الأكيد أن أكثر وزيرين أثارا الجدل في حكومة الحبيب الصيد المنحلة كانا بدون منازع السيدان " سعيد العايدي" و"ناجي جلول" … فقد دخل هذا الوزيران بالذات في مواجهات عنيفة مع كل الموظفين التابعين إليهما بالنظر مما أدى إلى إضرابات واعتصامات وأيام غضب وأنواع مختلفة من المواجهات وصلت حد مقاطعة إصلاح الامتحانات ومقاطعة تنزيل الأعداد في اختام السنة الدراسية 2014/2015مما يعد سابقة في تاريخ البلاد .. أجاب عنها الوزير حينها بتمرير كل التلاميذ إلى المستوى الموالي في تحد وعناد بما أضر بالعملية التربوية التعليمة وأحدث إخلالات ستستمر إلى سنوات حتى يتم تدارك تبعاتها واحتواء نتائجها السلبية على شرائح واسعة من أبنائنا التلاميذ… عندما تأكد للجميع أنه تم الحسم في حكومة الحبيب الصيد وأنه صدر القرار بحلها وتحميلها نتائج الفشل والتخبط الذي أصبحت ترزح تحته البلاد… اعتقد الجميع أو لنقل الغالبية العظمى أن أول وزيرين لن يكون لهما مكان في الحكومة الجديدة إن كان هناك تجديد لبعض الوزراء التابعين لها سيكونان بلا شك " سعيد العايدي" و" ناجي جلول" … ولكن المفاجأة التي صدمت الكثيرين أن "ناجي جلول" لم يكن من بين الفاشلين المغادرين؟؟؟ لقد تبين أنه من بين المرتقين الناجحين؟؟؟ هنا أحس غالبية العاملين بقطاع التربية على اختلاف أسلاكه بمرارة كبيرة لا تضاهيها مرارة… لقد تم التغرير بهم والتلاعب بمصالحهم ومطالبهم وكذلك بمصالح التلاميذ وبقطاع التربية والتعليم بأسره… لم يصدق أحد أن هذا الوزير الذي فعل كل شيء فيه هرسلة للقطاع .. والذي تدنى بمستوى الخطاب في خلال ردوده على مطالبهم واحتجاجاتهم إلى أبعد حدود … والذي لم يكن له من شغل شاغل سوى التحدث عن إنجازاته الوهمية عبر وسائل الإعلام… أن هذا الوزير بالذات سيمدد له وسيكون من بين الوزراء الذين تجدد الثقة فيهم؟؟؟ عندها تساءل كثيرون: لم تم الحسم في ملف الوزير "سعيد العايدي" رغم أن مشاكله كانت منحصرة وبشكل أخص في تدهور علاقته مع نقابة الفرع الجامعي للصحة بمستشفى الحبيب بورقيبة من ولاية صفاقس؟؟؟ بينما يمدد لناجي جلول الذي كان له خلافات حادة (هكذا كان يبدو الأمر) مع كافة النقابات العامة لقطاعات التربية على تنوعها؟؟؟ وتساءل الكثيرون حينها لو أن "ناجي جلول" لم يحظ بضوء أخضر من الاتحاد العام التونسي للشغل أو لنقل على الأقل من بعض قياداته هل كان سيستمر في منصبه ذاك خاصة وأن الاتحاد كان شريكا في الحوار الوطني الذي انبثقت عنه حكومة ما يسمى "بالوحدة الوطنية" برئاسة يوسف الشاهد ؟؟؟ أم أنه على الأرجح كان سيلقى نفس مصير قرينه " سعيد العادي"؟؟؟ ثم ما هو السبب الكامن وراء التغاضي أو ربما الدعم الخفي الذي حظي به هذا الوزير من تلك الأطراف القيادية رغم أن مواقفها المعلنة لقواعدها الغاضبة والجريحة كانت على النقيض من ذلك تماما ؟؟؟ خاصة بعد كل تلك الاجراءات الانتقامية التي اتخذت في قطاع التعليم الابتدائي حيث كان المعلمون وأساتذة التعليم الابتدائي هم الوحيدين الذين تم اقتطاع جراية خمسة أيام دفعة واحدة من مرتباتهم في فترة حساسة من السنة خلال أحد أهم المواسم الدينية لإذلالهم (كما كان يتوهم الوزير ذلك)؟؟؟ كما أن ملف المنحة الخصوصية التي تمتع بها قطاعا التعليم العالي والتعليم الثانوي واستثني منها المعلمون وأساتذة التعليم الابتدائي- الذين تم حرمانهم أيضا من الترقية مثل أقرانهم في الإعدادي والثانوي- همش وألقي به عرض الحائط رغم أنه تم وعدهم من طرف أمين عام الاتحاد التونسي للشغل بالتكفل بالدفع من أجل تحقيق مطالبهم المشروعة وأنه لن يتنازل عن حق المربين قيد أنملة قبل الحصول عليها وتمكينهم من مستحقاتهم… كل هذا الذي حدث أصاب المربين بخيبة أمل كبيرة وجعلهم يشعرون بأن الجميع قد تخلى عنهم وأنهم تركوا وشأنهم من طرف قيادات الاتحاد ليتدبروا أمرهم مع وزيرهم القديم الجديد العائد بقوة إلى الساحة بعد أن حقق العديد من النجاحات على مستوى خصومته مع أبناء قطاع التعليم خاصة وأنه مر بضوء أخضر وتزكية من الجميع بما في ذلك الاتحاد العام التونسي للشغل…( وإن كانت نجاحاته الوهمية تلك والتي لا يقر بها إلا هو قد تسببت في كوارث على المنظومة التربوية هاهي بعض ملامحها قد بدأت تبرز هذه الأيام الأخيرة .. وليس تمرد أبناء المعاهد الثانوية والإعدادية إلا أحد مؤشراتها الأولية) … فرغم البدايات المتعثرة للسنة الدراسية والتهديدات الكثيرة التي أطلقها بعض قيادات الاتحاد من مقاطعة وامتناع عن المباشرة في مفتتح السنة الدراسية الحالية 2016/2017 ( بسبب ملف النقص والشغورات والنيابات والانتدابات) إلا أن الملف طوي بسرعة بعد تكرار نفس الوعود الواهية المهترئة من نفس الوزير والتي كانت إلى حد أيام قليلة ماضية مرفوضة من نفس تلك القيادا ليعود الجميع للعمل بما في ذلك النواب وكأن شيئا لم يكن؟؟؟ وها نحن اليوم والسنة الدراسية توشك على الانتصاف… نسمع عن صدور قرارات من قيادات الاتحاد بحشد كل الطاقات من أجل عودة الاحتجاجات؟؟؟ ويتم إقرار يوم 30 نوفمبر 2016 يوم غضب وطني للمطالبة بإقالة الوزير "ناجي جلول" من مهامه لأنه لم يحترم تعهداته وأخل بها؟؟؟ ألا يدعوا هذا الذي يحدث للتساؤل والحيرة عن جدية ومصداقية اتخاذ مثل هذه القرارات… وهل أن هذا الذي يحدث من تخبط وتقدم وتأخر ناتج عن ضعف في القيادة أم عن حسابات أخرى لا علاقة لها لا بمصالح المربين ولا بالعمل النقابي البتة ؟؟؟ وإنما هي تندرج في سياق ما تشهده البلاد من تخبط وتهييج من أجل تحقيق أجندات معينة؟؟؟ أليس لنا الحق كقواعد ومنخرطين بالاتحاد العام التونسي للشغل الذي هو منظمة الجميع أن نفهم ما الذي يحدث؟؟؟ ولم يتم التلاعب بنا بمثل هذا الشكل؟؟؟ مرة تبخس مطالبنا وتوصف بالتعجيزية ونترك وحنا في مواجهة الوزير والحكومة وطورا تنزل علينا القرارات بالعودة إلى المواجهة مع المطالبة بالانضباط والانصياع … وكأننا قطيع من الأغنام … حقا إنني في حيرة من أمري وأتمنى أن أجد إجابات شافية عن تساؤلاتي؟؟؟ فهل من مجيب؟؟؟