قامة ثانية من قامات الأدب و المعرفة افتقدتها الجامعة التونسية في مدة خمسة أشهر تقريبا. فبعد أن رحل عنا في 13 ماي 2016 " سيبويه تونس " الأستاذ الجليل عبد القادر المهيري، ودّعنا مساء الأربعاء 14 سبتمبر 2016 الأستاذ الكبير منجي الشملي الذي تتلمذت له أجيال و أجيال خرجت إلى ميدان التدريس بهمة فتية و عزم صارم فنفعوا بهما ناشئتنا في المعاهد و الجامعة التونسية. و قد ترك الفقيد في ذاكرة طلبته الذين إلتقينا بهم إثر إنتشار نعيه ما يلي : الأستاذ إبراهيم بن صالح المتفقد العام للتربية و رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان صفاقس الجنوبية: " تحدّث الكثيرون عن الأستاذ منجي الشملي أستاذا جامعيّا لذلك أفضّل أنا بصفتي الرابطية أن أذكّر ببعض خصاله الإنسانية فقد عرفنا الأستاذ الشملي رجلا في غاية التخلّق واحترام الآخر ينأى بنفسه عن كل صدام ولا تصدر عنه كلمة جارحة في أحد من طلبته لذلك لا غرابة أن يكون من ضمن أعضاء الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أوان تأسيسها في السابع من ماي من سنة 1977 وإلى غاية 14 فيفري 1982 وفي الرابطة كانت له كلمة مسموعة وبحكم علاقته المخصوصة ببعض الجهات المتنفّذة كان يسهم في حلّ بعض المشاكل التي كانت مستعصية على غيره. رحم الله الفقيد وشمله بغفرانه " الأستاذ أحمد السماوي أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بصفاقس: " هل بإمكاني ألاّ آسف لرحيل الأستاذ منجي الشملي الذي حباني بحبّه منذ أن أبدى إعجابه في سنتي الأخيرة من الأستاذيّة بعرضي عن طه حسين؟ وتواصل هذا الحبّ عندما أنجزت تحت إشرافه شهادتي الكفاءة في البحث والتعمّق فيه. وظلّ يذكرني بخير كلّما ورد الكلام عليّ في حفل ما. وتوطّدت بيننا المحبّة بعد أن أضحت اللقاءات معدومة أوشبه معدومة، اللهمّ إلاّ لمعايدة أو لتهنئة عبر الهاتف. ولكنّي ما كنت أفرّط في فرصة تسنح لي للسؤال عن صحّته والاطمئنان على عافيته. وما أنس لا أنسى كتابته تقديما لرسالتي عندما عزمت على نشرها في وقت قياسيّ غبطني عليه كثير من طلبته الذين لم يكونوا ليحظوا بمثل هذا التقديم البتّة أو إن حظوا به، فلا يكون ذلك إلاّ بعد لأي. رحم الله الأستاذ وأسكنه فراديس جنانه! " الأستاذ رضا بن سعيد المتفقد الأول في التربية: " كان ،رحمه الله ، من أركان الثّقافة في تونس يشعّ بعلمه و بمعارفه على من حوله سواء داخل الجامعة أو خارجها . وكان من أوائل الأساتذة الّذين ثبّتوا الحداثة في الجامعة التّونسيّة و دافعوا عنها تميّز بشغفه بالعمل وبصرامته وحزمه مع طلبته مع احترامهم وحبّه لهم ، وكان لايخاطب الواحد منهم إلاّ " بسي فلان أو سيّد فلان " . كان عاشقا للّغة العربيّة إلى حدّ الهوس وقد عشنا معه ذلك ونحن طلبة في حصّة التّرجمة (تعريبا ونقلا) . لقد كان متميّزا في تدريس هذه المادّة ، فهو يتكلّم مثلما يكتب سواء بالعربيّة أو الفرنسيّة وكان هذا يحبّب لنا الإنصات إلى صوته الهادئ بمخارج حروفه الواضحة . اهتمّ بأدب التّرجمة الذّاتيّة والنّقد الحديث و الأدب المقارن وتجاوز ذلك إلى مجالات أخرى منها ماهوفكريّ ومنها ماهو حقوقيّ بما وسّع من إشعاعه في الدّاخل والخارج وخصوصا في المؤسّسات العلميّة والثّقافيّة العالميّة . رحم اللّه الأستاذ المتميّز المنجي الشّملي ، فقد ساهم مع بقيّة أركان الجامعة في السّبعينات ومابعدها – بكلّيّة الآداب –مثل الأستاذ المتميّز التّوفيق بكّار، أطال الله عمره وحفظ له صحّته، والمرحومين الأستاذين الجليلين صالح القرمادي و عبد القادر المهيري…في غرس قيمة العمل وعشق التّفكير والتّشبّث بالحداثة في نفوس الطّلبة فنشأت أجيال لاحقة حاولت السّير على خطاهم وأثّر بعضهم في بعض ."