروف.. ناجي جلّول الوزير والسياسي والقيادي في حزب حاكم يفترض أنّه أوّل من يحمي قيم الدستور التونسي الذي يمنع ويجرّم التعذيب.. لا أن يعلن صراحة في برنامج تلفزي أنّد يدين من يدين التعذيب!!! هل أصبح وزير التربية أوّل من ينادي بقلّة التربية؟؟؟؟؟ لكن في الواقع ما الغرابة في تصريحات وأفعال ناجيّ جلّول؟؟ فالرجل الذي هو في الأصل أستاذ جامعي، ويحسب على المثقّفين، ويعتبر نفسه سياسيّا واعيا وفذّا ومن النخبة.. سمح لنفسه إبّان الخلاف في حزبه نداء تونس حول توريث الحزب لابن الباجي قايد السبسي، ولو على حساب خروج نصف قيادات الحزب وإنكساره وخسارته ثلث كتلته في البرلمان.. بأن يقول بأنّ الباجي هو "صاحب الباتيندة" في حزب نداء تونس.. وأنّه بالتالي حرّ في أن يفعل في الحزب ما يشاء..!! علما وأنّ الدستور ينصّ أصلا على أنّ رئيس الجمهوريّة مستقلّ عن العمل الحزبي.. والسبسي كرئيس جمهوريّة يفترض أنّه قدّم استقالته رسميّا من نداء تونس.. "ناجي جلّول".. أستاذ جامعي ومثقّف وسياسي وقيادي بحزب ووزير تربية وتعليم.. يسمح لنفسه بالنزول إلى الحديث عن مؤسّس حزب بلغة "صاحب الباتيندة".. ويدافع عن التعذيب.. ويتّهم قاضيا يفترض عمله بأنّه يطبّق القانون الذي يعتبر التعذيب جريمة ويفرض تتبّع مرتكبها ومعاقبته في بلد يمنع دستوره التعذيب أصلا.. يتّهمه بتبييض الإرهاب فقط لأنّه أدان التعذيب والقيام به من الأمنيّين.. ماذا ننتظر منه أن يعلّم الأجيال القادمة من الشعب التونسي في دولة نريدها حرّة وديمقراطيّة وعادلة ومتقدّمة؟؟؟؟؟؟