اثارت استقالة محمد شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ونائبه القاضي مراد بن مولى والقاضية لمياء الزرقوني عدة تساؤلات لدى الرأي العام حول الأسباب التي دفعتهم إلى اتخاذ هذا القرار الذي من شأنه أن يؤثر سلبياً على المسار الانتخابي وعلى نجاعة الهيئة خاصة وأننا على أبواب انتخابات بلدية لا تفصلنا عنها إلا 7 أشهر تقريبا. وجاء في تصريح رئيس الهيئة اليوم خلال الندوة الصحفية التي عقدها من أجل الكشف عن الأسباب العميقة للاستقالة: ''لقد اضطررنا لهذا القرار المسؤول بعد أن تأكّدنا أنّ الخلاف داخل مجلس الهيئة لم يعد مجرّد خلاف حول طرق العمل بل أصبح يمس بالقيم وبالمبادئ التي تتأسس عليها الديمقراطية". الثلاثاء 07 فيفري 2017 هو يوم مفصلي في تاريخ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حيث شهد أداء اليمين أمام رئيس الجمهورية للأعضاء الثلاثة الذين تمّ انتخابهم من قبل مجلس نواب الشعب ضمن الهيئة وهم: – محمد التليلي المنصري، محامي – عادل البريصي، مختص في الاتصال – نبيل العزيزي، ممثل عن التونسيين بالخارج. منذ ذلك التاريخ، بدأت الخلافات تطغى على نقاشات مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. لكن قبل أن يصادق مجلس نواب الشعب على اختيار الأعضاء الثلاثة الجدد لتعويض الأعضاء المنتهية مهامهم، وجّه شفيق صرصار رسالة إلى مكتب مجلس نواب الشعب طلب فيها استشارة الهيئة قبل التصويت على الأسماء المترشحة لعضويتها وذلك لعلمه أن أحد المترشحين، والمقصود هنا هو نبيل بن الطاهر العزيزي، ممثل عن التونسيين بالخارج، تحوم حوله شبهات سوء تصرف مالي وإداري عندما كان رئيسا للهيئة الفرعية للانتخابات بدائرة فرنسا 2، وهو ما أكده "تقرير رقابي عن التصرف المالي والإداري بالهيئة الفرعية للانتخابات بدائرة فرنسا 2″ منجز من طرف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تمكنت منظمة أنا يقظ من الحصول على نسخة منه. وتضمّن هذا التقرير الموجّه الى أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتاريخ 24 ديسمبر 2014 حزمة من شبهات الفساد التي قام نبيل العزيزي بارتكابها. لكن للأسف، لم يعر مكتب مجلس نواب الشعب أي اهتمام لمراسلة رئيس الهيئة وقام النواب بالتصويت بأغلبية 146 صوت لصالح نبيل العزيزي من أجل الإشراف على ملف التونسيين بالخارج صلب الهيئة. اما اللافت في هذا الاختيار البرلماني لعضو تحوم حوله جملة من شبهات الفساد لم يتم الحسم فيها بعد هو إصرار كتلتي حركة نداء تونس وحركة النهضة على التصويت للعزيزي رغم التنبيهات المتتالية التي تم توجيهها إليهم من قبل عدد ممن اشتغلوا مع العزيزي سواء في انتخابات 2011 او في انتخابات 2014. الجمعة 10 فيفري 2017، أي ثلاثة أيام عقب أداء الأعضاء الجدد لليمين أمام رئيس الجهورية، يجتمع مجلس الهيئة العليا للانتخابات ومن بين الإجراءات التي تم اتخاذها حسب ما جاء في ملخص مداولات الهيئة المنشور على موقع الواب الخاص بها:"مطالبة صابر الزوق المدير التنفيذي للهيئة بإعداد تقرير بخصوص إحدى التدوينات الواردة بالفايسبوك (statut) بعد سماع الموظفين المشاركين في التدوينة". وحسب المعلومات المتوفرة لمنظمة أنا يقظ، فإن أحد موظفي الهيئة التابع لدائرة الشؤون القانونية قام بتوجيه نقد لاذع لأعضاء مجلس الهيئة الجدد وبالخصوص نبيل العزيزي على صفحته الخاصة بالفايسبوك دون ذكر أسمائهم مما دفع الأعضاء الجدد خلال اجتماع مجلس الهيئة إلى المطالبة بشكل عاجل بفتح تحقيق مع صاحب التدوينة وجميع الموظفين المشاركين فيها وهو ما حصل بإجماع الأغلبية الحاضرة في الاجتماع.