أيها الجمهور الكريم نريدك واعيا و متحضّرا تشجّع ناديك بحرارة و تمتعنا بأهازيجك و أغانيك و " دخلتك " و أن تكون اللاعب 12 في الميدان الذي يحبّ فريقه و يسانده و يحفّز لاعبيه على بذل أفضل مردود من أجل الفوز. نريدك أن تُقلع عن السلوكات العنيفة كالكلام البذيء و التدافع و قلع الكراسي التي هي من مالك و مالي و رمي الميدان بالقوارير و الشماريخ الخطيرة و الحاجبة للرّؤية و التي تفسد عليكَ وعليّ متعة المشاهدة. إلى اللاعبين نريدكم أن تبلّوا المريول بعرقكم باستبسالكم على الميدان. نريد أن نرى روحا و " قرينتا " و إصرارا على الفوز. نريد أن نرى منكم حضورا ذهنيّا و بدنيّا متميّزا. نريدكم أن تركّزوا على المباراة و ألّا يستفزّ بعضكم بعضا و ألّا تتبادلوا العنف اللفظي و المادّي. نريد أن نرى لاعبين منضبطين لا يناقشون الحكم في كل صفّارة له حتى في تماس. نريد لاعبين يحترمون قرارات الحكم حتى لو كانت ظالمة و هذا هو الاحتراف. ثم ليتركوا الأمر للمسؤولين لتقديم شكوى للهياكل الرياضية الوطنية أو حتى العالمية. لقد مللنا من تمويهات الكثير منكم. مللنا من سقوطكم على الميدان لأتفه الأسباب لكسب مخالفة أو ضربة جزاء أو لإضاعة وقت… لا تحاولوا تعليق شمّاعات لتبرير هزائمكم مثل الطّقس و الملعب و الأكل و الحكم الذي هو سبب كل البلايا عندكم. حتى لو كانت هناك صعوبات و مظالم عليكم أن تبذلوا أقصى جهد و سينصفكم القانون الرياضي أو على الأقل الجمهور الذي يتابعكم و لا يرضى لكم أن تظلَموا. الدنيا فيها ظلم و لو وقف كل مظلوم نادبا حظه شاكيا باكيا لتوقف الكثير عن العمل و لم يصنع شيئا. و الذي يعمل و يتحدى العراقيل ينجح و لو بعد حين. شاهدوا مباراة تونس و انقلترا في كأس العالم 1998 لتعرفوا كيف كان لاعبو زمان يتصرّفون مع الظّلم الحقيقي. و لتعلموا أن الرياضة لعبة فيها الفوز و الخسارة و الروح الرياضية تظهر عند الهزائم خاصة. نريدكم أن تقدّموا لعبا فرجويّا رائقا فالجمهور الذي يريد أن يرفّه عن نفسه يعطيكم ساعتين من وقته على الأقل ليستمتع بكرة جيدة لا لتزيدوه همّا على همّ ! إلى وسائل الإعلام و خاصّة التّلفزيّة نريدكم عينا مراقبة لكل صغيرة و كبيرة. نريدكم أن تكشفوا العيوب و الأخطاء و أن تصلحوها بعيدا عن الأهواء و المصالح و الحسابات الضيقة والخوف من هذا أو من ذاك. نريدكم أن تحلّلوا و تناقشوا و تعطوا لكل ذي حقّ حقّه. نريد برامج رياضية تنويرية غير ممطّطة. صدّقوني لن يتحمّلكم المشاهد طيلة 3 ساعات كاملة. نريد من معلّقينا أن يكونوا مبدعين و ممتعين و أن يقدّموا لنا كل الهوامش و الكواليس و الإحصاءات الخاصة بالمباراة بدل أن يكونوا معلّقين إذاعيّين يصفون لنا تنقّل الكرة الذي نراه. إلى المسيّرين نريدكم مثالا في الرصانة و المسؤولية. لا نريد أن نرى انفعالاتكم و اتهاماتكم في وسائل الإعلام. لا نريد أن نراكم تنزلون على الميدان و تشتبكون مع المشتبكين ! من حقّكم أن تدافعوا عن أنديتكم و لكن هناك طرق حضارية لذلك. كونوا قدوة للاعبين و الجمهور و امسكوا أعصابكم ! إلى مدرّبينا الأعزّاء الكرة التونسية أصبحت دفاعية ليس لها مثيل في العالم ! إنكم تلعبون بطريقة الإسمنت المسلّح. الكرة الإيطالية دفاعية و لكنها تلعب الهجوم. لا نريد أن تطغى الحسابات التكتيكية و الفكر الدفاعي عليكم و على اللاعبين. نريد فرجة و أهدافا و مجازفة في حدود المعقول. كفاكم " تسكير لعب " ! لقد حطّمت مبارياتنا أرقاما قياسيّة عالميّة في نتيجة 0 – 0 أو 1 – 0 و الهدف الوحيد قد يكون عن طريق مخالفة أو ضربة جزاء في آخر دقائق المقابلة. عندما يسألونكم لماذا النسق رديء تجيبون لأن الرهان كبير ! إذًا فلماذا مباريات ريال مدريد و برشلونة و الفرق و المنتخبات العالمية نسقها مرتفع ؟ و هل علينا أن ننزع الرهان حتى يرتفع النسق ؟ و هل الكرة إلا رهان ؟ و لو كانت المقابلة بلا رهان ستقولون لنا ليس هناك حافز للاعبين ليقدموا مردودا جيّدا ! إلى حكّامنا نريدكم نزهاء و عادلين بين الأندية دون استثناء و لا تخشوا أحدا بعد ذلك. لا تعطوا مخالفات من أجل أبسط احتكاك. هناك لعب رجولي نشاهده في الكرة الإنقليزية مثلا و الحكم لا يعطي عليه مخالفات. لا تعطى المخالفات حسب سقوط اللاعب و درجة توجّعه فقد يكون مخادعا و ربما لا يسقط اللاعب و رغم ذلك يستحقّ مخالفة و Messi أبرز مثال على ذلك. كونوا حازمين مع المموّهين و المشاغبين. اتركوا الأسبقيّة و لا توقفوا اللعب إذا كانت الكرة بحوزة الفريق المتضرّر أو إذا كانت هناك فرصة للتهديف سانحة له. أنتم تساهمون بدور كبير في صنع الفرجة و في توفير أجواء جيّدة في المباراة. إلى المنظّمين و إلى الهياكل الرّياضيّة اعتنوا بجودة الملاعب و صيانتها حتى نشاهد كرة جميلة و حتى لا يُصاب اللاعبون. اعدلوا بين كل الفرق و أنصفوا المظلوم منها. نظّموا المباريات في أوقات مناسبة. حسنا فعلتم بتنظيم مقابلات ليليّة في الصيف مثل المهرجانات. لا تدرجوا عديد اللقاءات في نفس التوقيت حتى تضمنوا متابعة جماهيرية جيّدة و تسويقا ناجحا لمنتوجكم. و هكذا تستفيدون أنتم و تستفيد الجهات الناقلة و المستشهرون و المشاهدون. لا تحرموا الجمهور العريض من البث التلفزي و جدوا صيغة عادلة بينكم و بين التلفزيونات الباثّة. و في الأخير كرتنا مريضة و " مرّضتنا " كثيرا. و لكن الأمل في شفائها موجود. فقط عليكم باتباع وصفة الشفاء. و إذا تواصل مرضها فسنقاطعكم كما نقاطع البضاعة الفاسدة. نريد من الرياضة أن تخفّف على متابعيها ضغوطات الشارع و العائلة و العمل. نريدها أن تخفّف من وطأة المشاكل السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية التي تشغل بالهم. و لا يعقل أن تصبح الكرة مصدر إزعاج آخر لهم ! نريد كرة ممتعة و عصرية في بلدنا تونس ذي التقاليد الرياضية العريقة. نريده موسم الإقلاع للكرة التونسية.. نريده موسما ناجحا خاصة في ظل التنسيق المنتظر بين رزنامتنا و الرزنامة الإفريقية.. نريده موسم التّأهّل إلى نهائيات كأس العالم بعد 12 سنة من الغياب عن هذه التظاهرة الهامة.. نريده موسم التّألّق محلّيّا و عربيّا و قارّيّا و لِمَ لا عالميّا.. فهل أنتم فاعلون و لكلامنا منصتون ؟ كل عام و الرّياضة التونسية بخير. سامي النيفر