يحمل نظام التأديب المعمول به حاليا في مؤسساتنا التربوية توقيع وزير التربية والعلوم السابق المرحوم محمد الشرفي وهو بتاريخ غرة أكتوبر 1991... وبيدوا أن مراجعته باتت من أوكد الضروريات لأنه لم يعد صالحا وتجاوزه الزمن وأظهر قصوره في جوانب عديدة مع تغير المخالفات المرتكبة في الفضاء المدرسي بظهور الفايس بوك والانترنات لكن العقوبات لم تجار هذا التغير. و مع تراجع تأطير التلاميذ في المؤسسات التربوية وفي البيت والشارع مما جعل أمراضا وآفات عديدة تفتك بالتلاميذ منها العنف والتسيب والابتعاد عن القيم والأخلاق وهو ما يجعلنا يوميا نستمع إلى تجاوزات وقضايا لا تليق بالتلاميذ وبالوسط التربوي أصبحت مراجعته من بين أولويات الإصلاح التربوي. و حسب ما يروج في الأوساط التربوية و تناقلته الصحف الإلكترونية بوجود نيّة لدى وزير التربية ناجي جلول نحو إيجاد صيغة جديدة للعقوبات التأديبية المدرسية حيث سيتم إضافة "عقوبة خدمة للصالح العام" إلى بقية العقوبات الأخرى على غرار المذاكرة التكميلية و الإنذار والرفت في أفق مغاير بعيدا عن منطق الرقابة والتأديب الصارم وفي اتجاه رؤية أوسع فيها البعد الإنساني بحيث يكون التلميذ في الصيغ الجديدة للعقوبات التأديبية المدرسية مخيرا بين العقوبات التأديبية وبين عقوبة "خدمة للصالح العام " المتمثلة في تنظيف القاعات، بستنه ،طلاء….. انتقلنا من مرحلة النظافة من الإيمان إلى مرحلة النظافة عقوبة… في عهد الوزير جلول !!! خيل إلي أن وزير التربية تأثر بالتعليم في اليابان و أنه سينقل التجربة اليابانية إلى مدارسنا التونسية حيث يقوم التلميذ عند نهاية اليوم الدراسي بكنس وتنظيف القاعات الدراسية بل وكنس ومسح الممرات بقطع قماش مبللة وغسل دورات المياه وجمع القمامة وأوراق الشجر المتساقط في فناء المدرسة وينضم إليهم المدرسون في أوقات معينة لإجراء نظافة عامة سواء للمدرسة أو للأماكن العامة مثل الحدائق والشواطئ في العطلة الصيفية بالإضافة إلى ذلك يقوم الأطفال بتقديم الطعام للحيوانات أو الطيور التي تقوم المدرسة بتربيتها حيث إنه لا توجد شخصية "الحارس" ولا يوجد عمال نظافة ولذا يقوم التلاميذ والطلاب والمعلمون بتنظيف المدرسة وتجميل مظهرها الداخلي والخارجي بل يمتد هذا النشاط إلى البيئة المحيطة بالمدرسة أيًضا في أوقات محددة. فنحن لم نذهب لليابان للتمجيد أو للتقليد بل لنأخذ منهم كل مفيد فهم ليسوا عباقرة ونحن أغبياء هم فقط وبكل بساطة يدعمون الفاشل حتى ينجح ونحن نحارب الناجح حتى يفشل . إن مجتمعنا التونسي الذي ينظر نظرة دونية مليئة بالاحتقار والازدراء والسخرية والمهانة إلى القائمين بأعمال النظافة بل ويكاد ينبذهم ويعتبر مهنتهم حقيرة يضرب بها المثل في التفاهة واحتلال المراتب الدنيا في سلم الأعمال والمهن وليس أدل على ذلك الاحتقار وتلك المهانة من إطلاق عبارة "الزّبّال" على عامل النظافة، وتسمية "بونيشة" على عاملة النظافة فما بالك لو كان ابنه من يقوم بذلك حتما ستعيش معاهدنا و مدارسنا أجواء محتقنة و مزيدا من التصادم بين المربين و الأولياء