في إحدى البرامج الحوارية بإحدى الإذاعات الخاصة بتاريخ 28 فيفري 2017 تم استضافة السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي وفي إجابته على آخر سؤال لمنشط الحوار حول مقاطعة الأساتذة بالعديد من المؤسسات الجامعية لتأطير طلبة السنوات النهائية للإجازات التطبيقية والماجستير المهني ومدارس المهندسين انتظرنا ردا يراعي الواقع المتأزم في عدد كبير من المؤسسات الجامعية بمختلف الجهات ( بنزرت- تونس العاصمة- نابل- سوسة- المنستير- صفاقس- قابس- قفصة – جربة- …) ويمد جسر الحوار عبر هذه الربوع لكن تفضل السيد الوزير على زملائه الأساتذة بالكلام التالي حرفيا: 1. الأغلبية الساحقة (وكررها مرتين للتأكيد) متاع الأساتذة فرحانين و لكن ساكتين ما يتكلموش. ما الرسالة التي تصل إلى الرأي العام بهذه الجملة؟ السيد الوزير أراد أن يهمس للرأي العام أن الأساتذة الذين تكلموا واحتجوا هم الأقلية الضئيلة جدا (مرادفة للأغلبية الساحقة) رغم صوتهم المتعالي (مرادفة لساكتين ما يتكلموش) إما أن الإعلام حول واقع وحقيقة انتشار الإحتجاجات على عدد كبير من المؤسسات الجامعية لا يصل بمصداقية للسيد الوزير أو أنه حزم أمره و قرر تجاهل وتقزيم هذه الإحتجاجات وفي كلتا الحالتين هو المسؤول الأول على مآلات وتطورات المحتملة للأزمة. 2. بعض المؤسسات تقوم بتضخيم الساعات الإضافية لخلاص التأطير وهذا غير قانوني وغير متطابق مع جداول الأوقات. ما الرسالة التي تفهم وتصل إلى الرأي العام من خلال هذه الجملة؟ الرسالة هي أن هناك تواطؤ بين إدارات بعض المؤسسات وهؤلاء الأساتذة المحتجون تم من خلاله تمكينهم في السنوات الفارطة من ساعات إضافية لم ينجزوها مما أدى لتضخم الساعات الإضافية وبالطبع المواطن العادي الذي تغيب عنه التفاصيل سيصدق أن هؤلاء الأساتذة المحتجون هم "كمشة سراق" ينهبون في المال العام. المواطن العادي لا يعلم أن تأجير التأطير يحتسب على قاعدة ساعات تدريس مضبوطة منذ عشرات السنين من طرف المجالس العلمية بالنسبة للإجازات والماجستير المهني وبالنصوص القانونية بالنسبة لمدارس المهندسين ولا يمكن التلاعب بها وقد تم خلاصها في أغلب الجامعات دون مشاكل على امتداد عشرات السنوات. وما حدث من تضخيم غير قانوني في الساعات الإضافية ببعض المؤسسات لا علاقة له بطريقة تأجير التربصات وإنما كان من جراء رغبة إدارات هذه المؤسسات في تأجير مجهودات إضافية (مثل منسقي الشعب) يقوم بها بعض الأساتذة بطريقة فيها تحيل على القانون. وليست الوزارة من تصدى لذلك بل من قاموا بذلك هم جزء ممن توجه لهم السيد الوزير بالتشويه. 3. يتكلم على لسان الأساتذة باستهزاء " ماش تنقصلي من الخلاص متاعي " ثم يعلق بقوله "وهو غير قانوني" ثم يردفها بدون أدنى حرج متوجها للأساتذة " خذيتها في مدة معينة استر ما ستر ربي" إستهزاء بل إهانة ما بعدها إهانة استهزاء بمجهود الأساتذة في التأطير وتصوير الأستاذ في أبشع صورة فهو ذلك الأناني الذي لا يهمه إلا "الخلاص متاعو" حتى بالطرق الغير شرعية. والإهانة الكبيرة التي ترتعد منها الفرائس وتقشعر لها الأبدان هي كلمة "استر ما ستر ربي" بموجبها يصبح ما تحصل عليه الأستاذ مقابل مجهود التأطير طيلة عشرات السنوات عار يجب ستره وسرقة وفساد ونهب للمال العام يفضل عدم كشفه. إذا النتيجة اللتي يخلص لها أي مواطن استمع لكلام السيد الوزير أن هؤلاء الأساتذة المقاطعون للتأطير هم قلة وقحة مهرجة لا تريد ستر عارها الذي يصاحبها منذ سنين وتتطاول على المال العام وتتواطؤ مع الإدارات لنهبه فماذا بعد ؟ بعده حتما تهديد ووعيد باتخاذ الإجراءات الصارمة وهذا ما ختم به السيد الوزير حديثه حول الموضوع. هل سيقبل الأساتذة ونقاباتهم هذه الإهانة أم ستكشف الأيام القادمة على خلاف ذلك؟